الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
أنا مع القصة والرواية في ظلام(الجزء الثاني) محمد عجيم - عبدالعظيم الصلوي
الساعة 13:05 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

الجزء الثاني:

أنا بين القرطاس والقلم ..

سؤال : كيف بدأ معك ذا الذي تسميه داء ماله دواء..الكتابة؟
 

كأنك تقول ضع نفسك موضعها بين أهل هذا الفن..وبالأخص  بين نفسك بين أهل القصة والرواية.
الغريب في أمري مع القصة والرواية أني قد كتبت الرواية ..الرواية الطويلة قبل القصة بزمن طويل جدا..ولقد كانت أول رواية لي بعنوان " إبني الحبيب" ووجه الغرابة أني كنت كتبتها وأنا لم أبلغ الحلم بعد.
كتبتها ولم أر من وجوه النساء إلا وجه أمي وأخواتي وبعض وجوه بنات عمي أو قريباتي.
والغريب أني كنت  في هذه الرواية أحدث إبني عن جمال أمه وطيبتها ورقتها وكيف أني احببتها وكيف أنها تحبني وتعزني ..ووو..حكاية ..وكنت أكتب هذه الرواية بالسر..بالدس..وكل ليل أكتب فيها بضع صفحات ثم لما أتعب اخفي الدفتر تحت كتب المدرسة حتى كانت ليلة نسيت الدفتر على السرير في حضني..ونمت..ولم أصحو إلا على صوت الوالد يرحمه الله  المرعد يصيح بي ..وهو ممسك بخناقني ..: فين دا الولد..ومين أمه..وهما فين؟ 

 

سؤال: وهل نشرتها ؟
بل بعدها لم أستطع أن أكتب حرفا واحدا فيها..عدت مثل الرجل الخادم الصالح الذي كان طوال الليل يقوم متعبدا لله وعند الفجر يسارع بالماء إلى وضوء سيده وفي ليلة شافه سيده وهو قائم في المحراب يصلي...فلما جاء وضوء الفجر تفاجأ العبد بسيده يصب له الماء وهو يقول له أنت سيدي..وفي اليل شكى العبد أمره لله..اللهم أني كنت أعبدك سرا لك..أما وقد انكشف أمري فاسترني..فمات في مقامه..أحسست أن ابني قد أنتهكت عليه حرمته وفضح أمر زوجتى وعري إبني من شرعيته وأني أصبحت رجل ليل وبنت ليل ومنجب منها إبن الخطيئة .
والعجيب أني بالكاد كنت أقرأ ما أكتب ..وحتى الآن..لسوء خطي..فكيف أستطاع الوالد يرحمه الله أن يقرأ خطي وهو الذي كان يتندر ويقول لي ....يا ولدي إذا كتبت لواحد رسالة فرجاء أن تسافر قلبها او معها لتقرأها له..هههه..وليس صحيحا أن ذوي الخطوط البشعة يقرأون لبعض فوالدي رحمة الله عليه كان ذو خط جميل وأنيق وكم من مرة رحت أتمعن في يده وقلمه " الشفر"  لما يجي  ليوقع أي ورقة..كان له توقيعا جميلا وأنيقا..كل ذلك وهو لم يكمل الإبتدائية " فيما اعتقد" 
والأغرب أني عدت إلى هذه الرواية بعد عمر..فلم أستطع أن أقرأ منها إلا شيئا يسيرا وقد نافت على الثمانين صفحة.
وكم كانت غريبة تلك المشاعر وعجيبة تلك الأحاسيس والتعابير.هل هو العبط الطفولي ..أم المراقة المفاجأة  أو الشيخوخة المبكرة ..ممكن.
ثم كتبت المذكرات..ولا يزال عندي منها الكثير..ومنها الكثير بتوقيع " أبو طير" أي أنا.
ثم دخلت الثانوي ..وهنا عرفت البنت ..والبنات..وعرفت الحب ..بل وذقته..والعجيب أني وحتى الان  لم أنس ذلك الطعم..طعم الحب الأولي..الذي في القلب.
ولقد شرقت وغربت وعرفت بناتا ثم نسيت ..اقتربت منهن وابتعدت عنهن ..أبدا لم يحتل حب بنت منهن ذلك الركن الخفي الخلي من قلبي.
ولم أكتب ..لم أستطع أن أعبر عن ذاك الحب بالكتابة..تعلقت بالعود..أعزف عليه دون علم ولا كتاب مبين..فقط أطرح أحساسا في أعماقي..على هيئة رنات عود.
لم أكن أسع أن أردد معزوفة فلان أو علان.." وحتى الان " كنت فقط أريد أن أبكي وأضحك..وأرقص..مع محبوبتي..على العود.." وحتى اللحظة".
ثم جاءت الجامعة
وكأني كنت بناية شاهقة من حب وقاد..وجاء قرار هدمها.
ونبتت في مخيلتي أغنية عبد الحليم..فاتت جبنا ..وهدتني فوقي..ودكتني تحتي..ساوت بي الأرض.
ثم جمعت ركامي ولملمت أشلائي وبنيت في حب جديد..بكل عنف..على أنقاض الحب القديم.
وهنا أبى القلب أن يلتئم..ضل ممزقا بين حب الصبا وحب الشباب.
وهنا وبقدر ما احببت البنت كم وكم كرهتها ..وحتى الان..كم كرهت البنت التي استطاعت  أن تحل حبا مكان حب
ومن حولي كان كل شيء مؤلم..فكانت أول قصة لي.
وكانت ستكون رواية وأي رواية..ولكني لما كنت محكوما بشروط المسابقة الجامعية التي تصر على عدد معين من الصفحات ..أختزلت روايتي إلى قصة قصيرة..كبنت جملية طويلة عريضة وضعت في قارورة عطر صغيرة ضيقة ..اي رواية في قصة أو قصة طويلة.

 

 

 سؤال: ماذا قلت في هذا القصة.." كيف كتبت القصة في هذه المرحلة "؟
الوجدانيات ...فيما أتذكر أني كتبت هذه القصة وبعدها عشر قصص..كلها عبارة عن صرخة..صرخة طفل أخذوا منه رضاعة الحليب وأعطوه دبا كبيرا جميلا وأنيقا وغالي الثمن..ولكن الطفل جوعان للحليب ولا يريد الفطام والعالم كله من حوله يقول له أني قد كبرت ..وحتى الان  كم أكره هذه النعت أني كبرت ..كبرت عن كذا وكذا وهذا أصبح في حقي عيبا وهذا لا يليق بك وهذا صغير عليك...يا جماعة إلا الحب والقلب..هذان الجناحان الذي طرت بهما أول مرة في هذه الدنيا فوجدت نفسي إنسانا حرا طليقا..ولا استطيع أن أطير بغيرهما..ولكن هيات..المجتمع يقول الحب حرام والأهل يقولون ذاك عيب والدين يقول غض البصر وتزوج والتقاليد تقيدني بقيود من حرير مسموم يفت في معصمي..فكانت تلك القصص تمردا صامتا في وجه من سلب مني أعز ما كنت أملك..القلب..وأعطاني قليلا من العقل والتعقل..
ولقد كتبت تلك العشر أو تزيد قليلا..دون أن أقف على حرف واحد في كتب فن الفن القصة وكيف لك أن تكتب قصة..كنت أكتب القصة وأنا أنظر في نفسي ..أكتب القصة وأنا أسمع نفسي وأبكي على حالي ..أكتب القصة وأنا أقيم مأتمي على نفسي..أكتبها وقد أقمت صيوان العزاء لي لوحدي ..ولم أجد من يأتي لعزائي إلا أنا..فأضع يدي في يدي وأتقبل فيّ العزاء.
ولم أتعب..لا من الحب ولا من القلب ..ولم أنس لا البنت ولا الحزن القائم فيّ بعد أن فارقتها.
وفازت هذه القصة بالجائزة الأولى ...كيف لا أعرف..وكم فرحت..وكم حزنت..فرحت أني أصبحت معروفا ككاتب قصة على المستوى الجامعي..ولكن هل يعرفون ماذا كنت أكتب..إن كانوا لا يعرفون فتلك مصيبة وإن كانوا يعرفون فالمصيبة أعظم..أي أنهم  يسمعون صرخي وصرخاتي..ويفهمون همساتي وتلميحاتي...يعرفون من أقصد بإشاراتي ويفهمون مغزى توجيهاتي..أي انهم يعيشون معي الآمي ..وهذا منتهى الكذب فلا يعرف الحب إلا من كابده..وهذا كذب فهم لم يعيشوا ما عشت ولا عانوا ما أعاني..فكيف فازت القصة في نظرهم..فقط شيء واحد واساني ..قلت لعلك فزت يا بوعجيم لأنك كنت صادقا فيما قلت.
وهذا الطامة الكبرى
أني كنت صادقا..يا ويلي..فهل قلت كل ما كان بيني وبين الحب..هل أفصحت عن كل مكنوناتي وأسمعت صرخاتي من به صمم..هل سار  بحبي من لا يسير مشمرا ً..أي هل لما كتبت القصة كنت واضحا كل الوضوح لذلك فازت قصتي بالمركز الأول أي اني كنت مفضوحا لكل الناس وأن حبي غدى على كل لسان وأن  السادة المحكمين عرفوا من أقصد بحبي وفهموا كيف بدأت الحب وأحسوا بنفس احساسي قبل وبعد الحب..والله مصيبة..فأنا لما كتبت القصة تلك لم اكن أقصد أكثر من أن أقيم علي وعلى حبي مأتما وعويلا.
وهذه الحادثة أقامت في سؤالا دائما.., استفهاما قائما ...وحتى اليوم.

 

 

 سؤال : كيف يفهم المتلقي ما تقول؟
والله هنا المشكل..ولكن أوجز لك...السؤال بشكل آخر ...كيف لي أن أفهم القارىء ما أريد أن أقول..كيف وأنا أصلا أبثه ما في من أحزان نفسي..كيف أجعل القارىء الحشري أن يفهمني مع اني أبكي بصمت وأئن بحرقة وكمت..كيف يفهم القارىء أني أتألم وأتوجع ..وأفعل ذلك لنفسي بنفسي..ولكن على الملأ ..منتهى التناقض..أريد أن أشكي نفسي لنفسي..ولكن على مسامع الخلق..أريد أن ألعق جرحي لوحدي ولكن في محفل من المشاهدين..غاية التلوي والتلون..أن تذهب إلى نفسك وتنزوي بنفسك وتخلو بحالك ولكن في وسط الناس أمام كل من رأى وسمع.
وفي قصصي الأول كنت بقدر ما أفرح بقدر ما كنت تألم..ذلك أن قصصبي لم تكن مشاعا..لم أكن أكتب إلا عن داخلي ودواخلي..كنت أسطر ألآمي..وأرص كلماتي معبرا عن أحاسيسي أنا..عن حبي أنا.. محبوبتي أنا..وكيف أنها أخذت مني  قلبي..وتركت لي عقلي..وكيف أن الزمان أبعدها عني وتركني وحيدا في مهب الريح في كهف مظلم ..ولوحدي..مع عقلي..وبقدر ما كان العقل أكبر نعمة أنعم بها الرب على بني الإسنان بقدر ما هي أكبر نقمة وأي نقمة بعد أن يترك شاب مثلي وحيدا مع عقله..مؤكد أني سيزيف الشقي الذي لم ولن يصل إلى قاع الماء ولا إلى قمة الخلاص في الجبل.
وهنا كان مفترق الطرق في قصصي..أو في روافد قصصي..أني ذهبت إلى كتب العقل والفلسفة والعلوم والفنون..ثم أرجع إلى القصة أعبر بكل تلك الأدوات عما أجد في نفسي..أي أني أكتب عن الوجدانيات بمنتهى التعقل...أكتب عن الحب بفلسفة أصور والحب بالعقل والتشريح ..وأقصص قصصي مع محبوتي بإزميل النحات ومشرط الجراح..ومن هنا اعتقد أني كنت صعب الفهم على كثير ممن تابعني في قصصي..وله الحق.

 

 

سؤال  :..أيجب أن تنزل ( إن صح قول نزول ) إلى الجمهور أم هو من يجب أن يرتقي إليك؟
شوف..
لم أبغض شيئا كما كرهت الفن التشكيلي وتفرعاته من التجريدي والسريالي والعبثي ..لسبب بسيط..كنت أقول إن اللوحة الفنية التي لا تفهم إلا إذا وقف الرسام بجانبها يشرح للزوار مغازى تلك الأولان ويفهم العامة معاني تلك الداخلات ..فذلك ليس من الفن في شي..ولكن هناك أمور فنية وأدبية يستحسن فيها الغموض..والغموض المشوق أن  تصل إلى الغاية الواضحة  والمعاني الجلية..ذلك الغموض الذي لخصة الشيخ الطنطاوي في بيت شعر لشوقي ( كأن لم تك بيني وبينها أشياء )  ومع علمي بهذه القاعدة..أن هناك من الغموض المشوق والمستحب..فالغريب أني لما أكتب القصة أكتبها بكل شفافية وبكل صدق ومعاناه..ولا أتعمد الغموض ومع ذلك وبعد نهاية القصة أجدني قد أوغلت في الفلسفة القصصية إن صح التعبير او قل القصة بأسلوب متفلسف..وكم أكره أن أقول مثلا..كان في يوم من الأيام في مكان كذا وكان ثم صار كذا وحدث كذا..لا أحب هذ الأسلوب..ورويدا رويدا وجدتني حتى أغفلت الزمان ..ومن قبل كهرت الانتماء إلى المكان وإن كان بعض قصصي يوشي بمكان القصة.

 

 

ومازال السؤال قائما هل أنزل في قصصك إلى المتلقي أم تنتظر أن يرتقي  القارىء إلى مستوى القصة عندك ؟
الحق أقول لك أني أمشي على خطا ثابتة في هذا الأمر ولم أغفل عنه بمعنى وأنا أكتب أحط بين ناضري المتلقي وأحاول ان أصل إليه وإلا فما فائدة أن أكتب للناس..ولكن هناك ضوابط وأسس للكاتبة إلى الناس ..وقبل ان يراعيها الكاتب على المتلقي أن يستوعبها..مثل أستشهد ببيت من بيت الشعر او جزء من آية او أن أقتبس شيئا من آية..أفعل ذلك وأنا آمل من القارىء ان يتم الباقي وليس أكثر من ذلك..وليس في ذلك من الغموض المبذول..وهذه القناعة وهذا الأسلوب لم ينتب فيّ نبتا شيطانيا بل قد ولد ولادة شرعية وصحيحة وسليمة ذلك عندما أدبني أبي الروحي " كنت أقول له ذلك  حتى نهاني" أستاذي في المتوسطة محمد فكرس حمودة يرحمه الله حيا وميتا..أول من نبهني إلى أن أرتقي وأنتظر أن يرقى إلي المتلقي ..ومن يوم ذاك وأنا أنمي مهاراتي القرائية شرقت وغربت وقرأت الكثير الكثير..ثم كتبت ..وكذا فأبسط ما يحسن بالمتلقي لما اكتب له أن يتثقف قليلا..وكم من مرة طلب مني أن اكتب للطفل فأبيت..قلت لهم لا أعرف أن أنزل بمفرداتي إلى لغة الطفل المفهمة..ليس ترفعا ولكن الكتابة للطفل تبغي منك الكثير من المفردات اللغوية التي تربطك بالطفل ..والطفولة وذلك مالم أستطع عليه صبرا..لأني ومبكرا هربت من القصص التي تخاطب وجداني وأحاسي وقلبي إلى كتب العقل التي تمخر علقي وتفتح مداركي على المجهول ..فقط لأني إنسان ويكاد الإنسان أن يفجر أمامه.
من هنا أقول لك أني نعم أكون صبعا بعض الشي على صفوة القوم وصعبا جدا على عامة القراء..وفي هذا الصص عندي بعض الشواهد..ذات يوم قال لي كاتب وناقد كبير ف الرياض" والله غاب عني أسمه الآن قد  يكون الأستاذ " الحميدان " قال لي يا ولدي لقد أرهقتني وأنا أقرأ قصصك..قطعت نفسي..ضحكت له وقد غبطت بهذا الوسام الذي نلته منه من حيث لا يعلم..وقلت له ..يا سيدي كما أكتب يجب أن تقرأ..فأنا أنتصب على المكتب الساعات الطوال لأقرأ ثم أكتب فليس كثيرا أن تعتدل في جلستك وأن تقرأ لي.
وأستاذ فاضل كريم عزيز علي ..كنت كل ما صدرت لي مجموعة أذهب إليه أهديه نسخة منها ولكني غبت عنه فترة ..ثم سمعت أنه مريض فرحت أعوده فقا ل لي..أين أنت وأين كتاباتك..هات لي منها ما اتسلى به في وحشتي هذه..ومن يوم ذاك لم أهده أي من كتبي..من قال له أني أكتب لكي يتسلى..انتهى.
وأساس ثان أعتمده وأنا أكتب وأتوجه للقارىء..هو قول الشاعر..علينا ان نأتي بالقوافي من معادنها.
وأساس ثالث ..أعتمد عليه عندما قال الشاعر..لنا أن نقول وللناس أن تتقول ما تشاء.
وأذكر في هذا الصدد أن اخا جاءني أيام الجامعة يقول..إن هناك شخص يتابعك كل سنة وأن تفوز بجائزة القصة فذهب يقرأ ما تكبت فوجد في إحدى قصصك إلحادا بواحا ..ولما عدت للقصة التي يعني وإلى الجملة التي يقصد رجعت للرسول وقلت له  : قل لصاحبك  الذي يدرس اللغة العربية ...هل قد مسع عن شيء في اللغة أسمه الطي والنشر..؟!
غير هذا فأنا في القصة إنسان بسيط واضح جلي قريب..ولكني نبهت أحدهم الذي قال لي يا أخي لا أفهم كثيرا مما تقص على صفحات الفيس بوك ..فسحبته إلى ساحة المدرسة وقلت له أنظر في الشمس..فلم يستطع..قلت له أنظر فيها هل تراها
قال المعنى؟
قلت لهإ  إني  واضح وضوح الشمس..ولكن بعض الوضوح غموض هذا كل ما في الأمر.

 

 

سؤال: وكيف أنت في ومع الرواية..حدثنا بشي من التفصيل.
أوكي
أولا أين أنا في صف من كتب الرواية
حتى تحدثي معك اليوم لم أكتب إلا أربع روايات..المتوسطة والطويلة والطويلة جدا ورابعة لم يكتب الله لها النور، الرابعة التي اختفت كتبتها أيام أزمة الخليج..وسكبت فيها كل المسبات والشتائم" بشكل مؤدب" وأظن أني كتبت فيها أربع مائة صفحة..ويوم ذاك كنت ما أزال في الجامعة..ولكن وفي ليلة ظلماء جاني هاتف هتف بي أن هذه الرواية قد تكون فيها نهايتك..فخفت..وجمعت أوراقي وذهبت إلى خلاء قريب من السكن الجامعي وحفرت للوراية ثم دفنتها أخفيها..وبعد ما تخرجت في الجامعة تذكرت تلك الرواية..فلما عدت إليها لم أجدها فإما أني نسيت أني دفنتها أو أنه قد بني عليها..وكانت حسرتي لا توصف.
ولا أعتقد أني من كتاب الرواية بجدارة أو بقوة أو بضخامة..ولكن ناقد أديب قال لي ذات يوم حرام عليك أن تكتب القصة فنفسك نفس روائي..قصصك طويلة جدا..ولهذا الطول في قصصي حكاية ظريفة ، فلما كنت ما بين المتسوطة والثانوي أيام كانت عندنا حصص تعبير..فأي تعبير يطلبه منا الأستاذ كنت أكتب فيه الصفحات الطوال..وذات يوم قال لي يا عجيم جبت لك موضوع أنا حماتك لو كتبت فيه أكثر من صفحة..وقال أكتب فيما لا ينقص عن صفحة عن دور الشاب المسلم في الحياة .
وهنا لابد أن نتوقف..
أتوقف وقد أمضيت في التعليم قرابة الربع قرن...وعن لي ذات يوم أن أقدم حلقات فيديو في قناة اليوتيوب أنا وبعض طلابي فكانت أول حلقة عن الغش وبعد أن نشرت على النت قال لي الطالب النجيب الحبيب عبدالرحمن العيسى..يا أستاذ..وهل ليس من يغش غير الطلاب..فأجبته بعشرين ويزيد من الحلقات..كلها عن الغش..وفيها قلت أن غش الغش..هو ما نعاني في التعليم..التعليم هو أساس كل شي في الأمة..ولكن تعليمنا على مستوى الوطن العربي مؤلم مهيض جريح إذا لم نقل أنه مسموم مأفون مدفون مكتف مقيد..والغاية معروفة ألا تتعلم هذه الأمة..ولا أن ترتقي..وقد كان..فنحن وبسبب التعليم عندنا آخر الأمم علما وتعلما وثقافة وصناعة وإنجازا.
ولما قال الأستاذ أكتب عن الشاب المسلم ودوره في المجتمع كانت مثل الصاعقة علينا..فليس منا ولا فينا من قد سمع عن مصلحة الأمة إلا طشاشا ..ولا قد لقنا فيما كنا نتلقن " الشاب المسلم" مع أنا كنا نعيش يوم ذاك أزمتين....فلسطين المحترقة ليل نهار والجهاد في أفغانستان..هذا الذي نعرفه عند دور الشاب المسلم ..إما البكاء والتباكي على الأقصى المغصوب " بملكنا " أو التفكير بالجهاد في أفغانستان التي أحتلها الروس.." وفميا بعد عرفنا أنها من الخدع العالمية" والحق أقول أني اليوم أتذكر تلك الحصة كأنها اليوم..وأتذكر أني ابتسمت ابتسامة صفراء..ابتسامة المنتصر قبل أن أكتب في موضع التعبير حرفا..لسببين..أن معظم أخوتي الطلبة لن يتمكنوا من كتابة أكثر من خمسة أسطر في الموضوع..وأني أستطيع أن أكتب في هذا المضوع ما أشاء.
وكان المتبع في حصص التعبير أن نري الأستاذ مسودة ما كتبنا في الحصة على أن نبيضها في البيت ثم نريه إياها في الحصة القادمة منقحة ومصححة كاملة ..فلما أوشكت الحصة على أن تنتهي ولم أتقدم بمسودتي ندانى علي الأستاذ شامتا " إيه يا عجيم..مش قلتك ..خلاص غلب حمارك" وبالفعل لم أكن قد كتبت ولا سطر..قلت له آتيك به في الحصة القادمة كاملا.
وفي الحصة المنتظرة رميت أمامة دفترين من أبو 20  ورقة ..مليئان من الجلدة للجلدة ..تعبيرا عن الشاب المسلم ودورة في الحياة فهب في يرحمه الله..يا عجيم خده أنت ..صححه بنفسك ..أنا ورايا أولاد عايز أجلس معاهم عندي عيلة بخرجهم للسوق..وبعدها بحصة زارنا بمعية هذا الأستاذ مفتش اللغة العربية وأشاد بي وبما كتبت..ونصحني..قال يا ولدي...كلما كتبت أقل قلت أخطاءك وجمل خطك..ومن يو ذاك وأنا اكتب بعكس تلك النصيحة.
لم أتعلم الأختصار المقل وليس المخل.
وفي الاسهاب لي الكثير من القصص..ولكن خالص القول أني لما أكتب آتي بالمعاني من معادنها..ثم على المتلقي أن يفهم..أو أن يفهم ما يشاء.
وكذا..وبما أني مسهب فأنا روائي..ولكن قد يقول قائل ليس كل مسهب روائي وليس كلما طالت الحكاية تكون رواية..صح..ولكني حتى في قصصي القصيرة الطويلة..اعتمدت من حيث ادري أو لا أدري..أعتمدت أسلوب الرواية.
ولما جئت لأكتب الرواية عند قصد لم يكن الأمر غريبا علي...فكتبت الرواية بكل أريحية ولم أترقى حتى أصبح روائيا بل من أول رواية وجدت الناس تقبلتني روائيا..ولكن..هل تعلمت أسس الرواية..نعم..فقط من أمي...وهذه حكاية أخرى..ولما أردت أن أثقف نفسي وأن أعمل لنفسي بصمة شكوت ذلك للدكتور منذر عياش أو عياشي يرحمه الله فقال لي جملة واحدة..روح أكتب.
وبالفعل..رحت وكتبت..وكانت ولازالت والحمد لله بصمتي فيما أكتب لا تشابهها بصمة وهذا ليس غرورا ولكن سنة من سنن الكون والحياة.
إذا كانت الرواية في أسسها لزمان والمكان وبينهما الحكاية..فعن أي بصمة مختلفة تتكلم؟
في الرواية أنا اكره المكان والزمان.
ولا أكتب إلا إذا قالت لي الرواية أنها تريدني أن أكتب.
وهنا ملاحظة جميلة وغريبة.
علمت من أحد الأستاذة في هذا الفن ممن سبقني بعمر فيها أنه قد يمضي الأشهر وقد تصل لسنة في كتابة قصة أو رواية كان يقول .." كلما فضيت طققطت لي على كم من صفحة " وضحكت..وتألمت..ذلك أني لا أشرع في كتابة الرواية إلا وقد اعتكفت.. واعتزلت..فلا أقوم حتى أنهيها..فروايتي الأولى " آخر ليالي الجحيم"  كتبتها في عطلة الربيع أي فيما يقارب العشرين يوما..أما روايتي الثانية " مشانق اليمن السعيد"  والتي نشرت بعنوان " سمفونية الحريق "  فلقد عكفت أقرأ في مراجعها قرابة السنتين ثم بدأت أكتب فيها وأخذت مني قرابة السنة..مع أني كنت قد تنقلت ما بين جدة ودمشق وبيروت..ومع ذلك كنت أحسبني معتفكا عليها وكنت بالفعل منقطع عن الناس حتى أتتممتها..أما روايتي الثالثة مذكرات وحدة مزة فلم تأخذ مني والحمد لله أكثر من أسبوعين فيما أتذكر .

 

 

سؤال: وما أهم معالم قصتك أو روايتك؟
أني أبدا لا أكتب القصة أو الرواية إلا وأنا أرى آخر كلمة في آخر سطر منها..ومن هنا يأتي تمسكي بالعنوان في مراجعاتي لأخوتي في الإعلام..فليالي الجحيم ضلت سنوات في أدراج الإعلام مرفوضة..ولما ذهبت بها لإتحاد الكتاب في سوريا أيضا رفضت..أما في الشام فقد رفضت لأنها كتبت لبنت من بنات الشام وكأنه كان كثيرا عليهم أن يكتب سعودي عن الشام بهذا الإقتدار..أي كنت في نظرهم كمن يبيع الماء في حارة السقايين..عيب.
أما في السعودية فقد رفضت بسبب العنوان..وكم كنت أحترق وأنا أناقشهم..يا جماعة إن العنوان مربتط بآخر كلمة في الرواية... " مع نفسك "  ..أي تفلسف على غيرنا...ومع أن الأستاذ عدنان حمد شدو وهو أول من نظر فيها وهي مسودة بعد..قال لي يا محمد أما هذه الرواية فجزاء صاحبها في السعودية الإعدام وفي الشام الخازوق لما فيها من تجاوز للمحاذير الثلاثة...الدين والجنس والسياسية ..ومع ذلك فالإخوة في السعودية لم يقفوا إلا عند العنوان..وبعد سنوات هداني الله لهذا العنوان..آخر ليلة في الجحيم فنشرت.

 

 

سؤال: ثم عرفت في الإعلام كروائي معترف بما يقول وسارت أمورك على هون؟
بل قل على وهن ..فليالي اليمن..ضللت أشهرا وأنا أجادلهم وأقول لهم إن العنوان ليس له علاقة بعلي صالح ولا وسيعد طالح ولا بغيره من الساسة يا سادة يا سكر زيادة.." مع نفسك " ..أي ما عندنا غير الذي قلنا...تغير يعني تغير..وكان كبيرا علي وصبعا أن أغير العنوان ذلك أن العنوان نصف الرواية فأنا أكتب الرواية وحدة متكاملة وليس وصفا ورصا للكلمات  ثم أضع العنوان المناسب في آخر ليلة..لا..أن العنوان تجده  مبثوثا في ثنايا الرواية من أول سطر وحتى آخر كلمة..ولكن قومي لا يعلمون..بل فوق ذلك غلاف الرواية..فكم عانيت من تعنت الإعلام ورفضه لأغلفة قصصي  ورواياتي الثلاث ولكن الله أعانني عليهم ومشت أموري ولو كانت وهو تنزف.
ومن هنا أقول لك أني وبعدد الروايات التي أخرجت لا أعد من أهل هذا الفن إلا من أهل الصاف الثالث  أو الرابع..ولكن من زاوية الكيف فلا والحمد لله إني من أهل الصف الثاني .
سؤال: جميل...وما درجة ما خدمك به الإعلام بعد أن يخرج كتابك للنور ؟
الإعلام لم يخدمني بعد تلك الخدمة التي تجعلني من أهل الصف الأول وهذا محور آخر.
حدثنا عنه؟
وهذا المحور أقصد به الأضواء
الحق أني لست تحت الأضواء ليراني الكثير من الناس..لسبب بسيط..إني أعمل بشكل فردي..مع أني كثير الأصحاب في الوسط الإعلامي.. ولكن ما أكثر الأصحاب حين تعدهم..وأنا بطبعي إنسان عكوف لا أحب السهرات الفنية أو اللمات الأدبية لأنها بحق لا تزيدني علما في هذا الفن..وأنا وإن كنت عضوا في أكثر من مؤسسة في المجال الأدبي إلا أني لا أصدق كثيرا هذه المجالس فيما يخضون فيه..كلها مجاملات ومحسوبيات ونقاشات فارغات ثم انتخبات وعراك من أجل هذه الانتخابات من اجل الوصول إلى ذلك الكرسي ولما تمعنت عرفت لماذا يتناحرون حتى يصلوا لهذا أو ذاك من الكراسي الفارغة...فقط أن تحته الكثير من الفلوس..فآسيت لحالهم..ومن هنا فأنا لا املك من الدعايا لما أكتب الكثير من القنوات ولا أتقفن فن مسح الجوخ والذهاب هنا وهناك وأكتب هنا وهناك فقط لأضل تحت الأضواء..يكفي أن يصل كتابي إلى القارىء العادي وهذا أكبر مطمع لي.

 

 

سؤال: فلنتحدث عن ركن آخر من أركان الكاتب..النقد والنقاد..أين انت في أعينهم؟
اقول لك.
أولا لنعرف الناقد.
في نظري المتواضع ليس الناقد من يقبع في كوخه  أو يتربع في برجه حتى آيته بكتابي ليقول فيه رأيه..بل أرى ان الناقد بحق من يصل هو إلى آخر ما نزل في السوق من كتب..يقف عليها..ثم يقول رأيه فيها..وهذا الناقد لم يعد موجودا إلا نادرا..ذات يوم قال لي خالد اليوسف إن كثيرا مما سيأتيك من نسخ كتابك من دارالنشر مجانا لابد أن تقسمه أثلاثا..ثلث تهديه وثلث لك وثلث للنقاد..قلت وأين هم النقاد لماذا أذهب إليهم ولا يأتون هم إلي الكتاب ؟ قال لي صاحب الحاجة يسعى..قلت أما إليهم فلا حاجة بي إليهم..إني بحاجة إلى القارىء..أما من أهدي فقد فكرت ثم قررت أن أتبع ديدن توفيق الحكيم الذي لم يكن يهدي من كتبه ومشيت على ذلك الدين فترة ثم كفرت به..إن كثيرا من الأصحاب لما يراني..يهب فيّ ..يا شيخ ..نسخة من الكتاب..فاخجل..فلا أبخل عليه بنسخة من الكتاب..وهو لو يعلم كم عانيت حتى أخرجت هذا الكتاب لذهب إلى السوق ولو حبوا ليحصل على تلك النسخة..ولكن إنما نطعمكم  لوجه الله .
ولكن بحق كم أنا بحاجة  إلى النقد وفي أمس الحاجة للناقد..ولكن أين هو الناقد الحق..لا..ليس النقد دراسة..النقد قبل كل شيء ذوق سليم ثم خلق قويم ثم علم عميق في هذا الفن..وهذا لم أصادفه حتى الآن إلا صدفة..أما المنتقد الذي تكلفة الجريدة الفلانية أو تسند إليه المجلة العلانية أن يكتب عن القصة الفلانية أو أن يمجد القاصة العلانية فيهات..أين هو من  النقد وأين النقد منه..الناقد الذي لا يكتب إلا عن كتاب يعرف صاحبه ولا يشيد إلا بقصة أو رواية لأنه يعرف صاحبتها فهو في واد والنقد في واد.
ولا اتجنى ..فلقد ذهبت إلى مكتب أحد النقاد...يقولون عنه كذلك..وهو من الناس الذي يسبق أسمه كلب أليف قابع على مكتبه يقال له حرف الدال...قلت يا دكتور..حبا وكرامة لو تتفضل علي برأيك في كتابي هذا لعلي أستأنس به عندما أنشر قال أفعل إن شاء الله..ثم عدت إليه بعد أشهر لأسمع رأيه..قال ..إن ديوانك الشعري في غاية الحبكة والسبكة ومفرداته غنية متقدمة ومعانيه مفعمة وحواشيه مقنعة وقوافيه قائمة لا قاعدة ..ثم أشفقت عليه من كل هذا الكذب..قلت له يا دكتور إنما تركت عندك مجموعة قصصية.
وثان وثالث ورابع...ثم أيقنت أن زمن النقد للنقد قد ولى وأن النقاد لذات النقد قد غرب..إلا من رحم ربي وقليل ما هم..لذلك أقول..لست معنيا كثيرا بما يقول كثير من النقاد ولا بكثير مما يقول النقدة مدحا كان أو قدحا..كل همي أن يصل كتابي إلى القارىء لا يهمني بعد ما يقول..فقلد قلت كلمتي ومضيت وله الحق أن يقول كلمته هو أيضا ويبقى..كذا قال سقراط ..وذلك لا يقطع عيش أحد يترزق من وراء ما يكتب أو ينقد.
وكذا فأنا والسادة النقاد على ضفتي نهر..لم يعد يهمني أن اجتازه إليهم ولا أنتظر أن يقطعوه إلي وعسى أن نجتمع قريبا.

 

 

سؤال : جميل أن يكون هم الكاتب القارىء..أي ولود العلاقة المباشرة..وقديما قيل أقصر الطرق بين نقطتين هو المستقيم.. فهل وصلت إلى القارىء  المنشود دون حاجتك إلى الناقد ..وهل أغناك القارىء عمن سواه؟ 
جميل منك هذا السؤال المطب
نعم أنا كل ما يهمني هو عزيزي القارىء وعزيزتي القارئة حتى لا يثبت علي كما يشاع أني عدو البنات..ولكن لابد من التريث قليلا..فمن هو القارىء الذي يهمني ؟ الحق أقول لك إن جيلي قد يكون آخر جيل القراء..إلا من رحم ربي..جيل كان صديق الكتاب والكتاب رفيقه..وإن كنا متخلفين عن كثير من الدول الأقرب لنا رحما من العربية والاسلامية..جلينا كان ومازال مرتبطا بالكتاب..ولكن لما بدأت الكتابة كنت متوجها للجيل الجديد وأعتقد أني أخطأت..فمع أني أكتب على سجيتي وببساطة ولا أتكلف إلا أني وجدت الجيل الذي توجهت إليه فقير جدا في مفردات اللغة وفقير جدا في أساليب هذا الفن ..وفقط كل الذي في رأسه بعض الكلمات الأجنبيات وبعض المصطلحات وبعض الكتب المسطحة..إنه جيل الشاشة..وحتى تصل إلى هذا الجيل لابد أن تنحدر في الأسلوب حتى الضحالة ولكي تفهم هذا المتلقي يجب عليك أن تتجرد حتى تتعرى من قواميس اللغة ومفردات التعابير وهذه مأسآه..ومن احب أن يشتهر وأن يصل إلى غالبية هذا الجيل عليه أن يتدني حتى يتدلى منه لا أن يقعد في كرسي الأدب ويكتب على منضدة الفلسفة ثم ينظر في الجيل الذي تأمل فيه خيرا فإذا به قابع أسفل منه ولا حيل له للصعود إلى أمهات الكتب وكبريات الصحف والمجلات ..جيل الشاشة هذا يريد كل شيء كوجبة سريعة..وجبة في الفم ووجبة في العقل ووجبه في الأذن والعين..وسريعا سريعا..ومن هنا خرج علينا من يقول إن الجمهور عايز كدا..ثم المخرج الذي فهم لغة العصر عايز كدى..أما أن يبقى الأدب رفيعا واللغة سامية والمفردات معتقة فصاحب هذه البضاعة لا ولن يصل إلى جيل الشاشة..ومن هنا بدأ الكثير من عمالقة هذا الفن..القصة والرواية بدأ يشكون الكساد..بل ان بعض هم توجه للكتابة الدرامية للتلفاز والسينما بل ولليوتوب  ثم وجدنا من هجر هذا الفن وقبع في وظيفته ليآكل عيشا ويحمد الله على سوء الحال.
ومشكلتي مع الجيل المتلقي ليست فردية بل جماعية وإن كنت أناضل للبقاء في منتصف الطريق..أما أن أنحدر إلى قصص الوجبات السريعة فذلك أهون منه أن أبقى في دكاني كما يغني سيد مكاوي.

 

 

سؤال: ومعارض الكتاب؟
مالها؟
سؤال: بل مالك أنت من نصيب فيها؟ أقصد كيف مبيعات كتبك في مواسمها؟

نعم 
المشكلة ليست مشكلة سوق وعرض وطلب
مشكلة سوق الكتاب ذات شعب 
أول تلك المشكلات أن كثيرا ممن يكتب مازال في قميصه الذي ألبسه له أبوه..مثلي..ما زلت في جلباب أبي..في أدب الأدباء وخطب الخطباء ما زلت أقرأ امهات الكتب وأترجم بعض الكتب والمجلات والصحف فقط لأفهم أكثر وأزداد علما ..ثم أجيء لأكتب..ولا افكر كيف أصل للقارى الضحل الفكر والمضمحل الثقافة والفقير إلى المفردات اللغوية والعاجز أن يصبر على تذوق الأساليب الأدبية..أكتب وأنا أنا..كما أنا..لا كما يريد المجهور ولا كما المخرج عايز..ومثلي كثير..وهنا تجد كثيرا ممن كتب في القصة أو الرواية يبقع على أرفف دور النشر..دون بيع ولي في هذه النقطة قصة تدمي القلب لا يعلم بها إلا الخاصون مثل ساهر مدني وفهد الحازمي ومحمد حمود..قصة مبكية مضحكة ولكنها كمبضع الجراح أيقضتني من غفوتي الكتابية وأصبحت أعرف كيف ومتى أكتب..أما لمن فلا يهمني بعد إن جئت بالقوافي من معادنها.
والشعبة الثانية أن سوق الكتاب أصبح كسوق المواشي..فالكثير الكثير من دور النشر أصبحت ملك أناس لا يعرفون من الكاتب إلا أسمه  ولا من الكتاب إلا رسمه...كثير من دور النشر يتملكها أناس جاءوا من وراء البقر..وهو ليس عيبا أن يكون الإنسان تاجرا في المواشي ولكن العيب والحرام أن ينتقل من تجارة الحبوب والبقول إلى تجارة الفكر والعقول..كثير ممن يملكون دور النشر لا يهمه محتوى الكتاب بقدر ما يهمه كم  باع منه..هل باع  الكتاب المستحق لا يهم..هل باع هذا الكتاب لمن يستحق..أيضا لا يهم..كل ما يهمه أن يعين لديه مستشارا غريبا..هذا المستشار يعرف كل شيء عن رواج السوق..من العنوان الجذاب إلى اسم الكاتب الرنان المحاط بالهالات الإعلامية الزائفة إلى  بلد هذا الكاتب وهل هو من المغضوب عليهم أم من المرحومين في الأرض..وكذا يحسبها صح..هل لو نشر هذا الكتاب المفارق لذلك الكاتب المخالف المعروف بهذا لعنوان السامج في هذا المعرض القائم..هل يكسب أم يخسر..وغالبا يكسب..يكسب أنه باع من الكتاب لمن لا يعرف لا الكاتب ولا الكتاب فقط كان الترويج للكتاب كبيرا وقويا..وتمجيد الكاتب ونفخه إعلاميا كان متقنا..ثم لتعد الأرباح...فقط..وعلى فكرة..ما أفسد الكتاب وخبص على الكاتب مثل معارض الكتاب...لأنها أصبحت مثل سوق المواشي..كل هم القائمين فيها أن لا تكسد بضاعتهم في هذا الموسم القصير السريع..ولو تركوا الناس تكتب وتتعب حتى تصل كتبهم للناس..وتركوا القارىء يتعب حتى يحصل على الكتاب لكان حال الثقافة أسلم مما هي عليه ...ولقد مازحت ذات مرة أحد أصحاب دور النشر..وهو صديق قديم ..بهذا الذي قلت لك..فقال لي متحديا..وسيأتي اليوم الذي نذهب فيه للقارىء حتى بيته..لعله يقرأ..أو فقط أن يشتري الكتاب..وهذه مأساة أخرى..أن الكاتب أصبح يجري وراء القارىء ليقرأ..والله مصيبة. 
وشعبة أخرى أفسدت على الكاتب كتابه هو النشر الإلكتروني..ولا يقنعني أحد..فما من كتاب إلا يمكن  أن يؤتى به من النت..حرام حلال تلك قضية أخرى ولكن لا يقنعني أحد أن هناك طريقا تحمي الكتاب من النسخ وأن يحتفظ للكاتب بحقوقه..وأنا أعلم بهذه الطريق من كثير من الناس..وهذا حديث آخر.
ولكن لما أصبح النت هو المرتع الأهم للمتلقي عاد سوق الكتاب كاسدا وسوق الكاتب محزنا..مش أقول لك جيل شاشة.
وشعبة أخرى ..
قلت للرقيب الإعلامي ذات مرة..يا أخي إن أصغر مراهق الآن وبكبسة زر يرى مالا ترون ويقرأ ما لا تستطيعون ويسمع ما لا تشاؤون وأنتم قابعون عند كتابي تحذفون كلمة وتعترضون على سطر وتنشفوا ريقي من أجل غلاف الكتاب..أنتو وين عايشين..قال بكل فخر..ها أنت قلتها..وين عايشين..يا أخي..نريد أن نعيش..وهذه وظيفتنا فقط..وإلا رمونا على قارعة الطريق.
وما تزال الرقابة على معارض الكتاب وأروقة فسح الكتب في غيبوبة ..كم من دور جاءت بأمهات الكتب وبأرقى ما كتب بعض الكتاب ثم منعت من سوق المواشي..سوق الكتب..وكم من كتب حجبت عن القراء بسبب رأي رقيب لا يكاد يفقه قولا..طيب ليش..يقول لك..هذه وظيفتنا..وليس للأدب او الفن دور في الأمر..كاتب ترفض كتبه لموقفه السياسي ثم بعد حين يفرج عنه فقط لما يرضى عنه سياسيا وكاتب يمحى من السوق لأن مذهبه غير مذهب دار النشر وكتاب يمسح من قائمة المبيعات لأن عنوانه له علاقة بلون علم الدولة الفلانية وكتاب يعدم فقط لأن أسمه يحمل في طياته أحرفا من أسم الحزب العلاني..وكتاب يدخل غياهب النسيان فقط لأنه لم يدندن بالذي قيل له وآخر يفعل به  الأفاعيل فقط لأنه قال الصدق الذي لا يرضى علان أو زيعطان بن معيطان.
وكذا فثقافتنا في أزمة..وكتابنا في خنق وكتبنا في مشانق علقت ونسيت ونسي من عليها من عقول.
والمضحك المبكي أن بعض الكتاب الغضوب عليهم ..وبعد أن يموتوا يمجدوا وترفع لهم الرايات في عقر دراهم التي رفضتهم أحياء واعترفت بهم أمواتا..منتهى الضحك الذي يكبي.

 

 

سؤال: من يسمع هذا الكلام يقول أن لا كتاب لدنيا ولا كتاب؟
بلى بلى..بقي المناضلون..المحاربون القدامى...أزيدك من الشعر بيتا..كيف حال الكاتب البائس مثلي الذي لا يملك إلا وظيفته وقلمه..كيف يطبع كتبه؟ بالله مأساه..واحدثك بشكل شخصي ..ففي ذات يوم صائف غائم ..سألت نفسي إلى متى وأنا جبير المسابقات القصصية ..وحبيس شروط المسابقات التي تحرمني أجمل ما عندي..أن أكتب وأكتب ولا يهمني ساعة أكتب إلا أن أكون صادقا شفافا وإلى المتلقي مباشرة..وجاء الجواب سريعا..جمعت  كل قصصي..التي كتبت أيام الجامعة والسنة التي بعدها..وبدأت مشوار الممنوعات.
هذا العنوان ممنوع..هذه الصفحة تمزق..وهذا  المعنى ملغم.
وكنت أتساءل..يارب..ما ذنب الكثير ممن أتوجه إليهم بكتابي أن يحجب عنهم بسبب رأي فرد واحد ..مقابل المئات..أو قل العشرات.. وإن وصل هذا الكتاب فقد يصل مشوها ..لماذا لا يصدر الكتاب كما ولدته أمه حرا..ثم ليقام عليه الحد..إن الجمهور هو الفيصل والحكم..القراء..وليس حضرة الرقيب العنيد..وكانت وما زالت هذه معاناتي في كل ما أكتب..وإن كنت قد أكتسبت بعض المهارة في الزحلقة من بين أصابع الرقيب العزيز.
وكانت أول مجموعة لي بعنوان " وجاء رجل  من أقصى المدينة يسعى" 
وقامت القيامة على  العنوان..هو إلحاد في كتاب الله ..وهو تقليد للقرآن ,..وهه تحريف لللآية..وقيل فيه ما قال مالك في الخمر إلا أن يقال أنه إقتباس مقبول..ولقد أمضيت أشهرا وأنا أحاول ان أقنع الرقيب العزيز ..أن العنوان ليس جزء من آية ولا هو قرآن محرف..إنما هي جملة عربية قد تقال في القرآن وخارج القرآن..وهو مصر على أن العنوان فيه رائحة كفر وزندقة وإلحاد وتمرد..وو..ول..كل دا..؟!!

 

 

سؤال: ثم أقنعته؟
ثم اخترعت له عنوانا عمر أمه ما يرفضه..قلت له فليكن العنوان سمفونية  الوحل..قال  أتقصد الوحي..قلت بل الوحل..القاع..أسفل السافلين الذي أوصلتني إليه....أعندك مانع.؟!
وصدرت  المجموعة ..ومن بعدها ثمان سمفونيات..وكل سفمونية لا ترى النور إلا بعد أن أرى ألوانا من المنع والتمنع.

 

 

سؤال: أذكر لي منها طرفا؟
وذات مرة استدعاني الرقيب ..وجئته..قال لي كيف تقول " وهو في المقهى وأمامه الشيشة " ..قلت له أيرضيك إذا أن أقول وأمامه مصحف عثمان مثلا ؟ فبهت الرجل؟
وذات مرة أتصل على الرقيب بكل أدب..وقال إن كتابي أنتهى من الرقابة إلا جملة واحدة يا ريت تشرفنا  وترى فيها حلا وكنت أحسب أنها هي..فلما وصلت قلت له أي جملة يا سيدي..قال هنا..كيف تقول " جيش عرمرم يقوده أعظم القوادين العرب " وقد كانت هي الجملة التي في بالي..قلت له ..والخنساء تقول عن صخر أخيها..إنه جرار ألوية..فكيف الحال؟ قال لما تكون أنت الخنساء نقبل ذلك منك..,,وحذفت الجملة وبقي الجيش بلا قائد ولا قواد..ههههه.

 

 

سؤال: ذكرت وظفيتك فما علاقة الوظيفة بطباعة كتبك؟
والله أنت تقلب المواجع...ولكني أحدثك ...فقط للتاريخ فلا بأس أن يتعظ بي وبحالي كثير ممن يقرأ هذا الكلام هههه
أول رواية لي طبعها لي ناد أدبي وليته لم يفعل.
لما جمعت قصصي يعلم الله لا أدري كيف أخرجها للناس..فقالوا لي توجه للنادي الأدبي..وتوجت..وأنذليت وتذللت حتى رق لي حاسدي كما يقول صباح فخري وبعد المذلة ..ولا أخجل من هذا الوصف وقد يقع على هذا الكلام أحد ممن حضر طباعة هذه المجموعة فيراجع ضميره..بعد أن وافق النادي ..خرجت المجموعة إلى النور..مظلمة..فغلاف المجموعة تحول إلى لوحة دعايا وإعلان للنادي ومن وراء النادي ومن سمح للنادي ومن وافق للنادي...كل ذلك على الغلاف والصفحة التي ورى الغلاف..ليتني   لم فعل..ومن يومئذ لم أعد إليهم ولا إلى غيرهم ..بل صرت أطبع كتبي على نفقتي.
ولما كتبت روايتي الأولى " آخر ليالي الجحيم " في بيروت..يعلم الله أني رهنت سيارتي في دمشق لكي أأمن قيمة الطباعة ..وقد كان ..وتستمر المأساه..كنت أذهب على دمشق بسيارتي..وأحمل كراتين كتبي بنفسي ..ثم أمر على الحدود..وفي الحدود وفي جمارك الحدود قصص تروى أيضا ..وفي النهاية أدخل بكراتين الكتب..ولما أصل إلى جدة أروح أجول على المكتبات ..أفرق كتبي.
وهنا علاقة الوظيفة والراتب بطباعة الكتاب..ذات مرة سألوا عصام خوقير..وهو من رواد هذا الفن وإن كان مقلا جدا..كيف أن الدكتور غازي القصيبي ملء السمع والبصر وأنت قابع لا حس ولا خبر..أي لماذا لا نرى لك كتبا مثل كتبه ..قال قولة حكيم..لو كنت وزيرا مثله لكنت مثله ومزيد.

 

 

سؤال: هل كسبت الكثير من وراء كتبك ؟
بعد عمر فكرت أن أمر على المكتبات التي أعطيتها من كتبي أرى كيف وضع الكتاب وهل وصل للقارىء أم أن الزمان قد أودعه سلة النسيان..فسألت عن مكتبة كنت قد وضعت فيها ثلاث من مجموعاتي القصصية..قالوا لي أهل الخير..لقد أغلقت نشاطها.
طيب وصاحب المكبتة لي عنده مسألة..قالوا ..تبخر ...وكتبي..أين ؟ في البحر..وأين عوائد كتبي ؟ تكبر وتنسى..وربي أتكلم جد.
وزرت مكتبة أخرى ..قال لي القائم عليها..كما ترى..تحولت إلى قرطاسية .
طيب وكتبي..وكتب الناس؟
قال لي.اشترتها منا مكتبة أخرى .
ولم أسأل..يكفي..أن يصل كتابي إلى القارىء ابن ال...
وفي معرض الكتاب وجدت مكتبة تعرض كتابا لي بضعف السعر المتفق عليه..مو مشكلة..إذا اشتراه المتلقي حلال عليه وعليهم.
وفي معرض الكتاب  وجد فهد الحازمي كتابا لي في مكتبة عمر أمي ما تعاملت معها ولا في منامي..قلت لصاحب الدار..من أين لك بهذا الكتاب..قال من المؤلف شخصيا..ومتنا من الضحك لما قلبت له الكتاب ليرى أن صورتي على الغلاف وهو يقول ..اللهم صل على النبي...المؤلف والكتاب في دارنا..يا مرحبا يا مربحا.. وأنغاظ الحازمي وقال يا أستاذ قاضيهم..قلت يا فهد..المهم أن يصل الكتاب إلى القارى إبن ال...
ووظيفتي وراتبي المتواضع عاد مرة أخرى ليؤلمني..أي والله ..فبعد عمر ودون أن أشعر..وقعت في غلطة دق باب النوادي الأدبية مرة أخرى.. وبعد مغص وتوجع وألم ومتابعة وملاحقة ومطاردة..خرج الكتاب للنور مهيضا كسيحا..ويومها علمت أن للكاتب مكافأة مالية مقابل نشر كتابة ويعلم الله لا في الأولى ولا في الآخرة استلمت فلسا أحمرا..وعيب والله في حق النادي الأول والثاني...عيب أن الدولة تقسم للنوادي الأدبية المبالغ الضخام لخدمة الثقافة ثم يدني مجلسة الموقر ويتسلبط على مكافأة بسيطة زهيدة لكاتب أمضى الشهور على المكتب يقرأ ويكتب ويدقق..وعيب بحق الثقافة وعيب في مقام القائمين على الثقافة والأدب..ولكن إلى الله المشتكى إذا كان القائمين على الطباعة في النوادي الأدبية تتدنى أنفسهم إلى مئتات الريالات هي حق خالص للكاتب..وهذا تفسير أني عضو في أكثر من مرفق دبي ولكني لا أذهب إليهم ولا أشاركهم مآدبهم..فكثيرمنها مغموس بالعيب الذي ذكرت.

 

 

سؤال : هل تقصد أن الكتاب إلى غروب والكاتب إلى أفول ؟
لا..فهذه الأمة الأمية لا غنى لها عن القرطاس والقلم..والتي شرفها ربها بكتاب بدأه بإقرأ..وقد يختلف الكتاب من ورقي إلى إلكتروني وقد  يتنوع القلم من حبر إلى كلمات جاهزة في الكيبورد  ولكن يبقى القلم أي الفكر موجودا والمفكر قائما..وهذه الأمة لا يخلو منها الخير ..ولكنه خير مشوب بالألم وتوجع مزاجه الأمل.
 

 

سؤال: وإلى متى ؟
إلا أن يصلح عندنا التفكير
 

سؤال: التفكير في طباعة وبيع الكتاب؟
لا..الأمر أفدح من البيع والشراء..مأساة بيع الكتاب وطباعته ومكافأة  الكاتب المسروقة..كل ذلك من أعراض المرض وليس المرض ذاته..المصيبة التي أقصد وأرجو الله أن يصلح شأنها في عرض الوطن العربي والإسلامي و طوله مصيبة الثقافة ..مصيبة الفكر.
إن كثيرا من القائمين على الثقافة العربية والإسلامية لا علاقة لهم بالتفكير..والمفكرون هربوا من المناصب وبقوا حبيسي أروقتهم الخاصة أي أن الرجل المناسب ليس في المكان المناسب وكذا فالناتج غش الأمة والمحصلة أقرب للصفر..إن سياسة إحياء التفكير تتطلب أناسا حري العقول وحري القرارات..والمشاهد على عرض البلاد العربية وطولها أن أصحاب الفكر لا قرار لهم..وأصحاب القرار لا فكر عندهم ..هذه المأساه..والمؤلم أن كل حزب بما لديهم فرحون..وكل دولة بل قل كل دولية تقول أنها هي الرائدة لهذه الأمة وكل حزب يقول أنه السائد لهذه الأمة ..وكل معتوه فكيرا ينظر لكي يخرج الأمة من غياهب الجهل المطبق ولا يعلم إنه بجهله يزيد الطين بلة..إن ثقافة التفكير علم قائم بحاله..أن تنشىء أمة تفكر ذلك جهد تنوء به الجبال..ولا يقوم به إلا الأفذاذ ونحن والحق يقال في عصر الأقزام..الأقزام الفكرية والضحالة التربوية..ولك فقط أن تنظر في مواسم الإنتخابات في أي بلد..ماذا يقول المرشح  للمنصب عن نفسه  ثم ماذا يفعل..إنهم يقولون مالا يفعلون..وهو غير مستغرب..لأن الثقافة محكومة بمال المنتخب..أما في البلدان التي فيها التعيين بأمر الحاكم بأمره فالمصيبة أعظم والكارثة أفدح..فلا صوت يعلو على صوت رب البيت أصاب أو أخطأ مع أنها أمة دستورها بأن أمرهم بينهم شورى..ومن هنا من يفكر في التفكير واحياء ثقافة التعلم والتفكر والتدبر والتعقل وكل ذلك مندوب إليه في كتاب هذه الأمة..من يفكر في السير في ذلك الدرب عليه أن يحط يده على رغيفه قبل عقله والمثل يقول عض قلبي ولا تعض رغيفي..العقول النيرة في أمتنا مكبلة بالهامات والكرامات ومصفدة بالمناصب الممنوحة ولو أن كل مثقف جاء وقال أجعلني على خزائن الأرض إني  حفيظ عليم  لتغير وجه الأمة ولسدنا العالم من جديد..ولكن كل من قال أنها لها ممن هو من أهلها قال له المتصرف بأمره ما ضر لو قعدت.
إن ثقافة التفكير التي أقصد أن يطير القارىء بجناحية لا بجناحي السلطة ..أن يقرأ ما  يشاء دون حسيب أو رقيب إلا ربه وضميره..ثقافة التعقل والتدبر والتفكر تريد أناسا تحلق بأفئدتها هي أن ترى بأعينها هي وأن تسمع بآذانها هي..أن تتبصر في ملكوت الله..أن تسير في الأرض فترى سيرة الأولين وتتعض وتعض من ورائها..ولن يكون ذلك طالما المفكر يفكر بفكر سيده وطالما المثقف يرى ويسمع بحواس ولي نعمته.

 

 

سؤال: أشتم في كلامك يأس من الماضي وقنوط من الحاضر وثورة على المستقبل؟
نعم
في هذا إني أدعو ومن انصار الثورات..أدعو للخروج على الحاكم المتحكم فينا فكريا..الثورة في وضد التخلف العلقي وهنا  لا أقصد الحكام الشرعي فتلك مسألة قد قضيت بسنة رسول الله..ولكن الوقوف صفا واحدا في وجه الجاهل المتحكم  في القرطاس والقلم..الثورة على كل من تبلدت حواسه عن تطور العلم من حوله ثم يأمر بألا يقرأ إلا ما يشاء وألا يكتب إلا ما يريد هو..مصيبة..ومصيبة أن يقود الثقافة أناس لا علاقة لهم بالقراءة والكتابة إلا لأنهم فقط  قد حصلوا على الشهادات الورقية من هنا أو هناك..وما أدراك ما هنا وأجارك الله مما هناك.
كارثة أنا ما زلنا نبسّح باسم الوزير فلان فقط ليرانا ولو بطرف عينه ويتفضل علينا بكم من قرطاس من هنا او هناك ..فقط لنرى أكثر ونسمع أكثر ونحاول أن نلحق بركب الأمم.
ولك أن تلاحظ صدق الذي أقول إذا عملت احصائية بسيطة لمبيعات أي معرض كتاب في عالمنا العربي والإسلامي..لا تندهش إذا قلت لك من الآن ..أن اعلى المبيعات للكتب الصفر..أي الكتب التي قد عف عليها الزمن ..ولا تقدم الكثير لهذا الجيل..ويزول استغرابك إذا قلت لك أن السبب أن هذه الكتب تعد من الإرث القومي  فقط....والترويج لها في نظر القائم على الثقافة من الواجبات الوطنية..وهو لا يعلم ان فيها الكثير من السم في الدسم..ولكن لماذا لايشجع الكتاب الحديث الذي يقود الأمة قدما ويشجع الكتاب القديم الذي لن يزد الأمة إلا جهلا..فقط لأنه ليس له علاقة بالعلم ولا بالنور ولا تربطه بالكتب إلا ما يربط الشاة في الوتد..لماذا..يقول لك ..بلا دوشة دماغ..قديمك نديمك ولو الجديد أغراك..وأمشي بجنب الحيط..وخف تعوم  أي لماذا يدخل مع سيده وولي نعمته في نقاش ممل لسيمح لكاتب او ليفسح لكتاب وقد يفقد لقمة عيشه بسبب كاتب ينير أوكتاب منير ..بل لغيق كل أبواب النور ةيقةل لملاه قد هيت لك ثم يتكور على نفسه ويقبع ليبعد ما كان آباءه يعبدون ةكفى الله المؤمنين الكتاب..ذلك أسلم ولا حجة لأحد عليه..مصيبة..والمضحك المبكي أنك لو  عاتبته وناصحته في ذلك تجده يقر ويعترف بأنه إنما وضع هنا وفي هذا المنصب إلا كحجرة على رقعة الشطرنج..وأنه عبد المأمور..وأنه مأمور ان يربط الحمار محل ما يريد صاحبه.

 

 

سؤال: من أين ينبع الخلل في ثقافتنا للكتاب كما ترى؟
أستغفر الله...وأنا ومثلي الكثير من أهل القرطاس والقلم لم نعد نرى ولكن بما أنك سألت عسى الله أن يقدرني على الجواب...والجواب يبدأ بسؤال..هب انك ذهبت إلى أي مؤسسة تعليمية مدرسة أو كلية في جامعة..أذهب وأدخل أي مكتبة من مكتبات هذه المؤسسة التعليمية وأجر إحصاء دقيقا..كم هم زوار هذه المكتبات..أقصد رواد الكتب وليس المداومين على المكتبة للواجبات أو البحوث..بكل ثقة أقول لك أن الرقم سيكون قريبا من الصفر..هذا عوضا عن المكتبات العامة التي تصفر فيه الرياح..أين الرواد..رواد المكتبات  للكتاب..إنهم خلف الشاشات ..في البيت شاشة في السيارة شاشة في المكتب شاشة في المطعم في المختبر في المسجد..حتى تحت الدش..عين القارىء في الشاشة على طول..وهذا ليس عبيا في حد ذاته..ولكن أين هو من المكتبات والقعود والبروك على المراجع وأمهات الكتب..المحصلة مبكية...وفي هذا المنحى لا أنسى القائمين على المكتبات..وخاصة في المدراس..وأخص المدارس الإبتدائية التي هي مرحة التأسيس ..ماهو دور القيم على المكتبة..ستجد أنه له كل دور إلا أن يكون له دور في تحبيب الطالب في الكاتب..مآساه..هو نفسه قد يكون قد وظف أمين مكتبة وليس له علاقة بالكتب أو المكتبة إلا كيف ترص الكتب عللا الرفوف..وفاقد اشيء لا يعطيه..مصيبة أن يكون القيم على المكتبة أكثر واحد كهرا للكتب والمعرفة ..فقط قليل له أدخل تخصص قسم مكتبات .وظيفة مريحة ومضمونة ولا منافسة عليها..وكذا يكون..وكذا فالطالب تحت إشراف هذا القيم أبعد الناس عن العلم والمعرفة.
وأتذكر في هذا الصدد أني سألت أبي حسان أحد القيمين على مكتبة الجامعة المركيز..فنظر في الرجل الستيني من خلف نظارته الغليظة وقال لي ومالك ولهذا الكتاب يا ولدي...لقد قرأته وأنا في سنك ولم أستطع أن أتمه..هذا الرجل كان يحفظ جل إن لم أقل كتب مكتبة الجامعة..وقرأها منها الكثير..موظف مكتبة سوري فيما أعتقد..هذا الرجل ليس منه الكثير..ومثل هذا الرجل كان يجب أن يكون مثله الكثير..وخاصة في المدراس الإبتدائية..مرتع الطفل وأرض أول لبناته..ولكن المجود عكس ذلك..ثم لما يصل الطالب إلى الجامعة ننقم عليه أنه غير مطلع وغير مثقف وليس له علاقة بالكتاب..والمصيبة الأكبر لما يخرج هذا الطالب الضحل كتبيا إلى الخارج فيصدم بأقران له من دول الغرب ويجد أنهم قد قرأوا أضعاف  ما كان مقننا عليه من كتب..
ويعود الطالب العربي والإسلامي من بعثته وقد مزق فكريا وفتت علميا..لأنه لم يؤسس على القعود إلى الكتاب ولم تثنى ركبه أمام الكتب.
أذكر مرة أني تجادلت مع أحد ب الطلاب في معلومة طبية كنت متأكد من صحتها لدي ..وكان ذلك في جمع من الإخوة ..فلماذا ذهبت إلى قسم كلية الطب وإلى قسم التشريح وفتحت احد المراجع وجدت نصفه ممزق بعبث وبعض الباقي مطموس على الكثير من الصور فيه...ليش؟ قال العابث بهذه الكتب..أن تلك الصور في هذه الكتب في هذا المكان والزمان..حرام..يا شيخ حرمة عليك عشيتك.
هذا الطالب لو كان قد قعد إلى الكتاب في صغره لو كان قد ثقف وحبب إلى الكتب لم يكن ليجرؤ على إهانة هذ المراجع..ولكن من أين يأتيه هذا الوازع الأخلاقي وهو لم يكتب في مسيرته الدراسية إلا تعبيرا من كم سطر عن أي تحب اكثر ماما أم بابا ولماذا.

 

 

سؤال: طيب حدثنا عن أهم معالم إحدى قصصك ثم روايتيك المزة واليمن ؟ 
أما قصصي فصعب علي والله أن أتكلم عن قصة واحدة من قصصي وإن كانت والله لكل منهن قصة ولكنهن في النهاية  جزء مني ولا أقول إنهن كبناتي أو كما يقولون مثل أولادي..ولكن جاء على بالي الآن أن أكلمك عن قصة هي في الحق تصلح أن تكون رواية وأي رواية..دعني أولا أسألك كيف هي القضية الفلسطينية بيننا ..وكيف هم العرب والمسلمين حيالها ؟ أنا أقول لك..الآن وبعد خمسين عما من ضياع هذا الجزء العزيز علينا والذي سيسألنا الله عنه يوم القيامة ..بعد هذا العمر من سرقة الأقصى بدأنا نسمع من يتشدق ويقول لنا أن بوصلتهم تتجه نحو القدس ..حلو..والأحلى أن نسأل من مع  فلسطين ...ومن مع القدس..النكتة أنهم كلهم يخطبون ود ليلى..والكل يدعي حب ليلى وليلى منهم أو من اكثرهم براء..ويقيني أنه لو عادت القدس لأهلها أي نحن ..ولو عادت فلسطين لأصحابها لأفتعل العرب والمسلمين قضية يتباكون عليها وينفقون عليها الغالي والنفيس فقط لكي لا تحل هذا القضية..إن لم أقل كلهم فجلهم ..هناك أناس من العرب والمسلمين أشراف وأهل للثقة وصادقين في دعواهم ..ولكن لو قلبنا أوراق التاريخ ورأينا كيف ضاعت القدس ولو تصفحنا مطويات الزمن ورأينا كيف امتدت هذه القضية كل هذا العمر..والعرب العاربة والمستعربة ومن ورائهم كل هؤلاء المسلمين بكل جيوشهم وجحافلهم وبكل اقتصادهم وشواسع أراضيهم..ثم لا تعود القدس ولا نحرر الأقصى..لا..أسمح لي ..في الأمر إن ..إن وأخواتها..لا ..ليس أن شرذمة من لصوص الأرض وقطاعي الطرق يستطيعون أن يسلبونا حقنا..كل هذا العمر ..ليس صحيحا ان إسرائيل لا تهزم..وأن اليهود أذكى البشر وأدهى العالم ونحن لا حول لنا ولا قوة..لا..الأمر أقرب للكذبة .
هذا الكلام هو ما قلته في قصتي عسل في بصل..والحمد لله أن الكثير لم يستوقفه هذا المعنى مع أن القصة تثير في وجوه النائمين صيحات الثورة والثورات..ومع ذلك كل من قرأ القصة إلا قليل ما هم..نظر إليها على  أنها قصة جزار وعازف عود يعلم الناس الموسيقى..على كل الحمد لله.
أما روايتي المزة..وهي كانت باسم مذكرات واحدة مزة..والنكتة أن لفضة مزة أصبحت مشاع...,أصبحت تدل على البنت فقط ولا معنى بعد وراء ذلك..,ومع ذلك رفضت رقابة الإعلام هذا الاسم..مزة لا..طيب حلوة ؟ قالوا  انعم به وصفا. ياسلام !!..ومع ذلك تبسمت..وقلت يمشي الحال..مذكرات وحدة حلوة..مع أنه من أول كلمة في أول سطر والمذكرات تقول أنها  قصة وحدة مزة ..ولكن المهم أن تصل للقاريء وقصة هذه البنت قد وقفت عليها بنفسي أيام الجامعة..وقفت عليها وأنا لست أصدق أن هناك بنت ليل مظلومة..بل كلهن بائعات هوى وكلهن فاسقات ماجنات بل غاويات مغويات كاسيات عاريات..وليس همهن إلا شباب الجامعة يضيعوهن..كنت أرى بنات الليل كذلك..لذلك كنت أمقتهن..ولا أقيم لهن في الإنسانية  وزنا ولا مكانا..ولكن لما تعرفت على صديق هو صاحب هذه البنت  ثم عرفت البنت..وكان سهلا أن أعرفها أو أتعرف عليها ..ولكن أن أقف أمامها  ذات يوم وأقول لها ..سؤال..لماذا أنت مع صاحبي كزوجته إلا قليلا ..أي كيف لك أن تعطي هذا الشاب كل شيء..دون مقابل..قالت ..هيهات..لقد أعطيت من قبل دون حساب..وهنا أحسست أنها لحمة مهترية معرضة لكل ناهش..فأحسست بألم في معدتي من وقاحتها ولكن شيء في ثنايا صوتها نبهني لأنظر في عينيها وهي تنفث الدخان في وجهي عندما تكلمت..كانت تتكلم كسراب مسافر أمامي في المنتهى..بنت لا يهمها إن أنا صدقتها أو كذبتها..ليس في بالها أن أمقتها او أترحم عليها..كانت تتلكم وهي تنظر في لا شيء..ومع ذلك جذبني بريق خفي في مقلتيها ..ذلك البريق هو الذي قال لي إن التي امامك ليست هي ..إنها مغلفة وإنها تتكلم بلسان غيرها....سبحت السيجارة من فمها   وقلت لها..بالله ..بعيدا عن من رأى او سمع..بالله ما حكايتك....سحبت سيجارة أخرى وقالت ..بشرط..ألا أراك بعدها..قلت ولا اراك ..فوضعت فخدا على فخد..وراحت تحكي.
ولم أسجل كلمة مما قالت..ولم أدون حرفا.
خرجت من عندها ..ولا حتى ودعتها .
صعب أن أحيي الموتى .
وفي غرفة الجامعة كتبت هذه الخاطرة..بنت ظروفها صعبة.
وبعد ثلاثين سنة ونيف..وبينما أنا أقلب في بعض أوراقي القديمة ..وجدت هذه القصاصة فتذكرت البنت وكأنه كان في عنقي دين أن أنصفها من أبيها المجرم ولو بقصة فكانت هذه الرواية..ولا أعلم إن كانت ما تزال على قيد الحياة أم قد توارى التراب في التراب.

 

 

جميل...بقي أن تحدثني عن طقوسك لما تكتب..فمؤكد لكل مبدع طقوسه ومعالمه لما يجلس أمام الورق فماذا عنك  ؟
نعم لي بعض الطقوس:
فأما القصة عندي فكرسالة ..وإن كانت تختلف عن قصص القصاصين من حيث الطول والوقفات الفلسفية..فأنا لا أستطيع أن أقو أن طيرا أسودا مات في بحر الخليج بسبب بقعة الزيت دون أن أفلسف لم بقعة الزيت ولم حرب الخليج ولم صدام حسين ولم نحن ..بل ولم الطير..هنا تختلف قصتي عن باقي قصصهم ..فقط من ناحية الشكل أما المحتوى فالحمد لله إني قد تطرقت في قصصي إلى صور في هذه الدنيا لم يتطرق إليها قاص قبلي..كقصة مدآذن ومدخنة ..ومصحف وغليون..والقصة عندي موجهة مباشرة وصارخة وبصوت عال إلى من يهمه الأمر أو من أهمني أمره..أما الوجدانيات منها فرحت أغني للحبيبة مباشرة دون وسيط..وسمع من سمع ورأى من رأى..لا يهمني..همني أن تصل قصتي لمن أعني.
أما الرواية  فلا..عالم  آخر..الرواية عندي إبحار...فلما أنوي أن أكتب الرواية فأنا أودع كل من حولي..ظرف المكان والزمان وأهلي..ثم أودع نفسي كأب وموظف وأنسى المكان والزما ن والجنسية والعرق ثم أركب مركبي ولا أصحو إلا مع آخر كلمة ..أبحر فيها ولا يهمني من ودعني ولا يهمني من ينتظرني..فقط أن أقول في الرواية كل ما أريد كيفيما أريد، أنا ربان السفينة وأنا الملاح وأنا الوحيد الذي في هذا النعش ..ليل نهار..وأنا من يقرر أيان مرساها وإن كنت والحمد لله لا لا أبدأ أول كلمة من الرواية وإلا وقد كتبت آخر كلمة منها قبل ذلك بزمن..أي أني إبحر من مكان لا أعلم عنه شئيا  إلى مكان أعرف عنه كل شيء..الزمان والمكان..إبحر وأما متيقن  من نقطة الوصول..والحمدلله  يكون وصولي في المكان والزمان الذي حددته من قبل إن أبحر.
أما الطقوس الداخلية فأنا لا أستطيع أن أكتب حرفا واحدا نهارا..يمكن بعد العصر..ولكن قبل الغروب بشوي ..أنا سيد الليل عندما أكتب ، فالليل بحري الذي لا ينضب..طبعا رفيقي في إبحاري كثيرا من القهوة والشوكلاه والموسيقى الهادئة التي لا أكاد أسمعها وعندي كم تسجيل لموسيقى هادئة من الستينيات..وليست من النت ..هي سميري في مسيري..وأحب أن أكتب وأنا لابس الجزمة أحس أني في سفر..في رباط ..وتحت ضوء خافت ، أكره الإضاءة العالية وفي مكان ضيق..أكره ولا تأتني الرؤى إن لم أقل الوحي وأنا في مكان واسع..وكل ذلك والحمد لله متوفر في متر من مكتبي من بيت في جدة ..أحب أن كتب إلى أنصاف الليالي أو أن أنام أول الليل وأقوم أنصافه ..وإبحر في الظلام  وأكون أنا سيد الليل .

 

سؤال: بنظرة عامة معظم كتبك مؤنثة العنوان ..وكثيرا من قصصك منبعها الأنثى..فهل المرأة منبع إلهامك ؟
تعال نحسبها صح...ربنا خلق آدم وكان يمكن أن يعيش دون هذا الكائن ..ولكن أصابه الله بها لصيقة له..هي مصيبة في شكل نعمة..فهي في الأساطير منبع كل الشرور..وحتى في الديانات الكبرى اليهودية والمسيحية وإلاسلامية  تجد هذا المخلوق هو منبع عذابات الرجل..يتعذب بها  ولها ومن أجلها..لا فكاك..وأنا مع المرأة على صفيح ساخن..إن أحببتها فمن أعماقي وأن مقتها فلم أجد من عنفها مثلي..الوسطية مع هذه المرأة لم أستطع عليه أجده لونا من النفاق.
 

 

سؤال: ما مشاريعك الأخيرة؟
اللهم لا تجعلها الأخيرة
رواية طويلة قد كتبت نصفها على الكيبورد وهذه مشكلة أخرى في حياتي فأنا لا أستطيع أن أكتب على الكمبيوتر مباشرة بل أولا على الورق وبقلم رصاص ثم أنقل ما كتبت إلى الكمبيوتر وهذا جهد مضاعف ومؤلم..فكثيرا مما أكتب لا أستطيع أن أقرأه ..والله..وهنا يجب أن أعود وأكتب بعض الكلمات التي أظنها هي التي كتبت أو قريبا منها حتى يستقيم المعنى ..نكتة..وروايتي  المقبلة إن شاء الله قد تكون كالجزء الثاني من رواية اليمن ..من حيث التفيكر ولكني أبحر فيها إلى  إلى نفسي ..لعين أقبلني ..كما أنا ..مجرد من حتى مني أنا ..

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً