الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
(جَوَّابُ العُصُور)* - يحيى الحمادي
الساعة 18:13 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


كان مِنكُم.. لكم يَجوعُ ويَعرَى
وإليكم يَجُوبُ عَصرًا فَعَصرا
.
حامِلًا في يديهِ أَرضًا, وشَعبًا
نابَ عنهُ الغُبارُ والرِّيحُ دَهرا
.
حاكِيًا لِلنجومِ ذِكرى صِبَاها
بَين جَفنَيهِ.. سامِعًا عنهُ بُشرى
.
صائِدًا لِلبُرُوقِ مِن كُلِّ صَوبٍ
عائدًا بالدُّخَانِ مِن كُلِّ مَسرَى
.
سائِلًا لِلرِّياحِ: مِن أَينَ جاءَت
دُونَ ماءٍ, ومُمسِكًا ذَيلَ أُخرَى
.
رافِلًا بالعُبَابِ, والعُشبِ, والجَمْـ
ـرِ الذي لَم تُحِط بهِ النارُ خُبرا
.
عازِفًا لِلرَّصِيفِ والجِنِّ لَحنًا
كاتِبًا عَن شيوخِ يأجوجَ سِفرا
.
مادِحًا كُلَّ كادِحٍ ماتَ جُوعًا
قادِحًا كُلَّ سارِقٍ مِنهُ أَثرَى
.
هكذا عاشَ حاضِنًا كُلَّ قلبٍ
وهو بُؤسًا يَذُوبُ قَلبًا وصَدرا
.
لَم يَكُن شاعِرًا على كُلِّ حالٍ
كانَ خَلْقًا بكُنْهِهِ اللهُ أَدرَى!
.
(جاءَ مِن نَفسِهِ إِليها وَحِيدً)
حاطِبًا عُمرَهُ صَقِيعًا وقَفرا
.
أَشْبَعَ الصَّبرَ جُوعُهُ, في بلادٍ
مِنهُ تَطهُو, وأَشبَعَ الجُوعَ صَبرا
.
(كانَ يَدعُو الرُّبَى: سُعادًا.. لَمِيسًا..)
كي يَرَى في الحَصادِ زَيدًا وعَمْرَا
.
غيرَ أَنَّ الرُّبَى لِمَن باعَ تَهفُو
لا لِمَن باتَ يَصهَرُ اللَّيلَ حِبرا
.
(كان أَنقَى بدونِ خَبْزٍ وأَكلٍ)
فهو أَحرَى بِمَوقِفٍ لَيسَ يُشرَى
.
كان يَحيَا كَمَوجَةٍ مِن سَرَابٍ
أَرهَقَتها الرِّياحُ مَدًّا وجَزرا
.
"لَم يَنَل ما يُرِيدُ.. حتى المَعَاصِي)!
فالمَعَاصِي بغَيرِهِ كُنَّ أَحرَى
.
إِنهُ أَصدَقُ المَجَانِينِ حُبًّا
(إِنَّهُ أَخطَرُ الصَّعالِيكِ طُرَّا)
.
أَيُّهُم خَطَّ لِلحَصَى مهرَجانًا
مِن طُيُوفٍ, وقالَ لِلمَوتِ عُذرا؟!
.

*****
 

 

كانَ كُلَّ البلادِ.. طِينًا ولَحمًا
وهو شَوقًا يَمُوتُ شِبرًا فَشِبرا
.
أَغلَبُ الظَّنِّ أَنَّهُ اشتاقَ مَوتًا
أَغلَبُ الظَّنِّ أَنَّهُ ماتَ قَهرا
.
لَم يَمُتْ بَعدُ.. لَم يَعِشْ بَعدُ.. قالُوا
عاشَ تَتْرَى.. وقِيلَ بَل ماتَ تَترَى
.
لَم يَزَل خَلفَ صَوتِهِ ذا تَصَادٍ
شارِحًا ما جَرَى وما سَوفَ يَطرَا
.
(جَرَّبَ المَوتُ مَحْوَهُ ذاتَ يَومٍ)
قالَ: أَنْسَى.. ولَم أَجِدْ بَعدُ قَبرا
.
(سَوفَ تَأتِي أَيَّامُنا الخُضرُ.. لكنْ)
حِينَ تَغدُو ضَمَائِرُ الناسِ خُضْرا
.
إِنَّ عُمرًا يَضِيعُ في غَيرِ حُلمٍ
يَشربُ الناسُ نَومَهُ لَيسَ عُمرا
.
هكذا عاشَ.. كُلُّنا فيهِ جُرحٌ
إِنَّما مَن لِجُرحِهِ اليَومَ يَقرَا؟!
.
لَو قَرَأنا جِرَاحَنا ما انهَزَمنَا
نَحنُ شَعبٌ يُريدُ بالجَهلِ نَصرا
.
هكذا الشِّعرُ دَفقَةٌ مِن شُعُورٍ
لَيسَ مَن حَكَّ شَعرَهُ قالَ شِعرا
.

 

 28-12-2016
ما بين قوسين مختارات من عدة قصائد للبردوني

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً