الخميس 28 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
غابة في الرأس - مصطفى ناجي الجبزي
الساعة 11:20 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


كم أنا وحيد وحزين جداً! وحيد كـ كوخ مهجور. وحيد الى درجة ان الراكبة التي كانت خلفي في الترامواي نبهتني بأن عنكبوتا تسير على ظهري. 
استدرت نحوها ووجدتها مفزوعة بعض الشيء. آسيوية تبدو عليها طيبة شديدة تنبثق من عينيها الصغيرين. ممتلئة وعليها غبب . 
كانت تحمل منديلا تستعد للإمساك بالعنكبوت. 

 

شكرتها وقلت لها مستغرباً : كيف جاءت العنكبوت الى قميصي وانا لم أكن في الغابة؟ 
الحقيقة ان الغابة بوحشيتها وغموضها ومجاهيلها موجودة في رأسي منذ اليوم الذي عرفتُ فيه كيف اكتب أسمي في الوثائق الرسمية أسفل الطير الجامد الملون. 
لا تستوطن العناكب الا الزوايا النائية الحزينة. زوايا لا تصل اليها يد العطف والرعاية. 
قبل أعوام قال لي أحدهم : تحزننا في الحياة فوارق التوقيت والاستعدادات حتى يمرق الحظ من بين أيدينا. 
لم احفل كثيرا يومها.
لا تاتي الأشياء والصدف عندما ننتظرها وعندما نقنع منها او نكون غير مستعدين تاتي دفعة واحدة ولهذا نعيش ناقصي عمر، مسروقي الفرح يستبد بنا الجوع الأزلي ويسخر منا حرماننا.
أود ان أكب كل الأحداث التي مررت بها والتي خلقتني وعجنتني دفعة واحدة في أقرب صندوق قمامة. ان أمحو ذاكرتي وأفرغ هذه الرأس من كل ما سبق. 
قبل فترة دعاني أصدقاء الى الغداء معهم. كنت ضيفهم. قال لي احدهم : ادعوك الى وجبة احبها فيها جبن وسلطة ولحم خنزير و...
اومأت له اني لا آكل لحم الخنزير ولم يكمل تفاصيل الطبق. 
سألني: لماذا لا تأكل هذا اللحم؟ 
كيف يمكنك ان تقنع صديقك الذي تحبه ان الوجبة التي يفضلها والتي كبر معها هي من النجاسة؟ 
ورطة جديدة مع الطفولة والقوالب.
اشعر بالجوع وأشتهي ان آكل موزا عملا بنصيحة صديقي فاضل حينما كان يقول ان الموز بجلب الفرح. 
تعود إلي ليالي صنعاء في مرحلة الثانوية حينما كنت استمع لسهرة إذاعة صنعاء. 
"للصبر حدود" ولست ادري أأين الحدود هذه. لكني في هجعة الليلة أتلمس شكوى الست وهي تردد "للصبر حدود".

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص