الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
تجربة التسعينيين بين المعايرة والمعاينة نقد القراءة الأفقية (1-2) - علوان الجيلاني
الساعة 13:13 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


تحت عنوان (محور لجدل مبكر) ذهب أحمد السلامي إلى أن التراكم الكمي لإصدارات التسعينيات حقق عدداً من الإنجازات مثل:
كسر حاجز الفراغ الذي تمثل في انعدام وجود أي إصدار أدبي جديد.. وهو فراغ ظلت المكتبة اليمنية تعانيه لسنوات طويلة.

 

نقل الكرة إلى مرمى الناقد الغائب الذي كان دائماً يتحجج بندرة الإنتاج الأدبي المطبوع في اليمن( ).
ورأى أن التراكم الكمي لإصدارات التسعينيين إلى جانب استمرار الصحف والملاحق الأدبية في نشر الجديد من الإبداعات التسعينية الشابة.. هو الذي حرك الساحة الثقافية، وساهم في تفعيل المؤسسات الثقافية، وتنشيط منابرها عبر انتظام الفعاليات التي تقيمها لمواكبة الزخم الأدبي النشط الذي بدوره دفع بأدب التسعينيات في اليمن إلى أن يصبح محوراً للجدل البانورامي المستمر منذ السنوات الأخيرة لعقد التسعينيات وحتى الآن( ).

 

هذا الجدل يدور بين أدباء التسعينيات أنفسهم من جهة البحث عن منافذ لإيصال أصواتهم إلى المحيط الثقافي العربي، ومن جهة تثبيت أقدامهم في المشهد الثقافي اليمني، الذي أصبحت ساحته مجالاً رحباً للأدباء الشباب في ظل انكفاء الأجيال الأدبية السابقة ومشاركتها الضئيلة في رسم خريطة المشهد الأدبي الراهن( ).
 

كما رأى أن حيوية وغزارة المشهد الإبداعي التسعيني قد عكست نفسها على الصحافة الثقافية التي بدورها وجدت نفسها في سباق مع إبداع التسعينيات من حيث استيعاب ساحاتها لتجلياته وإفراد صفحاتها لمواكبة هذا الزخم الإبداعي، الذي امتد امتداداً كمياً ليحتل حتى الصحافة الحزبية والأهلية التي لا تخلو بدورها من الزوايا والصفحات الثقافية( )وهو طرحٌ أوافقه عليه تماماً.
 

إلا أن السلامي يذهب أيضاً إلى أن نصوص التسعينيات الشعرية والقصصية الشابة قد تسابقت (على مضاعفة خاصية عدم التجانس النوعي ضمن الخليط النصي الذي ينتج غالبيته بعيداً عن حس الرغبة في التجاوز، مكتفياً بالتراكم الكمي الذي يفضي إلى مواصلة رسم مشهد شعري وقصصي هو في تنوعه سلبي إلى درجة التكرار) ( ).
 

وهذا الكلام مشروع لجهة الطموح إلى التجاوز.. وقاصر لجهة نسيان أن (خاصية عدم التجانس النوعي) و(التراكم الكمي) سنة شائعة منذ القدم.. وفي كل العصور الأدبية.. إذ الغالب أن المبدعين في كل عصر.. وفي كل موجة إبداعية أو لنقل في كل حركة إبداعية.. يراكمون المكرر المعاد.. ويجترون ما يتشابه وما سبق قوله... والقلة هي التي تتجاوز وتنجز الجديد والمختلف.. وفي كل الحركات الإبداعية الكبرى التي خلقت واقعاً إبداعياً جديداً أو كانت مفصلية في تاريخ إبداع ما كان يلاحظ دائماً أن ذلك يتم متلازماً تلازماً شرطياً مع حالة وفرة كبيرة في الأصوات التي تساهم في الحركة.
 

والملاحظ أن أكثر الأصوات تقتصر على الحضور الآني في زمنها، وأن القليل من الأصوات هو الذي يبقى وينجز ويتجاوز.
والسلامي ينسى أن المتجاوزين أو الذين يحاولون التجاوز وإنجاز المختلف في المشهد التسعيني اليمني كانوا كثيرين نسبياً..
جانب من الجدل الذي ثار حول التسعينيين أو الذي أثاره التسعينيون تمثل في آراء كان يطلقها كتاب من أجيال سابقة.. أهمل السلامي بعضها أو تقصد تجنبه، واكتفى بالتعرض لبعض آخر تلميحاً –كما فعل إزاء إحدى مقالات الشاعر محمد حسين هيثم.. حيث لم يعجبه وصف هيثم ظهور أدباء التسعينيات بالظاهرة، وعدم تورعه عن وصفهم بالمليشيا واتهامهم بتكريس أنفسهم عبر سيطرتهم على الملاحق الثقافية( ).

 

ولكنه رآه محقاً (إلى درجة ما في قوله بأن بعض شعراء التسعينيات في اليمن لم يستطيعوا تجاوز فتوحات السبعينيين مقابل الاعتراف بأهمية الاشتغال على قصيدة النثر الذي تنجزه قلة من التسعينيين الذين بدورهم يواجهون تهمة الاغتراب والتغريب إلى جانب النظر إليهم شزراً حتى من قبل أبناء جيلهم)( ).
 

والملاحظ أن محمد حسين هيثم وهو يتهم التسعينيين بالمليشاوية ويقرر (بأن بعض شعراء التسعينيات في اليمن لم يستطيعوا تجاوز فتوحات السبعينيين) كان بعيداً تماماً عن قراءة تاريخ الحركات الأدبية، والوعي بمساراتها ومجرياتها فَتَشَكُّل الجماعات والتكتلات والشلل والمليشيات جزء من تاريخ كل حركة أو موجة أدبية.. لكي تفرض نفسها، وتتسيج بأصواتها مجتمعة.. لأن كل حركة جديدة عادة ما تتعرض للتجاهل أو التحقير، كما تتعرض للكثير من التهم بالحق والباطل.
وكما أن هيثماً كان بعيداً عن قراءة تاريخ الحركات الأدبية والوعي بمساراتها ومجرياتها، كان السلامي بعيداً –أيضاً- وهو يفرح بإصابة هيثم في قوله: (بأن بعض شعراء التسعينيات في اليمن لم يستطيعوا تجاوز فتوحات السبعينيين..) مع أن هذا طبيعي جداً؛ لأن في كل حركة أو موجة جديدة كثيراً من المجترين.. سيقوم الزمن -قريباً جداً- بغربلتهم، وسيذهب بأكثر من نصفهم..

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً