الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
يوميات علي أحمد باكثير- د.عبدالحكيم باقيس
الساعة 11:51 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


استطاع الدكتور محمد أبوبكر حميد أن يقدم عددًا من الدراسات والأعمال حول اﻷديب العربي الكبير علي أحمد باكثير، والتنقيب في تراث هذا الأديب الكبير، وجهوده غير منكورة في هذا الجانب، ومن بين الذي أخراجه مؤخرًا كتاب (يوميات علي أحمد باكثير في روسيا والجمهوريات الإسلامية وأوروبا) وهي اليوميات التي لم تنشر في حياة باكثير ، ولعله، كما يقول الدكتور حميد، قد: "كتب هذه اليوميات لنفسه دون نية نشرها، وذلك يعود في رأيـي لسببين: الأول أنه لم يكتبها بلغتها الأدبية الرفيعة التي اعتدناها منه، بل ترك نفسه على سجيتها في كتابة الوصف، كأنه يكتب رسالة لصديق أو يتحدث إليه، وثانيهما أنه روى في هذه اليوميات من التفاصيل الشخصية مما لا يمكن أن يرويه فيما لو كان في نيته نشرها، ويبقى الاحتمال الوحيد فيما لو كانت لديه نية النشر لهذه اليوميات في كتاب أنه كان سيعيد كتابتها وينقحها ويحذف منها ما لا يلزم القارئ" ولذلك يعلن الدكتور محمد أبوبكر حميد أنه لم يحذف إلا في أضيق الحدود، فأخرج لنا هذه اليوميات في أصدق صورة يمكن أن يرتضيها باكثير فيما لو قرر نشرها بنفسه. أما المنشور من هذه اليوميات في السنوات الماضية فمجرد نصوص محدودة للغاية، بعضها اطلعت عليه في موقع علي أحمد باكثير الذي يشرف عليه الصديق الدكتور عبدالحكيم الزبيدي.
 

 

يوميات باكثير مجموعة من النصوص التي تقدم سردا لوقائع محددة من حياته، كتب بعضها أثناء زياراته إلى بعض مدن جمهوريات الاتحاد السوفيتي ضمن مشاركته في وفود رسمية، حين كان باكثير من الكتاب الذين يحظون بمكانة خاصة بوصفه من أهم الكتاب القوميين، وقسم آخر من هذه اليوميات في بعض المدن الأوروبية: (فينا، ميونيخ، ميلانو..)، وقد رصد باكثير في هذه اليوميات بعض ملاحظاته وانطباعاته الشخصية، مسجلاً فيها بعض التفاصيل اليومية والأحداث التي شارك بها، ومشاهداته وانطباعاتها، وللوهلة الأولى توحي هذه اليوميات بإشكالية تجنيسها بين أدب الرحلات واليوميات والمذكرات.
 

في يومياته من طشقند إلى سمرقند، في أثناء رحلته التي ترأس فيها وفد الأدباء المصريين إلى الاتحاد السوفيتي، في عام 1956، وكان من ضمن الوفد (شوقي ضيف، محمد سعيد العريان، عبدالرحمن الشرقاوي، محمد مندور) يتخير باكثير أن يروي حادثة شخصية بعينها تحت عنوان (حوار مع ملحدة) وهو عنوان لا يخلو من دلالة خطابه الفكري، ففيه يصف الحوار الذي دار بينه وبين المترجمة الروسية التي كانت برفقة الوفد، في أثناء جلوسها إلى جواره في الطائرة التي نقلتهم من طشقند إلى سمرقند، ولا يخفي إعجابه بهذه الفتاة الروسية التي تعمل كذلك مدرسة لبعض اللغات الأجنبية في روسيا، وينقل النقاش الذي خاضه معها خلال الرحلة بالطائرة باللغة الفرنسية التي كان يجيدها، حول فكرة الإيمان بوجود الله، حين بادر بسؤالها عن ذلك، فأخبرته إن الإيمان وهمٌ يعطل مسيرة الشعوب، فأخذ في جدالها حول فكرة الإيمان وأهميته في حياة الناس، فتحولت هذه اللحظة إلى ما يشبه حوار في إحدى مسرحياته القصيرة التي تدور حول موضوع أو فكرة يحاول البرهنة على صحتها، وعلى الرغم من أن حواره مع الفتاة في النهاية لا يفضي إلى تغيير في رأي أياً منهما، فقد وجده باكثير مناسبة لتمرير خطابه الأيديولوجي، ومناقشة ودحض المبدأ الشيوعي الذي يرفض فكرة التدين، وهنا لا يمكن تجاوز دلالة الشعور الذي تولِّده رواية هذه الحادثة، وكأنَّ باكثير أراد أن يسجِّل في مذكراته موقفاً ضد الشيوعية، وأن رحلته إلى معقل الشيوعية في العالم لم تكن خالية من نقد موقفها السلبي من الدِّين، رغم درجات التقارب السياسي الاستراتيجي معها حينئذ، واعياً بالوظيفة الرمزية لرواية هذه الحادثة.

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً