- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- حصاد العام الأول لحكومة بن مبارك
- بينونة للعقارات تتواجد في معرض الشارقة العقاري "إيكرس" 2025
- وثائق رسمية تكشف اختلاس مسؤولي هيئة الأدوية بصنعاء أكثر من 128 ألف دولار وأمانات رواتب الموظّفين
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن تكشف عن قائمة جديدة لشركات الحوثيين
- وكيل مصلحة الهجرة والجوازات: نسعى لتسهيل إجراءات الحجاج بالتعاون مع وزارة الأوقاف لإنجاح موسم حج 1446 هـ
- الأوقاف تمدد فترة تسجيل الحجاج حتى الـ 10 من فبراير
- جامعة عدن تستضيف ندوة علمية حول «الوعل في تاريخ اليمن»
- الاتحاد العام للإعلاميين اليمنيين يتضامن مع الإعلامي أحمد حسين الفرحان
- مصر.. الاتحاد العربي للتطوير والتنمية يعلن عن بروتوكول تعاون مع المركز القومي للبحوث
- منصة (P.T.O.C) تكشف استراتيجية إيران السرية لتمويل الحوثيين عبر تجارة الأدوية (تفاصيل خطيرة)
استهلال أول
” أتعثر في الغيمة فتبكي ” هو الديوان الرابع بعد ” كتاب الظل “2001 الحاصل على جائزة بيت الشعر، المغربي للشاعر جمال الموساوي ، والصادر عن دار ابي رقراق بدعم من وزارة الثقافة ، ” مدين للصدفة ” 2007 حدائق لم يشعلها أحد ” . 2011…هو ديوان يقع في 100 صفحة،يتضمن 46 قصيدة قصيرة، كتبت نشرت جميعها عام 2014 مباشرة على الجدار الخاص في الفيس بوك ، عدا 5 نصوص، تم نشرها في عديد من الجرائد والمواقع الإلكترونية المغربية والعربية. قصائد تحتمي بالألم واللغة والحلم ، وهي تيمات متداولة بقوة أكثر من غيرها ، تفاعلت في ثنايا قصائد الديوان لتخلق شعرا بنكهة خاصة ، وبطاقة تخييلية أعمق وأوسع مؤكدة على أن الشعر إبداع وليس إعادة إنتاج ، وهذا ليس بجديد على شاعر له نكهته الخاصة في التجربة الإبداعية الشعرية .
هذا الألم
حفل ديوان الشعر العربي قديما وحديثا بالألم أضعاف أضعاف احتفاله بالفرح ، وكأن قدر الشاعر العربي أن يكون بروميتيوسيا على الدوام ، وضعية حارقة أنتجها واقع سياسي واجتماعي محبط ، واضمحلال حضاري مقرف ، كان من إفرازاته جيل تتعانق لدى شعرائه الإحباطات والفراشات ، اليأس والأمل ، التوافق والتخالف ، والشاعر جمال الموساوي نموذج لشعراء هذا الجيل الذي تثقله المعاناة التي تتعدى النزيف ، والمكابدات السيزيفية ، والمقبل على قصائد ” أتعثر في الغيمة فتبكي ” يحصل على حضور ملفت لهذا الألم بتجلياته ومعانيه وفضاءاته .
قصيدة ” دار السلام ” ترسم مسارا عميقا لهذا الألم الذي تتسبب فيه الحرب بأصواتها الكافكاوية ، وساديتها العسكرية ، وبضحاياها الأبرياء .
” أسمع هديرا
الأوغاد يعبرون الجبهة ،
والعزل يتقاطرون على الملجأ “
هذا المشاهد التراجيدية لم يعد لها متسع في فضاء قلب الشاعر لأنها كوارثها ومآسيها أكبر من حجمه :
” هذا القلب الضيق
لم يعد قادرا على احتواء الألم
لم يعد قادرا على إبقائه خارجا ” ص 8
لكن ريثما يقفل الشاعر قصيدته بفتح أبواب ونوافذ دار قلبه على مصراعيها لحياة أخرى بديلة وبلغة أخرى سلمية ورحيمة ، بديلا عن ثقافة الموت والتشريد العارية والحافية من أي إحساس إنساني :
” هذا القلب الضيق _ هيا ادخلوا _
دار للسلام “
وفي سياق تفاقم هذا الألم نقرأ في قصيدة ” المرآة :
” لم تنتبه النجوم
إلى الشاعر وهي تغادر
لم تنتبه
له وهو يقضم أصابعه ” 16
النموذج أعلاه ، يؤسس لبروميتيوسية عنيفة تؤشر عليها ” يقضم أصايعه” ، حيث ترغم القصيدة القلقة الشاعر على الإذعان ليأكل منه برحابة وألم كاستشهاد حارق يجسد مكابدة الشاعر من أجل قصيدة تواجه الأوغاد والغربان بجمال مجازي وغاية في الجمال .
هذه اللغة
يصور الشاعر في نصوصه علاقته الحميمية باللغة ، ليؤسس بذلك عشقه اللعبي ، مما يحفز على القول بأن الشاعر يلاعب اللغة بشغب الشعراء المحترفين :
” ألهو باللغة
كما يلهو طفل بشفة والده” ص 9
فعبر هذا اللعب مع اللغة يتأسس فعل الكتابة ، وهذا من شأنه الدخول في علاقة اندغامية واستلذاذية باللغة من أجل القبض على أسرارها المنفلتة والماكرة ، بعيدا عن كل معيارية ، قد تدخل الكتابة في ثلاجة باردة ، لأن اللغة بعامة وحسب الناقد المغربي رشيد يحياوي ” تخلق خلقا جديدا حين تدخل الشعر” ، هكذا يبدو جمال الموساوي مشغولا بالحديث عن لغته ، وهو في هذا اللهو دائم الحديث عن لغته ، وهو بمعنى آخر يعيش حالة قلق لغوي ، حتى انه يعاني من الأرق مع هذه اللغة الماكرة المتعبة والمحيرة :
” لم يرف له جفن
وأنهكه كيس اللغة الذي في رصيده ” ص 17
وفي قصيدة ” سأجمع كل هؤلاء ” ، يطرح مأزق الكتابة ، مضمنا إياه وعيه بهذه اللغة ، وهو في نهاية المطاف اشتغال على اللغة وبحث دائم عن الذات :
” هذه المطبات فوق أن تحملها لغة
الشاعر محتار بينها وبين إطلاق خياله ” ص 79
هذا الحلم
الحلم ذو طبيعة مركبة ، فيه تتعانق المفارقات وتلغى فيه الحدود الجمركية بين المعقول واللامعقول ، كما يوفر الراحة من عبء شحنات اليقظة بما فيها من خير أو شر ومفارقات ومتناقضات .
تأسيسا على هذا يمكن القول أن لجوء الشعراء إلى الأحلام في أشعارهم هو لأجل توضيح رؤاهم ومواقفهم ، وكذا توقهم إلى الكمال والعيش خارج العالم وخارج أنفسهم بدون رقابة أو حدود وحتى خوف ، ووحدهم الكسالى والخانعون لا يحلمون ، ويكتفون بتكرار واجترار ما يمر بهم في اليقظة من قرف ، نقرأ للشاعر في قصيدة ” لا أستطيع″ :
” العاجز لا يحلم
” الدجالون بالقرب من رأسه
تمائمهم لن تبعثه ” ص14
بلا شك أننا إذا أمعنا النظر في هذه المتوالية فسنكون أمام أي تعطش متقد بالتمرد والإبداع والتميز ، وأمام أي مرايا تنعكس عليها الأحلام القلقةٌ والمشحونة >
في قصيدة ” أحلم بالحقيقة ” يتفاقم السؤال ويصاعد ترمومتر الشك :
” الحلم
والحقيقة
كيف أجمعهما إلى بعضهما ؟
أسأل نفسي،
وأخبركم
بالسؤال “
ولعل هذا من شأنه تعميق الصراع بين المنطق والحلم ، وكذا تكسير رتابة الواقع ،والوصول بالحلم إلى ذروة الكتابة ، عبر مزج الحلم بالحقيقة كتقنية تمنح الشاعر فسحة لإعادة تشكيلها ، وعبرها تشكيل العالم ، وذلك لما يمنحه الحلم من حرية خيالية لا يتيحها الواقع الحافي والعاري ، لإعادة تأثيث الرؤى ، وفق منطق أمنيات الشاعر ورغباته ، وأليس الحلم جوهر الشعر ولبه ، وإحدى آليات الدفاع ، وكذا نسيان ما هو مؤلم حسب سيجموند فرويد .
استهلال أخير
وجملة القول ، ديوان ” أتعثر في الغيمة وتبكي ” للشاعر جمال الموساوي تجربة شعرية تزيت بتيمات مفتوحة أهلته لحيازة شارة القصيدة القلقة والمفتوحة ، الأكثر هوسا بالبحث والتجريب ، وبذلك تكون نصوص المجموعة الشعرية تجربة جديدة في الشعر المغربي الحديث ، و حصيلة معايشة لواقع برائحة الخيبة التي تطل بإحباطاتها من كل مكان ، ولعلها تأملا في أسرار حرقة القصيدة وأحلامها ومستويات لغتها .
JULY 7, 2017 “أتعثر في الغيمة فتبكي” لجمال الموساوي واقع برائحة الخيبة استهلال أول ” أتعثر في الغيمة فتبكي ” هو الديوان الرابع بعد ” كتاب الظل “2001 الحاصل على جائزة بيت الشعر، المغربي للشاعر جمال الموساوي ، والصادر عن دار ابي رقراق بدعم من وزارة الثقافة ، ” مدين للصدفة ” 2007 حدائق لم يشعلها أحد ” . 2011…هو ديوان يقع في 100 صفحة،يتضمن 46 قصيدة قصيرة، كتبت نشرت جميعها عام 2014 مباشرة على الجدار الخاص في الفيس بوك ، عدا 5 نصوص، تم نشرها في عديد من الجرائد والمواقع الإلكترونية المغربية والعربية. قصائد تحتمي بالألم واللغة والحلم ، وهي تيمات متداولة بقوة أكثر من غيرها ، تفاعلت في ثنايا قصائد الديوان لتخلق شعرا بنكهة خاصة ، وبطاقة تخييلية أعمق وأوسع مؤكدة على أن الشعر إبداع وليس إعادة إنتاج ، وهذا ليس بجديد على شاعر له نكهته الخاصة في التجربة الإبداعية الشعرية . هذا الألم حفل ديوان الشعر العربي قديما وحديثا بالألم أضعاف أضعاف احتفاله بالفرح ، وكأن قدر الشاعر العربي أن يكون بروميتيوسيا على الدوام ، وضعية حارقة أنتجها واقع سياسي واجتماعي محبط ، واضمحلال حضاري مقرف ، كان من إفرازاته جيل تتعانق لدى شعرائه الإحباطات والفراشات ، اليأس والأمل ، التوافق والتخالف ، والشاعر جمال الموساوي نموذج لشعراء هذا الجيل الذي تثقله المعاناة التي تتعدى النزيف ، والمكابدات السيزيفية ، والمقبل على قصائد ” أتعثر في الغيمة فتبكي ” يحصل على حضور ملفت لهذا الألم بتجلياته ومعانيه وفضاءاته . قصيدة ” دار السلام ” ترسم مسارا عميقا لهذا الألم الذي تتسبب فيه الحرب بأصواتها الكافكاوية ، وساديتها العسكرية ، وبضحاياها الأبرياء . ” أسمع هديرا الأوغاد يعبرون الجبهة ، والعزل يتقاطرون على الملجأ “ هذا المشاهد التراجيدية لم يعد لها متسع في فضاء قلب الشاعر لأنها كوارثها ومآسيها أكبر من حجمه : ” هذا القلب الضيق لم يعد قادرا على احتواء الألم لم يعد قادرا على إبقائه خارجا ” ص 8 لكن ريثما يقفل الشاعر قصيدته بفتح أبواب ونوافذ دار قلبه على مصراعيها لحياة أخرى بديلة وبلغة أخرى سلمية ورحيمة ، بديلا عن ثقافة الموت والتشريد العارية والحافية من أي إحساس إنساني : ” هذا القلب الضيق _ هيا ادخلوا _ دار للسلام “ وفي سياق تفاقم هذا الألم نقرأ في قصيدة ” المرآة : ” لم تنتبه النجوم إلى الشاعر وهي تغادر لم تنتبه له وهو يقضم أصابعه ” 16 النموذج أعلاه ، يؤسس لبروميتيوسية عنيفة تؤشر عليها ” يقضم أصايعه” ، حيث ترغم القصيدة القلقة الشاعر على الإذعان ليأكل منه برحابة وألم كاستشهاد حارق يجسد مكابدة الشاعر من أجل قصيدة تواجه الأوغاد والغربان بجمال مجازي وغاية في الجمال . هذه اللغة يصور الشاعر في نصوصه علاقته الحميمية باللغة ، ليؤسس بذلك عشقه اللعبي ، مما يحفز على القول بأن الشاعر يلاعب اللغة بشغب الشعراء المحترفين : ” ألهو باللغة كما يلهو طفل بشفة والده” ص 9 فعبر هذا اللعب مع اللغة يتأسس فعل الكتابة ، وهذا من شأنه الدخول في علاقة اندغامية واستلذاذية باللغة من أجل القبض على أسرارها المنفلتة والماكرة ، بعيدا عن كل معيارية ، قد تدخل الكتابة في ثلاجة باردة ، لأن اللغة بعامة وحسب الناقد المغربي رشيد يحياوي ” تخلق خلقا جديدا حين تدخل الشعر” ، هكذا يبدو جمال الموساوي مشغولا بالحديث عن لغته ، وهو في هذا اللهو دائم الحديث عن لغته ، وهو بمعنى آخر يعيش حالة قلق لغوي ، حتى انه يعاني من الأرق مع هذه اللغة الماكرة المتعبة والمحيرة : ” لم يرف له جفن وأنهكه كيس اللغة الذي في رصيده ” ص 17 وفي قصيدة ” سأجمع كل هؤلاء ” ، يطرح مأزق الكتابة ، مضمنا إياه وعيه بهذه اللغة ، وهو في نهاية المطاف اشتغال على اللغة وبحث دائم عن الذات : ” هذه المطبات فوق أن تحملها لغة الشاعر محتار بينها وبين إطلاق خياله ” ص 79 هذا الحلم الحلم ذو طبيعة مركبة ، فيه تتعانق المفارقات وتلغى فيه الحدود الجمركية بين المعقول واللامعقول ، كما يوفر الراحة من عبء شحنات اليقظة بما فيها من خير أو شر ومفارقات ومتناقضات . تأسيسا على هذا يمكن القول أن لجوء الشعراء إلى الأحلام في أشعارهم هو لأجل توضيح رؤاهم ومواقفهم ، وكذا توقهم إلى الكمال والعيش خارج العالم وخارج أنفسهم بدون رقابة أو حدود وحتى خوف ، ووحدهم الكسالى والخانعون لا يحلمون ، ويكتفون بتكرار واجترار ما يمر بهم في اليقظة من قرف ، نقرأ للشاعر في قصيدة ” لا أستطيع″ : ” العاجز لا يحلم ” الدجالون بالقرب من رأسه تمائمهم لن تبعثه ” ص14 بلا شك أننا إذا أمعنا النظر في هذه المتوالية فسنكون أمام أي تعطش متقد بالتمرد والإبداع والتميز ، وأمام أي مرايا تنعكس عليها الأحلام القلقةٌ والمشحونة > في قصيدة ” أحلم بالحقيقة ” يتفاقم السؤال ويصاعد ترمومتر الشك : ” الحلم والحقيقة كيف أجمعهما إلى بعضهما ؟ أسأل نفسي، وأخبركم بالسؤال “ ولعل هذا من شأنه تعميق الصراع بين المنطق والحلم ، وكذا تكسير رتابة الواقع ،والوصول بالحلم إلى ذروة الكتابة ، عبر مزج الحلم بالحقيقة كتقنية تمنح الشاعر فسحة لإعادة تشكيلها ، وعبرها تشكيل العالم ، وذلك لما يمنحه الحلم من حرية خيالية لا يتيحها الواقع الحافي والعاري ، لإعادة تأثيث الرؤى ، وفق منطق أمنيات الشاعر ورغباته ، وأليس الحلم جوهر الشعر ولبه ، وإحدى آليات الدفاع ، وكذا نسيان ما هو مؤلم حسب سيجموند فرويد . استهلال أخير وجملة القول ، ديوان ” أتعثر في الغيمة وتبكي ” للشاعر جمال الموساوي تجربة شعرية تزيت بتيمات مفتوحة أهلته لحيازة شارة القصيدة القلقة والمفتوحة ، الأكثر هوسا بالبحث والتجريب ، وبذلك تكون نصوص المجموعة الشعرية تجربة جديدة في الشعر المغربي الحديث ، و حصيلة معايشة لواقع برائحة الخيبة التي تطل بإحباطاتها من كل مكان ، ولعلها تأملا في أسرار حرقة القصيدة وأحلامها ومستويات لغتها .
منقولة من رأي اليوم...
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر