الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
صناديق الذكرى - عبدالرقيب الوصابي
الساعة 22:46 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

قبل عامين : سألتُ صغيري ـ اليومَ ـ بعدَ عودتِــهِ من المدرسَةِ ؛ تُرى هل تحفظُ شيئاً من الشعرِ يتطابقُ إلى حدٍ بعيدٍ في تصويرِ الحالة التي يمرُّ بها الوطنُ ونعايشُُ ـ بدورنا ـ قلها وتوجسها الآن ؟

- أطرق قليلاً ثمَّ أنشدني هذه القصيدة :- 

سر حيثُ شئتَ 
على قميصكَ يا بن ذي شجنٍ 
غبارٌ لا غبارَ عليهِ 
بينَ يديكَ 
صبحٌ مالحٌ 
وحدائقٌ صفرٌ 
وعمرٌ قاحل
عمرٌ بلون الناي
يركضُ
في أزقةِ ناظريك
لهفي عليك 
تصحَّرت كلُّ اللغاتِ 
على شفاهِ رؤاك وألفُ لا شيء
تميدُ بهِ ظنونك 
مرَّ ماء الحزن
بين أصابعِ التذكارِ
فاغتسلَ انتظارُك
من بقايا صوتِ عصفورٍ 
تساقطَ فوق 
معطفك الرمادي
فرَّ حُلمكَ يا فتى
فمتى سيغسلكِ الرصيفُ
من انتظاركَ؟
والنوافذُ من غبارك
والحرائقُ
من يديك ؟
لهفي عليك
على بلادٍ يستضيفكَ جوعُها العاري
وتخدعكَ احتمالاتِ التأقلمِ في مواجعها 
فتدلفُ نحوها
فيخيبُ ماؤكَ
يالــ(حائك ) حين تسقطُ من
مباهجها سماؤك
يا لـ (يائك ) حينَ تقتلُ
ـ ذاتَ توقٍٍ ـ 
في الطريقِ إللى،......
.....................( إليك )
لهفي عليك
الليلُ تجلدُه البروقُ 
وأنتَ مصلوبٌ على خشب الفجيعةِ
ألفُ مشنقةٍ تدلَّت من سقوفِ الخوفِ
قرِّبهــا كثيراً 
نحوَ عنقكَ....
وابتسم للموتِ 
أو فلتبكِ،.....
هذا ما عليك الآنَ 
فافعل ما عليكَ 
ولا عليك
2005

لم أتمالك نفسي؛ دهشةٌ مختلفةٌ كانت تنشرُ أنوارَها في صدرِي ؛ وجدتُني أبكي طرباً لروعةِ ما سمعتُ ؛ أخذتُهُ بينَ ذراعيَّ وأمطرتُهُ تقبيلاً كعرفانٍ وتقديرٍ لاخيتارهِ الموَّفق الذي يشفُّ عن نمو ذائقةِ الصغيرِ يوماً بعدَ يوم...

- سألتهُ لمن هذه القصيدة؛ وأين قرأتها ؟
قال: -
- هي قصيدةُ صديقكَ / أحمدالعرامي ؛صاحبُ الكتابِ الأبيض " ليس يحضرني الآن " 

** 
 

لا شيء تغير تمر الأيام والسنون وكل شيء باق على حاله عدمية مالحة تحيط الزمان والمكان. 
عامان مرا وليس ثمة بارقة تفاؤل تلوح باستثناء اكتمال منجز صديقي الشاعر والباحث/ أحمد الطرس العرامي" ديانة اليمن السرية " هذا المنجز الفكري الشجاع الذي يبعث على التفاؤل والإصرار ويجيب في - الآن ذاته- على تساؤلات كثيرة كانت طي الكتمان والتعمية المقصودة. 
أكاد أجزم أن هذا المنجز الكتابي سيغير المعادلة الخطية ويعيد للحقيقة توهجها وللمعرفة بريق أسرارها اللامتناهية ..
لقد فعلتها يا صديقي العرامي/ الرائع. 

ولقد فعلتها - يا صغيري- 
حين فتحت صناديقَ الذكرى ؛ وجلوتَ روحِي بشفافيةِ روحِك ؛ حينَ أودعتَ قلبِي قشعريرةً لن تتكرر.. مثلُك يا صغيري سببٌ كافٍ يجعلني أتعلقُ أكثرَ بأهدابِ الحياةِ..

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً