الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
العمل الإبداعي الموجه للأطفال والجوانب التربوية - أحمد ناجي النبهاني
الساعة 08:04 (الرأي برس - أدب وثقافة)

 

منير طلال نموذج للأديب المتعدد المواهب والقدرات فهو القاص والروائي والمؤرخ والمسرحي والكاتب والمثقف النبيل ويكفي أنه أثرى المشهد الإبداعي اليمني وعلى وجه الخصوص أدب الطفل بثمانية وأربعين إصداراً وهو إسهام كبير لكاتب لم يتجاوز العقد الرابع من العمر , إن هذا الإسهام الرائع في إغناء المشهد السردي بهذا الكم الكبير من التأليف والإصدار يجعل من الأستاذ والأديب منير طلال أحد الأعلام الكبيرة والمهمة في المشهد السردي اليمني , وإذا كان الإخوة في نادي القصة قد جعلوا من يوم القصة مناسبة للاحتفاء بأدب وإبداع منير طلال ومناسبة لتكريمه في السابع والعشرين من أبريل 2016م فإنني سوف أتناول ثلاثة نماذج من قصصه في أدب الأطفال , وفي اعتقادي أن كل نموذج يمثل ملمحاً من ملامح الاهتمام بالطفولة في الجانب الإبداعي , إن لم أقل أن هذه الأبعاد الثلاثة في الكتابة لقصص الأطفال يجسد ملامح أساسية في الولوج إلى العالم الإبداعي للأديب والكاتب والقاص الأستاذ منير طلال ,
 

أما البعد الأول في التأليف لأدب الأطفال فيبرز من خلال الاهتمام بالجانب التربوي الإرشادي الوعظي , وهو يبرز في عمله القصصي الذي يحمل عنوان رحلة قطرة وقد شارك في الرسوم لهذه القصة الفنان عصام طلال وتولى التصحيح اللغوي الأستاذ أسامة القرشي .
 

إن التصحيح اللغوي والتشكيل الكتابي يؤدي في العمل الإبداعي الموجه للأطفال وظيفة تربوية تعليمية في المقام الأول كما أن الرسوم هي أبداع يتمثل في إعطاء القصة الترجمة اللونية المناسبة لها إن الفنان التشكيلي يبدع في الرسوم المصورة حين يتقن إعطاء الكلمة والحوار والشخصية الرسم المناسب لها , والقصة من حيث الموضوع تدور حول أهمية الحفاظ على المياه هذه الثروة العظيمة .
والقصة من خلال شخصياتها والحوار الذي يدور بين ثلاث شخصيات أساسية هم ياسر ومنار والشخص المشاكس حمودي , نحن أمام ثلاثة إخوة تبدأ القصة باللعب في فناء المنزل, حيث يلعب ياسر ومنار بكرة القدم في فناء المنزل هكذا تبدأ القصة في مقدمتها ليبدأ الحدث تطوره وتناميه وتبدأ الحبكة مع دخول حمودي الأخ الثالث لياسر ومنار , حيث يبدأ يدخل حمودي وبيده خرطوم ماء ثم يحاول أن يوجه الخرطوم المتدفق بالماء إلى أخويه منار وياسر , وهو تصرف يرى فيه ياسر ومنار أنه إسراف بهذه الثروة العظيمة المتمثلة بالمياه في البداية يهربان ويفران من المياه المتدفقة عليهم من خرطوم حمودي ولكنهم من خلال الحوار مع حمودي يواجهونه بالحوار وبالأدلة من القرآن والحديث النبوي  والتي تؤكد على أهمية المياه , والتي تحذر من الإسراف في المياه , ثم إنه من خلال الرحلات الجماعية إلى البحر ومن خلال الحوار الذي يعتبر مناسبة لتقديم معلومات مهمة حول تكون الأمطار وحول نسبة المساحة اليابسة إلى مساحة المياه في الأرض إن هذا العمل الإبداعي يقع في خمس وعشرين صفحة من القطع المتوسط وقد تولي إصدار هذا العمل الإبداعي الهيئة العامة للموارد المائية لأنه يخدم رسالة الهيئة حول أهمية المياه وحول الاستخدام الرشيد للمياه , ولم يحدد في هذه القصة تاريخ الإصدار إن الوظيفة الوعظية في هذا العمل الإبداعي ترتبط بكل مضامين المقدس بدءا  من القرآن الكريم وصولاً إلى الحديث النبوي الشريف ثم هذا العمل الإبداعي ينمي معارف الطفل حول المياه حيث أنه يتضمن كما من المعلومات المرتبطة بالمياه , إن هذا الكم المعرفي يرتبط في حقل الدلالة بالوظيفة الفنية والجمالية المرتبط باللعب كعنصر حاضر في تفاصيل القصة منذ البداية وحتى النهاية ثم إن الحوار في هذه القصة يجعل من الطفل مصدراً لتلقين المعرفة فالمعرفة تأتي من خلال الحوار  والحدث يتنامي من خلال الحوار ومن خلال اللعب الذي يشارك فيه أطفال الأسرة الواحدة .

 

 

2- أما البعد الثاني والذي يتجلى في العوالم الإبداعية للفنان والقاص المبدع منير طلال فيبرز من خلال البعد الجمالي والمتمثل في الوظيفة الجمالية للفن والمتمثلة في تنمية الوعي الجمالي لدى الطفل ويبرز هذا البعد في أعمق تجلياته من خلال قصة الحمار المغني وفي هذا النص تبرز إبداعات الفنان التشكيلي عدنان جمن في تقديم لوحات فنية مرافقة للنص ويقع هذا العمل الإبداعي في أربع عشرة صفحة من القطع المتوسط .
 

وفي هذا النص الإبداعي للقاص منير طلال نلاحظ أن ثلاثة من الموسيقيين يعزفون الموسيقي في السوق وأمامهم مكبر صوت , وكيف أن الحمار أخذ ينهق ويهز برأسه في حركة تتناغم مع الموسيقي الذي يسمعها , وهو الأمر الذي أدى إلى تدفق النقود من المارة , إن دور الحمار في هذه القصة قد أضاف إلى العرض الموسيقي عاملا مهما في التشويق وإثارة اهتمام الناس لسماع الموسيقي ورمي النقود للحمار وهنا يتصاعد الحديث , ويتنامى مع تفكير الموسيقيين الثلاثة في شراء الحمار والرحلة إلى المدينة حيث فرص الرزق الواسع الحمار يشعر بالتعب وفي السفر إلى المدنية تبدأ المشكلة تبدأ في البروز ويبدأ في الطريق فيقع الحمار أرضاً من شدة الإرهاق فتبدأ الشعور بالتعب يصيب الموسيقيين الثلاثة حين يكثشفون أن حركة الحمار وتفاعله ونهيقه إنما هو من شدة الألم وليس له أي علاقة بمظاهر الفرح فيفكر الجميع أن يخففوا عن الحمار وقرر الموسيقيون الثلاثة      أن يحملوا الحمار فوق رؤوسهم ويقطعون مسافة يشعر معها الحمار بالسعادة فينهق للتعبير عن الفرح والسعادة، إن الحمار هو الشخصية الرئيسية في هذا العمل الدرامي المتدفق بمعاني الرحمة والإنسانية التي تبرز في تعامل الموسيقيين مع الحمار، أعتقد أن هذا النص القصصي يحمل دلالة تربوية تتمثل في الرفق بالحيوان، كما أن هذا النص يحمل دلالة ذوقية في تربية الأطفال على حب الموسيقى وتنمية الذائقة الجمالية بالنسبة للطفل، إننا نقف أمام عمل فني من خلال صفحاته التي لا تتجاوز الأربع عشرة صفحة، والذي يقدم قيما أدبية وجمالية وذوقية وتربوية من شأنها أن تسهم في تنمية الوعي الجمالي بالنسبة للطفل، إن هذا الإبداع الصادر عن وزارة الثقافة يخلو من بيان سنة الإصدار.
 

 

3- أما البعد الثالث من أبعاد البناء القصصي للقاص المبدع منير طلال فيبرز من خلال الرمزية التي تبرز في أرقى صورها من خلال إبداعه الذي يحمل عنوان القط صديق الفئران، إن هذا العنوان يحمل دلالة المغايرة ففي الوقت الذي نعرف فيه أن العلاقة بين القط والفئران عدائية، فإننا نقف أما خيال فني يضع العلاقة بينهما في سياق ودي، في هذا العمل الإبداعي الذي ينطلق من اللامألوف يبدأ العمل الفني رحلته في مقاومة المألوف في قصة القط صديق الفئران للقاص والمبدع منير طلال ذلك أن المألوف هو العلاقة غير الودية بين القط والفأر، المألوف هو العلاقة الودية بين الإنسان والقط، بين أهل البيت والقط، ولكن القصة حين سلكت سبيل اللامألوف من خلال المصالحة بين الفئران والقط، واتفاقية عدم الاعتداء، فإن العلاقة بين أهل البيت والقط أصبحت غير ودية من لحظة المصالحة بينه وبين الفئران.
 

 

إن هذا العمل الإبداعي الذي يتكون من أربع عشرة صفحة هو من إصدارات وزارة الثقافة.
إن هذه القصة تجمع بين إبداع القاص منير طلال، والمتمثل في النص الكتابي، كما أن ترجمة هذا النص الكتابي إلى لوحات فنية ورسوم تشكيلية للفنان نصر عبدالله.
إن خلاصة هذا الإبداع للقاص منير طلال يتلخص في المشكلة التي تواجه سكان المنزل، وتتمثل في حجم الخراب الهائل الذي يحدثه الفئران في المنزل، ولذلك تتجه صاحبة المنزل إلى إحضار القط إلى المنزل لكي يكفيها شر الفئران، فأصبح القط مدللاً من أصحاب المنزل يأكل أفضل الطعام.
فلم يكن من الفئران إلا أن ينافسوا أصحاب المنزل في إكرام القط، وفي تقديم أفضل الطعام إليه، وفي توقيع اتفاقية عدم اعتداء، وبفعل هذا الوضع تعاظم خطر الفئران على المنزل، وعاثوا في المنزل فساداً، فلم يكن من صاحبة المنزل إلا أن أخذت القط إلى الشارع بالقرب من براميل القمامة وطردته من المنزل، وذلك لأنه تجاوز طبيعة الأشياء، وخالف الوظيفة التي تم استضافته في المنزل على أساسها، بل إنه أقام علاقة صداقة مع الفئران أعداء المنزل، وتعاظم خطر الفئران، وتضاعف حجم الفساد، وحجم الأضرار التي لحقت بالمنزل؛ بسبب هجمة الفئران على الطعام والحبوب والفرش وكل شيء جميل في المنزل.

 

إن هذه القصة في رمزيتها تنطلق من حقيقة أن الفساد إنما يتحقق عندما تغادر الأشياء طبيعتها، وهذا ما تحقق بفعل طبيعة العلاقة التي أصبحت ودية بين القط والفئران، وهو الأمر الذي أدى إلى أن أصبحت العلاقة بين القط وأصحاب المنزل غير ودية، وكان من نتيجة هذه العلاقة غير الودية أنه تم أخذ القط إلى خارج المنزل ورميه بالقرب من براميل القمامة ليعيش قسوة الحياة بدلاً من الحياة السعيدة التي كان يعيشها ككائن مدلل في البيت.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً