الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
مكاشفات
ثقافة التكفير - عبدالله المتقي
الساعة 10:20 (الرأي برس - أدب وثقافة)

 

        

       تنتشر هذه الأيام ، موجات التّكفير ، فتتشابه وجوهها وإن تعددت لغاتها ، حتى أن هناك من ببرّر هذا العنف الرمزي ، بل هناك  من يدعو إلى القتل والتّصفية الجسديّة  ، والضحايا هم دائما ، من المثقفين المخالفين  الذين يحملون مصباح ديوجين ، المصباح الشهير الذي كان يفتش في وضح النهار عن الإنسان الذي يعمل ويجد ليحقق حريته ، ويحسن مستوى الحياة .
 

    مثل هذه الأفواه الواسعة التي تروج  لهكذا عنف ، وفي هذه المرحلة الدقيقة من لغة العنف في أعلى درجاته و التي تجتاح العالم،    من شأنها  تقويض دعائم الدّيمقراطيّة تمهيدًا لفرض إيديولوجيّة أصوليّة ثابتة لا تؤمن بالتحول ، والأكثر منه ، الإساءة  إلى دين الله حتى ، وبالمناسبة ، يكفي أن رب العالمين ، اكتفى بطرد وإخراج  إبليس من رحمنه ، دون تعنيفه ، أو دق عنقه ، أو الدعوة إلى تعليقه أو تصفيته ،  بالرغم من فسقه،  واستكباره ، ورفضه  السجود لآدم كما باقي الملائكة .
 

 ولأن   الله رحيم ورؤوف وبديع ومتعال ، فقد فسح الله كتابه  لإبليس  ليدلي برأيه بخصوص هذه المعارضة في القرآن :" أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ." ولعل هذه الكتابة لحجة إبليس في كتاب الله ، هي أقصى درجات الإيمان بالاختلاف والتسامح .
 

   هكذا يعدو التكفير الذي فتح شهية البعض هذه الأيام ، ليشمل من ليس على ثقافتهم وملتهم الدينية المغلقة ، ومن ثم اتهامهم بأعلى درجات الكفر الديني ، وكذا تهديدهم بالمحو ،  وتلك هي ثقافة الظلام وعلاماتها وضوابطها في كل شيء ، بسبب تضخم الأنا الدينية ، واحتكار الحقيقة الحولاء والصماء ، و التي لا تسمح بالحوار لقبول الآخر ، وحتى لو حدث هذا النقاش ،  فلا شيء سوى التمترس خلف المواقف ، وكما لو أن  التكفير  عقيدة دينية لا تقبل النقاش   .
 

     من هنا ، ضرورة التصدي لمثل هذه الدعوات المريضة والمتضخمة والواهمة وهي جنينية ومتفرقة ، قبل أن تتسع دائرة التكفير والكفر الديني ، ويبلغ الزبى الفتنة ، الفتنة التي نقرأ عنها ورقيا ورقميا ونراها يوميا على القنوات تكاد تحرق بقعا كثيرة من العالم والتي يوقدها مثل  هذا الذي نسميه" تشراك الفم " بدون حسيب ولا رقيب .
 

لأن من شأن هذه الثقافة العنيفة والمكفرة للمخالفين ، التمهيد لتربية التكفير  ، وإنتاج جيل لا يسمع للطرف الآخر ، وقابل أن يتحول إلى كائنات تنقصها الثقافة الحوارية واتساع الأفق .
 

   وجملة القول ، ثقافة التكفير لا تؤمن بالتسامح ، ولا تعترف بالتعايش والحوار ، بل تتهافت على إخراج  المواطن من ثقافة التنوير والاختلاف ، ومسخه إلى "ماركة " بشرية مسجلة ، تندمج كليا في موقفها الديني المتشدد  والمنغلق ، وللتذكير ثانية ، الحاجة أصبحت ملحاحة للحد من مثل  هذا التفكير التكفير ، حتى لا يتحول إلى ذئاب كاسرة .

منقول من المصدر ميديا..

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً