الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
جيل التسعينيات الشعري في اليمن من استشراف الغد إلى امتلاكه استعراض للوقائع.. ورصد للتجليات (3-4) - علوان الجيلاني
الساعة 13:00 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)



كان أول احتفاءات مؤسسة العفيف بشعراء الجيل التسعيني مساء الثلاثاء 3 سبتمبر 1996م، من خلال أمسية شعرية ضمت الشاعرات: فاطمة العشبي، ابتسام المتوكل، أزهار فايع، هدى أبلان، أروى الذاهبي، تيسير الشراعي.. كان الاحتفاء بهن كتسعينيات غير مقصود، أما المقصود فهو الاحتفاء بهن بصفتهن يمثلن مجموعة من الأصوات النسائية اللافتة، تظهر في المشهد الثقافي اليمني للمرة الأولى.. في نفس الوقت كان الاحتفاء ناتجاً عن الحضور القوي داخل المؤسسة، وفي إعداد برنامجها الثقافي للفنانة التشكيلية والناقدة آمنة النصيري وزوجها آنذاك الفنان والناقد التشيكيلي حكيم العاقل، والمثقف الكاتب محمد النصيري وزوجته القاصة والباحثة أروى عبده عثمان.. كما أنه أيضاً كان نتاج علاقة الأصوات النسائية المرتبطة ارتباطاً قوياً بمجموعة النصيري من جهة، وارتباط الطرفين من جهة أخرى ببيت الحلقة الذي يشرف عليه الشاعر المصري زين العابدين فؤاد.. وذلك كله يرتبط بالحضور القوي لتيارات النسوية العالمية التي ساهمت بقوة في الدفع بالأصوات النسائية في مجالات الشعر والقصة والفنون التشكيلية والصحافة إلى واجهة المشهد الثقافي..ناهيك عن احتضان النخب المثقفة بشكل عام للصوت النسائي الذي ظلم كثيراً، وعتم عليه طويلاً بلا مبررات.. وقد لاحظ بيان الصفدي سنة 1997م أن الاحتفاء بالأصوات النسائية المتبازغة آنذاك يتغاضى عن المستويين الإبداعي والثقافي لتلك الأصوات.. فكتب إن: (الأصوات النسائية التي تُسمع الآن تأخذ مساحتها انطلاقاً من انحياز لأنوثة تتوق إلى الانطلاق في كهف قاهر، لكن معظم الأصوات النسائية محدودة الاطلاع، وضعيفة الأدوات، وفيها الكثير من التكوين المشوَّه تبعاً لردة الفعل وسط احتفائية مصطنعة، ورغبة إثبات الذات بما يتوافق مع هذه الاحتفائية، تشارك فيها أقلام نقدية عربية.. تحكمها غايات لا يربطها بالدراسة والثقافة رابط في الغالب الأعم)( ).
 

 

أقول هذا الكلام بدليل أن المشهد التسعيني لم يكن له نصيب في 23 فعالية نظمتها المؤسسة ذلك العام سوى تلك الفعالية اليتيمة.. بمعنى أن المؤسسة لم تستطع ذلك العام استشعار الانفجار التسعيني، وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه.
في عام 1997م ستلتفت مؤسسة العفيف الثقافية بقوة إلى المشهد التسعيني بشكل عام، شعرياً، وقصصياً، ونقدياً، ولكن التفاتها إلى الجيل الشعري التسعيني سيبدأ من أول يوليو 1997م.. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الإعلان عن النادي الأدبي وتوهجه القوي والسريع، وتوجهه بالذات إلى الشباب كان دافعاً قوياً لمؤسسة العفيف كي تسعى لاحتضان أصواتهم. 
وقد أقامت مؤسسة العفيف لشعراء الجيل التسعيني خلال الفترة من 1 يوليو 1997م وحتى 16 نوفمبر من نفس العام 24 فعالية، ضمن برنامجها الرسمي، غير الفعاليات الاستثنائية التي كانت تقام في غير مساء الثلاثاء.. والتي لم يوثق لها كتاب (مؤسسة العفيف الثقافية عشر سنوات من العطاء) الذي صدر نهاية 1999م.

 

 

وقد شارك التسعينيون بصفتهم الفردية 80 مشاركة تضمنت تكرارات لمشاركات بعضهم، والمشاركون هم: هزاع مقبل، نبيلة الزبير، محيي الدين جرمة، هدى أبلان، علوان الجيلاني، محمد المنصور، عبد السلام الكبسي، أحد السلامي، محمد الشيباني، هشام شمسان، جميل مفرح، عبد المجيد التركي، عبد الله عصبة، علي المقري، محمد جميح، محمد القعود، أحمد الزراعي، أحمد العزي خليفة، علي الشاهري، نبيل سبيع، عبد الوهاب الحراسي، طه الجند، ابتسام المتوكل، فاطمة العشبي، أزهار فايع، أروى الذاهبي، تيسير الشراعي، سعاد الحدابي، أحمد سليمان، عادل قحطان، أمين أبو حيدر، عادل أبو زينة، الحارث بن الفضل، أحمد شاجع، صادق الهبوب، أحمد مغلس، أديب قحطان، محمد الجمالي، جميل عز الدين، شادي خصروف، ناصر أبو حميد، فاطمة الأغبري، مختار الدبعي، محمد سالم الحداد
 

 

وقد لوحظ أن ثمان من تلك الفعاليات نفذ سنة 1997م، وكانت مقصورة على التسعينيين، كما لوحظ أنه تم تطعيم التسعينيين في برنامجي 1998م، 1999م، ببعض الأصوات السبعينية، دليلاً على الاعتراف التام من شعراء الجيل السابق بهم، وأنهم لم يعودوا يتحرجون من مشاركتهم الفعاليات أو يستصغرونهم أو يتعالون عليهم كما كان يحدث قبل عام 1997م.
كما لوحظ تقديم بعض كتاب الجيل السابق لبعض فعاليات الشعراء التسعينيين ومشاركتهم في قراءة تجاربهم.

 

 

لوحظ أيضاً أن فعاليات التسعينيين اتجهت أكثر من مرة للاحتفاء بالشخصيات والمنابر التي احتضنتهم كاحتفائهم بسمير اليوسفي والثقافية، وعبد الودود سيف والبريد الأدبي، وعشرية مؤسسة العفيف.
لوحظ أيضاً أن شعراء الجيل التسعيني كانوا هم القاسم المشترك في الاحتفاء بإصدارات مجايليهم من القاصين.

 

تزامن توجه مؤسسة العفيف الثقافية لاحتضان الجيل التسعيني مع تأسيس النادي الأدبي صيف 1997م الذي استفز -رغم عمره القصير- المؤسسات الموجودة سابقاً وعلى رأسها اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين الذي كانت ردة فعله تتمثل في أنشطة ثقافية، وفعاليات تؤشر على انعطافة في تفكير قياداته تتناسب مع المتغير الذي أحدثه التسعينيون على الساحة..
 

أبعد من ذلك كان تأسيس النادي الأدبي دليلاً على استشعار المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم في اليمن) لمدى قوة الصوت الإبداعي الثقافي الجديد الذي أصبح وجوده يطغى يوماً بعد يوم في المشهد الثقافي اليمني.. لدرجة أن بعض الكتاب والمبدعين من جيل التسعينيات ومن الأجيال السابقة عليهم اعتبروا تأسيس النادي الأدبي محاولة لسرقة المشهد الجديد من قبل المؤسسة الرسمية بطريقة غير مباشرة.. ولعل وصف أحد قيادات اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وهو الشاعر والناقد السبعيني أحمد ناجي أحمد للنادي الأدبي بـ(مسجد الضرار) دليلاً واضحاً على تلك النظرة المتوجسة حيال تأسيسه.
كان النادي الأدبي جاذباً أكثر لموجتي التسعينيين اللتين ظهرتا بعد منتصف التسعينيات، وقد تحولت مكتبته وأروقته إلى ملتقى للأدباء الشباب بشكل لا يكاد ينقطع من الثامنة صباحاً وحتى الثامنة مساءاً من كل يوم.. وقد احتضنت مثافقاته وفعالياته الكثيفة عديد الأصوات المتوفزة آنذاك، ومنها الشعراء: جميل مفرح، عبد المجيد التركي، محمد جميح، أروى الذاهبي، أزهار فايع، نبيلة الكبسي، تيسير الشراعي، مهدي الحيدري، نبيل نور الدين، أحمد سليمان، نجيب عسكر، علي جاحز، عبد الرحمن السماوي، وشارك في فعالياته بقوة نبيلة الزبير، ابتسام المتوكل، هشام شمسان، محمد القعود، أحمد سليمان وغيرهم... وفيما كان ملحق الثورة الذي يشرف عليه أحد التسعينيين وهو محمد القعود يوالي احتضانه للأسماء الجديدة، ظهر على الساحة إصدار ثقافي جديد، كان بحق معبراً قوياً عن المرحلة التسعينية واختلاف الذائقة والتفكير والعقلية والقدرة على مقارفة الحرية.. وكان ذلك ممثلاً في الجمهورية الثقافية التي يشرف عليها الصحفي اللامع سمير اليوسفي.. والتي على صفحاتها تألق التسعينيون وتحولوا إلى نجوم ينتظر الناس أخبارهم وإبداعاتهم وكتاباتهم وحواراتهم ونقاشاتهم، ومعاركهم أيضاً على أحر من الجمر صباح كل خميس.

 

 

وتولى الكاتب خالد الرويشان رئاسة الهيئة العامة للكتاب وعلى يديه رئيساً للهيئة ثم وزيراً للثقافة طبعت معظم إصدارات التسعينيين.. فكانت سنوات 97، 98، 99، 2000م، ذروة نشاط التسعينيين وذروة نشاط المنابر والمؤسسات الحاضنة لهم على أكثر من صعيد.. عبر عنها: 
توالي الإصدارات التي افتتحتها أصوات تسعينية ظهرت بعد حرب صيف 1994م. فأصدر الشاعر عبد الغني المقرمي مجموعتيه (من أوراق العمر 1995) و ( عالَم من ضباب 1996م ) . وصدر من صيف سنة 1997م إلى نهايته مجموعات منها( ): (ثمة بحر يعاودني) لنبيلة الزبير.. و(نصف انحناءة) لهدى أبلان.. و(بيننا برزخ من زجاج) لأمين أبو حيدر.. و(السيرة الرملية للفتى البحر) لعبد الناصر مجلي... و(أطلال لا تستحق البكاء) لسليمان معوضة... و(بين إيقاد الشموع ولعن الظلام) لمهدي الحيدري.. و(تنويعات صنعائية) لعبد السلام الكبسي.. (سيف الوحدة) لعبد السلام الكبسي...و(غيمة جرحت ماءها) لمحيي الدين جرمة.

 

وشهد عام 1998م سيلاً أكبر من الإصدارات.. منها: (الوردة تفتح سرتها) لعلوان الجيلاني.. و(شذى الجمر) لابتسام المتوكل.. و(الكاهن) لهايل الغابري.. و(مقاليد القبيلة) لعبد السلام الكبسي.. و(ماء المدينة) لعبد السلام الكبسي.. و(محاولة لتذكر ما حدث) لهدى أبلان... و(هذيان النجوم) للحارث بن الفضل الشميري..
 

وفي سنة 1999م صدرت مجموعات منها: (بحر الضياع) لإسماعيل مخاوي.. (إشراقات الولد الناسي) لعلوان الجيلاني.. و(راتب الألفة) لعلوان الجيلاني..... (البلاد التي كانت الشمس تفاحها) لعبد السلام الكبسي... و(محايا) لنبيلة الزبير.. و(أودية العشق) لمحمد جميح..و(ترميمات) لعلي المقري، و(أشياء الطائر) لعادل أبو زينة، و(حوارية أخيرة مع امرأة الظل) لمختار الضبيري.. 
وفي سنة 2000م صدرت مجموعات أخرى منها: (كتابات بلون المطر) لمحمد القعود.. و(غناء في مقام البعد) لعلوان الجيلاني..و(اشتماسات) لهدى أبلان..و(الرازم) لأمين أبو حيدر، و(إنها فاطمة) لفاطمة العشبي و(أهذي من تلف وأكتب كل هذي القصائد لأن عائشة سطر مسك فيها) لعبد الناصر مجلي..و(مراثي لزمن الجراد) لطه الجند. 

 

كما عبر عن ذروة ذلك النشاط كثافة النشر في الصحف والملاحق والمجلات الثقافية... وكان التطلع شديداً لكسر حاجز العزلة والنشر في الصحف والمجلات العربية التي تصدر في القاهرة وبيروت والخليج، ولندن، وقبرص.. فنشرت نصوص كثيرة في (أخبار الأدب) المصرية، و(الزمان، والقدس العربي) اللندنيتين، و(الشاهد) و (الصدى وملحق الإتحاد) في الإمارات و(الفيصل) السعودية و(العربي) و(الكويت) الكويتيتين وغيرها.. 
 

وعبر عنه تزاحم الفعاليات على منابر المؤسسات الثقافية التي توالدت بشكل غير مسبوق.. فقامت مؤسسة السعيد للثقافة والعلوم بإطلاق جائزتها السنوية في فنون علمية مختلفة، وكان توزيعها مناسبة لمهرجان تحتضنه مدينة تعز كل عام.. ويحضره عدد هائل من المبدعين والمثقفين أكثرهم من التسعينيين.. وساهمت في احتضان فعاليات التسعينيين مؤسسات أخرى على رأسها: مؤسسة إبداع.. وتم عام 1999م تدشين جائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب في فنون مختلفة.
 

واحتدمت في تلك الأثناء النقاشات والمثاقفات في المقاهي، والمقايل، والملتقيات المختلفة... فقد شهد صيف العام 1997م اتخاذ مجموعة من التسعينيين مقهى النخيل( ) القريب من النادي الأدبي في شارع الدائري مكاناً للقاءات شبه يومية، وإن كانت رسمية مساء كل أربعاء.. وقد اجتذب مقهى النخيل أدباء جاءوا لأجله من محافظات أخرى.. كما اجتذب أدباء عرباً مقيمين في صنعاء أو زائرين لها.. وكانت ساعات الجلوس فيه حافلة بالنقاشات والمثاقفات.. وقراءة النصوص على اختلاف أشكالها وتباين التجارب لدى أصحابها.. 
 

وبرزت مجموعة من الظواهر المصاحبة منها: 
- إفراز نوع من التكتلات الشللية أساسها التقارب النفسي، أو المكون الثقافي أو الاختيارات الفنية الكتابية.
- ظهور مجموعة من الأقلام التسعينية التي تحاول تغطية الفراغ النقدي الذي يمكن أن يصاحب ذلك السيل الهادر من الإبداعات والإصدارات.. فبدأت تتميز أقلام الكتاب عبد الناصر مجلي، محمد المنصور، محمد الشيباني، أحمد السلامي، هشام شمسان، تالياً أقلام علي ربيع، علي جاحز..إضافة إلى تناولات كتاب عرب مثل: الناقد سعد التميمي، والناقد علي حداد، والناقد حاتم الصكر، وبيان الصفدي، الذي التفت مبكراً إلى تميز التسعينيين وتوهجهم الإبداعي في تناولة له بعنوان (مشاهد من الشعر اليمني المعاصر) كتبها سنة 1997م..
- بث قناة اليمن الفضائية برنامجاً ثقافياً بعنوان (المجلة الثقافية) للمذيع عبد الله إسماعيل.. كانت معظم مادته تغطية فعاليات التسعينيين وإلقاء الضوء على إصداراتهم، ونشر أخبارهم، وتقديم قراءات لنصوصهم.
- التفات كتاب ونقاد من الأجيال السابقة إلى تجارب التسعينيين تحتفي بها من خلال الإشادة والتقديم على نحو ما كان يفعل المقالح والبردوني، أو من خلال القراءات النقدية، كما كان يفعل عبد الله علوان، أو من خلال الحوارات ومحاولة تبين الوعي والمرجعيات كما فعل الشاعر محمد حسين هيثم، أو من خلال المختارات كما فعل عبد الودود سيف سنة 1999م.. أو من خلال الاصطدام بهم والزراية عليهم كما فعل محمد الشرفي
وكان إصدار عبد الودود سيف لمختارات التسعينيين تحت عنوان (ديوان الشعر اليمني المعاصر – الشعر التسعيني) يوضح جانباً مهماً في الجيل التسعيني، هو جانب تكاثر الأصوات المذهل.. فحين أعد محمد جسار وحسين الصوفي إصدار التسعينيين الأول (وهج الفجر) سنة 1991م كان عدد الأصوات التي احتفى بها ذلك الإصدار ثلاثة عشر صوتاً.. في حين بلغ عدد الذين اختار لهم عبد الودود سيف سنة 1999م ثلاثة وستين صوتا..ًوكانوا أقل من ثلثي الأصوات الحاضرة بقوة إبان ذاك.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً