الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
أساطير عُثمانية - فاروق مريش
الساعة 13:45 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


( ١ ) سليم الأول

لقد كان يقرأ القرآن بشكل مختلف عن سابقيه ، فلما وصل إلى قوله تعالى : ( هم العدوُّ فاحذرهم ) ، طرفت رمشيه بسرعة تشبه جناح نحلة ، وتعقدت حاجباه مجيباً بهما عن اسئلة كثيرة كانت قد أرقت مضجعه لليالٍ طويلة في الآونة الأخيرة .
الخليفة سليم الأول : تخبرنا العيون أن الصليبيين البرتغال ومن معهم يسعون للسيطرة على المدينة المنورة ونبش قبر رسول الله محمد وأساطيلهم تنوي التحرك باتجاه البحر الأحمر .
- شيخ الإسلام ومفتي الدولة العثمانية ( زمبيلي علي مالي أفندي ) : حصِّن دولتك من عدو الداخل لتحرسها من أساطيل الخارج ، فالعدو المتستر بلون الصديق ، أخطر عليك من عدو اتضحت عداوته .
ابتسم سليم الأول وفهم المغزى بوضوح وأمر كاتبه أن يكتب إلى قائد الجيش بأن يجهز فيلقاً تحت قيادة الخليفة ومباغتاً كل التوقعات ، ليتحرك به شرقاً نحو تبريز ، عاصمة الدولة الصفوية ويدك هذه المدينة في معركة جالديران الخالدة . 
لم يسترح بعد السلطان سليم من آثار السفر والحرب المنهكة التي طهر من خلالها العملاء المتلبسون بجلد الإسلام ، حتى جاءه الرسول ليضع بين يديه رسالة من والي غرناطة في الأندلس ، يناشده الإسلام والإنسانية ويطلب منه النجدة من جرائم الأسبان الوحشية ومحاكم التفتيش الإرهابية ، التي تقتل بالهوية وتعذب بدون رحمة ولا تفرق بين طفل وامرأة ورجل وشيخ ، فاغتاض سليم الأول واحمرت أوداجه ولم يتناول طعامه في ذلك اليوم حنقاً وغيرة على كل روح تحل في جسد مسلم .
في هذه الحالة كان على الجميع معرفة ما يجب أن يقوموا به ، ليغادروا مجلسه على الفور ويبقوه مع شيخه وحيدين بالإضافة لطفله النبيه سليمان الذي سمي فيما بعد بسليمان القانوني .
- زمبيلي أفندي : لا عليك يا خليفة المسلمين فوالله أن دموعك التي اغرورقت بها عيناك حزناً على دماء المسلمين ، أعز وأمنع عند الله من صليب جيوش الأسبان والبرتغال والطليان مجتمعين .
- سليم الأول : مقبضاً على يده اليسرى وبصوت غاضب ، نحن نحسن معاملة كل من يخالف ديننا من اليهود والنصارى ولا نؤذيهم ، ولئن بلغ حال أخوتنا في الأندلس ما بلغ فلن يبقى يهودياً أو نصرانياً في أرضي وسنرد لهم الصاع الصاعين حتى يعلموا من هم بنو عثمان وأتباع محمد .
- زمبيلي أفندي : ليس بهذا تنتصر ، وإنما يلج الإسلام للصدور بحرية المعتقد والله يقول ( لا إكراه في الدين ) ، فالإسلام دين يدعو للرحمة ولا تزر فيه وازرةٌ وزر أخرى .
- سليم الأول : وما العمل يا شيخ ؟
- زمبيلي أفندي : لا شأن بنصارى أرضنا بحروب وأطماع الدول الاستعمارية ، فهؤلاء أهل ذمة وسلم لهم ما لنا وعليهم ما علينا ، ما أطاعوا والتزموا بقوانين امبراطوريتنا السمحة والداعية للحرية .. ومن خرج عن الطاعة وأراد أن يفرق الجماعة فلا تتهاون في أمره ، فحدُّه قطع العقل الذي به فكر ودبَّر ليكون آية لمن تهم به نفسه الدعوة للطغيان .
أطعم جوعهم ، وأمن خوفهم ، وانصر مظلومهم ، واحفظ قدر أمتهم بين الأمم سينقاد لك العدو قبل الصديق وستنحني لك الرقاب راضية .
- سليم الأول : الحمد لله الذي جعل لي من خاصتي أمثالك ، حقاً إنه دين السلام ، وما أجملها من حضارة حين تنهض بتعايش الأديان وبتعدد الأعراق و الألوان ، حتى ونحن نرفع السيف اضطراراً نرفعه لنحقق به السلام ، ونحقن به الدماء .
إذاً يا شيخ سنبدأ بالاعداد للمهمة المستحيلة ، ولا يصلح لهذه المهمة إلا ( بربروسا ) .
فمن هو بربروسا ؟ ـِــ .. ـــ .. يتبع الجزء الثاني

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً