الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
علامات النص تتجلي في زليخات يوسف - د. حميد الشيخ فرج
الساعة 11:58 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

كل عنوان (( زليخات يوسف  )) في دائرة الرصد الدلالي تشكلات عدة تتيح للمتلقي امكانية الخيار التأويلي وقت مايتوفر له من ادوات الكشف والاحالة لينماز فيما بعد ــ العنوان ــ بخاصية التوائم والموافقة مع مقصدية الناص وهو يصور العمق الابستمولوجي لتركيب العنونة تناصا مع البعد الانثروبولوجي بجزئي العنونة في ذهنية المتلقي. واذ ينتشر تركيب العنونة في بعده الجمالي في فضاء التخييل الي ادراك الجمال الأسطوري لزليخة الأنثي عبر استدعاء مرجعيات صورة زليخة في ذهنية المتلقي ، الصورة التي رسمتها منطقة التخييل وفق مؤثرات النصوص ذات البعد التراثي ( الديني ) وما اسبغ عليها من نوافل تؤدي الي تضخم هذه الصورة ، فان تلقي العنونة في هذا البعد لا يخرج عن كونه مؤشرا علي ما بعده وفاتحا الطريق الي عالم الجمال والخيلاء ، الا انه جمال مشوب بوقاحة الإثم ورغبة التسلط . ن هنا ، تهتز صورة الجمال الروحي لدي المتلقي وهو يستدعي صورة المرأة الطالبة لا المطلوبة، العاشقة لا المعشوقة ، المصرحة لا الملمحة ، الحابسة لا المحبوسة ، / وغلقت الأبواب / يدفعها الي ذلك عطشها الجنسي وهي تفرش جسدها و تهيئ كل مسالكها للخادم الممتنع /يوسف / حيث يخيب أفق انتظارها بعد كل هذا لتفيق علي ممانعة وترفع.. من هنا تسقط العنونة في فخ الابتذال رغم تدخل التركيب النحوي في منحها صفة أخري عبر تعمية صفتها وموقعها من التركيب ، بل عبر جمعها ( زليخات ) ومحاولة تفادي وضع اليد علي صورة / زليخة / الأصل من بين هذا الكم من جمع المؤنث السالم. من هنا اضيفت زليخة بكل ماتحمل من ابعاد اخلاقية وجمالية الي يوسف في بعده الاخلاقي والجمالي لتثبيت اركان المشهدية التي ارتجت بفعل ركنها الاول /زليخات / رغم الحمولة الانثوية التي حملها النص للاسم العلم المفرد الشهير /زليخة / ليصار فيما بعد الي توازن مشهدي يجعل /يوسف/ الطرف الآخر لعصا العنونة / الحكاية /. واذ ينذر العنوان مجتمعا ( زليخات يوسف ) برجة في التلقي فان النص وهو يخطو نحو العنونة قد استعد لمثل هذه الهزة عن طريق المناورة في الاسناد وامكانية تبديل صورة زليخة علي اكثر من وجه يصل الي عد النص لها نكرة في الهامش ، هنا تلعب العنونة لعبتها في إرضاء المتلقي وهي تستضيفه في اكثر من احتمال يوجهه قوة الاحتمال في فراغ التركيب النحوي / التقدير / فقد تشير العنونة الي واقعة في بعدها التاريخي لاستحصال معاني الجمال والعفة ليغدو العنوان فيما بعد مسندا لاسم الاشارة/ هذه/ (مسندا اليه ) ضمن البني العمقية للعنونة، الا ان مثل هذا التعويض لا يتلائم مع فحوي النص /المجموعة/ اذ لايترشح البعد التاريخي كمدونة او وثيقة تاريخية من بين ثنايا النص، بل ان توازيا حاصل بين العنونة ونص المتن يؤشر مدي ابتعاد العنوان في فعالية التسجيل النصي عن المجموعة بوصفها حاضنة العنونة وداله عليها.. هنا اذ تتضح العنونة بالبعد التاريخي تسجيلا لفظيا للموافقة التاريخية , فان تعويضا اخر يمكن ان يقترحه المتلقي لترميم المشهد بعد ان بدأ تصدعه واضحا جراء تعدد المسند اليه. هذا التعويض ياتي علي شكل تساؤل يفضي الي شخصنة المرموز اليه من خلال الرمز زليخه في اجواء السيميائيات الخاصه ليكون العنوان بعدها في احالة الي فعاليات الاخر عبر تحفيز الذهن علي المطابقة بين الموصفين ( زليخه في بعدها الاخلاقي = شي اخر من مواصفات نفسها ) لكن هذه المرة عبر الاستفهام الاستنكاري ( من زليخه ؟ ) ومع ان الجواب حاضر في ذهنية التلقي العام الا انه ليس كذلك لدي القاريء الخبير بوصف الاخير قادر علي فرز طبقات النص وتحديد مستوياته وازالة الحجب عنه المتمثل هو الاخر بعبارة زلييخه ( المراة العاكسة ) وبذلك فان هدف الاستفهام وان مضي الي محاولة الكشف عن المقابل الغائب لا انه غير قادر علي ادارة مشروع الايحاء بالمشابه وذلك بالحضور الفاعل للوجهة التاريخية والجمالية لشخصية زليخه طالما أضيفت الي يوسف هامش التوثيق الذي تسلل الي المتن في سعي النص الي جلب انتباه القارئ الا ان زليخه المقصودة هنا في العنوان هي زليخه المعاصرة ليوسف ليس الا , وان بدت في نص المتن شيئا اخر. بقي ان نشير الي مدي نزف العنونة لبقية عنوانات القصص الداخلية وامكانية رؤية عنوانات المجموعة تتمدد في مناصات الداخل من خلال استعراضها وهي تحيل الي ردم هوة النص الرئيس /العنوان / ضمن علاقة الامتداد ، فمريم البلقاء ص 5 ، ومومياء البهلول ص 39 ، وتبقي قطام ص 65 ، احتراق مملكة الورق ص 112، كلها تؤدي هذه العلاقة سواء وهي ــ المناصات ــ تنتصب مؤنثا ام تحيل علي المؤنث لتؤكد فيما بعد سعي العنونة الرئيسية /زليخات يوسف / الي تثبيت الشاخص المرجعي لزليخة الانثي ولينسج النص بعد ذلك حول هذه الثيمة خيوط الختل النصي وهو يتلاشي عن اعين المؤول غير الخبير ليدلف الي مملكة الناص وهو يعد زليخة سلطة غاشمة متجبرة تستخدم جمالها /سلطتها/ للبطش / الجنس / رغما عن يوسف /الشعب / لكن كيف السبيل الي جبر العلامة مع مرجعياتها العرفية ؟ كيف يمكن عد زليخة سلطة البعث؟ ، وكيف يمكن عد يوسف شعب العراق في تسعينيات القرن الماضي؟ حيث تدور احداث قصص المجموعة ! . لربما كان فهم الناص لعلاقة زليخة بيوسف النبي قد الغي الجانب الجمالي فيها تحت وطأة البعد الديني وعدها فارغة من الجمال لكونها كانت من الخاطئين ، هنا حيث يتسرب الدين الي الاشياء ليجتزء منها الجمالي تحت قانون العقاب والحد والخطيئة، هنا يتسرب الديني الي فضاء التخييل وليمحو من ذاكرة النص التشكل في وعي الناص جمهرة من المحظورات وليضفي في الوقت نفسه علي المماثل والمطابق الديني مع الناص وفكره واتجاهه هالة من القداسة علي الطرف الاخر من منطقة التخييل /يوسف / وهذا بالفعل الذي جري في زليخات يوسف حيث اجتزء النص عنصر الجمال من زليخة وترك لها بعد القوة والتسلط في حبس الصديق يوسف واضطهاده مع ان مثل هذا الاجراء يعد انحرافا عن عمل العلامة وهي تحيل الي المرجع؛ فان ذاكرة التلقي لاتحتفظ لزليخة بالقسوة، بل بالجمال وتتخذها مثلا علي ذلك ، هكذا هي ذاكرة التلقي وهي تغلب طرف الجمالي علي الحاكمية بوصفه الشق الاكثر نصوعا في شخصية زليخه وفي المقابل حيث تحتفظ ذاكرة التلقي بجمال يوسف اكثر من احتفاظها باظطهاده، الا ان النص غلب الجانب الديني في يوسف علي الجانب الجمالي ليكسر افق التلقي وليمنح العلامة /يوسف/ مرجعية انحرافية عن مسارها العرفي الجمالي. ان تشكيل مرجعيات جديدة للعلامة غير مرجعياتها العرفية يعد انكسارا لافق العلامة نفسها وتشويشا للتلقي وان كان في ذهن الناص مبررا لكبت اسرار النص كي لا تبوح بالمحظور.

من هنا يتعكز النص علي البوح ببعض شظايا العنونة تقريبا للحمولة المعرفية للعنوان حينما يستبدل علامة العنونة في شقها الانثوي بعلامة اخري اكثر وضوحا في بعدها السلطوي او المؤامراتي حين يشير الي شخصية قطام ومنحها صفة المعاصرة لتدل علي السلطة في زمن الكتابة؛ حيث جاء العنوان الرابع هكذا (وتبقي قطام) لتعين بنية التركيب عبر فعل المعاصرة /تبقي / المتلقي علي استدعاء قطام شاخصا نصيا مع ذلك فان النص لم يرتح لهذه المعاصرة بل راح يسجل مناصا اخر ليؤكد من خلاله علي ان قطام /زليخة/ السلطة/ حيث كتب تحت العنوان الرئيس (1419 هـ الجمعة السابع والعشرون من رمضان) وهو فضح نصي اغلق ذهنية التاويل وامكانية فتح النص علي اكثر من مدلول لجبر العلامة ؛الا ان استخدام قطام تم تحت البعد الديني (وهي شخص مسؤولة عن مقتل الامام علي ع) /الشعب / كما ان زليخة مسؤولة عن حبس يوسف /الشعب / الا ان هذا الالتفات حول الرموز لم يمنع من كشف النص اسراره والبوح بها في عملية حلخلة التلقي في نقل الخطاب من المستور الي المكشوف (وما قطام الا دمية تحركها دمي اكبر منها ص 74) في اشارة الي السلطة وفضح. ويأتي فضح اخر في قصة زليخات يوسف في قوله (بيين خطي عرض ثلاثين او اثنين وثلاثين) وآخر في بكاء الغربان في قوله (انا بريء ص138) حيث يندفع المستوي اللغوي بين الحين ولاخر الي الكشف بصورة تقريرية في بعض الفقرات بالغموض تقنيةً في نسج السرد مع ان هذا الغموض صار لايؤدي الوظيفة الميتالغوية لانفصام العلامات عن المرجع مما احدث إرباكا في عملية التلقي حوّلَ النص الي سورياليات غاية في التعقيد. واذا كانت السيميائيات تتعامل مع التشكيل البصري بوصفه لغة ، فان اللون بعض هذه اللغة ،الأمر الذي دفع الناص الي بث اللون الأخضر وطلاء ارضية غلاف المجموعة به في اشارة الي البعد المذهبي في تلقي اللون الأخضر رمزا شيعيا صرفا ليقصر النص في دائرة الخصوص وقص جناحي العموم في منح الواقع حقيقته ، كذلك شكل العنوان التشكيلي في لوحة الغلاف صدمة أخري في ذاكرة التلقي وهو يصور زليخات/ نساء / في مدينة شكلت ملامحها وطرازها المعماري الصفة الإسلامية من خلال القبة الزرقاء في أقصي اليمين واللون الشذري وفضاءات الاهلة وهي ترسم مرجعياتها في اللوحة , ان زليخات يوسف مزجت ختل اللغة وهموم السرد في نسيج النص

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً