الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
من قصيدة "النرجس" - للشاعر أحمد قاسم دماج
الساعة 15:24 (الرأي برس - أدب وثقافة)

 


تستريح على شاطئ الحزن 
ذاكرةٌ فقدتها السنون
وذاكرةٌ فقدت ذكرياتِ الصبا
وبوح الأناشيد في لحظة الانبثاق
وزهو الميادين مكتظةً بالرجالِ
تُقبّل من وَلَهٍ فوَّهاتِ البنادق
تطمسُ وزر الليالي
وتنسجُ من قطراتِ الندى مشرقاً مفعماً بالرجاءِ... وبالضوءِ
هذا فضاءٌ من الجلنارِ على راحةٍ من عقيقٍ
وذلك بوحُ الثواني
تُرِتّبُ عمراً من الانهمار
ودهراً من الانعتاق
تذوبُ المسافاتُ
لا أنت خلف الغيوم احتمالٌ
ولا غرَّة الأرض منخوبةٌ بالقيود ومطمورةٌ بالسكونِ الذليلِ
فكم وطناً مرَّ
والنعشُ فوق الأكف سؤالٌ كبيرٌ
ووجهك في غبشِ النعشِ يتلو التسابيح
ينسجُ ذاكرة العصر في لحظاتِ الشروق
وأيامك المبدعات
والركب ينسجُنا موكباً لا يغيب!؟
فكم وطناً مرَّ!؟
كم ذكرياتٍ تمرُّ!؟
وهذا انتقالك من دنس الانهيار فراراً إلى واحة الله
معتصماً بنقاء الينابيعِ
تروي لنا كيف تهفو الخوارقُ
كيف لا يصبحُ الطلُّ وَحْلاً
ولا الجبهات نعالا
وكيف يكون الهروبُ من الانحناءِ انتقالاً إلى سندسِ الانتماءِ
فكم وطناً مرَّ فوق الأكفّ!؟
وهل يرسم النعشُ خارطة للبلادِ
وللناسِ؟!
هل يحتوي وطناً
أم يواري المواجعَ في زمنِ الانكسار؟
والفتى...!
هل يموتُ الفتى؟
أم يظلُّ على جبهات الندى مهرجانا؟
والأناشيدُ...؟
هل يسكنُ الصمتُ وجهَ الأناشيدِ؟
هل ذهبتْ في الجهات صدى؟
كلما لجَّ في زبرقانِ الرحيلِ السؤال
أثمرت بالإجابات أغصانُ عمرٍ تصرَّمَ فيضاً
وعبَّ المسارُ الندى من عيون البنفسجِ
ترسلُ دهشتهَا سُحُباً في الجهات
وتمنحُ أيام بوحِكِ
سِرَّ اختراقِ السكينة... معنى امتلاكِ الذي سوف يأتي
انتصابَ النخيلِ
وزهوَ الينابيع في اللحظةِ البكرِ من عنفوان الربيعِ
فهل أستريحُ على شرفةِ الحزن؟
هل تستبيح المراثي العقيمةُ غابَ البنفسج؟
أم أنَّ هذا الذي يتنقلُ فوق الأكفِّ احتفاءً ببدءِ انبثاقِكَ
من زرقة الأبجدية حرفاً
ومن عتمة الاندثارِ نفيراً
يُبشّرُ وديانَ مأربَ بالاندثار؟
المرايا تُفتشُ عن وجه أيامها بالفراغ
وأنا حين أسألُ أهفو لردِّ الحجر
أتنفسُ في رئةٍ فقدتها الضلوعُ
أسمِّي الجراحَ عيوناً
وأدعو التوابيتَ أفقاً
وهذا الغياب حضوراً يرصُّ العصورَ على راحتيَّ ويستقدمُ
الأزمنة...
لم تعد تتقنُ الحلمَ نفسي
فدعْني أُسَجِّي الفجيعةَ في نَفَقِ الوهمِ
في حفرة الانشطار!
ودعني اُسَمِّي الرِّفاقَ رماداً
وأدعو النخيلَ ركوعاً
وكلَّ الجداولِ رملاً
وأنَّ التلاشي استباحَ الجبالَ،
الحياةَ،
النفوسَ
التوهُّجَ في دفقات القصائد
وأنَّ النشيدَ هراءٌ!
تَذَكَّرتُ
والنعشُ فوق الأكف يمرُّ
انسرابَ العصافير نحوك في لحظةِ الانتشاء
وكيف استقامت على مُقلِ الطلقاتِ الزهورُ!
وكيف تكلَّلَ بالصبواتِ الوجودُ!
تذكَّرت يا صاحبي
هبواتٍ تمرُّ
وفجراً يرشُّ الضياءَ على جنباتِ الوجودِ
يُرِتّبُ طهرَ الجراح على وجه رابيةٍ
ثم يغسل أخرى بماء الجباه النقي
أتذْكُر؟! أم أنَّ هذا التواري يُفتّتُ في الوقت
ذاكرةَ الارتحال؟!

 

- 3 -
لم أعد أدري كم وطناً مرَّ
والنعشُ فوق الأكفّ يعدُّ التواريخَ
يحصي البداياتِ في رحلة البحث عن وطنٍ سابحٍ في الضياءِ
وعن وطنٍ يُطعمُ الناس حريةً
وعن وطنٍ يأخذُ العشقُ منه التفاصيلَ في رحلةِ الكبرياءِ
وطنٍ يتنفسُ ملءَ الشروقِ انعتاقاً ويخزنُ معنى السراحِ!
لم أعد أدري كم وطناً مرَّ!
كم موكباً مرَّ!
كم نفحاتٍ من الانتماءِ الجليلِ على النفسِ مرَّتْ!
وكم حِقباً يحتوي النعشُ!
كم زفرة من حنين الملايين للبوحِ ضمَّ
وهل رفعته الأكفُّ ابتهالاً إلى الله في صونِ أحلامها!
أم تراه اصطفاءً لدربٍ
وعهداً على السير حتى امتلاك الرجاء!!
لو أماطت مفاتنَها روعةُ الموت لانكشف السِّرُّ
لانجاب هذا الغموضُ السماويُّ عن شُرْفةِ النعشِ
حتى نرى كيف تغدو الثواني جلالاً
وكيف يفاجئُ مكنونُها وحشةَ الانهيار!!
فينهضُ "عيبانُ"
تهتزُّ في روعةِ الانتقالِ الجليلِ الجنانُ
تحوِّلُ أيَامَها المحرقاتِ عيوناً
وتَخرج عذراءَ
تخرجُ صنعاءُ عذراءَ
تمشي وراءك في موكبٍ لا يُجيدُ الركوعَ ولا يعرفُ الانحناءْ
كم وطناً!؟
كم من رفيقٍ تنكَّبَ دربَ الضياءِ
وحفّته دنيا النقابات
كم... ثم كم... ثم كم...!؟
ووحدك تَهدي السراةَ
تؤمُّ المسارَ إلى جبهةِ الشمسِ
تُلهمُه الانبثاقْ!

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً