الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
في الحافلة - صالح بحرق
الساعة 12:14 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


في الحافلة الذاهبة الى عدن ثمة رجل ثلاثيني
يجلس على المقعد صامتا شفتاه مكتنزتان وكوفيته متسخة وكذا أنامله التي يشبكها بين حين وآخر ينظر من النافذة الزجاجية ليودع بعض الاحزان التي تفد إليه من مناطق مجهولة تاركة سحنته محتقنة دوما.لم يكن لينظر الى نقطة معينة لكنه عندما يرى التلال يهرع للنظر اليها لكأنما كان يود ان يكون على شاهق
كان الركاب يخوضون في احاديث شتى وكنت اود ان اتحدث اليه لكن صدوده كان يمنعني فاكتفي بالنظر الى الركاب وامرأة شابة في المنتصف.
كنت قد رتبت اموري لزيارة اخي في عدن بعد انتهاء الحرب وكان هذا الرجل الجالس على المقعد قبالي اكثر شبها باخي من حيث انحناءة الظهر وعينيه الغائرتين بيد ان اخي اكثر حركة منه الا ان الحرب جعلته معاقا.
بدأ ذلك الرجل الذي التقطت اسمه من مكالمة اجراها في المطعم وهو يتناول غداءه وحيدا يشعر بالقلق فور اقتراب الحافلة من عدن فملامحه غدت اكثر قسوة وبدا كمن كان بحاجة الى من يحدثه .كان الركاب قد بدأؤا ينظرون الى جوالاتهم و اجرت المرأة الشابة في المنتصف مكالمة سريعة استطعت ان اظفر بحلاوة صوتها وهناك في الخلف كان رجل يطعم زوجته ومساعد السائق لاينفك يصل اليهما ويعود.
ووجدتها فرصة لاسأل ذلك الرجل الذي مال جذعه الي فليلا: مالخطب?? فقال لي بطرف شفتيه:لقد ذهبوا...لقد اوحت لي جملة ذهبوا بانهم ماتوا عرفت ذلك من بريق عينيه واهتزازة جسده.
وصل الباص المحطة فنزل الركاب ورأيت المرأة الشابة تنحني لتلتقط حقيبتها وتبتسم لشخص ما ينتظرها على الرصيف.
رحت ابحث عن ذلك الرجل فالفيته يسلك طريقا جانبية ويلج الى دارة متواضعة يسحب الباب ويتمتم:الم أقل لك انهم ذهبوا نظرت الى الباحة فلم ار احدا وتذكرت اخي المعاق في الحرب وواصلت السير اليه والشمس لما تشرق بعد.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص