الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
موطن الأشباح - فيصل البريهي
الساعة 20:50 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


كُلُّ المعاني فيك مستغربَهْ
في واجهاتِ الكُشكِ والمكتبَهْ

 

كُلُّ العلاماتِ التي تحتوي
مَفْهومَها عن نَفْسِها مُضرِبَهْ

 

ماذا جرى ؟! ما كُلُّ هذا الذي
قد أرهَقَ الأُسلوبَ بالأَسْلَبَهْ؟!

 

كَمْ مرَّةٍ عنهُ تَسائلتُ في  
نَفْسِي...ونَفْسي منهُ مُستَهِيبَهْ

 

وكُلَّما سائلتُ مُستَفهِماً
عنهُ المزيدَ اسْتعصَتِ الأجْوبَهْ

 

هذا الذي مازالَ في خاطري  
مُستفحلاً كالقصِّةِ الـمُرعبَهْ

* ** *
 

يا مِوطني لي أنْ أرى فيكَ ما
لم تَستَطِعْ كالَّليلِ أنْ تَحجُبَهْ

 

فيكَ الجراحُ الـمُثخنَاتُ التي
لم تندملْ أغوارُها الـمُلهِبَهْ

 

في شَطِّها تَرسُو الجراثيمُ لِلْـ
ـأوباءِ في أعماقِها مُجلِبَهْ

 

كَمْ سَرْطَنتْ أعضاءَ أرضي وكم
ألقَتْ عليها حَسْرةً مُكئِبَهْ

* ** *
 

يا مَوطِنَ الأشباحِ كُلُّ الذي
نخشاهُ قد خُضْناهُ عَن تجربَهْ

 

ذُقْنا الرَّدى لم يَبقَ ما مِنهُ أوْ
عليهِ يَدْعو الخوفُ أن نرْهبَهْ

 

عِشْناكَ عُمْراً غابةً تَحتَسِي
أشواكُها أجسادَنا الـمُعطبَهْ

 

في وجهِها الكابُوسُ مُستوطِنٌ  
كالحيَّةِ الرقطاءِ و«العقربَهْ»

 

كلُّ الأفاعي والوحوشُ التي
تَعيشُ في أدْغالِها «مُحربَهْ»

 

كم أوْلَـمَتْ طُعْماً شهيَّاً لها
مِن لحمِنا...للنَّهشِ مستعذِبَهْ

* ** *
 

تِلكَ المغاراتُ اسمُها مَوطني
في جوفِها الأحلامُ مُستذئِبَهْ

 

كم في كُهوفِ الحُكْمِ مِن ثَعلَبٍ
يَبدو كَوَحشٍ شاهراً مِخْلَبَهْ

 

حُرّاسُهُ مثل النِّسورِ التي
مِن حَوْلِ كم مِّن مَيْتَةٍ مُسْرِبَهْ

 

ما مَرَّ من سُوقٍ ومِن شارعٍ
إلاّ بِهمْ مُستَعرِضاً مَوكبَهْ

 

يَحْيَون في الأبوابِ رَهْناً لِما
مِن كفّهِ تُعطى لَهمْ مِنْ هِبَهْ

 

وحسبُهم مِنْ جُودهِ أُكْلُهُم  
مِن زادِهِ أو نَيْلُهم مَشْربَهْ

 

عاشوا على بعضِ الحوايا كما
تحيا كلابُ السُّوقِ في «مقصبَهْ»«1»

 

إسْغابُهم ما كانَ يوماً ولا
شهراً....ولم يُحْصِ المدى محسَبَهْ

 

لكنَّ كُلَّ الدَّهرِ في جُوعِهم
والفقرِ قد عاشُوهُ ذا مَسْغَبَهْ

* ** *
 

لم يَبلُغِ الإنسانُ في مَوطني
مهما سَعى تحقيقَهُ مأْرَبَهْ

 

فالشعبُ مِن أقصاهْ شرقاً إلى
أقصاهُ غرباً فاقدٌ مَطلبَهْ

 

لا فرقَ في مَنْ عاش في شرقِهِ
مُستوطِناً...أو ساكناً مَغرِبَهْ

 

رغم امتدادِ الأرضِ مِن «شبوةٍ»
في شرقهِ غرباً إلى «قُرطُبَهْ»

 

سِيَّانَ فيها كُلّ أبنائِها
في المستوى الفِطريِّ والمرتبَهْ

 

أو بَينَ مَن مِنهم يراها لَهُ
سِجناً 
ومَن مِنهم يرى ملعبَهْ

* ** *
 

هذِيْ بلادي كلُّ خيراتِها
في جَوفِها...كالخزْنَةِ الـمُذْهبَهْ

 

لكنَّها في قَهرِها لم تَزلْ
كالأُمنياتِ البِكْرِ مُستَغصَبَهْ

 

ورَغم جُودِ الـمُزنِ بالغيثِ لم
تَبْرحْ صَحارى نَفْسِها مُجدبَهْ

 

ليستْ بِغيرِ الجدْبِ والقَحطِ في
واحاتِها مهما اسْتَقَتْ مُخْصِبَهْ

* ** *
 

 

يا موطناً لَمْلَمْتُ انداءَهُ
قارورةً عطريَّةً طيِّبَهْ

 

أحسنتُ فيكَ الظَّنَّ مُسْتَبعِداً
عنكَ الرؤىٰ في حالةٍ مُغضِبَهْ

 

وكُلَّما حاولتُ أن لا أرى  
للسُّوءِ عيناً فيكِ مُستعقِبَهْ

 

سُرعانَ ما ترتدُّ عينُ الرِّضا
مُستاءةً...للظَّنِّ مُسْتَخيِبَهْ

 

لا شيء يبدو فيك مستفحلاً
غيرُ الأسى كالَّليلَةِ الـمُذنبَهْ

 

نستَبْدعُ الآثامَ فينا وقد
شاعَ ابتداعُ الإثْمِ كالموهِبَهْ

 

والشرُّ سلطانُ البلادِ التي
فيها استوى الإنسانُ والأرنبَهْ

 

فالدَّهرُ مِنّا مُنهَكٌ لم يُرِحْ  
أو تسْترِحْ أعضاءُهُ المتعَبَهْ

* ** *
 

والنفسُ لم تبرحْ بأهوائها
للشَّوقِ في الأحشاءِ مُستَقطِبَهْ

 

فيها انجذابٌ كهربَتْهُ المنى
مثل انجذاب البرق للذبذبَهْ

 

لكنَّنا والعصرُ في غفلةٍ
سكْرى...تمادينا بها...فانتبَهْ

 

عشناهُ في نومٍ وغيبوبةٍ
والكُلُّ مِنَّا تابعٌ مذهَبَهْ

 

لم نلتمسْ منهُ سوى ما بهِ
مِن لذَّةٍ كالشُّحنَةِ الموجَبَهْ

 

في صفحةِ «الفِسْبوكِ» كم مُعجَبٍ  
مُسْتَمتِعٍ بالَّلهوِ أو مُعجَبَهْ

 

نقضي ليالينا...، وأيامُنا
تُقيمُ مِنَّا للهوى مأدُبَهْ

 

وسوف نبقى في المواويلِ 
لا شِعراً ولا لَحْناً ولا مُطرِبَهْ

* ** *
 

 

مِنَّا وفينا القتْلُ حصْراً كما
مِن بينِنا المقتولُ والمشتَبَهْ

 

ليستْ لنا أيُّ القواميسِ في
نحوٍ ولا صرفٍ بمستوجِبَهْ

 

لا شيءَ غيرُ الجهل مِن صلبهِ
جئنا انتساباً قبلَ أن نُنْسَبَهْ

 

فما سُواهُ كان أصلاً لنا
ولا سُوى الفوضى لنا مُنجبَهْ

 

كُنَّا وما زِلنا على عَهدِنا  
لن نُرضِعَ الـمَعنى ولن نحلُبَهْ

 

وسُوفَ نجتازُ المدى جملةً
مبنيَّةً في الشَّكلِ أو مُعرَبَهْ

 

لن تشهدَ الدُّنيا لنا نُخبةً
في موكبِ الأمجادِ أو كوكبَهْ

 

مادامتِ الأهواءُ تهفو لِما
نأتي مِن الأخطاءِ مُستَصوِبَهْ

 

والعمرُ دربٌ لم يجدْ زادهُ  
مِن عابرٍ فيهِ ولا مركبَهْ

 

لم يُحْصِ مِن شارٍ ولا بائعٍ
خُسْرانَهُ في السَّعْي أو مَكْسَبَهْ

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً