الخميس 28 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
شاعرٌ في منزِلِ لص - يحيى الحمادي
الساعة 11:32 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


في ظَرفِ عامٍ مَرَّ كالفِرْيَةِ
أَضحَى ثَريًّا (وارثُ الجَدْيَةِ)
.
فِي ظَرفِ عامٍ واحِدٍ صارَ مِن
أَهلِ ادِّعَاءِ الخَوفِ والخَشيَةِ
.
قَصرٌ, وأَسوارٌ لها أعيُنٌ
يَرصُدْنَ تَلوِيحِي وعَفْوِيَّتِي
.
بَوَّابَةٌ لِلقَصرِ حُرَّاسُها
يَستَقبلُونَ الظِّلَّ بالرَّميَةِ
.
لم أُبدِ عُدوانِيةً.. جئتُهُم
أَمشِي على إِيقاعِ رِيفِيَّتِي
.
أَسعَى إلى غَيبٍ, وثَوبي بلا
جَيبٍ, ومِيزانِيَّتِي نِيَّتي
.
سَلَّمْتُ باليُمنى عليهِم, ولَم
أَنطِقْ سِوى باسمِي وجِنسِيَّتِي
.
لكنهم هَبُّوا سِرَاعًا كما
لَو أَنَّهُم حَنُّوا إِلى الفِديةِ
.
قِيلَ اعصُبُوا عَينَيهِ, ثُمَّ ابعَثُوا
أَوصافَهُ فِي بَطنِ بَرقِيَّةِ
.
.
.
لَم يَأتِهِم رَدٌّ.. ولا صَدَّقُوا
رَدِّي بأَلفاظٍ مَحَلِّيَّةِ
.
أَقسَمتُ بالتِّسعِينَ والتِّسعَةِ الـ
أَسماءِ أَني دُونَ سِرِّيَّةِ
.
لكنْ بلا جَدوَى.. فَقَد أَثبَتُوا
مِن قَبلِ عامِ الفِيلِ حِزبيَّتي
.
قالُوا بأني داعِشِيٌّ بلا
دِينٍ, وخاضُوا فِي الأُلُوهِيَّةِ
.
قالُوا بأني بَلطَجيٌّ ولِلـ
عُدوانِ والإِخوانِ عُضوِيَّتِي
.
قالُوا عَمِيلٌ جاءَ فِي جَيبهِ
شَرَائِحٌ مِن كُلِّ نَوعِيَّةِ
.
قالُوا دَخِيلٌ.. بَينَ شَرقِيَّةٍ
أَلفاظُهُ تَبدُو وغَربيَّةِ
.
قالُوا.. 
وخَلفَ القَولِ أَعقابُهُم
تَهوِي إِذا أَبدَيتُ سُخرِيَّتِي
.
وا غُربَتِي.. والمَوتُ أَدنَى إِلى
عَينيَّ مِن إِطلاقِ حُرِّيَّتِي
.
في غُرفَةِ الحُرَّاسِ لاقَيتُ ما
لاقَيتُ مِن رُعبٍ ووَحشِيَّةِ
.
جسمِي غَدَا كَيفِيَّةً دُونَما
كَمٍّ, وكَمًّا دُونَ كَيفِيَّةِ
.
يا سادَتِي.. هَلَّا استَرَحتُمْ! لَقَد
أَتعَبتُكُمْ.. تَبًّا لِهِندِيَّتِي
.
هذا الذي ظَهرِي لَهُ ساحةٌ
يَكفِي لِتَدمِيرِ السُّعودِيَّةِ
.
في اللَّيلِ _لَمَّا استَيأَسُوا_ قَرَّرُوا
بَعثِي إِلى المَحجُوبِ عَن رُؤيَتِي
.
لُحْ يا أَبَا عَلَّانَ واشفَعْ لِمَن
في البابِ أَلقَينَاهُ كالحَيَّةِ
.
ثُمَّ انتَظَرنا وانتَظَرنا إِلى
أَنْ أَذَّنَ الطابُورُ بالفِتيَةِ
.
حتى إِذا ما لاحَ قالَ اذهبُوا
هذا رَفِيقُ الدَّربِ والقَريَةِ
.
شَرَّفتَنَا.. أَهلًا وسَهلًا بمَن
يَدرِي مَدَى شَوقِي ووُدِّيَّتِي
.
مَن هؤلاءِ النَّاسُ؟! هَل جئتَ بي
كَي يَنهَشُوا عِرقِي وعِرقِيَّتِي!
.
عُذرًا.. فَإِجراءَاتُ فَحصِ الكُنَى
عُرفٌ جَرَى فِي كُلِّ مَحمِيَّةِ
.
لا تَعتَذِرْ.. يَبدُو ومِن دَهشَتِي
أَقحَمتُ نِصفَ الإِسمِ في الكُنيَةِ
.
لَم أَستَطِعْ تَصدِيقَ ما شاهَدَت
عَينايَ مِن زَهوٍ وسِحرِيَّةِ
.
هَل كُلَّ هذا صارَ مِلكًا لِمَن 
قَاسَمتُهُ بالأَمسِ "طَعمِيَّتِي"!
.
ما أَعجَبَ الحُسَّادَ.. لَم يُتقِنُوا
إِلَّا اعتِراضَ الرِّزقِ والسَّبيَةِ
.
دَعْ عَنكَ هذا الآنَ وادخُلْ مَعِي
عَكَّرتَ إِحساسِي ونَفسِيَّتِي
.
اخلَعْ هُنا نَعلَيكَ.. لا نَعلَ لِي
مُذ ساقَنِي الحُرَّاسُ كالدُّميَةِ
.
حتى على الجَوَّالِ لَم يَبخَلُوا
يَبغُونَ ماذا مِن خُصُوصِيَّتِي؟!
.
يا لَيتَنِي فَجَّرتُ نَفسِي على
أَكتَافِهِم ثَأرًا لِسِلمِيَّتِي
.
أَرجُوكَ دَعْكَ الآنَ مِمَّا جَرَى
واعبُرْ مَعِي مِن غَيرِ نِدِّيَّةِ
.
انظُرْ إِلى هذي القَنَانِي.. بها
ما لَم يَجُلْ فِي بالِ جِنِّيَّةِ
.
ذاكَ الرُّوَاقُ الرَّحْبُ جُدرانُهُ
مِن فِضَّةٍ بالتِّبْرِ مَطلِيَّةِ
.
تِلكَ الثُّرَيَّا خَطَّ جَدِّي على
أَضوائِها صُلحَ الحُدَيبيَّةِ
.
هذي السيوفُ الصُّفرُ جَمَّعتُها
فِي حِقبَةِ الحَربِ الصَّلِيبيّةِ
.
والبَهْوُ مِن سُجَّادِ أُمِّي الذي
أَبقَتْهُ مِن مالٍ ومِن حُليَةِ
.
أَمَّا عَنِ المَبنَى.. فَأَحجارُهُ
مَبنِيَّةٌ مِني ومِن بُنيَتِي
.
الطَّابقُ العُلوِيُّ عَمَّرتُهُ
مُذ كانَ عِندِي الجُوعُ كالحِمْيَةِ
.
والطَّابقُ الأَعلَى دَعانِي إِلى
إِكمالِهِ عِلمِي بسَطحِيَّتِي
.
ماذا عَنِ الباقِي! أَشَيَّدْتَهُ
مِن دَفعِ بَيتِ المالِ والجِزيَةِ!
.
يَبدُو بأَني تُهتُ حَقًّا.. فَقَد
قابَلتَ بالتَّهرِيجِ جِدِّيَّتِي
.
يا صاحِبي هذا افتِراءٌ ولا
يَبدُو كأَحلامٍ حَقِيقيَّةِ
.
هَل كُلُّ هذا المَالِ جَمَّعتَهُ
ما بَينَ "شَعرِ الجِنِّ" واللِّحيَةِ!
.
هذي بلادٌ أَصبَحَت غابَةً
لا فَرقَ بَينَ الذئبِ والظَّبيَةِ!
.
ماذا جَرَى! هَل جئتَ بَيتِي لِكَي
تَجتَثَّ تاريخِي وشَخصِيَّتِي!
.
إِنَّ اتِّهامَ النَّاسِ جُرمٌ, فلا
تَجرَحْ نِضالاتِي وثَورِيَّتِي
.
ما العَيبُ فِيمَا صِرتُ أَهلًا لَهُ
إِنْ أَقعَدَت غَيرِي أَحَقِّيَّتِي!
.
أَدرِي بأني كُنتُ يَومًا بلا
مالٍ ولا ذاتٍ حُكُومِيَّةِ
.
أَدرِي بأَني عِشتُ دَهرًا مِن الـ
حِرمانِ.. مَنبُوذًا لِسِلبيَّتِي
.
لكنني أَبصَرتُ دَربِي.. وعَن
خَوفِ العِقابِ اختَرتُ حَتمِيَّتِي
.
هذا أَنا.. ذاكَ الذي كانتِ الـ
"فاصُولِيَا بالبَيضِ" أُمنِيَّتِي
.
زادَت عَقَارَاتِي.. وصارَت على 
أَسوَاقِيَ السَّوداء شَرعِيَّتِي
.
دَوْرِيَّتانِ الآنَ عِندِي, ولِي
قَنَّاصَةٌ فِي كُلِّ دَورِيَّةِ
.
ها قَد بَدَأتَ الآنَ تُوحِي بما
أَخفَيتَهُ فِي شِبهِ أُحجِيَّةِ
.
قُل إِنَّكَ استَحسَنتَ ما استَقبَحَت
رُوحِي, وإِنَّ السِّرَّ فِي التُّقْيَةِ
.
لا سِرَّ يا هذا سِوى أَنني
حَرَّرتُ كُلِّي بالأَقَلِّيَّةِ
.
باللهِ ماذا عَنكَ؟! يا وَاعِظِي
هَل نِلتَ ما تَرجُو بخَيرِيَّةِ!
.
قالُوا احتَرَفتَ الشِّعرَ! هل حِرفَةٌ
هذي التي مِن غَيرِ رِبحِيَّةِ!
.
لَو أَنَّكَ استَحسَنتَ قُبْحَ الذي
سَمَّيتَهُ ما لُمْتَ شِعرِيَّتِي
.
يا لَيتَ أَنَّ المالَ لِي غايَةٌ
أَو أَنَّ ما جَمَّعتَهُ بُغيَتِي!
.
لكنَّ خَلفَ السُّورِ أَوجاعُ مَن
تَقتَاتُ مِن أَجسادِهِ الحَيَّةِ
.
مِن كُلِّ جُرحٍ ثَمَّ كَأسٌ هُنا
تَحسُوهُ حَسْوَ الجُوعِ لِلصِّبيَةِ
.
ما قِيمَةُ الإِنسانِ إِن كانَ لا
يَرقَى إِلى صَفِّ البَهِيمِيَّةِ!
.
إِن كُنتَ قَد جَمَّعتَ هذا الذي
جَمَّعتَهُ مِن غَيرِ خَلفِيَّةِ
.
فالحُرُّ مِن عَجزٍ ومِن فاقَةٍ
يَفنَى, ولا يَعتَاشُ بالمُديَةِ
.
ما حاجَتِي بالمالِ إِن كانَ مِن
أَضلاعِ طاوٍ أَو دِمَا مَيِّتِ!
.
ها أَنتَ ذا تَهذِي.. نَعَم إِنني
أَهذِي بأوجاعٍ عَمُودِيَّةِ
.
هَلَّا فَتَحتَ البابَ لِي تارِكًا
ما ظَلَّ مِن طُهرِي وإِنسِيَّتِي
.
يا صاحِبي عُذرًا إِذا كُنتُ قد
أَخطَأتُ أَو أَسرَفتُ بالمِريَةِ
.
إِني بذا حاوَلتُ إِيضاحَ ما
شاهَدتَهُ فِي غَيرِ جُزئِيَّةِ
.
اجلِسْ.. ودَعْ ما كانَ من لَغوِنا
إِن كانَ لا يُفضِي لِحَيثِيَّةِ
.
ماذا عَنِ الأَشعارِ؟! ما زِلتُ مِن
مِيمِيَّةٍ أَسعَى لِنُونِيَّةِ
.
أَصبَحتَ ذا إِسمٍ؟ ولكنني
في جُملَةٍ لَيسَت بإِسمِيَّةِ
.
ما حاجَتِي بالإِسمِ والشَّعبُ فِي
غَيبُوبَةٍ.. مِن غَيرِ شَعبيَّةِ
.
إِنَّ البلادَ اليَومَ مَطعُونَةٌ
فِي قَلبها.. ما النَّفعُ مِن رُقيَتِي
.
صَخرِي بَعِيدُ الماءِ.. كَم مَرَّةٍ
حَطَّمتُ دُونَ الجَهلِ عَصرِيَّتِي
.
كَم مَرَّةٍ فَتَّشتُ عَن حِرفَةٍ
لِلشُّربِ, دُونَ البَيعِ لِلكُلْيَةِ
.
كَم مَرَّةٍ عَذَّبتُ نَفسِي إِذا
لاحَظتُ ضَعفًا بانجلِيزيَّتِي
.
هذي بلادٌ رُبَّما داؤُها
فِي جَهلِها.. أَو قُل بعِلمِيَّتِي
.
فالجَهلُ صارَ اليَومَ أُستاذَ مَن
يَرتادُهُ فِي كُلِّ كُلِّيَّةِ
.
يا لَيتَنِي أَدخَلتُ رَأسِي فَمِي
أَو مِثلَكُم أَكمَلتُ أُمِّيَّتِي

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص