الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
العنف وتجلياته في الخطاب القصصي يوم في برواز أنموذجا - أحمد جابر
الساعة 15:49 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


تنطلق القاصة نبيهة محضور في مجموعتها القصصية المعنونة بـ((يوم في برواز)) من خلفيات وشواغل عدة لعل ّ من أبرزها تجسيدها للصراع والعنف المستشري في المجتمع , وتشكل القاصة فضاءات سردية تتكئ على بعد واقعي تتشرب مضامينه من جدلية العلاقة بين الجنسين ؛ وهي تروم من خلال نصوصها إلى تفكيك الثقافة النوعية التي تجذرت فيها الهيمنة الذكورية , لتتناص بوعي أو بغير وعي مع كثير من الخطابات والمقولات النسوية , مضمنة في عمل فني رؤيتها الخاصة نحو هذه القضايا وغيرها , وهي في ذلك منحازة لجنسها , معبرة عن الضمير المؤنث الذي ظل ملحقا بآخر الفعل وغائبا عن مجمل الأنساق التعبيرية . والموجة الجديدة التي حملت مشروع الكتابة النسوية غدت ملمحاً ثقافياً فرض حضوره ومنطقه في عالم الإبداع , بل تعدى ذلك ليؤسس بهذا الزخم الإبداعي أنموذجاً عصرياً أسهم في اختراق فولاذية المشروع التراثي الذي كرّس في وعينا أدبية الكاتب والشاعر والخطيب , ولم يستوعب خلال هذا الامتداد الطويل من الزمن إمكانية حضور الأنثى في أيِ من المحطات الأدبية إلا ما كان عرضياً أو شاذ اً عن هذه الرؤية . ويحتم علينا البحث في العنف أن نقف عند مظاهره وأنواعه وذلك من خلال المنظور القصصي في المجموعة ويمكن أن نحدد عينات من هذا العنف على النمط الآتي : الإرهاب : وهو أعلى مظاهر العنف وأشنعها ويتعدى الإرهاب الظاهرة الفردية ليصبح آفة اجتماعية وداء يستعصي على العلاج , وقد أذكت الدعوات الدينية المتطرفة هذه الظاهرة وساهمت السياسات المعاصرة في إشعال الفتن المذهبية والطائفية , وتبدو القاصة مستوعبة لهذا الهم الذي ينخر في جسد الوطن , فجاءت عدد من قصص المجموعة متلبثة عند هذا السلوك بوصفه هما إنسانيا تسرب إلى النص الأدبي فتمثله سرداً وشعراً ومسرحاً . ثمة نصان قصيران يجسدان هذه الثيمة , ففي نص( ألم) يطالعنا الراوي بالضمير الغائب مختزلاً الحدث ومكثفا من لغة السرد , ومن الموقع الذي يكون فيه شاهداً ومراقباً على صيرورة الواقعة التي أطلق عليها بـاللإنسانية (( رمى بآدميته في قعر اللإنسانية .. حد سيفه.. هلل .. كبّر.. هوى به على أعناق إخوته .. رسم ابتسامة مضرجة بالدماء وهو يحمل رؤوسهم منتشياً بكلتا يديه)) (1)

لقد أفلح المخيال السردي في هذا النص في إعطاء صورة قاتمة لهذه الشخصية النكرة, فالمشار إليه في النص بدا متنكراً لطبيعته البشرية المجبولة على الرحمة حين يرمي بآدميته في سياق الصورة الاستعارية ليستحيل وحشاً ثم هذا الفعل يناقض نفسه حين يسم الضحية بأنهم إخوته ,كما ينبني سياق الحدث في صورة مفارقة حين تمنح العلامات الشخصية الواصف وجه الشخصية مفارقاتها الدلالية من خلال توليفة الابتسامة المضرجة بالدم . وفي نصها الموسوم بالغزو فإننا نقرأ ونعاين فعل القتل والإرهاب من عين الشخصية الساردة : ((رفعوا سهامهم مهددين , صرخوا الويل .. لأعداء الإسلام , تملكني الخوف! وأنا أرى رؤوساً تتطاير ... دماء تتبعثر ... وصدوراً اخترقتها سهام بني جلدتهم))

(2) ولعل ما يسترعي الملاحظة هنا ما نجده من المفارقة ما بين الخطاب المؤدلج الذي تنبني عليه خطابات الجماعات الدينية ( صرخوا الويل .. لأعداء الإسلام) وبين الفعل المفارق لمضمون الخطاب (رؤوساً تتطاير ... دماء تتبعثر ... وصدوراً اخترقتها سهام بني جلدتهم) وهو ما يعكس أزمة الفكر الإسلامي والجنوح في الفعل والسلوك كنتيجة صادمة لهذا الخطاب الموتور , الذي أصبح وبالاً على المسلمين كما دلت على ذلك الكناية في قوله بني جلدتهم . وفي قصة( وعد ووسام) فإن القصة تتمدد لتحتفي بشخوصها وتنامي أحداثها والقصة ترسم واقعنا التراجيدي من خلال استنساخها لأحداث واقعية , حملت بين لغتها وسياقاتها السردية أحداث الإرهاب التي نالت الجنود خلال العرض العسكري في 21 مايو 2012, والقصة تعكس صورة الإنسان المهزوم ووضعه البائس , فالأم أصبحت أرملة تبحث عن ما يسد رمق أطفالها وقد منحت القاصة لشخصياتها أسماء لها علاقة قصدية بمدلولاتها فالأم اسمها سبأ وهي معادل رمزي للوطن , كما ينفرق الابنان في التسمية فسيف يترك والدته التي (( مازالت شابة فاتنة.. بهية المحيا.. يتألم مع كل نظرة ترمى بها أمه الحسناء ... أفكار تراوده ... تسكن رأسه ... لم يعد يطيق معاناتها , لم يعد يطيق نظرات الذئاب حولها)) (3)

لقد حاكمت القاصة المجتمع في رؤيته وغريزته , وهذا ملمح من العنف الاجتماعي النفسي الذي غدا علامة تشف عن سلوكيات وقيم متدنية وهابطة , وهذا ماد فع سيف لترك المنزل تحت هذا الشعور , فيصبح سيف معادلاً للفظه إذ يمضي بعيداً عن أسرته ليكون هو الآخر ضحية للتطرف , أما الثاني فيدعى ( صالح) وقد أصبح بعد عشر سنوات خريجاً من الكلية العسكرية ويصادف أن صالحاً يتقلد وسام التخرج على منصة التكريم وقتها(( لمحت عيناه صورة توأم روحه سيف يندفع باتجاه الصفوف, ليتحول إلى كتلة لهب تبعثر الأجساد وأولهم صالح )) (4)

لقد حضرت هذه الشخوص بأسمائها(( داخل النصوص والخطابات وهي محملة بإرثها الثقافي في شكل علامات مرجعية ورموز نصية وسيمائية )) (5) بيد أن التوظيف القائم على الإحالة والربط بين الدال ومرجعياته المتنوعة قد يفقد جماله حال جنوح الخطاب القصصي إلى التناص المباشر بالوقائع والأحداث وهذا ما لمسناه في هذه القصة عندما أثقل الموضوع كاهل النص وجاءت اللغة مباشرة يعوزها التكثيف والغموض والمفارقة والإدهاش , وهي آليات فنية تكسب النص حضوراً وجمالاً . العنف الجسدي واللفظي : ويتحدد العنف الجسدي من خلال الممارسات السلوكية التي تنال من الفرد أو تترك آثارها على جسده كالضرب والبطش والتعذيب , ويمكن للقراءة السيميائية أن تستجلي دلالة هذا الاستدعاء للجسد المقموع في النصوص الأدبية , لا سيما في كتابات المرأة , فالجسد يتوفر على كثير من الإشارات والعلامات , وهذا الاستدعاء الواعي للجسد جرى في سياق إدانة واضحة للمجتمع و((فضح بعض مظاهر العنف اليومي الذي يمارسه الناس بشكل شبه عفوي إلى درجة أنه يكاد يصبح جزءاً من حياتهم))(6).

قصة (لعبتي) تعد أنموذجا للسرد المعبر عن أزمة المجتمع وحالة العنف التي تنتاب أفراده , تنفتح هذه القصة على تراجيديا الذات حاكية على لسان بطلها راهن الطفولة المقموع , وفيها يكون المتلقي بإزاء ثالوث القمع الاجتماعي والذ ي نحدده من خلال : سلطة القمع الأبوية , الفقر, التشرد, هذا الثالوث يمثل محور القمع المسلط على الفرد والأسرة , والقصة مسرودة بضمير الأنا الذي يتمثل صوت الشخصية الرئيسية , ومن خلال هذا الصوت نصغي إلى تجربة مريرة أحداثها توزعت ما بين الشوارع وأطفالها المشردين وما بين الأسرة التي كانت مصدر القمع من خلال شخصية الأب المتجرد من الرحمة. وقد وظفت القاصة عددا من تقنيات السرد بدءاً بالوصف الذي تلبث عند محيط المكان نهاية سور طويل وعلى بقايا كرتونة مهترئة ألقى بجسده المتهالك , يصف ما ألم به من حزن و جوع, وهنا في هذا المكان الذي تنبعث منه رائحة القمامة ويتجمع فيه العديد من الحيوانات المتشردة تنهمر الذكريات على طريقة الفلاش باك أو الخطف خلفا ومن نقطة زمنية يحددها بطل القصة منذ عشرة أعوام مضت وقتها كان عمره لا يتجاوز الثانية عشر , حينها سرق على والده خمسمائة ريال لشراء لعبة كحال غيره من أطفال الحي , وفي اللحظة التي غمرته السعادة باللعبة ينطلق صوت والده الذي على حد وصفه يكاد يدك البيت دكاً (( ييه أنتِ يامرة أين أنتِ.. شلوك الجن | ما بك يا رجال صل عبى النبي لما هذا الصياح؟| أين الخمسمائة ريال التي كانت في جيب الكوت ؟ تراها حق القات ))(7)

هذا النص يحمل في طياته ملامح العنف اللفظي من خلال سياق السخرية والتهكم , ثم يتابع السارد قوله (( تسمرت مكاني ..انزويت في إحدى زوايا الغرفة وأنا أحتضن لعبتي التي لم أداعبها بعد .. صوته كان يعلو ..يزمجر ..يقترب مني .. أمي المسكينة تحاول منعه دون جدوى .. ركل الباب بقدمه .. الشرر يتطاير من عينيه .. يده تقبض على خيزرانته التي اعتادت أن تلهب جلدي.. تقدم نحوي ..أوصالي كانت ترتعد من الخوف .. إنهال علي ضربا .. أمي تحاول دفعه عني .. لم تستطع ..رمت بنفسها فوقي ليتلقى جسدها لسعات الخيزران .. ما زلت أتذكر توسلها لوالدي دون جدوى ... سحبها من شعرها ..دفع بها بعيداً .. كانت تصرخ متوسلة , طلبت مني الخروج , فررت تاركا المنزل وتاركاً لعبتي وأمي تئن تحت سياط والدي ... تهت وأنا أركض في شوارع المدينة ...))(8) .

ما من شك في أن النص وعبر صفحاته السبع قدم أنموذجاً للإنسانية المستلبة والحقوق المهدورة, والتعذيب الذي وقع على المرأة و الطفل يعكس واقعهما المدجج بالعنف والترهيب , فيما نجد أنموذج التسلط والقمع الذي مارسه الأب يتشكل بوصفه نمطاً من العنف المتلبس بقطاع واسع من الآباء ويعكس حالة العدوانية المتجذرة في عقلية المجتمع ,و قد جاء توظيف شخصية الأب العدوانية للدلالة على تماهي الفعل مع نظائره من الأفعال الحادثة في سلوك الآباء كتوصيف لواقعنا الموغل في البطش و القسوة والذي قد يصل أحياناً إلى حد التوحش .وقد برز في هذا المشهد العنف بنوعيه اللفظي والجسدي كتعبير عن حالة الرعونة والتعذيب الممنهج الذي يتأكد في فعل الشخصية باعتبار الفعل النصي ترميزاً لثقافة العنف وللأساليب القمعية الممارسة بين كثير من الأسر وعلى مرأى ومسمع من كل أفراد المجتمع . ومن نافلة القول التأكيد بأن الخطاب السردي في هذه القصة لم يقف عند الحدود السطحية للدلالة المؤشرة عند مستوى العنف الجسدي وحسب , إذ يمكن قراءته في مستوى دلالي أعلى ؛ فالقمع تجسد فعلاً مركباً بكونه سلوكاً عدائياً مشخِصاً للثقافة المجتمعية التي جبلت على الهيمنة الذكورية , وهذه المكاشفة القرائية وجدت في مقابل المأثور من الخطاب الآخر الذي يدعي مناصرته لكل القضايا الحقوقية سيما قضيتي الطفل والمرأة, وبما أن الحالة الإبداعية هي بالضرورة تشخيص لمكامن الخلل ونقد للهفوات الاجتماعية بغية تصحيحها فإن هذا العمل الفني التزم بهذا الطرح الأخلاقي حيث جرى نقل الواقعة الاجتماعية إلى أفق الفن ممثلاً بالقصة وفي المغزى والمقصد توجيه المجتمع للتخلص من هذه الممارسات السلبية , فالعامل الفني مكّن الراوي من إضاءة ((مواطن الرطوبة والعفن , وأخرج قضايا حساسة من ظلمات الكتمان والتجاهل ليعرضها تحت أشعة البحث والتفسير ))(9) .

وقد أسهم البعد المكاني للقصة في تعرية قيم المدينة المزيفة وتمنطقها بالمدنية المدلسة , عندما تنصلت المدينة عن دورها القيمي والأخلاقي لتغدو شوارعها وأزقتها المهجورة بؤرة للتشرد وملاذاً للنفي تستوطنها الحيوانات مع البشر الذين لا مأوى لهم, والمتشردين من الأطفال الذين اضطرتهم ظروفهم الاجتماعية للعيش في هذا المستنقع جوار الروائح العفنة ونفايات القمامة , لقد فقدت المدينة دورها الحضري والثقافي حين أفردت ذراعيها للتشرد ووسعت من مساحة البؤس واليتم , وهي بهذا الفعل تفتح أمام المتلقي تساؤلات عدة وتترك علامات الاستغراب والدهشة بانغلاقها في وجه الطفولة المحرومة , وقيامها على ثقافة نرجسية وأنانية مفرطة لازمت إنسانها ومؤسساتها التي تدعي مراعاتها للحقوق وانتصارها للطبقات المسحوقة في المجتمع , وبهذا يتعدى العنف في القصة الفردية ليصبح ظاهرة اجتماعية وعلامة على الخواء الروحي وانعدام القيم الإنسانية والمدنية بين الأفراد والمؤسسات. العنف النفسي: ويمثل أحد أنماط العنف الذي أبان عنه مكنون الخطاب القصصي في المجموعة , وثمة مظاهر عدة لهذا العنف يأتي في مقدمتها التحقير والتهميش ومحاولة إلغاء الآخر أو مصادرة رأيه وحريته والتنكر للحقوق للزوجية , وهذا البعد في الغالب يأتي مضمراً أو أنه مسكوت عنه , وقد مثلت الذات المؤنثة أكثر الشرائح الاجتماعية استقبالاً لهذا العنف , والمجموعة تحتشد فيها الكثير من الإشارات الدالة على العنف النفسي والذي في الغالب يرد متصلاً بالعنف الجسدي واللفظي . وتمثل الخطيئة الجنسية نمطاً من العنف الجسدي والنفسي , ودائماً الضحية هي الأنثى , وحدها من يتحمل تبعات هذه الخطيئة في ظل منظومة الهيمنة الاجتماعية الذكورية التي تنظر من زاوية واحدة وهي تسقط نتاج الفعل الغير أخلاقي على ذات الأنثى وتحصرها في زاوية مظلمة , وهذا ما انبنت عليه قصة لعنة التي من عنونتها كرست القاصة المنظور القيمي وصاغت من هذه البنية الإفرادية إحالة رمزية مفتوحة القراءة باعتبار اللفظ قد يوهم بأن تكون الأنثى هي اللعنة, أو قد يكون فعل الخطيئة هو المقصود باللعن , أو أن القاصة تحاكم بهذا العنوان الأنساق الثقافية للمجتمع , وبالإشارة للنص اللاحق فقد عمدت القاصة إلى التناص القرآني في قصة مريم عليها السلام قولها(( انتبذت مكاناً قصياً تخفي ما بات يركل أحشائها ... يصفعها الندم مع كل ركلة من ركلاته )) (10)

هذا التناص أوحى بهول الحادثة والروعة التي سكنت الأنثى وهي توشك أن تضع نتاج خطيئتها. وقد أبرزت القصة صورة مشوهة لفحش الرجل و الذي تنصل عن وعوده وتنكر لفعله محملاً الأنثى تبعات هذا الجنوح والفعل غير الشرعي , وفي ظل الحدث القاتم يكون المولود ضحية أخرى حيث توارت الأم عن أعين الناس لتلقي به في حاوية النفاية ((بعينين ذابلتين تمسح المكان .. المكان مقفر كروحها , تبحث عن غراب يواري سوءتها .. يعلمها كيف تخفي خطيئتها .. تمشي بخطوات متعثرة .. شمس الظهيرة تلفح وجهها , تتذكر ما الذي سينتظرها .. تتصارع بداخلها مشاعر الخوف والحزن والألم .. لا تدري ماذا عساها أن تفعل ؟ يهديها غرابها لحل وحيد .. ترمي به في حاوية نفايات على الطريق... تغمض عينيها ... تحاول تجاهل صراخه , وقلبها يمزقه الحزن! تواصل المسير نحو المجهول وهي تلعن نفسها ألف لعنة)) (11) .

بلا شك فإن النص عزز من حضور العنف النفسي وهو يتلبس هذه الذات وكرس من حالة الاغتراب والصراع بنمطيه الداخلي والخارجي وذلك من خلال حضور الإشارات النفسية ذات الصلة بالعنف , حيث وظفت القاصة مفردات الخوف والحزن والألم وهي أفعال ترتبط بالواقع النفسي , وفي هذا السياق استدعت القاصة رمزية الغراب الذي لازم حادثة القتل الأولى في ذاكرة البشرية ؛ فالخطيئة الجنسية والوأد للمولود جريمتان كرستا واقع العنف المجتمعي, في مقابل انهزام قيم الرحمة والشفقة , لقد أضاءت القاصة بهذا النص جانباً من الحوادث الاجتماعية المسكوت عنها وحاكمت نزوات المجتمع وعُقَدِه وقناعاته المترسخة ضمن بنية العقل العربي الذي أفرغ جام غضبه على هذا الكائن دونما اعتبار للجوانب الإنسانية . ومن جليل ما قدمته هذه المجموعة أنها كشفت الحجب المعتمة عن عالم المرأة , واستطاعت أن تصل إلى أقصى التجربة التي يعيشها الإنسان في واقعه , ومثلت بمادتها القصصية رافعة فنية تتلمس خلالها قلق الذات وتعبر عن بالغ القسوة المسلطة عليها , إنها أي المجموعة عالم من العلامات والدلالات خاطبت بها القاصة وعينا الجمعي وحاكمت عبرها ثقافتنا الضحلة التي أفرزت العنف وانتجت في كل أسرة سوطاً وجلاداً وجعلت من هذا الجسد الآدمي لوحة للعبث وخطاطة توثق بها قوانين وصكوك الانتهازية الذكورية , إنها رؤية بعدسة الأنثى حاولت أن تلتقط بها مواضع الأنين في واقعنا الموبوء مستعينة بمسبار الأدب وثراء اللغة السردية بعد أن غدا العنف فعلا موجها تحركه ثقافة المجتمع وتدعمه البنى السياسية والاجتماعية بكل أشكالها .

 

الهوامش

1ـ يوم في برواز مجموعة قصصية , نبيهة محضور , أروقة للدراسات والترجمة والنشر, 2016, ص5 2ـ قصة ألم , مجموعة برواز , 59. 3ـ قصة وعد ووسام ,ص67. 4ـ نفسه , ص68-69. 5ـ سيمياء اسم العلم الشخصي في الرواية العربية , جميل حمداوي, مجلة الراوي , جدة , عدد 24, فبراير 2011م ,ص56. 6ـ العنف في الرواية اليمنية منذ عام 1990, مسعود عمشوش , مجلة الثقافة , صنعاء العدد 104, 2012م , ص84. 7ـ قصة لعبتي , مجموعة يوم في برواز , ص31- 32. 8ـ نفسه ,ص32. (9) أنين السرد ـ ثيمة العنف الزوجي في رواية الجازية بنت منصور , محمد شهبون موقع الكتروني , 26 مايو 2016. 10ـ قصة لعنة مجموعة يوم في برواز , ص37. 11ـ نفسه , ص38.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً