الاربعاء 27 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
صائمُ الدّهر - يحيى الحمادي
الساعة 13:54 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)



وتَقُولُ لِي بِدَلَالِهَا المُغْرِي:
_ مِن أَينَ أَنتَ؟!
ولَيتَنِي أَدري
.

 

_ مِن أَينَ؟!
مِن..., وسَكَتُّ ثانِيَةً
ومَسَحْتُ (مِن) مِن أَوَّلِ السَّطرِ
.

 

ومَسَحْتُ دَمعًا كادَ يُطفِئُ ما
أَبْقَت ليالي الشَّوقِ في بَحري
.

 

وفَتَحتُ نافِذَتِي على وَطَنٍ
مِثلِي يُقِيمُ بلَيلَةِ الحَشْرِ
.

 

أَأَقُولُ مِن هذا الذي دَمُهُ
ودُمُوعُهُ بقَصَائِدِي تَجري!
.

 

هذا الذي طَرَحُوهُ مُختَنِقًا
وحَمَلْتُهُ وِزرًا على ظَهرِي!
.

 

_ أَهلًا, 
مَسَاءُ الخَيرِ!
أَنتَ هُنَا؟!
لِمَ لَم تُجِبْ؟!
سَأُجِيبُ "يا عُمْرِي"
.

 

ووَقَعْتُ مِن شَفَتَيَّ
وانفَصَلَت عَنّي اللُّغَاتُ
وغَصَّ بي حِبري
.

 

_ هَل أَنتَ..؟!
لااا
_ مِن أَينَ؟!
مِن وَطَنٍ
أَحيَا عَلَيهِ كَوَردَةِ القَبرِ
.

 

يَدُهُ تُزَاحِمُنِي على جَسَدِي
وتُرَابُهُ مُتَوَسِّدٌ فِكري
.

 

وأَنا أَريكَتُهُ
وشَمعَتُهُ
ولِحَافُهُ
وبسَاطُهُ السِّحري
.

 

وأَنَا الذي فِي القلبِ أُسكِنُهُ
وأَعِيشُ كالمَحشُورِ فِي شِبرِ
.

 

أَتَرَيْنَ هذا الجُرْحَ سَيِّدَتِي؟!
وَطَنِي هُنا.. 
وأَشَرْتُ بالعَشرِ
.

 

لا تَسأَلِي _أَرجُوكِ_ عَن وَطَنِي
لَو كانَ لِي ما حِرْتُ فِي أَمري
.

 

هُوَ لِلعِصَابَةِ.. 
كَيفَ أَبْلُغُهُ
وقَبيلَتِي بَيتٌ مِن الشِّعرِ!
.

 

وتَنَهَّدَت.. 
فَشَعَرتُ أَنَّ لَهَا 
جُرحًا يَخافُ إعادةَ النَّشرِ
.
.
.
.

 

 

قالت 
_وقَد ضَاقَ السّؤَالُ بما حَمَّلْتُهُ مِن شِدَّةِ القَهْرِ:_
.

 

أَلَدَيكَ شُغْلٌ فِي الصَّبَاحِ؟!
نَعَم, عِندِي..
ولكنْ دُونَمَا أَجرِ
.

 

ذَهَبَت سِنِينِي سُخْرَةً وأَنا
مُتَرَقِّبٌ لِنِهَايَةِ الشَّهرِ
.

 

سَهَرٌ عَلى سَهَرٍ كَأَنَّ دَمِي
مُتَأَبِّطٌ لَيلًا بلا فَجرِ
.

 

ومَسَحْتُ جُرحًا كَادَ يَنزِفُ ما
أَبقَاهُ هذا الوَاقِعُ المُزرِي
.

 

لا تَسأَلِي _باللهِ_ عَن عَمَلِي
عَمَلُ الأَدِيبِ كَصَائِمِ الدَّهرِ
.

 

قالَت: لِماذا؟!
قُلتُ: لا تَقِفِي في النَّارِ يا قَارُورَةَ العِطرِ
.

 

كُونِي مَعِي _إِنْ شِئتِ_ قافِيَةً
لِيَمُرَّ كُلُّ مُشَرَّدٍ عَبري
.

 

كُونِي سِوَى هذي التي سَرَقَت
سُجَّادَتِي فِي لَيلَةِ القَدرِ
.

 

كُونِي بلادِي إِنْ سَئِمتُ بها
شَعبًا يُحِبُّ تِجَارَةَ الفَقرِ
.

 

كُونِي أَنَا 
عَلِّي أُغَادِرُ مِن حُزنِي.. 
فَحُزنِي الآنَ يَستَشرِي
.

 

لِلحُزنِ سُكْرٌ كَالخُمُورِ, وقَد
أَكثرتِ مِن سُكرِي ومِن خَمرِي
.

 

يا هذهِ.. 
أَلَدَيكِ أَسئِلَةٌ أُخرَى؟!
فَإنِّي ضاقَ بي صَدرِي
.

 

هَل يَطعَمُ المَجنونُ مَوطِنَهُ
إِلَّا كَطَعمِ السَّيفِ في النَّحرِ!

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص