الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
جيل التسعينيات الشعري في اليمن من استشراف الغد إلى امتلاكه استعراض للوقائع.. ورصد للتجليات (2-4) - علوان الجيلاني
الساعة 14:09 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


بموازاة ذلك كان تبازغ التسيعينيين يتوالى في مدن الثقافة اليمنية وإن بوتائر مختلفة، في تعز التي كانت طيلة العقود الماضية من أهم المدن الصانعة للثقافة والإبداع في اليمن.. تأخر تبلور المشهد التسعيني بسبب الانشغال بالنشاط السياسي من 90 إلى نهاية 1992م، وعندما تأسست الجماعة الأدبية في كليتي التربية والآداب بتعز عام 1993م كانت إحباطات السياسة حاضرة في بيان التأسيس، الذي ركّز على القطيعة مع السياسي، والانصراف إلى الفعل الإبداعي، وقتها كان بعض المنضوين في تلك الجماعة مثل محمد ناجي أحمد، قريب عهد بالسجن بسبب انتفاضة تعز، لهذا كان بيان الجماعة انحيازاً للجمالي ويأساً من السياسي.. كان البيان أيضاً متأثراً ببيان (الريح والغبار) الذي أصدره الكاتبان عبد الكريم الرازحي وعبد الوهاب المقالح سنة 1993م.. وقد نشر بيان تأسيس الجماعة الأدبية في صحيفة الجمهورية، ونشر إعلان عنها في صحيفة المستقبل.. وشأنها شأن تبازغات التسعينيين في صنعاء، فقد ضمت الجماعة مبدعين يجترحون فنوناً مختلفة، في الفنون التشكيلية مثلاً فائزة الحدأ، وفي الشعر أحمد الزكري وسلوى القدسي، وفي القصة محمد عبد الوكيل جازم وعبد الواحد السامعي، وفي النقد محمد ناجي أحمد وعادل ياسر، وكان معظم هؤلاء يقارف الشعر وقتها-خاصة محمد ناجي أحمد، محمد عبد الوكيل جازم-.. وفي الترجمة عادل زعيل، إضافة إلى مهتمين من طلبة قسم علم الاجتماع مثل عبد الرقيب الغانمي( )، وكان لديها لقاء يومي في باحة كلية الآداب يتم فيه مناقشة وقراءة إبداع الجماعة الأدبية.. علماً أن بعض أعضاء الجماعة كانوا أعضاء في اتحاد الأدباء، فقد انضم محمد ناجي أحمد إلى الاتحاد أواخر عام 1990م، وبعده بفترة محمد عبد الوكيل جازم، وكان للجماعة مجلة فكرية اسمها (رؤى) ترأس تحريرها محمد ناجي أحمد، وتصدت لنشر إصدار جماعي اسمه (ندى) (ضم نصوصاً شعرية لأصوات منها: محمد ناجي أحمد ومحمد عبد الوكيل جازم، وأحمد الزكري وعبد الواحد السامعي وغيرهم وغيرهن)( ) .. إضافة إلى اتخاذ الجماعة من صفحة الأدب في صحيفة الجمهورية التي كان يشرف عليها محمد ناجي أحمد أيضاً وسيلتهم لنشر إبداعاتهم( ) ...
 

ولكن تلك الجماعات سواء ما نشأ منها في صنعاء أو تعز أو غيرها لم يكن في خططها التواصل مع بعضها، فقد كان التواصل فردياً يطمح إليه عادة أكثر أفراد تلك الجماعات نشاطاً( )..
ولعل من أكثر الأدلة على اختلاف الجيل التسعيني عن الأجيال السابقة هي الحضور القوي للمرأة المبدعة فيه بمقدار غيابها الفادح عن صفحات الأجيال السابقة.. يعزز هذه الدلالة أن بواكير نشر التسعينيين في المجال الشعري كان على يد اثنتين من المبدعات.. فقد أصدرت الشاعرة هدى أبلان بواكيرها الأولى (ورود شقية الملامح) سنة 1989م.. تلتها الشاعرة نبيلة الزبير بإصدارها الشعري الأول (متواليات الكذبة الرائعة) سنة 1991م.. وقد شاركهما هذا السبق المبدع عبد الناصر مجلي، بإصداره مجموعة (ذات مساء.. ذات راقصة) سنة 1991م، ولكنها كانت مجموعة قصصية..

 

وقبلهم جميعاً كان علي المقري قد أصدر مجموعته الأولى (نافذة للجسد) سنة 1987م، ولكن علي المقري متنازع فيه، يحسب على التسعينيين، ويحسب على من قبلهم.
أثناء ذلك كان المزيد من الأصوات التسعينية يلتحق بالمشهد.. وشهد عاما 1993، 1994م، اشتداد الأزمات الاقتصادية والسياسية الناتجة عن حرب الخليج الثانية، التي حوصرت إثرها اليمن، وشكلت عودة مئات الآلاف من المغتربين في دول الخليج عبئاً اقتصادياً كبيراً عليها.. فاقمته خلافات قطبي الحكم اللذين وقعا اتفاقية الوحدة وما تبعها من تجاذبات واختلالات أمنية، انتهت بالحرب المؤسفة صيف سنة 1994م، لينتهي بها أجمل المناخات الديمقراطية والثقافية التي عرفتها اليمن عبر تاريخها كله.. ولتسقط معها كثير من الأحلام والطموحات والتفاعلات والتفاؤلات، التي بقيت في نفوس ذلك الجيل الشاب عقب حرب الخليج الثانية، ولينهار أي أمل في مستقبل الأمة العربية.

 

في خضم تلك الأحداث تلاشت الجماعتان الأدبيتان: جماعة (الغد) انتهت بهجرة قطبها الأهم المبدع عبد الناصر مجلي إلى أمريكا نهاية سنة 1991م.. حيث أصدر مجموعته الشعرية الأولى (عرق حناء) سنة 1993م..ثم مجموعته الشعرية الثانية (أترك الباب موارباً وأمضي) سنة 1994م.. ومجموعته الثالثة (سيرة القبيلة) التي أصدرها من عمان سنة 1995م..
أما جماعة (سبان) فلم يكن أحد يذكرها يوم انتحار زعيمها الأهم عبد الرحمن الحجري اغسطس 1994م في ظروف لا تزال غامضة إلى اليوم.. في عام الحرب المؤسفة ذاته أصدر الشاعر كريم الحنكي مجموعته الشعرية الأولى (كم الطعنة الآن).

 

بيد أن موجات التسعينيين ظلت تتوالى، وإبداعها يثبت نفسه يوماً بعد يوم.. فقد برزت بقوة عقب الحرب أصوات الشعراء والشاعرات: أحمد السلامي، ابتسام المتوكل، أمين أبو حيدر، الحارث بن الفضل، محمد جميح، صلاح الدين الدكاك، أحمد مغلس، مهدي الحيدري، أزهار فايع، سعاد الحدابي، أروى الذاهبي، سلوى القدسي، أحمد الشلفي، اسماعيل مخاوي، سليمان معوضة، هشام شمسان، محمد الجرادي، عادل قحطان، عبد الوهاب الحراسي، أحمد العزي خليفة، تيسير الشراعي.. 
 

تلتها مباشرة موجة أخرى حملت أصوات الشعراء جميل مفرح، علي جاحز، نبيل سبيع، عبد الرحمن السماوي، فتحي أبو النصر، إياد الحاج، أكرم عبد الفتاح، طه الجند، نادية مرعي، علياء فضائل، علي ربيع، أحمد أبكر الشحري، علي دهيس، على الله صمام، نجيب عسكر، هاني الصلوي، منى باشراحيل، أحمد سليمان، أديب قحطان، محمد الجمالي، جميل عز الدين، شادي خصروف، ناصر أبو حميد، فاطمة الأغبري، محمد سالم الحداد.. وصاحب ظهور هذه الموجة الطفرة الكبرى لجيل التسعينيات.. كان ذلك أعوام 95، 96، 1997م.. ففي تلك الفترة دشنت مؤسسة العفيف الثقافية نشاطها كأهم مؤسسة ثقافية احتضنت بالأساس الجيل التسعيني وإبداعاته..

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً