الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
مرآة الوفاء : القاص علي السباعي يسجل :« مدونات أرملة جندي مجهول» ويناضل ضد مسح الذاكرة - د:أمجد مجدوب رشيد
الساعة 12:40 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


علي السباعي قاص يقترح علينا في لغته تمتح من الشعر كثيرا من ألقه ،ومن السرد مفارقاته ومن القصص القصيرة جدا كثافتها وبلاغتها .
 

يقترح علينا أن نلج عوالم« مدونات أرملة جندي مجهول» (1)، والمدونات عملية توثيق وإدانة..والكتابة الحاضرة الآن في العراق ، لا يمكن أن تكون إلا إدانة وتوثيقا وغضبا في وجه الموت ووجه الإلغاء ، تلك بعض إيحاءات العنوان الذي يضغط زره في الراهن " مدونات " و كما قلنا يصرخ في وجه الموت " أرملة " ويناضل ضد مسح الذاكرة ، أي يقاوم النسيان ، لقد اصطبغ العراق بلون الدم ، وصار كل ظل جندي...وكل ريح رصاص..
 

مدونات علي السباعي ترصد الخيانة والتسلط والبطش والتسيب والموت..وق قسم القاص ومضاته السردية على أربعة تدوينات
-مدونة الحرب 
-مدونة الحصار
-مدونة الحب 
-مدونة التيه
وقد اخترنا لحديثنا عن هذه القصص القصيرة جدا القصص التالية:
" وصايا آمرأة توشحت بالرماد "
حياء
مستجْد
إن قصة " وصايا امرأة توشحت بالرماد " ليست بناء سرديا فحسب ، بل مرافعة بليغة في تقدير الذاكرة و في حفظ الهوية ومقاومة الإلغاء.
وطن بحجم العراق ، وحضارة بحجم الرافدين يراد لها أن تمحى وأن تنسى ، علي السباعي يقيم في الذاكرة وللذاكرة ...ويكتب لأجلها..

 

إن قراءة تأويلية لهذه النصوص الومضية تجعلنا مؤمنين - بعد تلك العملية الجوالة داخل النصوص - بأهمية الدراسة المعجمية لما لها من أهمية أسلوبية في سياق التفاعل المثمر للقراءة والتأويل. 
معجم الحرب : ، المرارة ، الجنود ، القهر ، الرماد ،الدماء...
معجم الفقد:يبكي،الهم،احزان،نسيان،انتقام، الدموع..التيه
بياضات النصوص:

 

التلقي تحاور يجري بين القارئ والنص،في هذا الحوار يكتشف القارئ مناطق الصمت ومناطق البياض التي تستفز الحمولات المعرفية والجمالية في ذاكرة فعل التلقي،الرسالة شديدة الإلحاح:
توصيني على تدوين عذابات الناس....
ــ أقتنص هذه اللحظات ؟!!- 
ـ ليس من السهل نسيان كل ما مربنا من أحزان . 
الكتابة هي الانتصار الحق للقيم الإنسانية.
1 - حياء
هذا النص الشذري (2)، وتلك خصيصة سردية للقصة القصيرة جدا الناجحة ، اقتصاد اللفظة وسعة الدلالة / هذا النص وفي للذاكرة تلك الذاكرة التي تحولت بفعل الاخر ..
الرسول عليه الصلاة والسلام قال: الحياء شعبة من شعب الايمان ، ولربما ذبلت تلك الشعبة وفقدناها في خضم السماوات والقنوات الفضائية ، ألم يتحول مفهوم الحياء ؟ وهل يحق لنا السماح له بالتحول ، أليست الحواسيب لها نواة صلبة والقيم يجب أن تكون لها نواة صلبة ، أليست تلك النواة الصلبة هي الهوية ؟؟
في عراقة القدم : قال الله تعالى وجاءت إحداهما تمشي على استحياء ، الحياء ليس خلقا فرديا ، إنه شكل من أشكال التواصل الاجتماعي ، لا يكون الحياء إلا اتجاه آخر ، الحياء خلق نفسي له فعالية خارجية ، ورسالة ، هذا المسخ الأخلاقي الذي تعرضت له قيمنا يجب أن نقف عنده ..وعلي السباعي وهو يضع أمامنا هذه الصورة،الشديدة الرمزية يشير إلى تطرفنا ...
مستجد 

 

في قصة" وصايا آمرأة توشحت بالرماد"توحي كل لفظة بتلك النار التي اكلت أبناء العراق،وفي حياء يرمز القاص إلى النأي عن القيم / النأي الراهن ،نار متطرفة أخرى ...وقصة مستجد تصوير للتأزم،إنه الرماد والانحدار البشع :
-الموت
-القبح 
-الفقر
فرجوع القاص إلى الذاكرة محاولة ترميم الهوية ،التشبث بالكينونة:« ...رحعت بي الذاكرة " يوم كانت الناصرية مدينة صغيرة بيوتاتها قديمة ...تملأ أزقتها مياه المجاري ...لم تكن هناك شبكات مجار ... كان يعوض عنها بنزاح الطهارة ...عدته عربة خشبية مصممة لاستيعاب خزان حديدي سعة مئتي لتر .».. 

 

لعل الصورة اكتملت :دم ورماد وتلاشي القيم وفقر مذل،فلذا الكتابة وفاء وكل خيانة لها خيانة للوطن والإنسان.
الاحالات:
1-القصص:
وصايا آمرأة توشحت بالرماد
«دموعها شاهد حي وهي توصيني على تدوين عذابات الناس الذين يمشون بجانب الحائط في بلد طيب ، وهم يحرثون أرض خيباتهم بمرارات الواقع وهباءته ... وكان العراقيون المصلبين في جذوع نخله المنعقر يسقونها بدماء جراحاتهم ، كانت دموعهم النازفة برقيات من جحيمه ...زامنت بكاء الأرملة المتشحة برماد الفجيحة تبكي يومها الدامي في بلاد وادي الرافدين سألتها مذهولا :
ــ كيف تبكين !
أجابت بشفتين راجفتين شاحبتين ، ودموعها منهمرة من عينيها السومريتين الرافضتين لعراق القهر : 
ــ العين لا تبكي إلا إذا بكى القلب / والقلب لا يبكي إلا إذا اشتد وقع الهم عليه ، كم كان همي ثقيلا يطبق على قلبي .
علقت مهموما :
ـ ليس من السهل نسيان كل ما مربنا من أحزان . 
شاطرتني حزني قائلة : 
ــ أقتنص هذه اللحظات ؟!!
بحت لها و أنا أمسك رماد فجائعها :
ــ ليتك تدركين كم هو ثقيل هم الوطن ؟
قالت بلحظة بوح باذخة الدهشة : 
ــ دون ...دموع الناس بوصفها الخيط الرفيع الذي يربط بين الحياة والحلم .
استفهمت :
ــ لم؟ّ!
قالت ناصحة :
ــ لأنك متى تأخرت من الإمساك بتلك اللحظات المدهشة من محنتنا ...
ستفقدها إلى الأبد .
ــ....
لتكن كتابتك في هذا الوقت من عذاباتنا أجمل انتقام من هذا العالم 
***

 

 

حياء 
كانت جدتي رحمها الله عندما 
يظهر المذيع في التلفاز تتحجب 
بعباءتها.
***
مستجد 
كنت أسير في أسواق المدينة ... وجدته يستجدي ...رحعت بي الذاكرة " يوم كانت الناصرية مدينة صغيرة بيوتاتها قديمة ...تملأ أزقتها 
مياه المجاري ...لم تكن هناك شبكات مجار ... كان يعوض عنها بنزاح الطهارة ...عدته عربة خشبية مصممة لاستيعاب خزان حديدي سعة مئتي لتر ...جلبناه لتفريغ 
بالوعة بيتنا ...سمعته يخاطب نفسه بصوت متألم :ـ
ــ طاوعيني يا نفسي وإلا ألقيتك بالتي هي أسوأ
سألته مستفهما :ـ
ــ أنت تنزح البالوعة ... قل بربك ماهي الحالة التي أسوأ منها ؟
اجابني بشجاعة بالغة 
مد يديه للاستجداء 
2- طبعا يلاحظ القارئ تفاوت أحجام النصوص.

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً