الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
العنونة والمضامين في المجموعة القصصية دخان - علي أحمد عبده قاسم
الساعة 10:06 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

في الغالب والأعم عند قراءة نصوص القاصة/جليلة الأضرعي مغرية يجد فيها المتلقي نصا سرديا جادا نص مكتملا من حيث البناء واللغة والمضمون والجديد المدهش فحين تقرأ النص فإنك تجد نفسك أمام قاصة متمكنة سرديا وتعرف أدواتها ومجموعتها الأخير "دخان" والتي صدرت عن دار فكرة للطباعة والنشر والتي احتوت على عشرة نصوص في ثلاثة واربعين صفحة من القطع الصغير وعلى الرغم من صغر حجم المجموعة إلا أنها ذات مضمون عال وعميق ويستحق القراءة خاصة أنه اشتمل على الرمز ويحتاج لإعمال الفكر
 

- العنوان
جاء العنوان من الجذر اللغوي (دخن) وهو ما ارتفع في السماء جراء اشتعال واحتراق 
و( الدخن) الحقد والسواد والفساد إذا قلنا(أصابه الدخن) ودخن الوقود ارتفع وانتشر 
والدخان مصدر من دخن دخانا 
والدحان دخان احتراق البخور.

 

مماسبق يمكن القول:
-العنوان يشير للاحترااق والتلاشي والتحول مما يدل على احتراق الذات وتحولها أو رغبة تحول الذات الى عالم آخر مغاير للواقع وقد ذلك التحول بسبب حقد وسواد أو أن الذات ترغب بالتحول وترغب بالتجديد في النص السردي. 
-جاء الدخان عنوانا كثيفا حيث يشير للاحتراق ويشير للارتفاع والعلو وهذه دلالة من النص السردي أنه بخلق عالم يليق بالروح عالم غير الواقع الأسود الحقود فالدخان رمزللصفاء والتحول والاحتراق وللحلم أيضا 
لذلك كان العنوان نصا موازيا يغري المتلقي ويتساءل حول دلالة الدخان سواء في صورته المعروفة أو دلالته. الرامزة فكان العنوان سلطة أعلامية اختزلت المضمون وأثارت اهتمام المتلقي لكشف مضمامين النص العميقة ليتحول العنوان إلى دالالة هي
- احتراق الروح فبحثت الذات عن عالم آخر له القدرة على الاكتشاف والإرتقاء والتخفي والاستتار بحثا عن الحلم وبحثا عن الكشف ورفض العجر والضعف.
- البحث عن عالم آخر بعيد عن الواقع المتوحش وكأن النص السردي يبحث عن ماهو خارق وغير طبيعي ليبلغ هذه الغاية فالنص ابتعد عن الجسد وبحث عن الروح والحلم وعكس كبرياء وصراع الذات مع الواقع سواء كان المحيط المادي أو الاجتماعي.
- ثمة دالالة جديدة أن النص يريد أن يتفرد ويأتي بنص جديد مغاير للنص النسوي الذي تجلد فيه. المرأة مشاعرها وترسم عواطفها وهذا النص لايختلف ولكنه بأسلوب آخر فنتازي وقد يصل حد الخرافة لذلك كانت عنونة النصوص متواكبة ومتناغمة مع العنوان الرئيس دخان 

 

"زنقظ" هو اسم جني والجني هو من الاجتنان والاستتار والتخفي ومرتبط بالدحان والبخور وهذا لايعكس فكر متخلف بقدر مايعكس صورة من التخفي رغبة بالخروج لعالم آحر له قدرة على الاكتشاف( فضولي يستولي علي...... يرميني في أحضان كتاب وجدته في خزانة ولدي..... قشعريرة..... رميته بعيدا )ص7
اللجوء للكتاب هو محاولة للكشف بطريقة خارقة واستبدال العالم الواقعي بعالم قوي ومسنتر ( وليمة السهر وطنين الصراصير)ص7
فكان السرد يعكس الوحشة والإنفراد فحاولت الذات المأزومة إيجاد عالم مغاير وهذا يعكس صراع المرأة والمجتمع والذات لتحقق عالمها فهي تحاول كسر الجواجز بطريقة خارقة وتميت العجز فيصبح البعيد قريبا والقريب بعيدا واقتحام المستحيل ( زحل يصول ويجول المريخ قريب) ص9 

 

وإذا كان النص طموحا متحولا فإنه أيضا يشير. لنوع من العجز والضعف فكان النص غرائبي يحيل لدلالة التحول فإن النص نص جديد في كتابة المرأة عموما لتتحقق الأحلام والأماني 
ولأن نص (برمودا) نص رمزي فإن برمودا رمز لكل شيطان يعيق الحياة ورمز للرجل الوحش 
والنص(برمودا) محلق في السماء ويتعالق مع العنوان الرئيس دخان وهو محلق بالسماء ليعكس الأماني ويعكس كبرياء أنثى وصفاء روحها فالواقع الصادم لايناسب الروح وكأن النصوص رسالة عن قضية ذاتية وقضايا المرأة عموما.

 

"أسكن بسلام جوار أحلامي.. استند على أقلامي ودفاتري أراقب النجوم كيف تسبح في ملكوت الله أبوح لها بأسراري فتهديني وميضا" ص11
يلحظ المتلقي ذوبان الروح السمو في العلو والذوبان في النجوم فتحولت لنجم مع النجوم 
(تهديني وميضا) فالنص يريد القول أنا نجمة لاتليق بروحي الأرض حيث يقول السرد"أتحول برقة صغيرة تنسج حولها ذكريات الماضي وأحلام" 
فكانت النجوم معادل رمزي للذات وهي لاتفضح الأسرار بل تزيد الروح لمعانا وتوهجا فالمضمون محلق في السماء يتطلع لمستقبل مشرق فنجمة البرقة والومضة ماهي روح متوهج بالسماء 
وينقلنا السرد الى متن طائرة" يخدش سكوني ويقهر سلامي مطبات هوائية ثم اهتزازات تفسرها مضيفة الطائرة وهي تعلن عن أمر جلل كابتن الطائرة يخبرنا أنه فقد السيطرة"ص12
فالطائرة معادل رمزي للحباة وللمرأة وقد يكون الكابتن الزوج ليعكس السرد،حالة من الصراع الإجتماعي ومابين الحلم والواقع الصادم وبين ماتريد ومايراد لك وبين الخير والشر" لمحت عرشا عظيما يعتليه مخلوق من نار"ص12

 

االرمزية والغرائبية سيطرت على النص لتعكس غرائبية أحداث الحياة وغرائبية وصراع القوة والضعف فالسرد في "يعتليه. مخلوق من نار" فيه سخرية من الرجل وفيه صراع القوة والضعف وانسداد الأفق لذلك جاء النص السردي بجديد يخالف ماكتبته المرأة حيث تكتب المرأة مشاعرها بأسلوب مباشر ومتكرر ومستهلك والنص هنا عن نص المرأة و لايختلف إلا أنه أعمق وبمستوى رمزي عال فالنص يسرد قضية المرأة مع المجتمع الذي وحياتها ومحاولة الخروج منه بالخوارق ومايشبه المعجزات " استنزفت كل قواي للهرب ولم أتقدم بوصه"13
 

واذا كان الدخان رمز التحليق فإن الذات ماتزال بالسماء ففي نص ( أحدب ) إشارة للسماء حيث أن القمر الأحدب يظهر بالنهار ويبقى طوال اليل فقد يكون الأحدب رمز للتوهج ورمز للهرم حين نقول ( أحدودب ظهره) فهو ليس بدرا ولكن الأحدب ليس المحاق الذي يشير للنهاية تماما.
فقمر السرد رمزي للحلم وللتجدد والاستمرارية 

 

لذلك مادامت النجمة في الأعالي فالنص يعكس روح متوهجة وكأنها تتناص مع المتنبي الذي يقول 
"فلاتطمع بمادون النجوم... فطمع الموت في أمر صغير كطعم االموت في أمر عظيم".
وهي تقول:" كنت وحدي من يلامس القمر والنجوم" لتشير إنها الوحيدة صاحبة الحلم وهي الوحيدة صاحبة الكبرياء وهي أيضا المتوهجة 
واذا تأمل القارئ نص زليخا فإنه يؤكد أن مضمون النص السردي يرسم المرأة بأنها امرأة الروح وهي تلك المرأة التي تطمح للأمور العظيمة فليست المرأة الضعيفة فهي امرأة الإكتشافات والمغامرة والمخاطرة وهي امرأة وأنثى التجليات والاكتشافات وهذا نص جديد ومغاير بكل المقاييس لاسيما وأنها ليست زليخا الجسد بل زليخا الروح بوصف الجسد يفضي للهزيمة الاستسلام " ألقمتني رحيقها ماجعلني. 
أرتد 
أثمل 
أصمت أسخر لها جسدي طول حياتي" وهذا رفض للجسد والبحث عن الحلم والروح 
وإذا تأملنا نص "استغماية" وهي الغميضة فهي دلالة أخرى للتخفي والاستتار وهي استحضار للعبة الأطفال الشعبية لتعكس روح البراءة ومن النص تستعرض المرأة أنوثتها وأحلامها وقدراتها الأنثوية الفريدة وهي لها قدرة على الغواية والأنوثة بشكل يعجز. عنه الرجل فكان النص تلافٍ لتغييب الرغبات التي لم تتناولها النصوص فكانت الاستغماية رمز للذات والتخفي والإغراء والحلم فهي الأنثى الحلم وهي ترميز لامراة لاينالها. إي رجل فلها من القوة والتماسك والحلمية مايعجز عن الرجل لذلك الاستغماية نافرة مستترة جموحة طموحة حالمة حيث يقول السرد"أراهن خيالي على المشهد الأخير وألملم مشاهدي واخبئها في زواية ذاكرتي.البكر ،إلى حين أجد بطلا يتقن لعبة الاستغماية" 

 

مماسبق: نحن أمام نص سردي جديد ومتقن سواء من حيث البناء والترابط والتشويق إلى النهايات المدهشة والفارقة إلى المضامنين والرموز والعنونة ولغة السرد فضلا عن التجديد والترميز والملامح والرؤى والأحلام للحياةبأسلوب سردي عمييق ينم عن قدرات قصصية تعكس المضامين والغايات واستحضار للحكاية الشعبية والخرافية ليكون نصا جديدا بامتياز ونص محلق بالسماء مبتعد عن الأرض باحث عن الأحلام بقوة أنثى مختلفة.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً