الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
في رحاب التابعين.. الأحنف بن قيس - منير عتيبة
الساعة 12:35 (الرأي برس - أدب وثقافة)

 


هو الضحاك بن قيس بن معاوية السعدى.. ولد في السنة الثالثة قبل الهجرة في منازل قومه بنى تميم غربى اليمامة من أراضى نجد، لقبه الناس بالأحنف لاعوجاج في رجليه. 

ومع مضى الزمن نسوا اسم الضحاك وبقى اسم الأحنف. لم يكن الأحنف بن قيس جميل المنظر. ولم يكن أبوه من كبار بنى تميم، بل كان من أوساط الناس. لكن الأحنف ساد قومه بالحلم والصبر والتقى والإيمان. وكان عاقلاً حازمًا شجاعًا. 

أسلم الأحنف بن قيس في حياة النبى صلى الله عليه وسلم لكن عينيه لم تكتحلا برؤية وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان له فضل في دخول قومه إلى الإسلام، فقد وجد قومه مترددين في قبول أو رفض الإسلام الذى يعرضه عليهم أحد الصحابة الذين أرسلهم الرسول صلى الله عليه وسلم لدعوة بنى تميم إلى الإسلام. 

وكان الأحنف شابًا ذكيًا حازمًا فوقف أمام كبار القوم وقال لهم: يا قوم مالى أراكم تقدمون رجلاً وتؤخرون رجلاً؟ والله إن هذا الوافد عليكم لوافد خير، وإنه ليدعوكم إلى مكارم الأخلاق ووالله ما سمعنا منه إلا حُسْناً، فأجيبوا داعى الهدى تفوزوا بخيرى الدنيا والآخرة. فأسلم القوم. وعرف الرسول صلى الله عليه وسلم بما حدث فدعا الله قائلاً "اللهم اغفر للأحنف".

خطب الأحنف يومًا أمام عمر بن الخطاب رضى الله عنه فأعجبه منطقة وقال "هذا والله السيد". وقال عنه الحسن البصرى: ما رأيت شريف قوم أفضل منه.

واجتمع قوم عند الأحنف بن قيس يتعلمون منه وهو يفيض عليهم من علمه وخلقه، فقال له أحدهم: بم أوتيت ما أوتيت من الوقار والحكمة؟ 

فقال الأحنف: بكلمات سمعتها من عمر بن الخطاب رضى الله عنه.
- وماذا قال لك عمر بن الخطاب رضى الله عنه؟
- قال عمر "من مَزَحَ أستُخف به، ومن أكثر من شيء عُرف به، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعة مات قلبه".
- من الذى يسود قومه؟
- من كان فيه أربع خصال ساد قومه غير مُدَافَع.
- وما هذه الخصال الأربع؟
- الأولى أن يكون ذا دين يمنعه عن المعاصى. والثانية أن يكون ذا حسب وشرف يصونه. والثالثة أن يكون له عقل يرشده إلى الصواب. والرابعة أن يكون ذا حياء يمنعه عن الصغائر.
- ضربت العرب بحلمك الأمثال فما هو الحلم؟
- الحلم هو الذل مع الصبر.
- بم سدت قومك؟
- بتركى من الأمر ما لا يعنينى.

كان الأحنف بن قيس رضى الله عنه يقابل أحياناً بعض صغار النفوس فيتطاولون عليه بالسب والشتم. ويؤذونه بقبيح الكلام. يهدفون من ذلك إلى إغضابه وإخراجه من حلمه، لكنه كان مثلاً فى الحلم حتى مع مثل هؤلاء السفهاء. 

فذات يوم كان الأحنف بن قيس يمشى وحده بالقرب من البصرة، فتعرض له أحد السفهاء يسبه ويشتمه، والأحنف سائر فى طريقه لا يلتفت إليه ولا يرد عليه، فلما اقتربا من الناس وقف الأحنف والتفت إلى السفيه وقال له برفق: يا ابن أخى إن كان قد بقى من كلامك شيئ فقله الآن، فإن قومى إذا سمعوا ما تقول أصابك منهم أذى. فبكى السفيه وقال: واسوأتاه، والله ما منعه من جوابى إلا هوانى عليه!
وقال له أحد السفهاء يومًا: والله يا أحنف لئن قلت لى واحدة لتسمعن بدلها عشرًا.
فقال له الأحنف: إنك إن قلت لى عشرًا لا تسمع منى واحدة.

كان الأحنف بن قيس كثير الصلاة بالليل والناس نيام.. كان يسرج المصباح ويصلى ويبكى حتى الصباح، ويقرب أصبعه من لهب المصباح وبقول لنفسه: حس يا أحنف.. إن كنت لا تصبر على نار المصباح فكيف تصبر على النار الكبرى؟

ثم يرفع رأسه إلى السماء وقد امتلأ قلبه بالرهبة من الله، وفاضت عيناه بالدموع، ويدعو الله قائلاً: اللهم إن تعذبنى فأنا أهل لذاك، وإن تغفر لى فأنت أهل لذاك.

منقول من بوابة الأهرام...

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً