الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
(رواية صنعائي) قراءة عابرة لقارئ عابر - نجيب التركي
الساعة 15:15 (الرأي برس - أدب وثقافة)




قبل قرائتي لرواية صنعائي، للدكتورة نادية الكوكباني، كنت أتممت قراءة كتاب (أحجار على رقعة الشطرنج) لمؤلفه وليم كار، ذلك الكتاب المليء بالدسائس والخبث الكامن في إنهاء الشعوب الثائرة والمطالبة بحقها في العيش الكريم، وما حاكه أولئك المتسلِّطون العالميون من خيوطٍ التفَّت حول أعناق الكثير من الأوطان، ولا زالت، ليتطابق يهود ذاك الزمان مع مسلمي عصرنا الحالي، كما لو كانت العقلية واحدة، والهدف منها إذلال الشعوب وتجويعها وتنكيل كل من تسول له نفسه الرفع بمعنويات ذلك المسكين المسمى (الوطن).
 

وهنا في أحداث هذه الرواية أجد الكاتبة كما لو كانت حاضرة في ما مضى من نكبات قارئة لما سيدور عليه الزمن وتكالب أبناء هذا الوطن عليه، دون إدراك منهم أنهم بصنيعهم يجتثون الماضي والحاضر على حد سواء.
 

دهشتي لم تنتهِ عند هذا الحد، فالقارئ للرواية في وقتنا يجد التاريخ يعيد نفسه كما لو تمت عملية استرجاع من في القبور وقيادتهم لهكذا أزمات، ما يدور في اليمن حالياً ليس خفياً على أحد من تشتُّت في الفكر، وتعدُّد في المذاهب والمغالاة في تأليه الأشخاص، وتركيع الوطن ليكون آخر ما يفكر به.
حريٌّ بي أن أنقل وجهة نظري المتمثلة في ردم تلك المناطقية التي طالما حذر منها مفتعلوها، وتلك الهمجية في محاولة إدخال المرتزقة على حدود صنعائنا جميعاً، ومثلما لدينا نبيٌّ للشعر لدينا أيضا نبيةٌ للرواية، يتمثل الأول في القدير عبد الله البردوني، والآخر في نادية الكوكباني.

 

ما أثار حفيظتي حقاً هو غلاف الرواية الذي باعتقادي لا يمتُّ لصنعائنا بصلة، ولم يعطها ذلك الرونق الأخاذ والساحر في آن، جزءٌ من حائط الجامع الكبير، الذي يتوسط المدينة، كان المسيطر على غلاف الرواية، وهو ما لن يستسيغه القارئ بعد إتمامه للرواية، وليس بالمستوى المطلوب إطلاقاً لرواية بهكذا زخم.
 

أنا القارئ الذي لم يتعدَّ قراءة العشر الروايات، ولست ممن يعجبهم التفاخر بحمل الألوية والرايات، شدتني "صنعائي" وجعلت مني الغريب القريب، رغم الأمتار القليلة التي تفصلني عنها.
في رواية البؤساء لـ"فيكتور هوجو" وغيره من الجهابذة نجد كثيراً من الفلسفة التي قد تصل لمرحلة الحكمة، بينما في رواية صنعائي مجرد تعريفات وتوصيف لأكثر من شيء، وهذا برأيي لا يخلُّ بها كرواية، عوضاً عن ذلك ذكرت بعضاً من الشاعرية والتغزل في ما يخص قمرياتها وأزقتها وعبقها الذي لا يكاد يفارق الأنف.

 

رفعت سماعة الهاتف مخاطباً زوجتي لنذهب سوياً بعد قراءة 154 صفحة منها، وجهتنا صنعاء، لنتلذذ معاً بأسواقها، بسورها المجزوز، بشِيْبِها وشبابها، بستائر النساء المعلقة على واجهة محلات البيع، بندرة روحانية ذلك المكان، بحماماتها المنزوية، والبحث أيضا عن ماهية (حميد) بطل الرواية وتنقاضاته، وعدم اكتراثه لما كان يدور في خلد صبحيته.
 

لم نغفل أيضاً عن البحث عن حجر (الجاد) كونه مذكوراً في الرواية، وكوننا نود التعرف عليه عن قرب، والذي أبدى بعض بائعي الأحجار عدم معرفته به، وآخر أكد عدم وجوده محلياً، ذلك الأمر ناتج عن جهل وغباء مفرط، إلى أن دلفنا محلاً ثالثاً ليخبرنا أنه يتوفر محلياً!! بيد أن الإقبال على التزين به قليل جداً، ونادر.
 

أخبرنا أيضا أن الصين تستورده بكميات كبيرة من اليمن لاعتقاد أهلها بذلك الحجر وما يمثله لديهم، وإعادة تصنيعه من قبلهم بما يتناسب مع عاداتهم وتقاليدهم، ورغم وجوده لديهم إلا أنهم يفضلون (اليشب) اليمني على غيره.
 

دهشة أخرى قابلني بها ذلك البائع بسؤاله عن كيفية درايتي بالحجر، مضيفاً لمعلوماتي بأن اسمه بالإنجليزية هو (الجاد)، بينما يطلق عليه في اليمن (يشب)، وهذا ما غفلت عنه الكاتبة، أو أنها لم تُرِد ذكره، وفي العراق له تسمية أخرى (يشم).
 

رحلةٌ قد لا تكرر أخذتني إليها الرواية، واستهلالٌ لقراءة المزيد عن صنعاء الحضارة والجمال، واستحضارا لسؤال طالما أرقني فحواه:
هل من يتصارعون على ذلك الكرسي اللئيم هم يمنيون خالصون؟
20/9/2016

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً