الاثنين 11 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الاثنين 4 نوفمبر 2024
قراءة في مجموعة "أحلام قابلة للتقشف" للكاتب أحمد الأسعدي- خالد الضبيبي
الساعة 12:30 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)



كأي قارئ عادي قد تمر عليك مجموعات قصصية كثيرة جدا تحكي وتحكي وتستمر بالسَّرد، وكثيرا جدا هو الهراء، والقليل القليل أن تجد كاتبا جيدا وحقيقيا بين كومة من الكُتّاب الذين يحاولون دائما الولادة ولكنهم لا ينجبون، وإن تمَّ إنجابهم فهم يلدون مواليد مشوهة.
 

ونحن إذ نعزو هذا السقوط ليس إلا بفعل السعي والجري نحو الشهرة أو اللهاث خلف لقب قاص/ـة أو روائي/ـة أو شاعر /ـة 
لهذا نقول دائما أن دموع الحبر غالية جدا، ونقطة الحبر أغلى من نقطة الدم، وشخطة القلم التي نضعها على الورق إذا لم تعبر عن نفسها بموضوعية ومصداقية،ناقلة هما مجتمعيا إنسانيا سوف تتحول إلى لعنة تطارد كاتبها أو مجرد بخار ماء غير مجدٍ ولا يستحق قيمة الحبر الذي كتب به، هذا ما تعلمته وما ركنت إليه بعد تجارب عديدة و طويلة مع القراءة والكتابة ..

 

" أحلام قابلة للتقشف " 
لـ أحمد مصلح الاسعدي
هي صدمة الحبر على ورق النشر ،
مجموعة من القصص التي تلونت بألوان الطيف، نصوص طويلة ونصوص قصيرة، لكاتب يفتتح بوابة النشر ب"صك غفران" لـ"عار" لم يرتكبهُ هو بل أسدى خدماتهِ للعالم بتقشيره على الملأ، ولأنه وجد "خُذلان" المجتمع استطاع الخروج من جلبابِ الأُمية بنصوصٍ لها بصمة مدهشة، من أول حرف حتى آخر حرف ،وكلما كان "حُطام " الأيام غادراً ولئيماً في "ساعة نحس " لم ولن تصبح أسفار الكتابة من "أحلام قابلة للتقشف" في "غيمة" العمر الذي يقدم دائما "قرابين الخرافة " على صحن من فضة، وهو يعمل دائما على "تشييع " الجثامين في الوطنِ وأحداً تلو الآخر، ولكنَّها كأي "واقي ذكري " تافه ،تظل للحقائق الكئيبة "نهايات غير سعيدة " تراود المسافر الغريب الذي يبحث عن " اشتهاء الخطيئة " في عالم خالٍ من الشعورِ ومن الآدمية، وفي واقعٍ تحفهُ من كل جَوانِبهِ " أسوار الوهم " من أولِ حلقات العمر الضيقةِ حتى "الحلقة الأخيرة " من الوَجَعِ ..

 

نصوصٌ فاخرةٌ لكاتبٍ يحترم الكتابة جداً ، يكتب بقلمهِ الرفيع ، والذي يجمع بين القص والسرد وبين التكثيف والترميز، جمل تعبيرية قصيرة فلاشية سريعة باسترسالٍ عذب وشفيف يجعلك تلتهم المجموعة سريعا كقطعة من الحلوى بدون مضغ .. 
 

استطاعَ الكاتبُ تلوينَ المجموعة بأفكارٍ مجتمعيةٍ غيرُ قابلةٍ للتقشفِ تحتاج إلى مجهر الوعي وعدسة الرؤية وقانون الحقيقة كي تطفو على سطحِ هذا الكوكب التعيس .. 
من القرية مرورا بالمدينة إلى العالم الخارجي ثلاثية الوجع واقعا وحاضرا ومستقبلا ، يرحل الكاتب بقصصهِ الموضوعية عبر بوابة القلم كاسراً كل حدودِ العاداتِ والتقاليد ، متخطياً الممنوع والعيب ،والعار والشرف ، دالفا أبواب الحقيقة والحياة .. 

 

ومن غربة مواطن إلى مواطن في الغربة، يتحدث الكاتب عن غربة الفرد في المجتمع، وعن زواج القاصرات، وعن حياة المغرر بهم، وعن الطلاق من منظوره الخاص ومن زاويته الخاصة، وبأسلوبه وطريقته يمارس صدم القارئ بنصوصٍ غير قابلة للتقشف في مجموعتة الأولى أحلام قابلة للتقشف ..
ولأن هذا الكاتب الجميل يلج المسرح العام للقصة من بابها الفسيح لأول مرة، كان لزاما عليه أن ينتقي مشروعه بدقة وأن يصوب سهمه بكل حرفية نحو هدفه الذي يحاول من خلاله الولادة .
خمسة عشر نصا يتنوع بين القصة الطويلة والسريعة، لم يجد لها الكاتب -الذي يتزاوج مع العصر ومع الزمن- مخرجا لترى النُّور إلا بهذه الحُلَّةِ السوداء الحزينة، مخلفا نصوصا بعناوين ذات طابع الكوميديا السوداء وهو يعمل متعمدا ذلك وقد سعى اليه ..

 

كي يخلف ضجيجا من ارتطام القارئ بالنص، بعد أن يجد أن هذه العناوين ليست سوى فخ لاستدراجه وبكل حرفية وموضوعية من أجل توليد المفارقة بين العنوان والنص وبين الفكرة والدلالة والهدف النهائي ..
 

قراءة : خالدالضبيبي
ملاحظة : "مابين القوسين هي أسماء قصص المجموعة" ..
فلاشات من المجموعة

 

الإهداء
إلى أول من فخخ الذاكرة بالخيال 
وفجر عوالم الدهشة 
إليها وحدها لا شريك لها 
جدتي 
أحمد مصلح الأسعدي
هذا القلم الذي اختارك ولم تستجب له قد يغدو خصما لا يعرف شرف الخصومة
" صك غفران"
"حميد ولد عمك يريد يدك، وقد حان وقت تتستري "
"لقد حان الوقت كي أتستر 
هذا ما قاله أبي، لكن ما الذي كان 
عارا مني كي أستره؟
" عار "
ما هو الشرف إن لم يكن الانتصار للضمير؟
" خذلان "
وجد نفسه بين خيارين فإما أن يبيع المناديل، أو ينضم لجماعة 
مسلحة يقال أنها تطبق الدين، وتعول أعضائها.

 

" حطام "
كافأت شراسة ذلك المارد الذي يصب لعناته عليَّ كلما مر طيف أمي بكأسي المعتادة، وبإصبع سكري داعبت شاشة جوالي لأمسح 
كالعادة آخر رسالة من أمي.
" في ساعة نحس"
لقد مات جدي ! 
يا إلهي متى سوف نتذوق الدجاج مرة أخرى؟
"أحلام قابلة للتقشف"
لم يعد أحدا يقيم مأتمًا لرحيل أحد. كل ما يمكنك فعله إن فقدت أحدا بهذه الحرب المجنونة، هو أن تنتظر خبر وفاة شخص آخر، كي تنتهي ضيافة الحزن الثقيلة من بيتك، وتنقلها إلى بيت آخر.

 

أحلام قابلة للتقشف
قلت لها أمطريني. ولكن هبوب رياح مخاوفها أبعد عني سحبها إلى ما وراء الأفق، ولا أزال أنتظرها... وستعود حتما.
" غيمة "
أكبر تهديد لوجود مجتمعنا اللعين هو ثديا فتاة. وأكبر ما يعكس قبحه هو وجهها الصبوح الوضاء. لهذا يصر علی تغطيته.
" قرابين الخرافة "
"لا تصدق أحدا، حتى اللـه الذي سيحدثونك عنه لاتصدقه .يجب أن تجد اللـه بطريقتك، وتعرفه بنفسك"
" قرابين الخرافة "
هل يعرفون أنني أحمل بداخلي جثة منذ تلك الليلة التي قتلوا فيها الإنسان بداخلي، ولم أستطع تشييعها بعد، لماذا يتأففون من جثث قتالهم؟!.
" تشييع "
البارحة قتلت والدي ولا أعلم لماذا، فقط أشعر أنه ارتكب حماقة جلبي إلى هذا الوجود وكان لا بد أن أجازيه! 
- هل عرفتم أهمية استخدام الواقي الذكري؟

 

 

" واقي ذكري "
أخبروه أن هذه البروزات الصخرية الخشنة التي رفضت النمو
لا تزال تخدش أقدامنا... كما أن الليل لم يعد يأتي محملا بحكايات
جدتي، لم أعد أنتظر منه سوى دموعها وسحائب الحزن والوجع.
" نهايات غير سعيدة "
كنت أحبها، ليس لجسدها - فأنا في عقدي الخامس -وإنما لقابليتها 
الإنصات. أقرب الناس إلى نفوسنا هم من يصغون لنا باهتمام، من لا يضجرون عندما نبوح بمخاوفنا، أفراحنا، وخيباتنا التي نكدسها في ركن قصي من الذاكرة، ابتسامتها تلك كانت إشارة واضحة لاستعدادها للاستماع. 
"اشتهاء الخطيئة"
الحياة في أمريكا عجلة كبيرة لا تتوقف عن الدوران، نطمح جميعا للركوب عليها، تستهوينا بهرجتها وما أن نستوي عليها، حتى نجد أنفسنا مجبرين على الرضوخ لقواعد لعبتها المتوحشة،
" أسوار الوهم "
الإعدام ليس أمرا سيئا! بالنسبة لشخص مثلي. أقصد ليس كله بؤسا، قلما يحدث للآخرين 
أن يخبرهم القدر عن موعد الحلقة الأخيرة ولحظة إسدال الستار.... لكل شيء رفاهية وربما أن رفاهية الموت هو أن نعرف موعده.
" الحلقة الأخيرة "
-------------------------------
"أحلام قابلة للتقشف" مجموعة قصصية 
صادرة عن دار العين في الاسكندرية 
كتاب من القطع الصغير يحتوي على خمسة عشر قصة قصيرة موزعة على أثنين وسبعين صفحة.. لـ أحمد مصلح الأسعدي

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص