استلهم إبداعاتي وأفكاري من بئتي التي أعيش فيها ... الفكر والإبداع وليد الظروف الجيدة و الإمكانيات المتوفرة

تكلم الفنان التشكيلي والمبدع ابن مدينة سوف محمد البشير سواسي صاحب الشهرة المتميزة بالجنوب الجزائري وحتى الشمال برسوماته البارعة الفنية لمساته بريشته السحرية وتصاميمه التي تشد كل من وقعت عيناه عليها ، عن الواقع الذي يعاني منه كل فنان تشكيلي في الجزائر والعربي وبالخصوص في ولاية الوادي ،من مشاكل و نقص إمكانيات و تهمش وغيره ، رغم أنه من الأوائل في ولاية الوادي ممكن اقتحموا هذا المجال وأصبح لهم باع طويل في نشره و تطويره ، فقد أحب هوايته و فنه منذ صغره ومارسه بكل شغف واعترف به على المستوى المحلي والوطني والدولي ونال العديد من الجوائز والشهادات التكريمية في مسابقات على المستويات الثلاثة المذكور سابقا . الجديد التقت به وكان معه هذا الحوار :
 

الجديد : من هو محمد البشير سواسي ؟
محمد البشير سواسي : أنا سواسي محمد البشير من مواليد 1972  بمدينة البياضة ،متزوج وأب لثلاثة أطفال عبد الستار، تقوى والعربي ،كانت بداية الفنية منذ صغري وكنت متفوق في مرحلة الابتدائية في الرسم ، مما جعل معلمي يشجعون منذ تلك الفترة على ممارسة الرسم و الاستمرار فيها من دون التوقف، و قد أمارسها بكل حب ومتعة ، وحينها كنت أشارك في مختلف النشاطات الثقافية المقامة سواء الدينية أو الوطنية ، وقد تحصلت على جوائز ، و منها بدأت أتدرج في المستوى الدراسي و النشاطات أيضا وكنت متميزا على مستوى دائرة البياضة ، وبعدها انتقلت إلى عاصمة الولاية  وبدأت المشاركة في مسابقات على مستو ى الجمعيات والنشاطات الكشفية ، وفي قطاع الشباب والرياضة في المهرجان الوطني للفنون التشكيلية بولاية معسكر وفزت بالجائزة الثانية  حتى الريم في المدارس ، و منها كانت الانطلاقة وبدأت احصد الجوائز ، في الكثير من المدارس، وبعدها انتقلت إلى الرس على مستوى المحلات والمؤسسات في تنقلات مختلفة عبر ربوع ولايات .
 

 الجديد : كيف كانت بداياتك مع تصميم شعارات التظاهرات الثقافية والمتنوعة؟ 
محمد البشير سواسي : كنت أصمم شعارات وملصقات التظاهرات الثقافية في الولاية ، وقمت بتصميم أكثر من ثلاثون شعارا (30)  لتظاهرة احتفالية عيد مدينة الألف قبة ، كما تشرفت بتصميم شعار جامعة محمد الأخضر بالوادي ، إضافة إلى العديد من الشعارات الخاصة بالنشاطات الثقافية بالولاية و وخارجها وحتى خارج الوطن ، حيث فزت بجائزة تصميم شعار بيت المبدع ، مما فتح لي المجال للفوز بجوائز وطنية كثيرة ، وأصبحت لدي الكثير من العلاقات الفنانين التشكيليين الذي اعترفوا بموهبتي و مستواي الفني ، من بينهم النحات والفنان التشكيلي الجزائري بوكرش .
 

 الجديد : كيف تقيم مستوى الشعارات في السنوات الماضية و حاليا ماهو الفرق بينهما؟
محمد البشير سواسي : أولا هناك مما أعيبه على الجهات المعنية والمنظمة لمختلف التظاهرات أنهم لا يعطون جانبا مهما للشعارات وتصميمها بينهما لها أهمية كبيرة في إعطاء وإبراز الجانب الايجابي والحضاري للتظاهرة ، ولا يرصدون لها مبالغ مالية محفزة لتكون مبادرة من طرفهم ، كما أن الشعار له معنى هام جدا من حيث ارتباطه بمستوى التظاهرة المنظمة أو المؤسسة القائمة على النشاط ، حيث انه له ارتباط بالجانب التراثي للمنطقة والعادات والتقاليد والأعراف ، ويحافظ على الهوية والانتماء وهو رمز لطبيعة الحياة والمعيشة في المنطقة سواء في مدينة الوادي أو غيرها ، وهو الأمر الذي أصبح مفقودا اليوم ، حيث أن العديد من المشرفين على تنظيم النشاطات الثقافية عندنا يوكلون مهمة التصميم إلى أشخاص غير مختصين في المجال الفني والثقافي  وليسوا بفنانين مما يفقد التصميم الشروط التي ذكرناها سابقا ، وهو ما يحط من مستوى الشعار المصمم ويجعله غير مفيد وغير مؤدي لمهمته الأساسية و عندها يكون في أدنى مستوياته ، وربما تسند مهمة التصميم بمطبعة ما أو غيرها ، لذلك أصبحت الشعارات  لا ترق إلى المستوى المطلوب . ومما يحز في نفسي أنني عندما أرى إحدى الجهات أنها تريد تنظيم إحدى النشاطات فإنني اعرض نفسي عليها لتصميم شعار كمساهمة مني حفاظا على مستوى وقيمة الشعارات وأكون جدا سعيد عندما أتلقى تشجعيات بتصميمي لإحدى الشعارات في مختلف المناسبات أقابل بالرفض .
 

الجديد : هل ليدك فكرة مهرجان تصميم أو فن تشكيلي ؟
محمد البشير سواسي : أفكر منذ مدة لتنظيم مهرجان خاص بالتصميم و الفن التشكيلي ولكن بطريقة حديثة ومبتكرة إلي تعرف باسم (  (design لان المصمم هو أيضا فنان تشكيلي ولكن بطريقة جديد ومبتكرة وحديثة ، ويعتمد على التشكيل الالكتروني و يحمل نفس مشاعر وإحساس الفنان التشكيلي  ومنها يقوم بتصميم وتشكيل صور وألوان بنفس قيمة الفنان التشكيلي  الذي يستعمل الريشة والألوان.  

الجديد : ماذا ينقص الفنان اليوم ؟
محمد البشير سواسي : الفنان اليوم يعاني الأمرين وخاصة الفنان التشكيلي لأنه نقص الإمكانيات والدعم يجعل منه عقيم الإبداع ولامكن هان يتقدم ويكور من نفسه ، ويتسبب  ذلك في ضياع موهبته وهوايته التي مارسها منذ صغره  وفنه الراقي المستوى الذي ضحى من اجله ن فقد تحملت شخصيا هذا العبء والتعب لأكثر من 25 سنة ، لدي الكثير من اللوحات الفنية والتي لها قيمة ذهبية ولكن لا احد يتفطن لذلك ، فالفنان التشكيلي اليوم هو حبيس الأدراج لايوجد من يشتري لوحاته سواء على المستوى الخاص  أو مستوى الدولة ن وهناك الكثير من المسؤولين لا يعترفون بهاته  الأعمال المقدمة ولا يعطونها أي اعتبار حتى من جاب أنها قيمة فنية وقد تطلبت جهدا وتفكيرا و مبالغ فنية من اجل انجازها ، فقد قصد عدة مسؤولين من اجل دعمنا كفنانين أو ترقيتي في منصبي فالتقى ردا يطالبونني فيه أن أبرهن على أنني فنان ، وه أمر يحز في نفسي ويحط من معنوياتي وهو أمر يحطم نفسية من له إبداع و فن و حب في ممارسة هذا العمل النبيل والإنساني ، وربما هناك من يؤثر فيه هذا الأمر فيكون سببا في انقطاع عن ممارسته إلى الأبد ويغير نشاطه نحو عمل أخر يوفر له لقمة العيش .
 

الجديد : لماذا يكون هذا الامر ؟
محمد البشير سواسي : لا اعرف بالضبط ولكن ربما استطيع تفسيره على انه استغلال لطاقات الفنان ، فعندما يتعلق الأمر بتظاهرة فنية أو أي عمل أو نشاط ثقافي ذو مستوى راقي تجد الكل يدور ويلتف حول لأنهم يقرون ويعرفون بان هذا النشطات يلزمه عمل في المستوى فيقبلون عليك و بمجرد ذهاب هذا النشاط فإنهم يعودون إلى سياسة التجاهل التي يمارسونها ، نجن نطالب بالدعم المعنوي قبل أن يكون ماديا ، لان الفنان ليس إنسانا عاديا والتسهيل عليه في معاملته و أن يخصص له وقت وإعطائه جانبا من الحرية ، لان الإبداع غير قيد بوقت أو مكان معين .
 

 الجديد :هل قمت بتنظيم معارض فنية للوحاتك ؟
محمد البشير سواسي : أجل قمت بالعديد منها ، كما شركت في معارض فنية كثيرة داخل الولاية  وخارجها خاصة في المبادلات التي كنا نقوم بها من حين لآخر في الأسابيع الثقافية بين الولايات ، كما شاركت في مهرجان دوز الدولي بتونس الشقيقة ، أما مشكلة اللوحات أننا لا نجد من يشتريها فهي أخذت منا كفنانين جهدا وتفكيرا وإحساسا و مبالغ مالية من اجل توفير موادها الأولية ، والله الأمر كارثي بالنسبة للفنان التشكيلي ، ولكننا نتوسم خيرا في قرار وزير الثقافة السيد عز الدين ميهوبي الأخير والذي اقر بموجبه عن التحضير لسوق لبيع اللوحات التشكيلية خاصة بالفنانين التشكيليين في الجزائر وأن هذه السوق التي سيتم استحداثها في إطار الاستثمار الثقافي ستكون أول فضاء للفنانين التشكيلين الجزائريين لعرض لوحاتهم الزيتية للبيع كغيرهم من الفنانين بالخارج  وهي جماعية ومفتوحة تستمر شهرا أو شهرين في السنة وفق قوانين تنظمها .
 

الجديد : هل تعرضت لسرقة أفكار ؟
محمد البشير سواسي : نعم ، تعرضت لسرقة الأفكار في العديد من المرات ـ سواء في لوحاتي الفنية  سرقات في الأفكار نفسها في بعض الأساليب الحديثة والمتميزة في المعارض وكيفية العرض والعديد من النشاطات الفنية والثقافية المقامة بالولاية .
 

الجديد : هل لديك نشاطات تقوم بها حاليا؟ 
محمد البشير سواسي : نعم هناك العديد منها ، وكلها من مساهمتي الشخصية وحاليا أنا اعمل على رسم و تجسيد جدارية يصل طولها حوالي 6م و علوها حوالي 3 م ببلدية البياضة ، وعلى إثرها تلقيت العديد من العروض من مختلف دوائر الولاية ، كما أني احضر لبعض الأعمال الفنية الأخرى سأكشف عنها في المستقبل أن شاء الله .
 

الجديد : كملة أخيرة لقراء الجديد ومحبي الفنان محمد البشير سواسي.
محمد البشير سواسي : أشكر جريدتكم الجديد اليومي المحترمة على هذا الحوار والذي من خلاله أوجه كلمة كل محبي الفن ومثقفين ومسؤولين وهي أن الفنان يحتاج إلى دعم وتشجيع من مختلف أطياف المجتمع لان هو من يحمل صورة المجتمع في مختلف البقاع ، والفن هو رمز تحضر المجتمعات و دليل على تقدم الحضارات .

منقول من صحيفة الجديد الجزائرية...