الجمعة 29 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 28 نوفمبر 2024
احتراف البغاء - رعد الريمي
الساعة 15:59 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

يتعالى صوت الهاتف ضجيجاً ، فتتوقف أناملي عن نكز مربعات لوحة المفاتيح غير آبه بالأصوات  إلا صوت الهاتف ، فيما يدي تحتضن وجهي مستندة على الطاولة .

مساءٌ أيلوليٌ كئيب ، غادرت فيه منزلي فيما مفتاحي ينتظرني  متدلياً على الباب ، وجهتي كانت تستحث خطى، و الأرض تطول بعداً، وتحتف أجواء البؤس بي التواءً ، كرائحة عطري النتنة والتي طالما ما تذمر منها أبو خالد حين لقائنا في مساء هلاله مكسور نصفين ، واهتراء معطف  عجز عن مُوَارَاةٌ أفاليل رقبتي الكثيرة، وقلم ينتصب على طرف جيبي لا يكتب ،  ولن يكتب؛ لأنه خطأ مصنعي سُحب أقرانه إلا هذا القلم.

وحذاء أكل السير كعب جانبه الأيمن ، لأرفأ على كرسيٍ مستشرٍ فيه الصدأ كاستشراء البغايا في هذا الكون، واستشراء أمي!

طائر اللقلق دائماً ما يزعجني بحضوره على حافة سور البحر ، النمل الأحمر الغبي المُؤذًّى هنا ،

 أبعد أن اتركه يرتع فيَّ عله أن يجد في جسدي بعض فتات خبز متناثر، وحينما لا يجد- لأني لم أجد أنا – يمارس الإيذاء،

 -هواية الإنسان المفضلة – ببعض لدغات تاركاً الألم !

 وراحلاً في أمل لادغٍ غيري.

بائع الحنظل ضنين إلى حد يشبه به أبي ،

الذي قرر أن يكمل بقية حياته في الآخرة ،

ولم يترك لنا سِوَى بعض دراهم في علبة الحصالة لا تكفي لخبز يوم .

فيما أمي تشبه هذا البائع إلى حدا الإطباق في نشاطها ،

فحينما تقرر أن تتركنا صباحاً ولا نعلم أين وجهتها،

 إلا حينما تضع ثيابها على معلاق الحمام،

 لنشتم رائحة رجل يتراءى لنا احمرار عَيْنِيَّةُ من شكل ثوب أمي الأحمر .

وبعض تمزق في كُمِ ثوبها توحي إلى مُهاتَرة رجال نشوى في عالم الشهوة ،

أمي التي لا تصنع كعابد الهندوس ،

 حينما يغتسل من خطاياه في ملتقي نهري الغانج ويامونا في مدينة الله اباد الهندية،

بل هي تغتسل في اليوم مرات ومرات من خطاياها،

 وخطأنا وخطا الارتباط من أبي ،

 وخطأ المَلجوءٌ  لهذا العالم ،

وخطا أسرة"سونغ" التي استعاضت بالورق بدلاً عن النقود.

المنظر الذي لا يكرس إلا الاشمئزاز، يحاول مصادقتي وقد لا يعبأ لحديثي!

 في التجاوب مع بعض الأحيان.

 فقط لأنه يرى في نفسه بعض فضل عليَّ، فكلنا مؤطي قدم ،

غير انه تارة - بعارِ - كعاشقين أخذت أياديهم تطيش بأجساد بعضهم بعضا خلسة ،

وتارة بغباء نقاء عاشق أبله أراد أن يثبت لحبيبته أن جسدها مقدس ،

 فيما هي تشبع رغبتها مع غيره المخطِئ بدراهمه.

 

وحينما أقرر الرجوع إلى منزلي،

 يجتذب جلد إليتي في وجع بعض حديد مكسور على كرسي ،

وكانه يشير  إلى أن ثوبي ماعاد يمنعه عن وخزي لأنه مخروم.

مستفيق على   ذات الرنين الذي قدم لي خبر اليتم ،

هاهو اليوم   يعاود الرنين ململماً شتاتَ  خيالي من ذكرى بائدة .

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص