الخميس 28 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
غيمة صفراء - وجدان الشاذلي
الساعة 16:50 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


كل هذا أيضا
يضع أبي كتاب آخر في فمي ،يركلني ويغادر الحجرة .
أموء بصوت خافت ،أتقرفص في إحدى الزوايا وأتقيأ الكثير من الكلمات .
لن أكتب شيئا عاديا مثل بقية الطلبة ،ستكون هكذا..
حكاية الذبابة التي لا تموت .
سأضع لها تفسيرا منطقيا ،ستكون هناك جثة سحرية تأكل منها تلك الذبابة فلا تموت ..
تكبر فقط وتبتكر المزيد من الجثث السحرية .
تلتهب أكف الطلبة بالتصفيق ،وتهبط يد الأستاذ على كتفي .
لم تكن أبدا يد الأستاذ ،كانت يد أبي الغليظة تجرني خارج المنزل .
كل هذا أيضا يقذف بمجموعة من الكتب في وجهي ويغلق الباب .
أسمع صمت أمي يئن ،وتحجب الشمس وجهها .
- هنا يكون الله قريبا ..
يخاطبني رجل ملتحي ويشير إلى باب الجامع .
- هل هو قريب بما فيه الكفاية ليمد إلي برغيف !
يمكنني أيضا أن آكل هذه الزينة التي في المسجد .
يبصق على الأرض ويدير لي ظهره .
أرفع رأسي في اتجاه السماء ،وأتحسس بطني .
الكثير من الذباب على وجهي ،يدي ،قدمي .. يغطي جسمي كاملا.
لست ذبابة ؛لم إذن يهشوني من أمام أبواب محلاتهم ومنازلهم !
أعرف هذا ..
"ديوستوفيسكي" يقطع الشارع. سيتعرف علي بالتأكيد ،وسيمنحني شيئا
- ولكن ماذا أريد ؟!
لا يلتفت إلي !
أعرف هذا أيضا 
"يوسف زيدان" ؛ ألم تتعرف علي .. أنا .. أنا .
يصعد حافلة ويمضي !
هذا أيضا أعرفه 
كيف نسيت بأنه دائما هنا لا يغادر المقهى ..
هذا أنا
تتذكرني أليس كذلك .
لا يريد أن يرفع رأسه ،يترك سيجارته على الأرض ويسحقها بنعل يمناه ،يجمع أوراقه من فوق الطاولة ،ويدير لي ظهره هو الآخر !
شيء ما يتقد في جمجمتي ،تطفئة معدتي .
لم يعد باب المنزل يتسع لي ،مع ذلك أطرقه .. وأجد أبي دائماً خلف الباب :
كل هذه أيضا ،يلقمني كتاب ويصفع الباب ،يصفعني ..
أهيء خدي الآخر لذبابة كبيرة لم يمهلني الوقت أن أحبسها بين دفتي كتاب .
صمت أمي ،مواء بطني ،وروائح غريبة تنز من جمجمتي .
أرفع رأسي في اتجاه السماء ،فتبدو أقرب من الجامع ،مع ذلك كل شيء يحدث هنا كما تريد تلك الذبابة تماما.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص