الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
« يسمونه الروبوت جييغ» السوبرمان الإيطالي فيلم مستوحى من شخصيات الرسوم المتحركة اليابانية «المانجا» - عبدالله الساورة
الساعة 13:51 (الرأي برس - أدب وثقافة)

 

 

 على شاكلة السينما السوبرمانية التي لا تقهر وتتعدد خوارقها، يظهر في الوجود السينمائي الإيطالي فيلم «يسمونه الروبوت جييغ»، (2016) على غرار باقي السوبرمانات الهوليوودية والبوليوودية.

قصة الشاب انزو سيدوتو.. مجسدا من طرف الممثل كلوديو سانتا ماريا، شاب منحرف في أحياء العاصمة الإيطالية روما، سيمتلك قوة خارقة بعد سقوطه في نهر «تيبر». هذا السقوط في النهر والخروج منه بصعوبة بالغة يمنحانه قوة خارقة.
ال (go nagai).

 

بشكل يشبه المعجزة مع ما صاحبها من صخب إعلامي ومتابعات نقدية بين مؤيد ومعارض لهذا النمط والنوعية من الأفلام الجديدة، التي تدخل بوابة السينما الإيطالية المعروفة بأصالتها وعمقها الإبداعي، يحصل الفيلم على أغلب جوائز الغويا الإيطالية (جائزة دافيد دي دونناتيلو): أحسن مخرج مبتدئ غابرييل مانيتي، وكذلك أحسن منتج.. أحسن ممثل (كلوديو سانتا ماريا)..أحسن ممثلة (لينيا باستوري)..أحسن ممثلة ثانوية (أنطوانيا تروبو)..أحسن ممثل ثانوي (لوكا ماريني) وأحسن مونتاج… من بين 16 ترشيحا تقدم لها الفيلم.
 

هذه النوع من الأفلام ليس إيطاليا محضا، فهو تخصص أمريكي، أدخله المخرج غابرييل مانيتي في أول تجربة فيلم مطول له، وفي أول تجربة إيطالية تلقفها الجمهور الإيطالي بترحاب كبير، وسط لغط كبير بين النقاد الإيطاليين التي رأى فيها البعض خروجا عن جماليات السينما الإيطالية العريقة، وبين من دافع عن هذه التجربة واعتبرها بوابة للعالمية وإخراج السينما الإيطالية ومعها السينمات الأوروبية من سباتها الطويل.
 

فعلى غرار البطل الأمريكي الذي يستطيع أن يفعل ويحقق ما يشاء بقوته الخارقة، فإن بطل الفيلم أنزو يتحول إلى الروبوت جييغ.. فقط من أجل رغبات شخصية ونوازع ذاتية محضة.. فقط يبحث البطل عن تحقيق ذاته وسط التهميش الاجتماعي الذي يعانيه وإثبات ذاته وشخصيته في خضم ما يحيط به من بؤس وفقر وانحراف في أحياء روما. على عكس البطل والسوبرمان الأمريكي الذي يبحث عن انقاذ العالم والكون من الأشرار والمتطرفين والإرهابيين. وهنا تكمن المفارقة بين السوبرمان الإيطالي المحدود الأفق ويبقى في أجواء مدينة روما ومشاكلها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بقدرته الخارقة، وبين البطل الأمريكي الذي يجوب الكون ذهابا وإيابا في رمشة عين معبرا عن قوة أمريكا التي لا تقهر.
 

ومن هنا يمكن طرح السؤال التالي: هل تبحث إيطاليا عن بطل أسطوري تفتقد إليه في الوقت الراهن؟ شخصية البطل شخصية جذابة وجميلة.. شاب وقادر على العمل، ولكنه وجد نفسه في وضعيات صعبة.. مثقلة بماض مؤلم من الفقر والتهميش والضياع والانحراف والبحث عن الذات.. هذا البحث عن الذات سيقود البطل إلى هذه المغامرة وإلى البحث عن هذه القوة الخارقة، التي ستمنحه اكتساب ما كان يبحث عنه وما كان ينوي تحقيقه في ظل الضياع والانحراف الذي يعيشه.
 

الفيلم «يسمونه السوبرمان الإيطالي» في محاولة لإيجاد عنوان عربي للفيلم يتحدث عن الكثير من الثيمات المتنوعة التي يعالجها، بدءا من الشهرة، الانحراف، الجنس، المخدرات والحضور القوي لوسائل التواصل الاجتماعي وقدرتها على تغيير الكثير من الأشياء وعلى الإخبار والتنظيم. يرمز بطل الفيلم «انزو» كبطل وطني في وسائل التواصل الاجتماعي وله قدرات على تغيير ما يحيط به وفي مصارعة الأشرار والفتك بهم.
 

الطريق إلى عرض الفيلم في 120 قاعة في إيطاليا وسهولة عرضه في فرنسا وبعض الدول الأوروبية لم يكن مفروشا بالورود، ويعود الفضل في ذلك إلى المخرج غابرييل مانيتي (من مواليد روما 1976) الذي استطاع تخطي الصعاب والمشاكل الكبيرة التي واجهته بعد ست سنوات من العمل. وجد كل الأبواب موصدة أمامه من الإنتاج إلى اختيار الممثلين وتوزيع الفيلم «لا، لم أر ولم أعتقد أن الفيلم سيحقق كل هذا النجاح.. كانت تظهر لي فقط التفاهات» يقول المخرج.
 

بدأ المخرج في عرض هذا الفيلم والبحث عن التمويل منذ سنة 2010، ولكن رجلا بقدرات خارقة كفكرة فيلم إيطالي تبدو سخيفة في نظر المنتجين والنقاد وفيلم إيطالي لا يمكنه أن يحقق النجاح المطلوب. يقول المخرج في نفسه «لقد أنجزت العديد من الأفلام القصيرة ويمكن إنجاز هذا الفيلم المطول». وبكثير من الإصرار استطاع المخرج أن يحقق منجزه الفيلمي والإبداعي وأن يكتب للفيلم ميلاد الشهرة المبحوث عنها وحصد الكثير من الجوائز وتهافتا جماهيريا أمام الكثير من الانتقادات والكثير من المفاجآت التي صاحبت الفيلم منذ خروجه للقاعات السينمائية. المخرج غابرييل مانيتي له مسار طويل في المشهد السينمائي والتلفزي كممثل ومخرج للعديد من المسلسلات التلفزية الإيطالية التي نالت الكثير من الشهرة، خصوصا مسلسلات الجريمة والمطاردات البوليسية، التي أبدع فيها كممثل وكمخرج من أواسط سنوات التسعينيات من القرن الماضي. تراكم هذه التجربة منحه زخما قويا في إخراج فيلمه السوبرماني بطريقة جميلة وبسيناريو محكم مع ما يصاحبها من حوارات إيطالية صاخبة ومهاترات كلامية…
 

في ظل ما تعيشه إيطاليا من تناقضات ومن مشاكل جمة وغياب زمن الزعماء، تقدم السينما الإيطالية الجديدة في تجربة المحاكاة الهوليوودية، بطلا متخيلا بقدرات وقوى خارقة يستطيع إرجاع الأمور إلى مكانها الصحيح، من دون أن يخرج من مدارات العاصمة روما وما تحيل العاصمة إلى ذلك من رمزية… بعبارة بسيطة في ظل غياب بطل إيطالي حقيقي يستطيع معالجة قضايا الفقر والانحراف والفساد بكل أشكاله التي تتخبط فيه إيطاليا… تستطيع السينما الإيطالية أن تقدم الحل ببطل متخيل وشعبي له من القدرات ما يمنح المتلقي الإيطالي ارتياحا نفسيا… إن هذا البطل موجود على الشاشة الكبرى ويمكن ذات يوم أن يكون حقيقيا على أرض الواقع وبواقعية المخرج فدريكو فلليني.

 

منقولة من القدس ...

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً