الاربعاء 27 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أغنية للموتى - محمد عبد السلام منصور
الساعة 23:52 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


يا هادمَ السّلام في (دمّونَ)
والبيوت في عدنْ
صنعاءُ نادت من دمي
أنْ ألعنَـكْ
يا قاتلَ الأطفالِ في ثَرى (حيدانَ) 
هل تَرى على شواطئِ الجنوبِ مقتـلَكْ؟
يا قابضَ الأرواح في بيوت اللهِ
دون إذن ربّها...
عليك لعنة المساجد الحزينةْ
يا أيها الباغي الذي
عتَّقتَ كأسَ الشرِّ 
من دمِ القتيل واحتسيتَهُ
وجئتَ ترتدى طُهرَ الـمَـلَكْ!! 
يا ذابحَ الإسلام في دمائِنا
بمديةِ الإرهابِ!! أنتَ من جعلتَه
في الأرض مديتَـك 
تستنبت الآثام في حياتنا
تبتَـدِعُ الجناةَ
من حقول الجهل والبطالةْ
تُأسلِم الإجرامَ، والجريمةْ
من أيِّ مذهبٍ أتيتَ، أو أرومةْ
من أيِّ خيمةٍ للبدوِ والعشيرةْ
عليكَ لعنةُ الرحمنِ... لعنةُ الزمنْ.

* * *
 

 

دمُّونُ وآآآ دمُّونُ
نحن معشرٌ ـ أواه ـ
ـ لا نحب أهلنا،
ـ ولا نصون أرضنا 
ها نحن، كلُّنا، نسيرُ
في طريقِنا إلى الفناءْ
الأرضُ والإنسانْ
لا الدينُ ينهانا
ولا القُربى ُتثيرُ في نفوسِنا محبّـةً 
ولم نراعِ اللّهَ، في دمائِنا
نُوغِلُ فيها كلَّ يومْ
نسفَحُها في كلِّ وادٍ
دون رحمةٍ!! .. بلا ثمنْ!!

* * *
 

 

مِن أين ترضعُ النفوسُ
كلَّ هذه الكراهةْ
جيرتُنا عداوةٌ
زيجاتُنا تخاصمٌ
الأخوة الأعداءُ نحنُ... الذّابحونَ،
في معابد التعصّبِ، الجمالَ،
في الإنسانِ، والصداقةْ
نفيضُ بالأحقادِ والضغائنْ
أرواحُنا تحلّلتْ
قلوبُنا تيبّستْ
أخلاقُنا تعفّنتْ
وصارتِ الأرواحُ منّا جُثثاً
نَدلِقها في كلّ حربٍ
من حروبِ الوهمِ.. والجهالةْ.

* * *
 

 

جئنا، بلا معنى؟
بلا محبةٍ، 
بلا هُويةٍ نابضةِ:
ـ الحياةِ
ـ والجمالِ، والنقاء؟
هل نحن أحياءٌ
هنا ـ يا ربُّ ـ أم موتى؟

* * *
 

 

أسماؤُنا تنسلُّ:
ـ من خرافة الأنسابِ،
ـ من بيادرِ التعصّبِ الأعمى.
نفوسُنا:
ـ لاهبةُ الأحقادِ والتنابذْ
ـ لم يُطفِها نصرٌ ولا هزيمةْ
ـ ظامئةٌ تهفو إلى دمائنا،
وما ارْتوتْ.
آكلةُ الأكبادِ في صدورنا خبيئةْ
أرواحُنا جميعُنا نذبحُها
بسيفِ خالدٍ، وقيصرٍ، وكسرى
وكلُّنا نرفعُ في وجوهِنا القرآنَ
كلُّنا نصلّي
يسكننا الموتى دماً 
من عهدِ عادٍ
عالقَ الثاراتِ في دمائنا؟
نُذكي به المعاركَ الجديدةَ العتيقةْ
أليس، في تاريخنا، في يومنا،
في غدنا ـ ياربُّ ـ إلّا الموتُ
كي نُشفي غليلَ هابلٍ أو قابلِ
من أفسدَ القلوبَ بالكراهةِ المَقيتَـةْ
من جفّف الأرواحَ من إنسانها؟
حكمتُنا ميّتةٌ إيمانُنا رياءْ
انكسرتْ بيارقُ الإنسانِ في صدورنا
وانتصرتْ جحافلُ الطوائفِ الصَّفيقةْ.
تقودنا الأحقادُ في معارك التّعصّبْ
مبعثرين في شتاتِ البدوِ
مُوْثَقينَ في مضاربِ القبيلةْ
تَتْلو علينا:
ـ نعمةَ الإيمانِ بالأجداثِ
ـ بالثاراتِ... 
ـ أَنّ قتلَ بعضنا بعضاً
هو البطولةُ الأسمى هو الرجولةْ
تُقْرِئُنا:
ـ تمائمَ الموتى
ـ وسيرةَ البغضاءِ والضغينةْ.
سرنا على دروبهم:
ـ يقتُلُنا أولادُنا.... نقتُلهم
ـ نمتلكُ النساءْ

* * *
 

 

ها نحن ـ يا أللهُ ـ
قد ألقى بنا الماضي غثاءْ
تذرو رياحُ العصرِ ذكرانا
فما حياتنا سوى هباءْ؟
ولم يكن وجودنا إلا عدمْ؟
تُهْنَا جميعاً في صحارى الغيبِ
ضِعْنَا
لا أهل أبقينا ولا ولدْ 
تلعننا الجبالُ والوديانُ والشواطئْ
نموت كُّلنا بلا وطنْ
جئنا نمزِّقُ اليمنْ

* * *
 

 

ضاقتْ بنا الأرواحُ فاضتِ الدِّماءْ
والقاتلُ السفاحُ، والمقتولُ، مظلوماً،..
كلاهما أنا.
لم يبقَ لي منّي ومن أرضي
سوى كَمَنْجَةِ الآهاتِ والدموعْ
دعني أُغَنِّي -يا إلاهي- ربما أمحو
عنِ الموتى تجاعيدَ الفناءْ.

 

صنعاء
الأربعاء 14/9/ 2016م

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص