الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
في بلدي صدرت صحيفة - عمار الدعيس
الساعة 13:22 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)



ربما يكون من المعتاد والطبيعي إصدار صحيفة ,لكن الاستثنائي أن يكون الصدور في زمن التجهيل والحرب ,و بتمويل وجهد شخصي, إنها خطاب العقل للعقل وتحفيز الذهن للتوقد ذاك ما ستكونه الصحيفة التي لا حاجة لها بخطاب العنتريات .
أدب وفن ,صحيفة يمنية مستقلة متخصصة ,في مجال الإبداع والفكر الأدب والثقافة والفنون , مشروع تنويري , وشمعة في حالك الظلمات .
عامان وأكثر ,اغتالت الحرب كثير من جمال البلد ,ورونق الحياة, وكذلك هي الحروب ,ظلم وظلمات ودمار.
إن من أول ضحايا الحرب - في بلدي - الفن والأدب والثقافة,وهو ما عزز جنون الكراهية, وخلق تشظي الجسد, وبسبب الغياب التام لكل مظاهر النشر الأدبي والثقافي والفني تتسع رقعة السواد وتنتشر معالمه.فالنفس إن لم تتهذب بالخير تنتحر بالشر .
كنا مع كل إطلالة أسبوع أو شهر أو فصل ننتظر الإصدارات الثقافية بشوق كبير كونها نافذة للضوء وفاتحة للرؤية ,فالمعرفة سفينة نجاة ,و الحرب أتت على كل ذلك ,فالداخل انشغل بالصراع ,والحصار وما في مستواه منع تدفق إشعاعات الأدب والفكر والفن من كل دول العالم العربي . .
ميلاد صحيفة أدب وفن هو حدث جليل بكل المقاييس, أمام ظلمات الحرب والتجهيل ,فكان الميلاد ضربة قاصمة للظلام ,ومسمار في نعش اليأس الذي كاد يلتهم أحلام المثقف اليمني وتطلعاته, ونهم القارئ والمهتم وأحلامهما المشروعة في نافذة الضوء وعطر الحرف .
لم تكن الصحيفة أوراق مصقولة فحسب, ولا حروف منثورة فقط ,بل هي مشروع تنويري رائد يستحق أكثر من إشادة ,تلقفناه جميعا بكثير من الدهشة, فهو الاستثناء الجميل في زمن دوران عجلة الوطن للخلف .
متفيئاً, ظلال الحرف ,ونور الثقافة, ووهج الإبداع ,يطالعك اسم رئيس التحرير وصاحب الامتياز, الشيخ عبد الباسط صالح بن سارية,هذا الفارس المبدع, والإنسان المثقف الواعي ،قيل سبئي جميل ,بذاكرته التاريخ, وفي دمه الثقافة , من مأرب العرش والسد جاء فارس الثقافة, وداعمها, ومبدعها, حاملا بيده قلم في زمن الكلاشنكوف, وفي قلبه سلام في عهد الكراهية, متشحا بالعلم ,مكتنز للفكر , قلم نذره للسلام ،و فكر ممتزج بلذة الفن ، صلاة تاريخ ،وعميق أنوار معرفة، حداثة يستلهم جديدها، وأصالة يتمثل عبقها، مسئولا بجدارة عن ثورة وعي, تصحح مسارات خذلت أحلامنا في حاضر مشرق، وصادرت فرحنا بغد جميل.
مدهشا حقا أن يمنح هذا القيل السبئي من ماله لتمويل صحيفة ثقافية إبداعية فنية في زمن الحرب, فالحرب لم تلهه بجنونها ولم تحرف مساره أو تعطل طموحاته ، بل منحته سطوة الإقدام، على إنارة شمعة وسط الظلام ,كلمة حرة ،وصحيفة أنيقة، في سياقات بعث معرفي ،وتثقيف أدبي، وفن راقي، ذاك بعض من طموح الإنسان المثقف الشيخ عبد الباسط سارية ،طموح تسنده عزيمة، ويقف خلفه إصرار، فمنح من ماله الخاص ما أثار دهشة الوقت والتوقيت، ليكون بذلك ابن بار، لحضارة عرشها مجدا لم تنل منه القرون.
إرادة أصيلة لأجل التغيير الواعي, بوعي المعرفة, وقيم الثقافة ,هو ما نحتاجه لتجاوز المرحلة وإعادة البناء وتشييد جسور الجمال بيننا .
الحرب التي يثري الناس منها ليس للعقول المتنورة خيرا فيها ,كونها تناقض الحق والخير والجمال الذي فطروا عليه ميلادا ودرجوا عليه فكرا وممارسة .وهذا ما كان من الشيخ عبد الباسط سارية فتجه إلى حيث يكون التاريخ ناصعا جميلا ,مقررا البدء رغم كل عوائق الواقع, فالعظماء ينتصرون بمبادئهم ,ويحققون طموحاتهم حتى لو كانت الظروف غير مواتية , إنها معادلة المجد
وإذا كانت النفوس كبار ...تعبت في مرادها الأجسام
لقد مثل هذا التنوير في مشروع الصحيفة الق جميل لنا جميعا ,ميلاد أمل, يتجاوز الألم, فالوعي الإنساني ينمو بالتعلم، ويرتقي بالمعرفة، ويتهذب بالأدب ،ويسمو بالفن، وصحيفة أدب وفن كما أراد لها مؤسسها وهيئة التحرير تمضي على ذات الدرب، وبخصوبة أقلام ترتقي،معتقة بجمال الفكر، وترسم بالفن لوحة الغد ،أنيق الملامح ,شهي المغنم.
الحرب تغذي الكراهية ،والعكس ،ووجود هذا المشروع الصحيفة هو صرخة تحدي ضد ذلك .
انه إعلان حضارة, وقضية تحرير, ودليل ساطع أن الإنسان اليمني ما زال مؤمنا بغد جميل, يتعايش فيه الجميع, ويتشاركوا خيراته,فالوطن يتعافى بالخير والخير فكرة نبيلة وكلمة طيبة أدب رفيع وفن راقي .
لا مستقبل للكراهية ، فاليمن سينتصر، وصدور أدب وفن في هذا التوقيت، وبتمويل خاص من الشيخ عبد الباسط سارية ضوء لنا جميعا، بوجود الخير، ورجال الخير والسلام والمحبة والحضارة الذين لا يخذلون مبادئهم ولا ينتهجون غير سبيل البناء والارتقاء طريقا .
صحيفة تهتم بالأدب والفن ويصدر منها زهاء سبعة الآلاف نسخة من كل عدد في واقع حرب ودمار هي بحق أكثر من صحيفة إنها مشروع تنوير بإرادة فولاذية تستحق الإشادة ودعم الجميع ,فنحن في بلد أنهكه الجهل, وزادت الحرب مآسيه ,وقليل من يعمل لآجل البناء, وكثير من يقتات على الجراح, ويتاجر بالدماء, فسلام على أهل السلام ورجال الإبداع والحضارة فوحدهم كنز الإنسانية وقادة التغيير.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً