الخميس 28 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أساطير عُثمانية - فاروق مريش
الساعة 13:45 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


( ١ ) سليم الأول

لقد كان يقرأ القرآن بشكل مختلف عن سابقيه ، فلما وصل إلى قوله تعالى : ( هم العدوُّ فاحذرهم ) ، طرفت رمشيه بسرعة تشبه جناح نحلة ، وتعقدت حاجباه مجيباً بهما عن اسئلة كثيرة كانت قد أرقت مضجعه لليالٍ طويلة في الآونة الأخيرة .
الخليفة سليم الأول : تخبرنا العيون أن الصليبيين البرتغال ومن معهم يسعون للسيطرة على المدينة المنورة ونبش قبر رسول الله محمد وأساطيلهم تنوي التحرك باتجاه البحر الأحمر .
- شيخ الإسلام ومفتي الدولة العثمانية ( زمبيلي علي مالي أفندي ) : حصِّن دولتك من عدو الداخل لتحرسها من أساطيل الخارج ، فالعدو المتستر بلون الصديق ، أخطر عليك من عدو اتضحت عداوته .
ابتسم سليم الأول وفهم المغزى بوضوح وأمر كاتبه أن يكتب إلى قائد الجيش بأن يجهز فيلقاً تحت قيادة الخليفة ومباغتاً كل التوقعات ، ليتحرك به شرقاً نحو تبريز ، عاصمة الدولة الصفوية ويدك هذه المدينة في معركة جالديران الخالدة . 
لم يسترح بعد السلطان سليم من آثار السفر والحرب المنهكة التي طهر من خلالها العملاء المتلبسون بجلد الإسلام ، حتى جاءه الرسول ليضع بين يديه رسالة من والي غرناطة في الأندلس ، يناشده الإسلام والإنسانية ويطلب منه النجدة من جرائم الأسبان الوحشية ومحاكم التفتيش الإرهابية ، التي تقتل بالهوية وتعذب بدون رحمة ولا تفرق بين طفل وامرأة ورجل وشيخ ، فاغتاض سليم الأول واحمرت أوداجه ولم يتناول طعامه في ذلك اليوم حنقاً وغيرة على كل روح تحل في جسد مسلم .
في هذه الحالة كان على الجميع معرفة ما يجب أن يقوموا به ، ليغادروا مجلسه على الفور ويبقوه مع شيخه وحيدين بالإضافة لطفله النبيه سليمان الذي سمي فيما بعد بسليمان القانوني .
- زمبيلي أفندي : لا عليك يا خليفة المسلمين فوالله أن دموعك التي اغرورقت بها عيناك حزناً على دماء المسلمين ، أعز وأمنع عند الله من صليب جيوش الأسبان والبرتغال والطليان مجتمعين .
- سليم الأول : مقبضاً على يده اليسرى وبصوت غاضب ، نحن نحسن معاملة كل من يخالف ديننا من اليهود والنصارى ولا نؤذيهم ، ولئن بلغ حال أخوتنا في الأندلس ما بلغ فلن يبقى يهودياً أو نصرانياً في أرضي وسنرد لهم الصاع الصاعين حتى يعلموا من هم بنو عثمان وأتباع محمد .
- زمبيلي أفندي : ليس بهذا تنتصر ، وإنما يلج الإسلام للصدور بحرية المعتقد والله يقول ( لا إكراه في الدين ) ، فالإسلام دين يدعو للرحمة ولا تزر فيه وازرةٌ وزر أخرى .
- سليم الأول : وما العمل يا شيخ ؟
- زمبيلي أفندي : لا شأن بنصارى أرضنا بحروب وأطماع الدول الاستعمارية ، فهؤلاء أهل ذمة وسلم لهم ما لنا وعليهم ما علينا ، ما أطاعوا والتزموا بقوانين امبراطوريتنا السمحة والداعية للحرية .. ومن خرج عن الطاعة وأراد أن يفرق الجماعة فلا تتهاون في أمره ، فحدُّه قطع العقل الذي به فكر ودبَّر ليكون آية لمن تهم به نفسه الدعوة للطغيان .
أطعم جوعهم ، وأمن خوفهم ، وانصر مظلومهم ، واحفظ قدر أمتهم بين الأمم سينقاد لك العدو قبل الصديق وستنحني لك الرقاب راضية .
- سليم الأول : الحمد لله الذي جعل لي من خاصتي أمثالك ، حقاً إنه دين السلام ، وما أجملها من حضارة حين تنهض بتعايش الأديان وبتعدد الأعراق و الألوان ، حتى ونحن نرفع السيف اضطراراً نرفعه لنحقق به السلام ، ونحقن به الدماء .
إذاً يا شيخ سنبدأ بالاعداد للمهمة المستحيلة ، ولا يصلح لهذه المهمة إلا ( بربروسا ) .
فمن هو بربروسا ؟ ـِــ .. ـــ .. يتبع الجزء الثاني

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص