الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
تجربة التسعينيين بين المعايرة والمعاينة النصر كان صريحاً... ولكن العدو لم يكن واضحاً - علوان الجيلاني
الساعة 15:48 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


الملاحظ أن الصراع والضجيج حول قصيدة النثر خاصة من قبل كتابه والمشاركين فيه بقوة خلال أعوام نهاية التسعينيات ومطلع الألفية، كان قد خفت خفوتاً مدهشاً.. منذ عام 2002م.. أي منذ انهمرت إصدارات كتاب هذه القصيدة.. وبدأت الكتابات النقدية تتناول تجارب أصحابها.. وهذا شأن كل جوانب حياتنا.. فبمجرد التحقق تنتهي مبررات الصراع والصراخ.
 

ما حدث يلفتنا إلى محاولة قراءة الكتابات التي صاحبت محاولة قصيدة النثر وأصحابها الحضور داخل المشهد الشعري والنقدي بالذات.. ومحاولة فرز الجوهري في ما كان يطرح من الزائف المتوهم، فبعد سكون الكثير من ذلك الغبار يستطيع القارئ أن يتبين أن صراخ تلك الكتابات وشكواها من تهميش كتّاب قصيدة النثر وإبداعاتهم.. خاصة في التناول النقدي سببه عدم توفرها في إصدارات.. وليس سببه.. عدم الاهتمام بها وتهميشها وتجاهل النقد لها.. كما ذهب السلامي والصكر بدليل أنه بمجرد توالي إصدارات كتّاب قصيدة النثر توالت الكتابة عنها.. والاحتفاء بها من كل حدب وصوب... حتى من أجيال قديمة كانوا يصنفونها تقليدية.. ما كبته (عبد الرحمن الأهدل مثلاً عن الشيباني) وهذا يدل على خلط نقع فيه كثيراً.. فحين كان كُتّاب قصيدة النثر يعترضون على الكتابات الكثيرة التي تناولت تجارب تختلف عن تجاربهم كانوا يسببون الاحتفاء بالتجارب الأخرى بانحيازها للرسمي وانحيازه لها، ولكن ذلك الاحتفاء –كما تبين لاحقاً- لم يكن بسبب انحياز الرسمي وصحفه.. ونقاده وكتابه كما كانوا يقولون لتلك التجارب، بل لتوفرها في مجموعات توالى إصدارها منذ منتصف التسعينيات حتى نهايتها.
 

 

الملاحظ أيضاً أن صراع كتاب قصيدة النثر كان صراعاً من طرف واحد، حتى إن كتاباتهم كادت أحياناً تخترع العدو من الوسط الشعري المغاير اختراعاً.. كما فعل أحمد السلامي في مقالة له بعنوان (القلق على مواقع وهمية) فإن أي قراءة لما استضافته الصحف من كتابات بين عامي 97-2003م لا تكاد تظفر بكتابة استهدفت قصيدة النثر وكتّابها وكان كاتبها شاعراً تسعينياً -أكرر تسعينياً- يكتب العمود أو التفعيلة.. فكل الشذرات التي كانت ترد هنا أو هناك إنما كانت ترد غالباً في حوارات أو سياقات كتابية لكتاب أو مثقفين ليس لهم ارتباط بالشعر -وإنما يعبرون عن رأيهم كمتلقين، وهؤلاء إما أصحاب تكوين قديم أو أيدلوجيات سلفية وهذا يحيل إلى أن هؤلاء الكتاب كانوا يواجهون البنى الثقافية والذائقات التقليدية بنوع من التأفف، إنهم يريدون عدواً واضحاً.. ولم يكن ذلك العدو متوفراً إلا في الخيال.
 

لوحظ أيضاً أن كُتّاب قصيدة النثر قبل انتصارها كانوا أكثر تماسكاً وشللية.. وأن انتصارها.. ما لبث أن عصف بالتوحد النسبي للمشاركين فيها فتفرقوا شذر مذر.
 

ولعل انصراف عدد من كتاب قصيدة النثر بعد انتصارها إلى كتابات أخرى مثل المقالة السياسية والنقد الثقافي.. يؤشر إلى حالة كثيراً ما حدثت في تاريخ الشعر بمختلف جغرافياته وأشكاله.. فقد يكون انصرافاً شأنه شأن كثير من التجارب المعروفة التي تكتفي بالمجموعة الأولى وتتجه وجهات أخرى شعوراً بعدم التوافق مع الشعر وإحساساً بعدم قدرته على أن يكون الوعاء المستوعب لطاقاتها..إلخ... أو قد يؤشرعلى تطور الوعي واتساع التجربة.. التي تشعر صاحبها بالحاجة إلى ارتياد أو افتراع عوالم جديدة.
 

قريباً من هذا السياق تجب الإشارة إلى أنه رغم حضور نصي العمود والتفعيلة في ملتقى صنعاء الأول للشعراء الشباب العرب 2004م إلا أن الحضور الطاغي لقصيدة النثر واحتكاك المبدع اليمني مباشرة بمجايليه العرب.. دعا كثيراً من المتوسطين أو المترددين إلى حسم اختياراتهم نهائياً لصالح قصيدة النثر.. وهذا يؤشر إلى مقدار الظلم الذي يلحق بكثير من المبدعين اليمنيين جراء العزلة وعدم القدرة على السفر.. مما يؤخر تقدمهم ويحبس وعيهم في مناطق قد لا تكون مناسبة أو مضيئة دائماً.
 

إن المشهد الشعري اليمني بعد أن استقرت قصيدة النثر تماماً فيه.. وصارت متناً ينزوي الشكلان العمودي والتفعيلي على هامشه باستحياء وخوف ينبغي عليه أن لا ينتظر مرة أخرى فتحاً عربياً جديداً يسايره ويجاريه.. وإنما على هذا المشهد أن يسارع بجرأة وتصميم ويسبق في اجتراح أشكال أخرى يقدمها إلى المشهد العربي كله..

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً