الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
أرجــــوحة الألـــم - وجدان الشاذلي
الساعة 13:32 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

ذاك الوافد الجديد على حينا ..
استطاع البارحة أن يوقظ جميع رغباتي التي روضتها مذ أربعة أعوام ،حاولت أن أتحاشاه في ذلك الزقاق ،لكن نظراته نفذت بطريقة ما إلى أعماقي ولامست جميع مواطن ضعفي ،تسمرت مكاني كشجرة لم تستفيق إلا على صفعة الفأس..
و صوت أمك تلك الفأس التي لطالما جردتني من أجمل أغاصني .!
كانت نظراته من الشرفة المقابلة تدعوني إلى شجرت التفاح وتلح علي ،وكنت أتوق إليها ،لولا نقوش عتيقة ،معلمة بأعماقي ،نقش مقدس يصفعني كلما همت نفسي بها..
تعبت أتأرجح بين زوايا هذا المنزل 
هاربة منك تارة ،باحثة عنك تارة أخرى ..
وصوت أختك الصغيرة يطاردني كلما غضبت لسبب ما : خالد لن يعود.
و أعود إلى حجرتي ،أعانق صورتك ،ودمعة وأخرى تعانق البرواز وتدس في أذن الغياب سؤالي الكبير :
- ألن تعود ؟
-كدت أشهق من الفرحة هذا الصباح ،قبل أن أتدارك الموقف ..حيت أخبرتني أمك بأنك عائد بعد غدٍ.
هل حقا ستكون أنت الإستثناء الوحيد من بين جميع رجالات هذه القرية ؟ هل حقاً ستعود؟!
أعبر رذاذ السؤال على حافة الوجع ،مثقلة بأمنياتي ،مخضبة بحاجتي إليك المغلفة بالأمل .. 
أربعة اعوام وأنا تلك الناسكة في محراب خلوتها تتلو مثالب الشوق ،وترتل قداس أطيافك كل ليلة ..
مذ أربعة أعوام وأكثر مذ أن حزمت حقائبك وخرجت من هذا الباب ،حين مازالت نقشة الحناء طرية على يدي ،عروس ترفل في فستان فرحها وتشيع زوجها إلى المهجر ،لم أتمكن يومها أن أمنعك ..
فقط واربت دمعة أنسلت خلسة من مقلتي ،ولعقت خيبة بطعم العلقم كانت قد التصقت بشفتي ،وكبقية نساء هذه القرية شيعتك إلى الباب ،شيعتك يومها ولم أودعك ،لأن من نودعهم يعودون ،وأنتم...
يا الله كم أسئت بك الظن!
وانقضى يوم كان ثقيلا بثقل أعوامي الأربعة بدونك ،ويوم آخر ها أنا أشيع شمسه خلف ذاك التل من النافذة .. 
وأنت ..وأنت لم تأتِ بعد ..
وبدأ اليأس يزحف على جسدي كدبيب جيش من النمل يغطي قدمي ،خاصرتي ،ناصيتي ويطمرني..
والعالم الذي أبتدعته بك ومن أجلك في مخيلتي مذ يومين بدأ يهتز ،وغيمة الأثير التي أغلقت عليها نافذتي بدأت هي الأخرى تذوب ،وأنت لم تأتِ بعد ..
طرق الباب ..
هرولت صوبه قبل الجميع 
دخل أبوك ،و أخذ أمك جانباً وهمس لها..
أسترقت السمع ،فهوى على رأسي شهاب الحقيقة بكلمة واحدة (المشفى).
و بعد أن توسلت إليه بنحيبي ودموعي ،تمتم قائلا ً:
- خالد عاد ،ولكن..
- ولكن ماذا ؟
بعد أن تلكأ طويلا ً،بنبرة المنهزم قالة:
- خالد في المشفى ..
أخذوه إلى الحجر الصحي ،يقولون بأنه عاد حاملاً فيروس نقص المناعة ،شرع يهذي وخرج.!
وبعد أن تجمد كل ما في الحجرة..
أنا وأمك ،والحائط ،والهواء..
أستفقت على حقيقة واحده 
"عدت ولكن.." ،ثقيلة جدا هذه ال " لكن ".
ثقيلة كشرفة وشجرة تفاح!!

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً