الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
شاعرٌ في منزِلِ لص - يحيى الحمادي
الساعة 11:32 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


في ظَرفِ عامٍ مَرَّ كالفِرْيَةِ
أَضحَى ثَريًّا (وارثُ الجَدْيَةِ)
.
فِي ظَرفِ عامٍ واحِدٍ صارَ مِن
أَهلِ ادِّعَاءِ الخَوفِ والخَشيَةِ
.
قَصرٌ, وأَسوارٌ لها أعيُنٌ
يَرصُدْنَ تَلوِيحِي وعَفْوِيَّتِي
.
بَوَّابَةٌ لِلقَصرِ حُرَّاسُها
يَستَقبلُونَ الظِّلَّ بالرَّميَةِ
.
لم أُبدِ عُدوانِيةً.. جئتُهُم
أَمشِي على إِيقاعِ رِيفِيَّتِي
.
أَسعَى إلى غَيبٍ, وثَوبي بلا
جَيبٍ, ومِيزانِيَّتِي نِيَّتي
.
سَلَّمْتُ باليُمنى عليهِم, ولَم
أَنطِقْ سِوى باسمِي وجِنسِيَّتِي
.
لكنهم هَبُّوا سِرَاعًا كما
لَو أَنَّهُم حَنُّوا إِلى الفِديةِ
.
قِيلَ اعصُبُوا عَينَيهِ, ثُمَّ ابعَثُوا
أَوصافَهُ فِي بَطنِ بَرقِيَّةِ
.
.
.
لَم يَأتِهِم رَدٌّ.. ولا صَدَّقُوا
رَدِّي بأَلفاظٍ مَحَلِّيَّةِ
.
أَقسَمتُ بالتِّسعِينَ والتِّسعَةِ الـ
أَسماءِ أَني دُونَ سِرِّيَّةِ
.
لكنْ بلا جَدوَى.. فَقَد أَثبَتُوا
مِن قَبلِ عامِ الفِيلِ حِزبيَّتي
.
قالُوا بأني داعِشِيٌّ بلا
دِينٍ, وخاضُوا فِي الأُلُوهِيَّةِ
.
قالُوا بأني بَلطَجيٌّ ولِلـ
عُدوانِ والإِخوانِ عُضوِيَّتِي
.
قالُوا عَمِيلٌ جاءَ فِي جَيبهِ
شَرَائِحٌ مِن كُلِّ نَوعِيَّةِ
.
قالُوا دَخِيلٌ.. بَينَ شَرقِيَّةٍ
أَلفاظُهُ تَبدُو وغَربيَّةِ
.
قالُوا.. 
وخَلفَ القَولِ أَعقابُهُم
تَهوِي إِذا أَبدَيتُ سُخرِيَّتِي
.
وا غُربَتِي.. والمَوتُ أَدنَى إِلى
عَينيَّ مِن إِطلاقِ حُرِّيَّتِي
.
في غُرفَةِ الحُرَّاسِ لاقَيتُ ما
لاقَيتُ مِن رُعبٍ ووَحشِيَّةِ
.
جسمِي غَدَا كَيفِيَّةً دُونَما
كَمٍّ, وكَمًّا دُونَ كَيفِيَّةِ
.
يا سادَتِي.. هَلَّا استَرَحتُمْ! لَقَد
أَتعَبتُكُمْ.. تَبًّا لِهِندِيَّتِي
.
هذا الذي ظَهرِي لَهُ ساحةٌ
يَكفِي لِتَدمِيرِ السُّعودِيَّةِ
.
في اللَّيلِ _لَمَّا استَيأَسُوا_ قَرَّرُوا
بَعثِي إِلى المَحجُوبِ عَن رُؤيَتِي
.
لُحْ يا أَبَا عَلَّانَ واشفَعْ لِمَن
في البابِ أَلقَينَاهُ كالحَيَّةِ
.
ثُمَّ انتَظَرنا وانتَظَرنا إِلى
أَنْ أَذَّنَ الطابُورُ بالفِتيَةِ
.
حتى إِذا ما لاحَ قالَ اذهبُوا
هذا رَفِيقُ الدَّربِ والقَريَةِ
.
شَرَّفتَنَا.. أَهلًا وسَهلًا بمَن
يَدرِي مَدَى شَوقِي ووُدِّيَّتِي
.
مَن هؤلاءِ النَّاسُ؟! هَل جئتَ بي
كَي يَنهَشُوا عِرقِي وعِرقِيَّتِي!
.
عُذرًا.. فَإِجراءَاتُ فَحصِ الكُنَى
عُرفٌ جَرَى فِي كُلِّ مَحمِيَّةِ
.
لا تَعتَذِرْ.. يَبدُو ومِن دَهشَتِي
أَقحَمتُ نِصفَ الإِسمِ في الكُنيَةِ
.
لَم أَستَطِعْ تَصدِيقَ ما شاهَدَت
عَينايَ مِن زَهوٍ وسِحرِيَّةِ
.
هَل كُلَّ هذا صارَ مِلكًا لِمَن 
قَاسَمتُهُ بالأَمسِ "طَعمِيَّتِي"!
.
ما أَعجَبَ الحُسَّادَ.. لَم يُتقِنُوا
إِلَّا اعتِراضَ الرِّزقِ والسَّبيَةِ
.
دَعْ عَنكَ هذا الآنَ وادخُلْ مَعِي
عَكَّرتَ إِحساسِي ونَفسِيَّتِي
.
اخلَعْ هُنا نَعلَيكَ.. لا نَعلَ لِي
مُذ ساقَنِي الحُرَّاسُ كالدُّميَةِ
.
حتى على الجَوَّالِ لَم يَبخَلُوا
يَبغُونَ ماذا مِن خُصُوصِيَّتِي؟!
.
يا لَيتَنِي فَجَّرتُ نَفسِي على
أَكتَافِهِم ثَأرًا لِسِلمِيَّتِي
.
أَرجُوكَ دَعْكَ الآنَ مِمَّا جَرَى
واعبُرْ مَعِي مِن غَيرِ نِدِّيَّةِ
.
انظُرْ إِلى هذي القَنَانِي.. بها
ما لَم يَجُلْ فِي بالِ جِنِّيَّةِ
.
ذاكَ الرُّوَاقُ الرَّحْبُ جُدرانُهُ
مِن فِضَّةٍ بالتِّبْرِ مَطلِيَّةِ
.
تِلكَ الثُّرَيَّا خَطَّ جَدِّي على
أَضوائِها صُلحَ الحُدَيبيَّةِ
.
هذي السيوفُ الصُّفرُ جَمَّعتُها
فِي حِقبَةِ الحَربِ الصَّلِيبيّةِ
.
والبَهْوُ مِن سُجَّادِ أُمِّي الذي
أَبقَتْهُ مِن مالٍ ومِن حُليَةِ
.
أَمَّا عَنِ المَبنَى.. فَأَحجارُهُ
مَبنِيَّةٌ مِني ومِن بُنيَتِي
.
الطَّابقُ العُلوِيُّ عَمَّرتُهُ
مُذ كانَ عِندِي الجُوعُ كالحِمْيَةِ
.
والطَّابقُ الأَعلَى دَعانِي إِلى
إِكمالِهِ عِلمِي بسَطحِيَّتِي
.
ماذا عَنِ الباقِي! أَشَيَّدْتَهُ
مِن دَفعِ بَيتِ المالِ والجِزيَةِ!
.
يَبدُو بأَني تُهتُ حَقًّا.. فَقَد
قابَلتَ بالتَّهرِيجِ جِدِّيَّتِي
.
يا صاحِبي هذا افتِراءٌ ولا
يَبدُو كأَحلامٍ حَقِيقيَّةِ
.
هَل كُلُّ هذا المَالِ جَمَّعتَهُ
ما بَينَ "شَعرِ الجِنِّ" واللِّحيَةِ!
.
هذي بلادٌ أَصبَحَت غابَةً
لا فَرقَ بَينَ الذئبِ والظَّبيَةِ!
.
ماذا جَرَى! هَل جئتَ بَيتِي لِكَي
تَجتَثَّ تاريخِي وشَخصِيَّتِي!
.
إِنَّ اتِّهامَ النَّاسِ جُرمٌ, فلا
تَجرَحْ نِضالاتِي وثَورِيَّتِي
.
ما العَيبُ فِيمَا صِرتُ أَهلًا لَهُ
إِنْ أَقعَدَت غَيرِي أَحَقِّيَّتِي!
.
أَدرِي بأني كُنتُ يَومًا بلا
مالٍ ولا ذاتٍ حُكُومِيَّةِ
.
أَدرِي بأَني عِشتُ دَهرًا مِن الـ
حِرمانِ.. مَنبُوذًا لِسِلبيَّتِي
.
لكنني أَبصَرتُ دَربِي.. وعَن
خَوفِ العِقابِ اختَرتُ حَتمِيَّتِي
.
هذا أَنا.. ذاكَ الذي كانتِ الـ
"فاصُولِيَا بالبَيضِ" أُمنِيَّتِي
.
زادَت عَقَارَاتِي.. وصارَت على 
أَسوَاقِيَ السَّوداء شَرعِيَّتِي
.
دَوْرِيَّتانِ الآنَ عِندِي, ولِي
قَنَّاصَةٌ فِي كُلِّ دَورِيَّةِ
.
ها قَد بَدَأتَ الآنَ تُوحِي بما
أَخفَيتَهُ فِي شِبهِ أُحجِيَّةِ
.
قُل إِنَّكَ استَحسَنتَ ما استَقبَحَت
رُوحِي, وإِنَّ السِّرَّ فِي التُّقْيَةِ
.
لا سِرَّ يا هذا سِوى أَنني
حَرَّرتُ كُلِّي بالأَقَلِّيَّةِ
.
باللهِ ماذا عَنكَ؟! يا وَاعِظِي
هَل نِلتَ ما تَرجُو بخَيرِيَّةِ!
.
قالُوا احتَرَفتَ الشِّعرَ! هل حِرفَةٌ
هذي التي مِن غَيرِ رِبحِيَّةِ!
.
لَو أَنَّكَ استَحسَنتَ قُبْحَ الذي
سَمَّيتَهُ ما لُمْتَ شِعرِيَّتِي
.
يا لَيتَ أَنَّ المالَ لِي غايَةٌ
أَو أَنَّ ما جَمَّعتَهُ بُغيَتِي!
.
لكنَّ خَلفَ السُّورِ أَوجاعُ مَن
تَقتَاتُ مِن أَجسادِهِ الحَيَّةِ
.
مِن كُلِّ جُرحٍ ثَمَّ كَأسٌ هُنا
تَحسُوهُ حَسْوَ الجُوعِ لِلصِّبيَةِ
.
ما قِيمَةُ الإِنسانِ إِن كانَ لا
يَرقَى إِلى صَفِّ البَهِيمِيَّةِ!
.
إِن كُنتَ قَد جَمَّعتَ هذا الذي
جَمَّعتَهُ مِن غَيرِ خَلفِيَّةِ
.
فالحُرُّ مِن عَجزٍ ومِن فاقَةٍ
يَفنَى, ولا يَعتَاشُ بالمُديَةِ
.
ما حاجَتِي بالمالِ إِن كانَ مِن
أَضلاعِ طاوٍ أَو دِمَا مَيِّتِ!
.
ها أَنتَ ذا تَهذِي.. نَعَم إِنني
أَهذِي بأوجاعٍ عَمُودِيَّةِ
.
هَلَّا فَتَحتَ البابَ لِي تارِكًا
ما ظَلَّ مِن طُهرِي وإِنسِيَّتِي
.
يا صاحِبي عُذرًا إِذا كُنتُ قد
أَخطَأتُ أَو أَسرَفتُ بالمِريَةِ
.
إِني بذا حاوَلتُ إِيضاحَ ما
شاهَدتَهُ فِي غَيرِ جُزئِيَّةِ
.
اجلِسْ.. ودَعْ ما كانَ من لَغوِنا
إِن كانَ لا يُفضِي لِحَيثِيَّةِ
.
ماذا عَنِ الأَشعارِ؟! ما زِلتُ مِن
مِيمِيَّةٍ أَسعَى لِنُونِيَّةِ
.
أَصبَحتَ ذا إِسمٍ؟ ولكنني
في جُملَةٍ لَيسَت بإِسمِيَّةِ
.
ما حاجَتِي بالإِسمِ والشَّعبُ فِي
غَيبُوبَةٍ.. مِن غَيرِ شَعبيَّةِ
.
إِنَّ البلادَ اليَومَ مَطعُونَةٌ
فِي قَلبها.. ما النَّفعُ مِن رُقيَتِي
.
صَخرِي بَعِيدُ الماءِ.. كَم مَرَّةٍ
حَطَّمتُ دُونَ الجَهلِ عَصرِيَّتِي
.
كَم مَرَّةٍ فَتَّشتُ عَن حِرفَةٍ
لِلشُّربِ, دُونَ البَيعِ لِلكُلْيَةِ
.
كَم مَرَّةٍ عَذَّبتُ نَفسِي إِذا
لاحَظتُ ضَعفًا بانجلِيزيَّتِي
.
هذي بلادٌ رُبَّما داؤُها
فِي جَهلِها.. أَو قُل بعِلمِيَّتِي
.
فالجَهلُ صارَ اليَومَ أُستاذَ مَن
يَرتادُهُ فِي كُلِّ كُلِّيَّةِ
.
يا لَيتَنِي أَدخَلتُ رَأسِي فَمِي
أَو مِثلَكُم أَكمَلتُ أُمِّيَّتِي

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً