الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
وصفة سحرية - هيثم حسين
الساعة 13:09 (الرأي برس - أدب وثقافة)


كتبت براندي في كتابها 'لياقات الكاتب' أن هناك وصفة سحرية للكاتب، لا يتعذر تعلمها، وتوجد طريقة ما لذلك، وقد يتعرف عليها بعض الكتاب عن طريق صدفة سعيدة.
 

هل هنالك وصفة سحريّة في الكتابة؟ كثيرة هي المحاولات والورشات والمحترفات الكتابية التي تسعى إلى تنمية وصقل أدوات بعض الراغبين في خوض غمار عالم الكتابة والأدب.
الأميركية دوروثي براندي (1890 – 1948) تعتقد أن على الكاتب التدرب على الكتابة الصحافية إن كان ينوي كتابة الأدب، لأن مهنة الصحافة تعطيه درسين على كلّ كاتب أن يتعلّمهما، وهما: أولا إمكانية الكتابة لفترات طويلة دون الإحساس بالتعب، وثانيا عندما يتخطّى الإنسان مرحلة التعب الأولى، يجد أنّ هناك طاقة كامنة لا يمكن تصوّرها، يصل الإنسان حينها لما تصفه بالرياح الثانية الشهيرة.

 

كتبت براندي في كتابها “لياقات الكاتب” أن هناك وصفة سحرية للكاتب، لا يتعذر تعلمها، وتوجد طريقة ما لذلك، وقد يتعرف عليها بعض الكتاب عن طريق صدفة سعيدة، أو قد يطوّرونها بأنفسهم، وهو ما يمكن تعليمه جزئيا.

تذكر أنّ هناك صعوبات تقنية وأخرى غير تقنية، منها مثلا صعوبة الكتابة بشكل عامّ، وقد تتعلّق بتجربة الكاتب العملية وممارسته الدائبة، وهناك حالة المؤلّف لكتاب واحد، وتكمن الصعوبة في أنّه حرّر نفسه من بعض أعباء سيرته الذاتية ثمّ يجد نفسه عاجزا عن إنجاز عمل آخر، وقد تبعده هذه الصعوبة عن عالم الأدب. ثم تجد أنّ الكاتب الموسميّ يعاني صعوبة العثور على ذاته الكتابية، وبلورة شخصيته الأدبية، لأنه يظلّ مناسباتيا، وبعدها تشير إلى أنّ الكاتب “النيّئ” يعجز عن إخراج قصّة واضحة المعاني وسهلة الفهم.

 

تدقق براندي على جانب هام في بناء شخصية الكاتب، وهو الجانب الذي يحوي النضج، التمييز، التوازن، والعدل، وتصفه بأنه جانب الشخصية الحرفي العامل، والناقد أكثر من جانب الفنان، ومع ذلك يجب أن يمر الجانب الحرفي باستمرار عبر جانب طفولي وعاطفي وإلا لن يكون الناتج عملا فنيا، وتنبه إلى أنه إذا ما انحرف أي جانب من جوانب الفنان وخرج من تحت سيطرته سيكون الناتج عملا فنيا سيئا، هذا إذا كان هنالك عمل أصلا.

 

وتعتقد أن مهمة الكاتب هي أن يوازن بين هذا الجدل في طبيعته، أن يجمع جوانب كل شخصية “الحرفي والفنان” في شخصية واحدة متكاملة، وأول خطوة باتجاه هذه النتيجة الموعودة هي فصلهما عن بعضهما في كل ما يتعلق بالاهتمام والتدريب. وتلفت إلى إمكانية تدريب الجانبين للشخصية لكي يعملا بانسجام، وأول خطوة هي أن يعرف الكاتب أنه لا يعلم نفسه كشخص واحد، بل كشخصين.

 

يتقاطع التركيّ أورهان باموك (نوبل 2006) في حديثه عن جوانب شخصية الأديب في كتابه “الروائيّ الساذج والحسّاس” مع البعض من تصوّرات براندي عن العملية الكتابية وعن شخصيّات الكاتب وعمله، لكنّه يبتعد عن أيّ حديث عن وصفة سحرية مفترضة، ربّما لأنّها تظلّ بعيدة عن واقع التجربة والكتابة.


كاتب من سوريا

منقولة من صحيفة العرب.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً