الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
لا احب نشر صوري الشخصية إلا لدلالات المكان والظرف الموضوعي - عبدالرحمن الغابري
الساعة 13:50 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)




عندما أشرت للصديق الفقيد عبد الملك الجحدري مصور رئاسة الجمهورية ( فيديو) وسلّمته كاميرتي ليصورني ونحن في ( فينيسيا ) ( البندقية )وفي ذهني رواية شكسبير ( تاجر البندقية ) و(شايلوك)...


أيضا في ذهني حديث المخرج العالمي ( بيير باولو بازلوني ) عن فينسيا الشرق ويعني بها (صنعاء ) عندما قام بتصوير فيلمه ( الف ليلة وليلة ) فيها حيث قال مبهورا بصنعاء (فينسيا الشرق اجمل من فينسيا الغرب ) !!
مبهورا ومذهولا هو بازوليني بصنعا لانه وجد شيئ غير مالوفا لديه ..عراقة بناء مغاير لما هو موجود في الغرب .. فرادة في استخدام مواد محلية وبيئة نظيفة وهندسة تنم عن ادراك بعيد المدى في التغيير المناخي .

 

كانت صنعاء تستحق ان تلقّب ب (فينسيا الشرق ) كما اطلق عليها بازوليني هذ الاسم لو تم الاهتمام بها واتيح لها استقبال السياح.. وتهيئة شوارعها واسواقها العريقة و (سمسراتها) العديدة لممارسة الفنون الشعبية والفلكلورية بشكل يومي وتجهيز وسائل مواصلات كالعربات التي تجرها الخيول بدلا عن السيارات التي تتضرر منها البيوت القديمة . وتهيئة فنادق من تلك البيوت ذات الطوابق الكثيرة متناسقة مع بيئة صنعا ء . وتوفير كلما يجذب السائح ..لكانت صنعاء تدر اموالا كثيرة من العملة الصعبة لاهلها وللدولة ولكانت صنعاء فينسيا الشرق بحق وحقيقة .
 

حوصرت صنعاء وتم العبث بها وبجمالها وخسرت اموالا طائلة كان يمكن ان تكون مصدرا هاما للرخا الاقتصادي لاهلها ولليمن . 
لو بعث بازوليني.. وميتران الرئيس الفرنسي ورفيق الحريري.. وجنتر جراس .. ومحمود درويش.. وكارستن نيبور .. وكلودي فايان .. وبورشارت المصور الالماني العظيم ووو من قبورهم ..
ولو رجع جيمي كارتر .الرئيس الامريكي ورولاند دوما .. وجاك لنج الفرنسيان .. وكل الاعلام العالمية الذين زاروا صنعاء في فترات متفاوتة ..لو عادوا للعنونا ولعنوا جماعة الظلام الذين احالوا صنعاء الى مدينة تئن من جور الهجران ودفن مفاتنها ،!! ..فقيرة رغم غناها ، بهية لكنها مبرقعة .. صبية وفتية لكنها عانس .. متباهية بجمال بساتينها فاصبحت جدباء وتيبست غصونها.. كانت راوية ب(غيلها الاسود ) فاصبحت عطشى .حُرّ ة كانت فغدت سجينة في زنازن قوى الظلام . كانت تلبس الحرير والثياب المزركشة الفارهة فغدت تلبس السواد الملطّخ بالغبار . 

 

كل تلك الخواطر تواردت في ذهني في تلك اللحظات وانا اجوب شوارع مدينة البندقية ( فينسيا الغرب ) المائية على قارب كلاسيكي يسمّى هناك تاكسي ..
لاتوجد سيارات باربع عجلات في فينسيا الايطالية . فينسيا تدر دولارات بالملايين يوميا الى خزينة الحكومة الايطالية لان الحكومة الايطالية تحافظ على شباب عروستها ( فينسيا الغرب ) البندقية التي تطلق قذائف من الجواهر والالماس والعملات الصعبة ، تطلقها الي جيوب وافواه اهلها.

 

اما صنعاء فانها تتسول اليوم على قارعة الطريق شابة عجوز قهرها قوم اجلاف كل ما يفكّرن به هو القبح . 
يؤسفني ان اتحدث عن فينسيا الشرق بهذه الصفات .. لكنه الالم والحزن يعتصرني على مدينة هي من اجمل مدن العالم واقدمها .. لكنها كما قال عنها امين الرياحاني في بداية القرن العشرين ..( جوهرة في ايدي فحامين.
ويقصد بهذه الجملتين اليمن كلها. 
الصورة عام 1987م ..
تصوير الصديق المرحوم عبد الملك الجحدري .

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً