الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
غراميات بائسة - مصطفى لغتيري
الساعة 13:03 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


إيتالو كالفينو من أبرز الكتاب الإيطاليين في القرن العشرين، ولد عام 1923 بكوبا ، وتوفي عام 1985 .. حقيقة يكفيك أن تقرأ له مرة واحدة لتسقط في شباك عشق كتاباته،وكن على يقين أنك لن تنفلت منها أبدا.. يكتب القصة و الرواية بأسلوب متميز يجمع ما بين السلاسة وخفة الظل والمتانة في سرد القصص، كل ذلك متبل بسخرية جميلة وعفوية ،لذا كل من يقرأ له من الكتاب يحب أن يكتب مثله، حتى أن الكاتب اللامع كارلوس فويتنس قال عنه :
"إن القارئ لا يجد صعوبة في أن يدرك بأن رواية ما غير موقعة هي من روايات الكاتب الإيطالي إيتالو كالفينو. إذ يكفي بعد قراءتها أن يشعر بالحسد تجاه هذا الكاتب الذي استطاع أن يهتدي إلى الفكرة قبل أن تهتدي إليها أنت.و هكذا تكون كل روايات إيتالو كالفينو ما ترغب أنت أيضا وبشدة في أن تكتبه".

 

 

اليوم أعيد قراءة مجموعته القصصية الجميلة "غراميات بائسة" وهي من ترجمة محمد عيد ابراهيم ومن إصدرات دار نينوى، تحكي المجموعة في نوع من الانسجام عن مغامرات شخصيات من قاع المجتمع :الجندي والمومس والمحتال والموظف والقارئ وهكذا دواليك.
 

يرصد الكاتب بأسلوب فاتن لحظات حرجة في حياة شخوصه، مثل ما حدث لذلك الجندي الذي يعود الى بلده في إجازة عبر القطار فتجلس بجانبه امرأة أربعينية فيندمج معها في لعبة "التواصل الجسدي" الوصال بطريقة مثيرة وساخرة، ومغامرة تلك المرأة المستحمة، التي ما إن ارتمت في الماء حتى انجرف لباس السباحة بعيدا عنها، وظلت محرجة في الماء تجتر حيرتها على مرمى بصر من المصطافين، أو مغامرة ذلك المحتال المطارد من طرف الشرطة ليلا ، فيلتجئ إلى بيت مومس ليحتل مكان زوجها بينما يطرد هذا الأخير إلى الكنبة، غير أن رجل الشرطة العنيد كان أمكر من المحتال فلجأ لنفس البيت،وظل مرابطا به،حتى استسلم المحتال، وعاد الزوج لسريره سالما غانما.
 

من أجواء المجموعة أقتطف هذا المقطع من قصة مغامرة جندي، تتسلل يده إلى جسد المرأة الأرملة المستسلمة لقدرها، :"انبعثت اليد من الجيب، بخطوات مسروقة، سكنت هناك، مترددة، وبعجلة قامت بفرد البنطلون على طول قماشه الجانبي، تابعت لأسفل حتى الركبة. يمكن القول بدقة إنها تفسح المجال لتمضي أماما، عليها أن تحفر بينه و المرأة طريقا، بسرعة لافتة، صارخا بالتوتر والانفعالات اللذيذة.
 

قد نقول إن توماجره طاح برأسه للوراء على المقعد، حتى ليظن المرء أنه نائم. لم يبرر هذا لنفسه كتودد للمرأة، لكن إصراره لم يثر توترها، مما دفعه للشعور بالراحة، أدرك أن تصرفاته منطلقة من وعيه السطحي، من أعماق النوم، ومن هذا المظهر المتبدل للنوم، تشبثت يد توماجره بركبته، تفصل إصبعا واحدا، البنصر، ليستطلع. انسل الإصبع على طول الركبةن وظلت ساكنة طيعةن فاستطاع توماجره أن ينجز أشكالا متقنة بإصبعه البنصر على حرير الجورب، ولمح بعينيه نصف المغمضتين نورا واستدارة، لكنه أدرك أن خطر هذه العبة دون مقابل، فسطح البنصر قليل الحظ ومحرج في حركته، فهو ينقل لمحات أحاسيس جزئية ويعجز عن تصور قوام ومادة ما كان يلمسه".

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً