الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
حوار محمد الغربي عمران: علّمتني شخصيات رواياتي قبول الآخر - حاورته هند عبدالحليم محفوظ
الساعة 14:17 (الرأي برس - أدب وثقافة)

 


رغم اتكاء محمد الغربي عمران، على التاريخ في رواياته، فإنه لا يكتب رواية تاريخية. هو يستعيد الذاكرة التاريخية، ليجيب عن سؤال الواقع وتحولاته سياسياً واجتماعياً، ولتوليد أسئلة جديدة والاجتهاد في إجابات جديدة من جهة، وتطوير تقنياته السردية والفنية وبناء الشخصية والتأمل في اللغة من جهة أخرى. من أعماله القصصية: الشراشف، الظل العاري، ختان بلقيس، منارة سوداء، ومن أعماله الروائية: مصحف أحمر، ظلمة يائيل، مسامرة الموتى. هنا حوار معه:
 

> البعض وصف روايتك «مسامرة الموتى» بأنها صادمة لأنها أظهرت الملكة «أروى» في صورة تخالف المستقر في المخيال الشعبي اليمني، فهل تسير ضد التيار في الكتابة؟
 

- الملكة أروى إنسانة. والإنسان تتحكم به النوازع والشهوات، فما بالك بملكة على رأس سلطة لأكثر من نصف قرن. السلطة تُفسِد. أقدر من عارضني، لكني أقول لهم؛ لا تحكموا إلا بعد أن تقرأوا. لا تبحثوا عن التاريخ في الرواية، فأنا لا أكتب إلا خيالاً، وإذا لجأتُ إلى التاريخ، فذلك يكون بدافع البحث عما بين سطوره لتسليط الضوء على ما يدور من عنف وقتل وتطرف في حاضرنا.
 

 

> كيف أسعفك التاريخ في الحصول على ضالتك الروائية؟
- التاريخ مكانُه في بطون الكتب، وأنا أستدعيه لكني لا أكتبه. استدعائي للتاريخ هو من أجل الإحاطة بما لم يذكره ولفهم ما يدور في حاضرنا من استغلال للدين والتسلط والتجبر باسم الله. الرواية هي فن الخيال، ومن يعترض على ما أكتب عليه أن يعرف أننا بشر والملكة أروى إنسان وليست منزهة من الغرائز والشهوات. أيضاً علينا أن نعترف بشهوة السلطة وإفسادها للبشر. الملكة أروى هي إحدى الشخصيات العظيمة في التاريخ، ونحن في اليمن نُجِلها، لكن ذلك لا يمنع تقريب ما كان يدور في الحياة الاجتماعية، من محركات لا تزال مؤثرة إلى اليوم.
 

 

> ثمة تباين في القراءة والموقف بالنسبة إلى علاقة الرواية بالتاريخ، وتوصيف التجارب التي تبحث في الماضي عن إجابات على سؤال الحاضر المأزوم، فأين تقف من هذه الإشكالية وكيف تنظر إليها؟
- الحاضر هو نتاج للأمس. ودورات الدم باسم الله ليست وليدة الحاضر. ووكلاء الله على الأرض نجدهم يجددون أنفسهم في كل عصر وزمان. ودوماً هناك استغلال للدين في القتل والتدمير والسيطرة. نحن بحاجة إلى قتل الفرد والزعيم بداخلنا وإحلال الشعب وصناديق الاقتراع. ينبغي نفيه من أعماقنا؛ ذلك المهيب والعظيم زيفاً، بإرساء العمل والفكر الجمعي، بدلاً من أن ننتظر المنقذ الفرد. المنقذ هو الشعب ولا أحد غيره.
 

 

> برأيك؛ ما الحدود التي يجب ألا يتخطاها الروائي عند استلهامه للتاريخ؟
- ألا يكتب تاريخاً، وألا يتطرق إلى الوقائع. عليه أن يُحلق بخياله ليكتب ما لم يقال. التاريخ يرصد حركة القادة والحروب. والرواية تاريخ متخيل للمهمشين وللمجتمع، بمعنى مناقشة أثر تلك الحروب والدعوات الدينية وغير الدينية على الإنسانية.
تراثنا يدعونا إلى إخضاع الآخر بالسيف، ويكرس فينا أن ما عدانا باطل. كل ذلك وغيره يجعلنا نظل نصارع طواحين وهمية من دون نهاية. نستمر وكأننا لم نخلق إلا للقتال والنزال.
الإنسان متشبع بثقافة الدم وليست الأرض. نحن نعيش هاجس المؤامرة من الغير. من المغرب العربي إلى باكستان. ثقافة الدم والقوة والتسلط غلبت حين غاب الشعب، في اليمن والعراق وليبيا وسورية.

 

 

> برأيك لماذا يدخل المثقف حظيرة السياسي عن طيب خاطر؟
- المثقف هو سياسي، فما ينتجه من فكر وفن يصب في خانة الرأي. ودوماً الرأي سياسة. شخصياً؛ أفضل الانشغال بالكتابة.
 

 

> إلى أي مدى أنت ديموقراطي مع أبطالك؟
- للأسف؛ لستُ ديموقراطياً، فقبل أن أبدأ أي مشروع كتابي أجدني وقد رسمت مسار الأحداث وأدوار الشخصيات، وأضع مخططاً يبين البداية حتى النهاية، لكني أجد الشخصيات هي من تفرض حريتها، وأجدها تدهشني وتمتعني وقد اتخذت مسارات لم تخطر على بالي. الشخصيات بعضها يموت قبل أن أكون قد قررت موتها. وبعضها يبرز ويولد من العدم ولم أفكر بوجوده. وهكذا الأحداث وكذلك التيمات أو المحاور الداخلية للحكاية؛ تنمو وتتطور في شكل مغاير لقناعاتي. لم أكن ديموقراطياً؛ حتى تعلمتُ على يدي شخصياتي السير معهم وقبول الآخر؛ ولو لم أفعل لوُلِد العمل ناقصاً ومشوهاً.

منقول من صحيفة الحياة ..

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً