الأحد 02 فبراير 2025 آخر تحديث: السبت 1 فبراير 2025
مكاشفات
ثقافة التكفير - عبدالله المتقي
الساعة 10:20 (الرأي برس - أدب وثقافة)

 

        

       تنتشر هذه الأيام ، موجات التّكفير ، فتتشابه وجوهها وإن تعددت لغاتها ، حتى أن هناك من ببرّر هذا العنف الرمزي ، بل هناك  من يدعو إلى القتل والتّصفية الجسديّة  ، والضحايا هم دائما ، من المثقفين المخالفين  الذين يحملون مصباح ديوجين ، المصباح الشهير الذي كان يفتش في وضح النهار عن الإنسان الذي يعمل ويجد ليحقق حريته ، ويحسن مستوى الحياة .
 

    مثل هذه الأفواه الواسعة التي تروج  لهكذا عنف ، وفي هذه المرحلة الدقيقة من لغة العنف في أعلى درجاته و التي تجتاح العالم،    من شأنها  تقويض دعائم الدّيمقراطيّة تمهيدًا لفرض إيديولوجيّة أصوليّة ثابتة لا تؤمن بالتحول ، والأكثر منه ، الإساءة  إلى دين الله حتى ، وبالمناسبة ، يكفي أن رب العالمين ، اكتفى بطرد وإخراج  إبليس من رحمنه ، دون تعنيفه ، أو دق عنقه ، أو الدعوة إلى تعليقه أو تصفيته ،  بالرغم من فسقه،  واستكباره ، ورفضه  السجود لآدم كما باقي الملائكة .
 

 ولأن   الله رحيم ورؤوف وبديع ومتعال ، فقد فسح الله كتابه  لإبليس  ليدلي برأيه بخصوص هذه المعارضة في القرآن :" أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ." ولعل هذه الكتابة لحجة إبليس في كتاب الله ، هي أقصى درجات الإيمان بالاختلاف والتسامح .
 

   هكذا يعدو التكفير الذي فتح شهية البعض هذه الأيام ، ليشمل من ليس على ثقافتهم وملتهم الدينية المغلقة ، ومن ثم اتهامهم بأعلى درجات الكفر الديني ، وكذا تهديدهم بالمحو ،  وتلك هي ثقافة الظلام وعلاماتها وضوابطها في كل شيء ، بسبب تضخم الأنا الدينية ، واحتكار الحقيقة الحولاء والصماء ، و التي لا تسمح بالحوار لقبول الآخر ، وحتى لو حدث هذا النقاش ،  فلا شيء سوى التمترس خلف المواقف ، وكما لو أن  التكفير  عقيدة دينية لا تقبل النقاش   .
 

     من هنا ، ضرورة التصدي لمثل هذه الدعوات المريضة والمتضخمة والواهمة وهي جنينية ومتفرقة ، قبل أن تتسع دائرة التكفير والكفر الديني ، ويبلغ الزبى الفتنة ، الفتنة التي نقرأ عنها ورقيا ورقميا ونراها يوميا على القنوات تكاد تحرق بقعا كثيرة من العالم والتي يوقدها مثل  هذا الذي نسميه" تشراك الفم " بدون حسيب ولا رقيب .
 

لأن من شأن هذه الثقافة العنيفة والمكفرة للمخالفين ، التمهيد لتربية التكفير  ، وإنتاج جيل لا يسمع للطرف الآخر ، وقابل أن يتحول إلى كائنات تنقصها الثقافة الحوارية واتساع الأفق .
 

   وجملة القول ، ثقافة التكفير لا تؤمن بالتسامح ، ولا تعترف بالتعايش والحوار ، بل تتهافت على إخراج  المواطن من ثقافة التنوير والاختلاف ، ومسخه إلى "ماركة " بشرية مسجلة ، تندمج كليا في موقفها الديني المتشدد  والمنغلق ، وللتذكير ثانية ، الحاجة أصبحت ملحاحة للحد من مثل  هذا التفكير التكفير ، حتى لا يتحول إلى ذئاب كاسرة .

منقول من المصدر ميديا..

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص