الأحد 02 فبراير 2025 آخر تحديث: السبت 1 فبراير 2025
(( زليخات يوسف )) نصوص في درجة عالية التوتر ؟ - جاسم عاصي
الساعة 15:30 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

مشروع القاص العراقي ( علي السباعي ) يعتمد على منهج فضح الظواهر السلبية ، ذلك بالإعلان عنها وكشفها ، وفضح خصائصها على لائحة النص ، محاولاً في سياق نصه أن يكسر مثل هذا النمط من الكشف عن طريق تقشير الظاهرة ، وعكسها بفعل استخدام الموروث الشعبي والتاريخي والمثيولوجي باقتدار واشارية ذكية ، وإدارة ماهرة . سواء كان في المعالجة أو اختيار الموضع داخل النص القصصي بحيث يتواءم مع الخط العام للحدث في استنهاض المعنى . أي يمنحنا قدرة المقابلة أو التمرئي بين ما هو واقعي وبين ما هو موروث .
وتكاد تكون موضوعاته متشظية من موضوعتين رئيسيتين وهما الحرب والحصار ، لكنه لا يأخذهما بمعناهما الاقتصادي والسياسي بل يمنح الجوال القصصي حرية الدخول إلى المدلولات الأخرى ، لذا فهما قناع ، وتعامله مع مفردة الواقع على درجة عالية من الحساسية والإثارة لدرجة طغت على القصص حالة التوتر والحدة . وقد وظفت الأجناس الأدبية والجمالية عامة داخل النص عنده ، كالسيناريو السينمائي والموسيقى الصورية والشعر والأداء المسرحي والتصوير الفوتوغرافي والتشكيل عن طريق الظل والضوء ومكونات الطبيعة .
كل هذه الأجناس اجتمعت في قصص (( زليخات يوسف )) لكي تمنحنا نصاً قصصياً مقتدراً بذاته . لكنه يبقى عارضاً لا محللاً  ، ومرشحاً المعنى الجديد . يصوغ الظاهرة بروح منسجمة فنياً ، وهي خصيصة القص عند القاص علي السباعي . غير أن ما يعاب على هذه الطريقة في الكتابة هو شدة اقتراب النظرة من الظاهر وقلة تبدلها واتساعها وشموليتها .
أعتقد أن القاص ( علي السباعي ) يمتلك إمكانية كبيرة لصياغة نص جديد يمنح الصراع أو الدراما القصصية - أن جاز التعبير – هدوءاً وتأملاً وتحليلاً أكثر للبحث عن قضايا الظاهرة خارج حدود المرئي ، بحيث يضيف قدرة أخرى إلى جمالية هذه الموهبة في صياغة نص قصصي يمتلك قدرة شعرية . أن لغة القص عند علي السباعي في قصص (( زليخات يوسف )) ذات جمل قصيرة شعرية معبأة ، حادة ، لماحة ، وأحياناً وحشية ، تجسد القاسي من الظاهرة أو الموقف .
إن تجميع ثيمات الموروث ، سواء كان التاريخي أو الشعبي داخل بوتقة القصة ، لم تكن كورود خواطر بقدر ما هي تتماسك مع بعضها ، وموظفة توظيفاً هادفاً داخل النص القصصي ، لتحيلنا إلى سعة رؤيا لما هو مبعثر في الواقع . لذا فالقصة عند القاص علي السباعي نقد جريء تمسك برأس الخيط من أجل الوصول إلى هذا الهدف ، ويعتبر التوظيف هنا على الرغم من اعتماده على الإشارة والبرقية إلا أنه دال وجامع .
إن الرحلة مع قصص علي السباعي هي رحلة واسعة في غور النفس الإنسانية الشابة المعذبة التي تنعكس مفردات الواقع على صفحة إحساسها بدقة وحساسية مرهفة ، حيث تجيء العبارة والصياغة معبرة عن ذات النفس المتوتر الصادق ، وهي رؤيا معرفية صادمة لما هو خطأ من مشاهد الحياة .
في قصص السباعي علي يكون واضحاً منطق المقاربة بين النصوص والسيناريو من جانب ، والنص القصصي واللقطة السينمائية من جانب آخر ، فالقاص العراقي علي السباعي يجمع أجزاء نصه عبر مرتكزات ومشاهد ، تحكمها قدرة قصصية متميزة ، وذهن جامع ، بمعنى أن الصورة التي تبدو عليها ثيمة النص القصصي ، تكون قد مرت بمختبر ذهني ، والتقطت عبر عدسة سينمائية حساسة ، يرفد ذلك لغته الشعرية التي تصعد من المشهد القصصي ، وذلك بإيجاد علائق منطقية بين لغة السرد والوصف ، وطبيعة المسرورد عنه ، وقلما نجد عند القاص علي السباعي نصاً قصصياً يسير نسقه وبناؤه على موقف ومعالجة تراتبية أو هرمية ، بل يحكمها ذهن يبدو موزعاً . لكنه في الحصيلة النهائية ملموماً بقياس المتحقق في نهاية كل قصة من قصص (( زليخات يوسف )) العشر . 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص