الاربعاء 27 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أَبعدوا الشعر عني - عبدالعزيز المقالح
الساعة 15:12 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

أَبعدوا الشعر عني
خذوه بعيداً ،
بعيداً
فقد رابني ،
أثقلتْ روحي الكلمات 
وأجهدني البحث عن لغةٍ
لا تموت إذا هطلت 
في سطور الكتابةِ
من فضلكم :
أَبعدوا الشعر عني
لقد حال بيني
وبين الفضاء الذي
كنت أمشي عليه بقلبي 
وأصطاد ما أشتهي
من نجومٍ ،
ومن سُحبٍ شاردةْ .

* * * 
 

أَبعدوا الشعر 
هذا الذي كاد يسلمني للهلاك
حين خانتنيَ الشطحات
وألقت ظلال كلامي
إلى حيث ما كنتُ أدري
ولا أَشتهي .
يا لخوفي من الليل 
ليلِ النفوس المليئة بالشك
تلك التي ليس تدرك ما الشعر !
ما الكلمات !
وما ذا وراء المعاني
وخلف شرود الكلام .
يا لخوفي من الشعر 
في زمنٍ حاقدٍ
يذبح الشعراء .

* * * 
 

أَبعدوا الشعر عني
ما عاد يطربني صوتهُ
وانثيالاتهٌ
كان بالأمس يزرع ذاكرة الأرض
حلماً ويملأها غبطةً
ويحررها من قيود المخاوف
يغسل من صدأ الرمل
أخشابَها ،
فجأةً صار مثل كلام الإذاعةِ
مثل كلام الجريدةِ
لا روحَ فيه
ولا ماءَ في نِسغهِ
وردهُ ذابلٌ
وحديقتهُ يابسةْ

* * *

 

أَبعدوا الشعر عني
دعوني أُتابعْ ما ابقتِ الشمس
من ضوئه في القمرْ .
وما أبقت الأرض من لونهِ
في الشجرْ .
وما استودع البحر من سحره
وغموض معانيه
في الليل ،
ما حمل الفجر من عطرهِ
وصلاةِ تسابيحهِ المؤمنات
دعوني أنم 
فإذا عاد هذا الذي 
كنت أحببتهُ
أَيقظوني .

* * *

 

أَبعدوا الشعر عني
لقد شاخ
شاخت أساطيرهُ
وخيالاتهُ
شاخ فيه الندى
والصدى
شاخ ماءُ المعاني
تَكسّرتِ الصورُ المورقات
على صخرةٍ من جفاف الزمان 
ورعب المكان
وما عادتِ الروح تنبت
منذ اختفت شمسهُ
غير أصداءَ باكيةٍ
ورؤى شاحبةْ .

* * *

 

أبعدوا الشعر عني
دعوني أداعب قيتْارةَ
الصمت
ألهو بقبض الفراغ
أُتابعْ ما كان ،
تحدس روحي بهِ
وبما سيكون .
دعوني أُتابعْ في دفتر العمر ،
عمري .
ما اقترفته يداي
من الشعر 
والنثر
ما حصد الزمن المتقلب
من حسناتٍ قِلالٍ
ومن سيئات كِثارْ .

* * *

 

أَبعدوا الشعر عني 
لقد صار دمعاً
سخيناً ... دماً
بعد أن كان صُبحاً
وأغنيةً تترقرق فوق الشفاهِ
تداعب ليل الصبايا
نداوي القلوب من الوجد ،
كان سماءً يلوذ بها العاشقون
وتأوي إلى ظلها
شقشقاتُ العصافير ،
لكنه بعد أن نادتِ الحرب
صار كسيحاً كئيباً 
تطارده ثرثراتُ الأفاعي
وصوتُ الرصاصْ .

* * *

 

أيها الشعر 
يا صاحبي ورفيقي
أنت في القلب
صوتك صوتي
وحزنُك حزني
وأنت سراجي إذا أظلمتْ 
وانتشائي إذا أشرقتْ ،
فلا تَخشَ من غضبي
وأنين اكتئابي 
هي الحرب ألقت بظلمتها
فوق صدر البلاد
وصدريْ . 
وليس لها بعد أن
أتْخنت كاشفهْ .

* * *

 

أخيراً ،
أقول لكم إخوتي الشعراء
اعذروني
إذا ما نفرت من الشعر
أبعدته عن أجندةِ وقتي
وألقيته جانباً
وهو حبي القديم 
وحبي الجديد
فإبعادهَ كان خوفاً عليه
وحزناً علينا
وحزناً على شاعرٍ
يشتوي في قصائدهِ
ينهش البؤس أحشاءه
والجماهير من حوله لا تراه
ولا تتبين ماذا يقول
ولا في غدٍ أين يُلقي عصاهْ .

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص