الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
شهادات كرتونية.... كساح نقدي . عـلـي أحـمـد قـاسـم في مـحـاورة الـنـص الأدبي - محمد الغربي عمران
الساعة 16:02 (الرأي برس - أدب وثقافة)


أهداني الأستاذ علي أحمد قاسم كتابه "محاورة النص الأدبي.. دراسة في البنية والدلالة" الصادر مؤخرا في القاهرة ..عن دار النابغة.
 

وقد جاء هذا الإصدار بعد سنوات لم نسمع فيها عن كتاب نقدي يتناول الإبداع اليمني -مستثنين الأطروحات الجامعية- متأملا نتاج كتاب الشعر والسرد في ظروف مثل ظروف اليمن دون نقد لنتاجهم.. وإصرارهم على تقديم صورة أخرى غير ما يصنعه الساسة من قتل وتدمير ... ذلك الإصرار النبيل رغم انعدام دور نشر داخليا بعد توقف مؤسسة عبادي نشاطها ... ليضطر الكتاب طباعة نتاجهم خارج اليمن على نفقتهم .. دون دعم من أي جهة .. فوزارة الثقافة ومنذ سنوات لا تعير أي اهتمام لؤلئك الكتاب ولا لنتاجهم .. وهيئة الكتاب لا تهتم بالكتاب وكأن هذه الهيئة فقدت البوصلة للمهمة التي أنشأت من أجلها.. وصندوق التراث يلتهم موارده القليلة التي انخفضت من مليارين ريال كان مقدرا له تحصيلها كموارد سنوية إلى أقل من ثلاث مائة مليون ريال سنويا بالكاد تلتهمه إدارته وقيادة الوزارة كمكافآت على إدارته! 
 

خلال العام المنصرم صدر أكثر من خمسين اصدرا يمنيا بين رواية وقصة وشعر ... جميعها طبعت على نفقة كتابها كما أسلفنا. وتلك الإصدارات لا تجد أي صدى لأي كتابات نقدية تذكر.. خاصة من المتخصصين في الأدب من يحملون الشهادات الكرتونية"دكتوراه" .. قد أكون مبالغا أن طالبتهم بإصدارات نقدية لهم كل خمس سنوات .. وأكتفي فقط مطالبتهم بكتابة مقالات هنا أو هناك حول تلك الإصدارة .. أو أن يقدم أحد دكاترة الأدب ورقه حول عمل إبداعي ما في ندوة جامعية أو في أي منتدى. لكننا لاً نجد إلا العجز.. وكأنهم أصيبوا بشلل نقدي منذ حصول كل منهم على الشهادة الكرتونية.. مكتفيا بتعليقها فوق زاوية مضغه للقات .. وكأن كتابة مقالة نقدية فوق قدراتهم ... 
لو قدرنا أن لنا أكثر من ثلاثين جامعة بين رسمية وأهلية.. وأن في كل جامعة خمسة من حملة الشهادة الكرتونية المتخصصين في أدب اللغة العربية ونقدها فسيكون لدينا "150" شهادة كرتونية ولو تصورنا أن كل "شهادة كرتونية" تنتج مقالة شهرية واحدة حول عمل إبداعي ما.. فسيكون لدينا في السنة "1800" مقالة نقدية. 

 

قد أبدو قاسيا ولذلك أرى أن كم المقالات التي اقترحتها ستشغلهم عن أعمالهم.. واخفض بأقل القليل تمتمنيا عليهم كتابتها.. ونفترض أن كل "شهادة كرتونية" تكتب في السنة مقالة واحدة بدل الشهرية.. مقالة وليس بحثا .. حتى لا نثقل عليهم.. فسيكون لدينا 150 مقالة نقدية في السنة ... وقد أكون أثقلت عليهم للمرة الثانية بذلك أو يكون الأمر فوق قدراتهم ... فأرجو قليل القليل القليل منهم.. ونطلب من جميع "الشهادات الكرتونية" في كل جامعة أن يتعاونوا في كتابة مقالة نقدية واحدة في السنة .. أي أن كل خمسة يتشاركون في مقالة واحدة .. وهنا سيكون لدينا ثلاثين مقال في السنة.. رائع.. وقد أكون أثقلت عليهم أيضا وأيضا بذلك.. وأبسط الأمر عليهم أكثر سيرا على قاعدة -إذا أردت أن تطاع أطلب بما يستطاع- ونقول أن تلتقي جميع الشهادات الكرتونية في مؤتمر سنوي ليتعاونوا جميعهم على كتابة مقالة نقدية واحدة.. ويكون بذلك لدينا في السنة مقالة نقدية تثبت أن لدينا دكاترة مختصين في الأدب ونقده .. فقط من أجل أن نفاخر بهم أمام الأمم. ونثبت للعالم بأننا بلد متحضر ولدينا من يجيدون الإنشاء.. فهل يحققون لنا هذا الحلم..ويرفعون هامة هذا الوطن؟
 

وحتى لا تتحول يوم نيلهم درجات الدكتوراه من يوم تبريك بشهادة ميلاد عالم جديد.. إلى شهادة وفاة نقدم واجب العزاء لذويهم بوفاتهم. أرجو أن يثبتوا لنا أنهم أحياء يرزقون.
يبدو أنني ذهبت بعيدا..وقد تنبهت إلى موضوعنا .. متخيلا الأستاذ علي أحمد قاسم يصرخ في وجهي : "الم ترى ما صنعت أنا" مادا بكتابه النقدي . لأتطلع بانبهار.. وقد ستر عورات شهاداتنا الكرتونية بإصداره الجديد.. وبتقدير جم أقلب صفحات"محاورة النص الأدبي" المكون من خمسة فصول.. وأقرأ 300 صفحة من الحجم الكبير.. بادئا بأهدأ رقيق موجها من الكاتب إلى أفراد أسرته.. وإلى مجموعة من الأدباء على رأسهم .د. المقالح. ثم خط مقدمة موجزة تعرض فيها الكاتب لمنهجه في الكتابة النقدية.. والهدف من إصداره لهذا الكتاب.

 

بادئا بأولى فصول الكتاب حول العلاقات الإبداعية.. "الصداقة في شعر المقالح نموذجا" ناقش فيها الكاتب.. نصوصا في صداقة الوطن .. ونصوص في العلاقات الشخصية.. ونوص في صداقة الإبداع. ثم ضمن هذا الفصل مقال بعنوان التحول والميلاد في قصيدة "ذات يوم" للبردوني.. تناولها بالتحليل متعمقا في دلالتها ومراميها.
 

الفصل الثاني بعنوان "حداثة الإبداعي اليمني" وقد وزعه الكاتب إلى عدة عناوين فرعية ..منها "الصورة الشعرية في ديوان الوردة بلا قبيلة" و "هدى أبلان في قصيدتها نصف انحناءة" و "التلاشي والذوبان في نص هيثم (بنو عمي سباع سبعة)" و "قراءة في قصيدة مقامة فردوسية للشاعر السمحي" و ""قناع سيف بن ذي يزن في شعر المقالح"
الفصل الثالث "مسارات إبداعية" ضم عدة عناوين.. هي"صورة المرأة والرجل في الشعر النسوي الحديث" و "المرأة وصراعها مع الحلم الرجل في القصة القصيرة اليمنية " و "جماليات العلامة السيميائية في كتاب صنعاء للشاعر عبد العزيز المقالح"
الفصل الرابع "حديث القديم وتأثر الحديث" وقد تضمن عدة مقالات "القصيدة الجماهيرية أسس الدراسة ومحاور التحليل. معلقة عمرو بن كلثوم نموذجا" و " سيطرة الخطاب الشعري على عقلية المتلقي العربي" و "قصيدة الحصري القيرواني دراسة تأويلية" و " ملامح الرومانسية الأوربية في النصوص العربية الشابي نموذجا" 

 

الفصل الخامس "سعادة الحضور وألم الغياب" وقد تضمن بحثا مطولا بعنوان "ثلاثية الخطاب في ديوان (وأكتب الشعر الزمن الفارق)" و "ديوان كتاب الأم بين سعادة الحضور والآم الغياب"
وأخيرا خاتمة مقتضبة مثلت خلاصة لمواضيع الكتاب.
وكما يلاحظ القارئ من خلال عناوين الفصول ومقالاته أن الكتاب أحتوى على عدة مقالات نشرت للكاتب على فترات متفاوتة في الصحافة الأدبية.. وقد ركزت في معظمها على الشعر.. وكان لأعمال أديبنا المقالح النصيب الأوفر من محتويات الكتاب.. وحضرت القصة بصورة مبتسرة في مقال يتيم بينما غابت الرواية عن مواضيع الكتاب تماما.

 

للكاتب مقالات كثيرة منشورة .. تناول بالنقد الرواية في اليمن والقصة والشعر.. ولا أبالغ إن قلت أن الناقد علي أحمد قاسم يأتي على رأس من يتناولن الأعمال الإبداعية والاحتفاء بها.. وهو بذلك يمثل جيل الشباب من نقاد جادين يمتلكون قدرات كبيرة .. وإصرار على الحضور من خلال غزارة نتاجه وجديتها.
 

هي تحية لناقد كبير برز نجمه في زمن أفلت كثير من مذنبات كنا نحسبها نجوما.... 
ختاما ندعو وزارة الثقافة إلى دعم إصدارات الكتاب بالشراء والمساعدة.. وكذلك دعم الأستاذ الناقد علي أحمد قاسم .. من يبذلون الوقت لإبراز الأدب اليمني.. وخير دليل على تضحياته هذا الكتاب الذي طبع في القاهرة وقد كلفه الكثير من الجهد والمال.. بالعملة الصعبة التي وفرها من قوت عياله حبا في الأدب والوطن.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً