الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
تصدّرت رواية القوقعة للكاتب مصطفى خليفة صدارة أدب السجون - جنان الحسين
الساعة 11:37 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

تصدّرت رواية القوقعة للكاتب مصطفى خليفة صدارة أدب السجون وذلك عبر تميّزها وكثافة أحداثها المتتالية وبلغة سردية أخّاذة  سطّر فصولها سجين  هو نزيل أحد أبشع السجون السورية وأكثرها سوءًا للسمعة ..فهو معتقل صحراوي رهيب وصفته منظمة العفو الدولية عام 2001 بأنه سجن "مصمم لانزال اكبر قدر من المعاناة والإذلال والخوف بالنزلاء." ويقع هذا السجن القوقعة على مقربة من مدينة تدمر الأثرية والتي كان يرتادها عشرات الألوف من السواح القادمين من كل أنحاء العالم ليطلعوا على ما تبقى من آثار مدينة عظيمة كانت عامرة بالمجد والحضارة في غابر الأزمان ولم يعلم هؤلاء القادمين لزيارة المعلم التاريخي أن بالقرب منهم هناك سجن مرعب و بشر يعيشون حالة استلاب وقهر ويلاقون كل أنواع الإذلال على يد سجانين تجردوا من كل القيم الإنسانية حيث يتعاملون مع نزلائه بكل سادية وحقد وثأرية فائقة الوصف ..

 

والكاتب وعبر سرده المبدع رصد يوميات سنين القهر الطويلة عبر ثقب في الجدار ليتلصص من خلاله على هول ما يجري  ..حيث الفظائع المهولة تتجسد في القتل بدم بارد والدوس على كرامة المعتقلين والعمل على سحق أرواحهم وتحطيم إراداتهم  ...
 

عبر القوقعة يأسرك الكاتب بأحداث تقّشعر لها الأبدان ويصاب القارئ بهلع حقيقي ليصل إلى درجة القرف والتقيؤ ...حيث وبكل شفافية وواقعية مذهلة  يصور لنا الروائي خليفة وعبر فصول عمله الكبير و الصادم ممارسات نظام قلّ مثيله ..نظام اشتغل على تغويل أجهزته القمعية  وتعميمها والتي طاردت السوريين في أحلامهم ويقظاتهم  وحتى في نواياهم ..نظام تفنن في اضطهاد البشر وتحول إلى مدرسة ذات تقاليد فاشية في صناعة القهر وسلب إرادة الأحرار والحرائر..
 

وبعيداً عن كل تكلّف استطاع مصطفى خليفة وعبر فصول القوقعة أن يصرخ في الضمائر الميتة ليقدم شهادة للعالم عن نظام الأسد الأب الذي أخذ السلطة السياسية بيده غدراً ليحيل سوريا وأهلها إلى مزرعة عائلية ..ويطارد كل معارض لها في داخل سوريا وخارجها ..
 

لقد كان الكاتب موفّقاً إلى أبعد الحدود في نقل الأحداث الواقعية للقوقعة التدمرية ولما يجري في كواليسها وبأسلوب ساحر ومثير.. وكان منصفاً للإسلامين ..حيث بيّن حجم إراداتهم الصلبة  في مقاومة القهر رغم كل العذابات التي عاشوها وهو الكاتب اليساري المختلف معهم أيديولوجياً ..وهنا يتجلى نبل الكاتب وحياديته وموضوعتيه
 

أما موقع القوفعة  بالنسبة لأدب السجون عموماً في السرديات العربية فيحتل الريادة والفرادة وذلك لفيض السرد الأخّاذ والواسع ليوميات مليئة بالرعب والمعاناة والقهر لبشر وضعوا أمام مصائرهم التي نا سَت  بين الحياة والموت..أو الموت لآلاف المرات والمصحوب بهواجس القلق والتوتر والخوف من القادم. ..
 

القوقعة عمل كبير يصعب الإحاطة بمجريات أحداثه عبر مقال  مغتضب ..متمنين إخراج هذا الأثر الأدبي الهام سينمائياً حتى يكتمل الوصف اللغوي بالتجسيد البصريّ لتصوير بشاعة الذي حدث في السجون السورية عبر عقود المطاردة والقهر والخوف.
 

مصطفى خليفة ..شكراً لك أيها الكاتب المبدع ..والمناضل الإنسان.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً