الخميس 28 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
إِذا ما صَحَا المَجنُونُ - يحيى الحمادي
الساعة 14:04 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

إِذا ما صَحَا المَجنُونُ.. أَو نَامَ باكِرَا
فَمَعنَاهُ أَنَّ النَّومَ ما زالَ مَاكِرَا
.

 

ومَعناهُ أَنَّ البَابَ ما زالَ واقِفًا
على البَالِ, والنَّسيَانَ ما زالَ ذاكِرَا
.

 

ومَعنَاهُ أَنَّ الشِّعرَ نَادَاهُ باسمِهِ
ولا عَقلَ لِلمَجنُونِ كَي لا يُغامِرَا
.

 

ومَعناهُ أَنَّ الشَّوقَ أَلقَى كُسُورَهُ
وما أَعنَفَ المَكسُورَ إِن عادَ كاسِرَا

*****
 

دَعِينِي أَقُلْ "أَهلًا وسَهلًا".. وبَعدَها
سَنَلقَى لِمَا قُلنَاهُ بالأَمسِ آخِرَا
.
دَعِينِي أَقُلْ "شُكرًا جَزيلًا" فَطَالَما
حَمَلتُ الهَوى وَحدِي صَبُورًا وشَاكِرَا
.
دَعِينِي.. فَهذا اللَّيلُ لَو عَادَ خُطوَةً
إِلى الخَلفِ لَازدَادَت دُرُوبي مَخَاطِرَا
.
وضُمِّي برِيشِ العَينِ رُوحًا كَأَنَّها
تَرَى الآنَ نَبضَ المَاءِ بَثًّا مُبَاشِرَا
.
ولا تَملَئِي كَفَّيَّ إِلَّا بِضَمَّةٍ
إِذا لامَسَت صَدرِي تَحَوَّلتُ طائِرَا
.
ولا تَقرئِي عَينَيَّ دُونَ ابتِسَامَةٍ
فَإِني على الأَحزَانِ ما عُدتُ قادِرَا
.
أَلَمْ تَستَطِيعِي بَعدُ إِدرَاكَ قِصَّتِي
مَعَ الحُزنِ؟! ما أَقسَى الحَبيبَ المُكَابرَا!
.
أَلَمْ تَلمَحِي يَومًا على السَّطرِ دَمعَةً
تُنَاجيكِ! أَو جُرحًا على الحَرفِ غائِرَا!
.
أَبِالعَقلِ يَرضَى القَلبُ إِن كانَ عاشِقًا
إِذا صَارَ حتى العَقلُ بالعَقلِ كافِرَا؟!
.
أَنا الآنَ مَصلُوبٌ أَمَامِي كَدَمعَةٍ
تَحَاشَت _حَيَاءً مِنكِ_ أَن لا تُبَادِرَا
.
فَلَا تَأذَنِي لِلدَّمعِ تَفرِيقَ بَينِنَا
فَقَد يَخرُجُ المُشتَاقُ بالدَّمعِ ثائِرَا

*****
 

دَعِي كُلَّ ما قُلنَاهُ بالأَمسِ جانِبًا
لَعَلِّي أَقُولُ الآنَ شَيئًا مُغايِرَا
.
تَعَلَّمتُ مِن عَينَيكِ إِنكَارَ ما مَضَى
وإِنكارَ ما يَمضِي ولَو كانَ حاضِرَا
.
تَعَلَّمتُ إِيهَامِي, وإِغرَاءَ غُربَتِي
بمَا لَم يَدُر يَومًا, وما كانَ دائِرَا
.
تَعَلَّمتُ تَكذِيبي, وتَصدِيقَ كِذبَتِي
وتَكذِيبَ تَكذِيبي.. وكَم كُنتُ ماهِرَا!
.
وأَدرَكتُ بَعدَ العَامِ والعَامِ أَنَّنِي
تَسَاقَطتُ مَعصُوبَ الجَنَاحَينِ خائِرَا
.
وأَنَّ التي في القَلبِ لَيسَت قَصِيدَةً
وإِنْ قَلَّبَت كَفًّا وشَدَّت ضَفائِرَا
.
وأَنَّ الجُفُونَ الخُضرَ لَيسَت مَحَابرًا
أُعَزِّي بها فَقدِي, ولَيسَت دَفَاتِرَا
.
إِذا صَارَتِ الشَّكوَى لِذِي العَقلِ سِلعَةً
فَلَا بَيعَ لِلمَجنُونِ فيها ولا شِرَا
.
وإِن كانَ طُولُ الهَجرِ حَظِّي مِن الهَوَى
فَهَل يُفقَدُ الإِنسَانُ إِلَّا مُهَاجِرَا!

*****
 

أَلَمْ تَقرَئِينِي بَعدُ يا مَن تَقَاسَمَت
حُرُوفِي, وأَلقَت بي على السَّطِر شَاغِرَا؟!
.
تَرَكتِ الذي يَهوَاكِ _لا شَيءَ عِندَهُ
سِوَى الشِّعرِ_ ظَمآنَ العَنَاقِيدِ عاصِرَا
.
لَهُ مُهجَةٌ لَو لَم يَعِدْهَا بزَورَةٍ
لِعَينَيكِ.. لَم تَترُك لِعَينَيكِ زائِرَا
.
ولَو لا سُؤَالٌ عَنكِ يَجتَاحُ صَمتَهُ
لَمَا لاحَ بَينَ النَّاسِ إِلَّا خَوَاطِرَا
.
إِذا لَم يَعُد شَوقِي لِلُقيَاكِ طاوِيًا
جرَاحَاتِ أَشعارِي.. فَمَا زِلتُ ناشِرَا
.
وما زِلتُ مَجنُونَ المَجَانِينِ باطِنًا
وإِن كُنتُ مَجنُونَ المُحِبّينَ ظاهِرَا
.
تُرِيدِينَ مِن مِثلِي التَّعَقُّلَ؟!!!! لَيتَنِي
فَلَو كُنتُ ذَا عَقلٍ.. لَمَا كُنتُ شَاعِرَا

 

7-8-2016

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص