- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
"أنا ديكتاتور ولكنني لست سيئاً، ليست لدي نظرية جاهزة لكي أطبقها، وحتى لو كانت معي واحدة فلست أحمق لكي أفرضها عنوة، أنا أحكم وفقاً لهوى الشعب، أحكم بالطريقة التي يرغبون أن يُحكموا بها، ولم آت بشيء من عندي.. بهذا المعنى أنا أعتبر نفسي ديكتاتوراً صالحاً".
كف فخامته كانت مبسوطة تراوح بين التقدم للأمام والرجوع للخلف أثناء حديثه، والحركة لمن يُركز عليها بمعزل عن الضجة الصوتية تشبه إشارة بذيئة.
استند رئيس الجمهورية "فرديناند إيمانويل إدرالين ماركوس" إلى ظهر الكرسي والتوى فمه كمن يلوك ليمونة حامضة بين أسنانه.
ارتشف "الرجل القتيل" شايه متلذذاً بطعمه ومتسائلاً في نفسه ككل مرة، كم يبلغ ثمن هذا الشاي الصيني الفاخر؟
سعل "الرجل القتيل" وعلق قائلاً: "المشكلة في الإنسان الفيليبيني نفسه.. نحن الفيليبينيين كلنا هكذا.. رجل الشارع العادي مثلك تماماً.. وأيّ واحد منهم لو واتته الفرصة وصار رئيساً لنهج النهج الذي نهجت.. الفيليبيني بدون العصا يصير إنساناً فاسداً وبلا تربية".
وكأنما يقرأ أفكار ضيفه قال فخامته بدون مناسبة: "شاي داهونغ باو.. شاي ملكي.. الكيلوغرام منه يساوي مليون دولار".
ابتسم "الرجل القتيل" معبراً عن امتنانه بكرم الضيافة ورفع كوب شاي السيد الرئيس وأخذ يقرأ له الطالع:
"الحظ السعيد يحالفك كل الأيام، ثروتك تتعاظم أكثر من أباطرة الصين، تنتصر على أعدائك وتقلعهم كما تقلع الأعشاب الضارة، الفيليبين سوف تصلي من أجلك ليزدهر اسمك في السماء والأرض".
انشرحت أسارير السيد الرئيس وصفق وهو في غاية الحبور من هذه النبوءة الطيبة.
كزّ "الرجل القتيل" على أسنانه ورأى أن يتوقف هنا ولا يغامر بالمضي قدماً في الإخبار بالغيب.. كان يرى حية بعينين ساخطتين مختبئة بين أوراق الشاي.
قال فخامته وهو يشعل سيجارة: "بالأمس اقتلعت إحدى تلك الأعشاب الضارة". ضم "الرجل القتيل" ساقيه وحشر كفيه بين فخذيه: "من"؟ اختلجت وجنة الزعيم: "وزير التربية والتعليم.. نفذنا فيه حكم الإعدام في منتصف الليل وأطعمت جثته بنفسي للأسماك". تهدلتْ كتفا "الرجل القتيل" وظهر الرعب في عينيه: "هل فكر أن يترشح للرئاسة"؟ أفلتت ضحكة مختومة بشهقة من سيادته : "لا.. ذلك الرجل المبجل اكتشفنا أنه قام برسم قضيب على الجدار وطلاه باللون الأسود". بدا الاستغراب على محيا "الرجل القتيل": "حقاً إنه نموذج سيئ للأولاد.. لا يليق به كوزير للتربية والتعليم أن.. أن يرسم موضوعات غير محتشمة". وضع الزعيم رجلاً على رجل: "الحقيقة أنه رسام بارع.. ولم نكتشف موهبته إلا مؤخراً.. لقد أرسلتُ رجالي لتبديل صوري القديمة بصور جديدة في كافة مؤسسات الدولة وحينما وصلوا إلى مكتب الوزير إياه وجدوا الرسم البذيء مُذيّلاً بتوقيعه تحت البرواز المُذهب لصورتي".
حاول "الرجل القتيل" إظهار غضبه: "يا له من سافل.. دنيء.. أنا متأكد أن الأسماك أكثر وطنية منه وستلفظ لحمه القذر ولن تقتات به".
وضع فخامته عقب السيجارة في المنفضة، وفي غمضة عين أتت موظفة بدينة ذات وجه مستدير بطبق حلوى "هالو هالو" وضعته على الطاولة مع ملعقة فضية ملفوفة في منديل أبيض.
راح فخامته يزدرد طبقه المفضل بحماس ناسياً ضيفه. انتظر "الرجل القتيل" حتى فرغ الزعيم من تناول الحلوى ثم سعل وكأنه يذكر سيد الأمة بحضوره: "هناك من يريد مقابلتك".
نظر إليه السيد الرئيس وهو يتلمظ: "من"؟ تجنب "الرجل القتيل" النظر مباشرة إلى عينيّ السيد الرئيس: "ملاك". تضاحك فخامته: "هأهأ لكنك لم تتنبأ لي بأنني سأصير نبياً"! قال "الرجل القتيل": "هل أفهم أن جنابكم موافقون على مقابلته"؟ أشع وجه الزعيم بالسعادة: "بالطبع، يمكنه الحضور إلى قصر مالاكانيانغ في الوقت الذي يناسبه.. وبالذات إذا كان يحمل لي بشارة من الرب". تأوه "الرجل القتيل" واختفى.
***
لم يتمكن السيد الرئيس من النوم. حسد "إيميلدا" التي تنعم بنوم قطة متخمة. سمع رفيف جناح فارتجف وكاد يبول في سرواله. كان يتخوف أن يخترق "الملاك" أحد الجدران ويظهر أمامه فجأة. راح يأكل أظافره ويناجي نفسه بصوت خفيض للغاية: "إذا كان يريد التوسط لأحد المعارضين المحكومين بالإعدام فلن أقابله.. لقد رفضت قبله مقابلة البابا بجلالة قدره". سمع بوضوح صوت "تكة" في دماغه تشبه صوت القفل حين يُفتح.
فكر أن يختبئ في الحمام. أغمض عينيه وجرى بخفة وأغلق الباب خلفه. قعد على المرحاض وقضى حاجته ببطء ومعاناة.
"إذا أراد مقابلتي فإن عليه أن يراعي قواعد البروتوكول في مقابلة رئيس الدولة.. عليه أن يتقدم بطلب رسمي إلى مكتب رئاسة الجمهورية وهم الذين سيحددون موعد المقابلة.. لكن في كل الأحوال ماذا يريد؟ هل سيتجرأ على محاسبتي وتقريعي"؟؟
نعم أنا قتلته لأنه تجرأ على الترشح أمام والدي في الانتخابات.. هل اشتكى إليك هه؟ هل أنت والده؟ ولي أمره؟ هذا الحقير التافه يستدعيك وكأنه ولد صغير تعرض للضرب في المدرسة.. أنا متأكد أنه بكى لاستدرار عطفك وشفقتك.. إنه حثالة لا تصغِ إليه.. أوه الكلام معك لا يفيد.. أنت مجرد آلة.. روبوت.. الرب يتحكم بك وأنت تنفذ فقط.. ما فائدتك على كل حال؟؟ حتى الرب لديه جيش ينفذ أوامره ويخيف به البشر المساكين من أمثالي! ما الفرق بيني وبين الرب؟؟ كلانا لديه أعوانه الذين يبطشون بالمخالفين أليس كذلك؟؟ أنا أقوم بتعذيب المعارضين وهو يفعل ذلك أيضاً.. الذين يطيعونني أعطيهم كرامة وأرفعهم فوق الآخرين.. أليس كذلك يفعل الرب بمن يطيع أوامره؟؟ لكن قل لي حقاً هل لديك القدرة على التفكير؟ هل لديك عقل أصلاً أيها الملاك حتى تفهم أنني غير مذنب؟؟ ماذا لو تجرأت أنت على مخالفة أوامر الرب هل تعلم ما الذي سيحدث لك؟ سوف تحترق تماماً.. أنا أيضاً لا أطلب شيئاً سوى الطاعة وأما غير ذلك فهم أحرار. أنت تثير رعبي لأنك بلا جلد.. الجلد ضروري لأشعر أنك طبيعي.. عليك أن تشتري واحداً لكي تكون نداً لي.. اسرق جلد أحدهم وتعال واجهني رجلاً لرجل.. ينبغي أن تفهم أن الاتصال بالبشر أمر غير سار.. لا أحد يرحب بك.. حتى الأنبياء قبلوا ملاقاة أمثالك على مضض.. أعتقد أنهم في داخلهم كانوا يكرهونكم ولكنهم كانوا مرغمين خوفاً منكم.. لقد جلبتم لهم شتى أنواع المصاعب وجعلتم حياتهم معقدة ومضطربة وخالية من المسرات.. لو عرضت عليّ النبوة فسوف أرفضها، لست على استعداد لخسارة راحة بالي ومتعي البسيطة في الحياة من أجل مخطط غامض لا أعرف عنه سوى القليل.. دعني وشأني أيها الملاك، إنني أعتذر عن مقابلتك، وأرجو أن تتفهم أسباب هذا الاعتذار".
شعر الرجال الثمانية الذين يحملون التابوت بأنه صار ثقيلاً فجأة، وكادت تتحطم مناكبهم وترنحوا في مشيتهم، وبصعوبة استعادوا توازنهم. ظنوا كلٌ في نفسه أن واحداً منهم قد كف عن حمل التابوت وفارقهم.
منقولة من العربي الجديد..
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر