الاربعاء 27 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
الأخيرة - وجدان الشاذلي
الساعة 17:40 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


الساعة التي يتكئ عليها الجدار المقابل ..لا تشير إلى الوقت هذا المساء بقدر ماتغذي إنتظاري وترقبي بكل ما تختزله هذه المدينة من طاقة سلبية.
لم يبدو الوقت هكذا ..
على عجلة من أمره على -غير العادة - تركض الدقائق في اتجاه التاسعة ،وكأنها لن تجيء !
منذ قليل فقط كانت السابعة ماتزال تتحسس طريقها بين ثنايا بعثرتي ..ساعتين كانت وفقا لتقديراتي كافية جدا للملمتي كما يجب .
أجيب الهاتف ،وأجد نفسي في ورطة إضافية ..سأحتاج الآن إلى معجزة ما كي أقنع "منار" بأن مايمكن أن تقوله أو تسكت عنه.. مهما بلغت أهميته ،يمكن أن يؤجل لساعتين إضافية هذه الليلة على وجه الخصوص.
- وينش ياوغدة ،لا حس ولا خبر..
- موجودة..
- موجودة وين ،من المغرب مستنية على الواتس ،وما دخلتي..
- انشغلت شوي..
- حرقتي الشغل ...
مشدوهة أراقب الثامنة تقوم بخطوتها الأولى فوق إرتباكي وحيرتي ..
لم أسمع شيء مما قالته منار ،فقط لعقت غصتي وقاطعتها ..
- خبري ..أيش الجديد!
- والله ماشي جديد ،طفش في طفش ..إلا بغيت بذكرش بعيد ميلاد "مروة" ،معي فكرة (تقنن)..
- سمعي ..أبوي بيجي بعد شوي ،قدش تعرفينه يتعشاء بدري ..بجهز عشاه بعدين بكلمش..
- سمعينا بس .. 
- يالله حبتين وبكلمش ..
أغلقت الهاتف بعصبية ..وأنا أشاهد عقرب الساعة الرفيع يلقي بظله فوق الواحدة معلنا عن تبخر الخمس الدقائق الأولى ..
المسافة الآن ما بين المطبخ وغرفة المعيشة تبدو وكأنها مسيرة يوم !
أقف حائرة وسط المطبخ ،أنجز في رأسي الكثير من الأعمال التي يفترض أن أنجزها في أقل من ساعة ،وعلى الجانب الآخر وبطريقة ما أشعر بأن يدي قد تم تعطيلهما تماماً.
أركض من جديد في اتجاه غرفة المعيشة وأشعل التلفاز ..أنزلق على سلالم القنوات الفضائية وأتوقف عند الرقم "13" ،"زي اللوان"..
أقاوم بشدة يد خفية تجذب رأسي صوب الجدار الشرقي ..أسلم رأسي للجدار ويلدغني عقرب الدقائق ..
الثامنة والنصف 
حتما هناك شيء خاطيء ،أحدنا ليس على ما يرام ..أنا أم الساعة ؛لا أعلم!
أتذكر علاج جدتي ..
اخطف العلاج من الثلاجة ،وأهرول إلى غرفت جدتي ،أيقظها برفق وأساعدها على الجلوس متجاهلة وضعية السرير ،أضع حبة من العلاج في فمها وأنتظر حتى تتناول رشفة من الماء وتبلعها ..أعيدها إلى وضعيتها السابقة وأغادر الحجرة .
ثلاثة أطباق ،ملعقتان ،والأبريق هذا كل ما تبقى ..
صوت الموسيقى القادم من غرفة المعيشة يسري في جسدي مثل الكهرباء ويشعلني ..
الآن تقاتل يدي مستميتة ضد الوقت ،الأطباق ورغوة الصابون ،والموسيقى القادمة من كل مكان ،وضد يأسي ..
ألقيت بجسدي المنهك في منتصف الحجرة ،تسمرت عيناي على شاشة التلفاز تفيض لهفة وترقب ..
وتسقط الستارة السوداء على الشاشة وتطل في منتصفها كلمتان..
وأرتلهما بيني وبين نفسي :
"الحلقة الأخيرة".
أي لذة تتركها هاتين الكلمتين على فمي وقلبي ..
"الحلقة الأخيرة".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص