الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
في حضرة الهيمنة الأمريكية فيلم «إكس مان: أبوكاليبس» للمخرج بريان سينجر - عبدالله الساورة
الساعة 12:52 (الرأي برس - أدب وثقافة)

 

 فيلم «إكس مان: أبوكاليبس» من الأفلام الجماهيرية الكبيرة بقصة بسيطة، من دون تعقيدات في إطار الصراع الكبير بين الخير والشر، كإطار عام كثيرا ما تكرر موضوعه في السينما العالمية والهوليوودية خصوصا، وبكثير من التوابل والمؤثرات جعلت الفيلم يتصدر ويحقق أرقاما قياسية منذ خروجه للصالات السينمائية.

بعد العمل الكبير والمشهود له بالقدرة الإبداعية الكبيرة في فيلم «إكس مان: أيام في المستقبل الماضي» (2011)، ينجز المخرج بريان سينجر (كاتب وممثل ومنتج أفلام من مواليد 1965/ نيويورك) في أفاق ومغامرة جديدة «إكس مان: أبوكاليبس» (2016) محققا إيرادات قياسية في شباك التذاكر تفوق الخيال العلمي والعقل البشري. فيلم يناضل فيه الرجال المتحولون ضد الرجل القوي والمسخ والمتحول المدعو أبوكاليبس. (في الترجمة العربية القيامة أو نهاية العالم).
زمن الفيلم عام 1983 ورمزية هذا البعد، سياسيا وأيديولوجيا للولايات المتحدة الأمريكية بقيادة رونالد ريغان، يعود أبو كاليبس، الرجل الذي لا يقهر والخالد وذو القدرات الخارقة يتم الإفراج عنه بعد دفنه آلاف السنين. يغضب من زملائه في القسم ويعود للانتقام منهم لأنهم لم يتعاملوا معه كإله.
يجمع أبوكاليبس فريقا من المتحولين الممسوخين، بمن في ذلك شخصية ماغينتو وما يمثله من روح خارقة، بغية تدمير الجنس البشري، وخلق عالم جديد، عالم سيحكمه أبوكاليبس لوحده. في إشارة أيديولوجية لبداية انهيار المعسكر الشرقي وجدار برلين، وبداية تشكل العالم الجديد وفق الأجندة الأمريكية المعولمة للعالم. وما يطرحه هذا التقابل والتماثل بين الفيلم كمتخيل والسياق التاريخي لعقد الثمانينيات من القرن الماضي كواقع ثابت.

 

تأخذ الساحرة (جينفر لورانس) والأستاذ إكس (جيمس ماكافوي) كزعيمين لفريق شاب في معركة ملحمية ضد العدو الذي يبدو أنه غير قابل للانهزام.
في هذا العمل يظهر المخرج بريان سينجر أنه يتوفر على خبرة طويلة في الإخراج السينمائي، ويتابع نجاحات سلسلة «إكس مان» في مشروع جديد. اسمه كمخرج لم يكن معروفا إلى جانب المخرجين الآخرين كريستوف نولان والمخرج زاك سنايدر.. لكن انطلاقا من عرض فيلمه «المشتبه فيهم العاديون» (1995) فيلمه الثاني وهو لم يبلغ 29 عاما، لم يتوقف في تطوره الإبداعي إلى أن وصل إلى هذه الجوهرة من سينما الخيال العلمي.
هذا الفيلم الذي كان محظوظا في حكيه رفقة ماثيو فوغين وكمخرجين للمشاريع الأخيرة، وهذا يوضح في متابعة أفلامه الثلاثة الماضية «إكس مان» (2000)، «إكس مان: البداية» (2011)، «إكس مان: أيام المستقبل الماضي» (2014)، والفيلم الجديد «إكس مان: نهاية العالم/ أبوكاليبس» (2016) … تقف هذه السلسة الرباعية جنبا إلى جنب مع الجزء الرابع والخامس من سلسلة أفلام «حرب النجوم» كأفلام رائدة في هذا الصنف السينمائي من سينما الخيال العلمي.
يمتلك منتجو الفيلم شركة (استوديو20 سنتري فوكس) فريقا جيدا من المنقبين عن المواهب السينمائية، مثل الباحثين عن قطع الذهب في الرمال، بحثا عن المواهب الشابة التي تضخ دماء جديدة لهذه السلسلة وإعدادهم للأفلام المقبلة منها.. مواهب يتم إدخالها ببطء وروية.. في هذه الحالة تم اختيار ثلاثة ممثلين شباب يبلغ عمرهم أقل من عشرين عاما.. ثلاثتهم من مواليد 1996. يتعلق الأمر بالممثلة البريطانية جين غراي (أدت دور صوفي تورنر) والاسترالي كودي سميت – مافي (كورت/ نايت كراولر) والأمريكي تاي شيريدان (سكوت/ سكلوبوس) ..هذان الأخيران ليس لهما أدوار بطولة في الفيلم ولكنهما يحتلان داخل البناء الفيلمي أدوارا تمنح الحياة لشخصيات وازنة داخل الفيلم.
شخصية الممثلة الشابة البريطانية جين غراي، أساسية ومحورية في الفيلم، وجسدت دورا مهما في المشهد الدراماتيكي، مسلطة الضوء في محادثة وهي طريحة الفراش على السرير… مع الأستاذ كزافييه، وكذلك في حركاتها. بينما باقي الممثلين أدوا أدوارا بشكل جيد مع ما يتناسب وسيناريو الفيلم للحفاظ على مستوياتهم المعهودة، سواء في مشهد واحد أو مجموعة مشاهد. دور جيد للممثل جيمس (ماكافوي) ومايكل فاسبندر في دور (ما غينتو) وجينيفر لورانس التي أدت دور الساحرة. الممثلة روز بارين التي توفيت في الجزء السابق «إكس مان: الجيل الأول» (2011) تظهر من جديد في هذا الفيلم.

 

الأكثر أهمية، وبطل الفيلم بدون منازع والأكثر حضورا هو المسخ الجديد والمتحول من مصر والذي تم منحه عنوان الفيلم الممثل أوسكار إسحاق الذي جسد شخصية «أبوكاليبس». لا يمكن طلب المزيد من الممثل الغواتيمالي أوسكار إسحاق الذي يمكن اعتبار هذا الدور من أحسن أدواره السينمائية على الإطلاق في مسيرته السينمائية مدسوس تحت ماكياج موضوع بعناية يغطي كل وجهه عدا عينيه. في أداء لشخصية هي الأكثر جزعا ورعبا في شخصيات عالم الخوف، في تاريخ سينما الخيال العلمي.
تبدأ قصة الفيلم مع مقدمة في مصر القديمة وتواصل قدوم الشخصيات التي تلتقي في نقاط مختلفة من الكون في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، دلالة عام 1983 وعقد الثمانينيات بشكل عام في السياسة الأمريكية.

 

كل الشخصيات تعمل في وقت محدد بالنسبة لكل متحول أو مسخ ليعود بعد ذلك إلى الانضمام في الجزء الأخير من الفيلم.
رونق الحوارات والتفنن في بلورة مونتاج تركيبي يجمع القصص المختلفة للفيلم حتى لا يمل الجمهور وحتى لا يترك المخرج أي شيء مهم من دون حكيه. يبقى المتفرج مندهشا من روعة/ دقة/ بلاغة المشاهد الداخلية في مدرسة كزافييه، ثقل دراماتيكي آخر مع ماغينتو كبطل وحضور لمسخ جديد في شوارع مصر.
على المستوى التقني والفني للفيلم فهو متكامل، من دون أن يتجاوز الأجزاء السابقة ويسعى إلى البساطة والصدق في صوره ومشاهد الحركة والعنف بعيدا عن تعقيد البؤر المركبة.
تستعمل المؤثرات الخاصة حينما يستخدم المتحولون قواهم الخارقة والمبهرة في ثلاثة مشاهد مصوغة بشكل جيد، ولكنها لم تكن طويلة (كانت قصيرة للغاية)، وهي من أجمل المشاهد في الأفلام الثلاثة الأخيرة للسلسلة، آخذين بعين الاعتبار المشاهد/ المتلقي ببعض العقد السهلة يسهل متابعتها، من دون الإحساس بالملل والضجر، مع حجز لحيز أكبر لمشاهد العنف، محتفظين بالمشاهد الاستعراضية والرائعة للحظات/ المفتاح في الفيلم.
يعود المؤلف الموسيقي جون أوتمان ليضع موسيقى الفيلم، والنتيجة موسيقى بسيطة وصادقة، من دون أصوات مزعجة/ مفرطة تسايرت مع الإيقاع العام للفيلم بشكل جيد ومن دون أن تكون مونوتونية ورتيبة.

 

 

أغنية «أحلام حلوة» لمجموعة «يوريث ميكس» تحضر في واحد من المشاهد الأكثر حساسية في الفيلم، حيث شخصية بيير/ كوبك سيلفر (إيفان بيتر) يغدو بطلا لإنقاذ البشرية وأكاديمية كازفييه. في المشاهد الأولية للفيلم في مصر تبدو موسيقى الروك (قوية جدا) تتعارض مع نبرة بقية الفيلم.
الماكياج والديكور العام متقن بشكل جيد لإبداع اللون الأزرق للساحرة ولشخصية نايت كراولر، خصوصا الممثل أوسكار إسحاق بطبقات معقدة لوجهه وعنقه وتحويله إلى شخصية أبوكاليبس، الشخصية التي لا تقهر والشر الذي لا ينتهي في سعيه لنيل استحقاق واعتراف الأكاديميين. على الأقل سينال من خلاله ترشيحا لجوائز الأوسكار، لأنه ليس من السهل إبداع هذه الأطراف والمفاصل الاصطناعية بهذه الدقة المتناهية.

 

 

هناك مفاجأة في المقطع الأخير من الفيلم، ظهور لوبانزو (هوك جاكمان) في اللحظات المفتاح / الحاسمة للفيلم، في مشهد موت زوجة وابنة ماغينتو وكفاح أبوكاليبس لامتلاك قوة كازفييه. لم أفهم المشهد الأخير للفيلم قبل ظهور الجنريك بظهور إحدى الربوات في اللقطة الأخيرة قبل أن يسدل الستار على الفيلم… ربما هو إعلان مسبق عن جزء خامس لهذه السلسلة المدرة للدخل والتي تأتي بالجديد.
 

مقارنة بسيطة فقد بلغت تكلفة «إكس مان: البداية» (2011) بميزانية تقدر 200 مليون دولار وبأرباح قدرت بـ748 مليون دولار. بينما بلغت ميزانية «إكس مان: أبوكاليبس» بنحو 234 مليون دولار بزيادة 34 مليون دولار عن الفيلم السابق، وبلغت مجموع العائدات هذه السلسلة رقما خياليا يقدر بنحو 2 مليار و284 مليونا و700 ألف دولار…
هل تتبقى كلمة بعد كل هذا… تلك هي صناعة السينما وتلك هي الهيمنة الأمريكية الناعمة في أبلغ صورها.

 

منقول من صحيفة القدس العربي.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً