الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
مكر الكتابة .. هوامش حول «أريج البستان في تصاريف العميان»لأنيس الرافعي - مصطفى الحسناوي
الساعة 17:43 (الرأي برس - أدب وثقافة)


 

إحدى الروايات الهامة التي قرأتها مرات منذ سنوات في ترجمتها الفرنسية كانت رواية «اليخاندرا» الذي كان عنوانها الأصلي «أبطال وقبور» للروائي الأرجنتيني ارنستوسا باتو. وسط الرواية يتموقع فصل طويل شبه مستقل يقارب عدد صفحاته الستين عنوانه «تقرير حول العميان» وفيه يصف ساباتو هؤلاء كما لو أنهم طائفة سرية ذات طقوس أسرارية تمارسها في الأنفاق أسفل مدينة بوينس ايريس، ويتأرجح انتماؤها ما بين الإنساني والحيواني وأفرادها كما يرى الكاتب من ذوي الدم البارد كالعظايات والزواحف. سأكتشف بعد قراءتي لروايتي ساباتو الآخريتين في «النفق» و «ملاك العتمات» بأنه مسكون بالعمى والعميان تماما مثل البرتغالي جوزي ساراماغو في روايته «العمى» أو مثل «بورخيس» وغيرهما. ليست الكتابة عن العمى والعميان بالأمر الهين وقليل هم الكتاب الذين اضطلعوا بذلك، ومن بينهم الياس كانيتي في «أصوات مراكش» حيث كان يقف مشدوها أوقاتا طويلة أمام المتسولين العميان في» جامع الفنا» منصتا لدعائهم الذين يتكون من جملة واحدة يكررونها طيلة النهار،وحين عاد إلى منزله في فيينا ظل أياما يغلق عليه غرفة مكتبه يطفئ الضوء ويشرع في ترديد الدعاء شبه منخطف، حتى يستعيد تلك اللحظة الاستثنائية التي عاشها في الساحة يمتاح كتاب «أريج البستان في تصاريف العميان» لانيس الرافعي دون شك من هذه المرجعيات الكونية المتاهية،خصوصا وأن صاحبه المسكون حد الانخطاف بنوع من الكتابة الماكرة المواربة الشبيهة باطراس تنكتب فيها الكلمات والجمل فوق بعضها البعض، تمحو/ تنمحي لتكتب/ تنكتب. ينحوأ نيس الرافعي مرة أخرى منحى الاشتغال على نصوص / كتابتها وطرحها للقراءة كما لو أنها نصوص حكائية قيد التشكل،أي ما تني تغير جلدها في كل آن. أول هذا المكر الإبداعي (مكر النص / الكاتب) متعلق بمسألة التجنيس التي يعمد الكاتب في الكثير من كتبه عنوة إلى تركها نهب الالتباس والغموض.

 

يسمي الرافعي كتابه دليلا حكائيا متخيلا، كأنه يضع وسط المتاهة المراكشية معالم لقراءة النص / المدينة، نص المدينة أو نصوصها متداخلة، المتقاطعة التي تنكتب بنار السواد على نار البياض، التي تكتبها الخطى، اللغات، المتخيلات على أوراق، اطراس، جداول سحرية، طلاسم، تعويذات، يكتبها كتاب سحره غالبا ما تظل متخيلاتهم الإبداعية يقظة حتى تلك الساعة الفادحة/ المهولة حيث ينتهي الفرق بين الكائنات و تتواشج الصيرورات اللا مدركة، ساعة منتصف الليل وما بعدها. انه ليس دليل الحائرين بل دليل العاشقين العارفين، الحائر عابر والعاشق عارف.

يستدعي أنيس الرافعي في خطبة كتابه البراق لا ليمتطي صهوته ويسري عاليا، بل ليمتد وينتشر أفقيا في الحضرة المراكشية التي لا ينعلن فقط كخبير بمتاهتها، بل وكخبير أيضا بظلالها التي يحكمها اقتصاد الندرة ساعة الحر. 
 

لكل بستان عميانه وعميان هذا البستان المراكشي الباذخ يمكن القول عنهم، كما عنون بذلك ألبير قصيري الروائي المصري الذي يكتب باللغة الفرنسية إحدى رواياته، بأنهم «شحاذون ونبلاء».
مراكش نص متعدد، اختلافي، مركزي هامشي في آن، ولكل مراكشه أي نص مراكش الذي يكتبه انطلاقا من إدراكه الخاص لخصوصية المكان / الأمكنة التي لا تمتد في الجغرافيا الحضرية وفي هندسة المدينة فقط بل تشتغل أيضا / تمتد امتدادات استعارية متخيلة في الجغرافيا اللغوية، الرمزية / المتخيلة.

 

 

إن نصوص الأمكنة / النصوص حول الأمكنة تظل متنوعة، متعددة واختلافيه بتعدد الشخوص، والتضاريس و أنماط إدراكنا للمكان وإحساسنا به تفكيرنا فيه. يخلق «أريج البستان» أمكنة أخرى، يبدع شخوصا وحكايات مغايرة انطلاقا من / مع / ضد المكان، فلا تصير مراكش هي نفسها المراكش التي نراها / نعبرها. صحيح أن الكثير من أسماء الأمكنة والأبواب والأولياء والشخوص هي نفسها تلك التي نعرفها / عرفناها في واقع الحاضرة المراكشية ولكنها بين دفتي هذا الدليل غيرها. تنمنح الأمكنة تماما كما الشخصيات لنوع من الصيرورة السحرية اللا مدركة التي تجعلها تقيم في الحد ما بين عالمين. نستحضر في هذا السياق بان انيس الرافعي وضع لنصوصه الحكائية عتبات نصية عبارة عن جداول سحرية حجابات وحروز ورقيات، وان شخصياته تنسل إلى العوالم الحكائية للكتاب على مطية البراق ذاك الحصان الخرافي المجنح. يكتب كل ذلك شأن كاتب ساحر أو شامان، ويقول في البداية بأن معوله فيما اقترف كشف الظنون عن «تجريد قصصي» ما، لكنه يبدو كما لو انه دبج نصوصا تتضمن معرفة مظنونا بها على غير أهلها. من داخل الصخب المراكشي اليومي، يختار الكاتب التأريخ لمسارات جوانية مسكونة بألق الصمت ووهج الانخطاف، كما في نص «مينوش» عن الفنان التشكيلي عباس صلادي ( ابن ديور المساكين) وقطته. كان عباس من فناني مراكش مسكونا بكائنات وعوالم غرائبية يرسمها وبنوع من الانخطاف الذي يشوش حواسه، والعارف برسوماته يلمح بالفعل كائنات بوجوه مستطيلة تتأرجح بين الحيوان والإنسان. يذهب الكاتب إلى أن مينوش القطة المقتولة هي التي سكنت أرواحها المتعددة رسومات صلادي التي تشرش في تربة مراكشية غرائبية في أمكنة شبيهة حدائقها الداخلية بالرياضات والعرصات والاسوار والباحات مع حضور لافت لصومعة الكتبية،التي حدث مرة أن رسمها عباس صلادي مائلة متدلية غير منتصبة وعرض اللوحة مع أخريات في معرض له بمراكش فتعرض لهجوم شرس بسبب الكتبية المائلة.
 

 

كان عباس يرسم أرواح مينوش وكلما باع واحدة من أرواحه استردها في التو. [مينوش كان هناك دائما داخل اللوحة، وعباس كان يخرجه فقط بعد ان يقبض على طيفه، ويجعل النفس تنزل صوب النفس] (30)عاش عباس صلادي غريبا مع كائنات وحيواناته وحياته المتحولة ومات غريبا ولعل قصة [مينوش] بمثابة قبر رمزي يليق بمبدع استثنائي. كان عباس صلادي الفنان التشكيلي المسكون بالانخطاف جزءا سفليا عميقا من التضاريس الألخيميائية لمراكش، عاش يرسم ومات على خط الانخطاف ذاته.

 

يشير انيس الرافعي في قصة (سح الرمل) إلى أن مذكرات (أريج البستان في تصاريف العميان) هو من تأليف السي امين وفيه يتحدث عن زيارة لويس بورخيص لمراكش عام 1985 صحبة ماريا كوداما زوجته ذات الأصل الياباني. يحتوي النص امتزاج وتقاطع الهويات وفقدان القدرة على إدراك حدود الذات والتأرجحات الخلاقة بين الحلم والحقيقة ثم فكرة العمل الاستثنائي (اللوحة) الذي دون بلوغه موت المبدع وهلاكه .(أفيق فعلا من حلمي . كان أسفل سريري طافحا بالديدان، ولما حانت مني نظرة إلى معصمي كانت يدي اليمنى قد طارت من مكانها ....ولا اثر لأي دماء (ص.45)). هل هي ديدان الفنان الغريب الأطوار مولاي الحسن أو ديدان السارد الكاتب؟ وأين اختفى المعصم، اليد التي بها يكتب؟.
 

لا يهبنا هذا السرد الماكر راحة الجواب. يتحدث نص (الإزار الأبيض) عن عشق ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني لمراكش ومقامه في (قصر المامونية). كان معروفا عنه طبعا ممارسة الرسم هواية في أوقات فراغه. النص سرد للتماهي بين طقوس مراكش الانخطافية وأمكنتها الغرائبية سواء عبر التجوال ومشاهدة أحوال الناس سحناتهم وسلوكاتهم وممارساتهم، أو التفرج على الحلقة في «جامع الفنا» أو الإنصات لأحد الرواة في باحة (جامع الكتبية) كأن ونستون يشرب رحيق مراكش، يوغل في أعماقه من اجل العثور على أشكال ورموز للوحة اللا مكتملة حتى تنطلق ( الفرشاة من عقالها طلية عذبة) وحتى يختلط عليه الأمر بين الحلقة المرسومة في اللوحة وتلك التي يراها / يسمعها ظاهرة للعيان (لكن في المساء، وحينما ارد ونستون ان يضع رأسه لينام، حيل له أن حركة وموسيقى تدبان في الجناح. حركة هي الرقص، وموسيقى هي الذكر. ينهض مضطربا ويقف أمام الحامل قباله مصراعي الشرفة المفتوحة على النجوم، فيرى»الحلقة» على أشدها والناس على رؤوسهم الطير.

 

تلتقي نظرته داخل اللوحة بنظرته خارجها)(ص55) . ليست الذاكرة ولا الذهن وحدهما بل الجسد أيضا يفقد في مراكش توازنه وبراهينه. لقد سبق لخوان غويتيسولو أن وصف دوخة الحواس والاعضاء واللغات والتخيلات هذه بدقة في روايته الافتتاحية (مقبرة) ، عبر رصد دقيق جدا لصخب الحشد وهندسته المتاهية في ساحة «جامع الفنا» . [يجد وينتسون نفسه في وسط ساحة «جامع لفنا «، كما لو نادته اشواق غامضة، وأنغام بعيدة تسقي بدقات صغيرة جرحا سريا يزهر في الأعماق، منقادا، مبهورا، بلا وعي، يدنو ويختلس النظر مع الأبدان المنجذبة الى «الحلقة»](ص53-54 )انه تشوش الحواس أمام متخيلات الأخر الشديدة الغرابة، استجابة لتداء مدلهم / ملتبس، ترصده المفردات في تفاصيله وهوامشه، تلاحقه كما لو أنها تتغيا الإمساك بالأنفاس التي تبدو مبهورة / مخطوفة بحيث يعمد الكاتب إلى تجزيئ جملته لهذا الغرض بالذات، إلى مفردات لا تربط بينها غير فواصل لتكريس انتثار الذات [منقادا، مبهورا، بلا وعي يدنو.](ص54) .كان الياس كانيتي دون شك احد اكبر المعجبين بعوالم مراكش الغرائبية وواقعها المتاهي وكان، بحكم انه فيلسوف وكاتب، من السلالة النادرة التي لم تستدع المدينة أ وان الكتابة انطلاقا من اكليشهات سياحية معروفة وجاهزة، لان كتاب رحلته «أصوات مراكش» يكشف عن تفاعلها مع هندستها وأصواتها ونداءاتها وناسها انطلاقا من وجهة النظر النقدية للكاتب الفيلسوف.

 

 

تستحضر قصة «تلبيس الكف» كانيتي ضمن منظور سحري عجائبي، أثناء عبوره للأمكنة، لكنه في أحداها: [ و كان يوم ثلاثاء بالضبط، خلال فترة الصباح، بعد زيارته «سوق الجمال»، أمام سور «باب الخميس» تلمس طريقا مختصرة عبر إحدى بويبات المدينة القديم، وفي نيته الرجوع سريعا إلى الفندق يدون مشاهداته في «دفتر الرحلة»، عندما استحثه، عند مفرق حارة، صوت هو أنين بشري كتيم يتسلل على استحياء من موضع ما. تلك «الااااه» المصفرة بلوعة المضيوم، والمتكررة في مدرج الحلق كموال لا يصبر على الوصول إلى خاتمة المقام، حرضت إلياس على الاقتراب أكثر ليستقصي الأمر](ص 87)، رمى كما يفعل الزوار بقطعة نقدية عبر ثغرة في الجدار وانتظر كما يفعل الآخرون خروجها مبللة بالريق،وحين لم تخرج ادخل يده في عمق الحجر فإذا بلسعة نارية تكوي كفه اليمنى التي تلبسها وشم ثماني الأضلاع،. شوشت ألاه التي سمعها حواسه وأصابته بالقلق والاضطراب، أخفى كفه الموشومة في قفاز أحمر وبالرغم من إحساسه بانمحاء الوشم بعد مصافحته لقزم أثناء إحدى جولاته ظل متهيبا لا يجرؤ على نزع القفاز الأحمر. هناك دوما الاحتفاء بالغريب، تكريس لتناسخ الأرواح، ولمنطق التجسدن الحلولي حيث تنسكن أجساد بأجساد / رموز / أوشام / أصوات أخرى، أي هناك اشتغال على تشويش هوية الذات، على نوع من الصيرورات اللامدركة التي يتماهى فيها الحيوان (مينوش) مع الإنسان (عباس) والكائن اللا مرئي الغامض، مع الكاتب أو مع كفه تحديدا أي مع العضو الفعال بالذات في ممارسة الكتابة، كما لو أن أنيس الرافعي يقول بطريقة مواربة نوعا ما بأن الكتابة مجرد أعطيه في الأعماق هبة/ من هبات الغامض اللامدرك، أو يتماهى فيها جسد المبدع كما في (سح الرمل) مع التشوه الذي طاله ومع تلك المهمة الإبداعية القصوى التي يكون الموت سقفا لتحققها .

 

إنها كتابة مقيمة عند الحدين الواقعي و السوريالي، مقيمة عند الحد بالضبط وتنكتب داخله / انطلاقا منه بحكم/ لأسانيد والإحالات التي تنهض عليها وتحيل إليها، والتي تضفي على عوالمها نوعا من المحتمل الواقعي. تستدعي قصة «ميت العصر» الكاتب عاشق مراكش الاسباني خوان غويتيسولو، وعبره تستدعي ميثولوجيا الابواب، رمزيتها وحضورها الالخيمائي في جوانية الأمكنة. كل باب عتبة مفتوحة على المعلوم أو المجهول، وهذا ما يحدث مع خوان [الرجل الذي توله مدينة «البهجة» وأطال المكوث فيها حتى صارت لباسا له وصار لباسا لها](ص.96). لم يعد خوان البلا أرض في إشارة رمزية لرواية غويتيسولو (Juan sin Tierra) الخروج من الباب الخلفي للمنزل هو غير الخروج من بابه الأمامي المعلوم، فهذا الأخير للساكن وهو الصحيح أما الخلفي فهو للزائر وهو خاطئ.

 

في القصة كل واحد من البابين يفضي إلى عالم يختلف عن الأخر. فخروج خوان من الباب الخلفي أفضى به إلى طريق أخرى وإلى ساحة مغايرة لتلك التي ألف معاينتها من مكانه في (كافي فرانس) وفتحه على ناس آخرين، أي على عالم غير حقيقي (لو أن خوان بارح المنزل من الباب الأمامي، من الباب الصحيح، لا نتهت هذه الحكاية قبل أن تبدأ )(ص.97)، لكن الباب الخاطئ هو الذي اجترح طريقا أمام التخيل الحكائي. 
 

 

معنى ذلك أن الأبواب والعتبات تبدع أيضا حكاياتها، كما الأشياء والأفكار والمواقف والسلوكات وصفات الأشخاص والأمكنة وأمزجة الطبيعة. لا يدري خوان هل قطع المسافة من منزله إلى جامع الفنا في الواقع أم انه كان يمشي فحسب داخل رأسه في غضون الحلم. المهم هو انه وجد نفسه أمام ساحة أخرى (مزروعة بعشرات الجثة المشدودة بالأغلال والمشنوقة عارية من رقابها على عواميد خشبية. سيعرف إذن انه لما بارح من ذلك الباب الخلفي، من ذلك الخاطئ انه وصل بطريقة ما إلى ساحة أخرى كأنها جناس تصحيفي للمساحة الأصل)(ص.99). وجد نفسه بين يدي بن لحسن طبيب الأسنان ( ... لشخصيات المعروفة في حلقات جامع الفنا قبل وفاته) وقد عاد من العالم الأخر وفي يده ملقاط رهيب وحين سيستفيق خوان من نومه / حلمه سيكتشف بأنه لم يبارح من الباب الخاطئ بعد،لكن ألما فظيعا سيسري في فكه كما لو أن احدهم اقتلع ضرسه.
 

 

تنهض القصة على نوع من انغماد الواقع في الحلم، بحيث تصير الشخصيات الحقيقية مجرد استعارات، مجرد كائنات حلمية، كما في قصة بورخيص إلى حد ما، التي يحلم فيها شخص في مدينة بوينس ايريس بأنه كائن في حلم شخص آخر في مدينة أخرى، لكن اشتغال الرافعي على بعض المكونات المكان كالأبواب باعتبارها محفزات للتخيل الحكائي،يستعيد نوعا ما السخرية التي تضفيها المعتقدات الشعبية على الأبواب والعتبات التي غالبا ما تسكنها، في الذهنية الشعبية، وتتحالف معها كائنات خفية مدلهمة. المغاربة عموما يخشون الأبواب والعتبات فيذبحون عليها الاضحيات،ويسيلون الدم فوقها ويخضبون جوانبها بأكف حمراء أو بلون الحناء، حتى يستطيعون عبورها. يلفي القارئ نفسه أمام لعبة الاحتمالات، فالخروج من الباب الخاطئ قد يفضي إلى هذا، لكن عدم الخروج منه هو إلغاء للحكي.
 

 

يلزم القول بأن «أريج البستان في تصاريف العميان» اختار استثمار نمط الكتاب والأسلوب التراثيين ضمن منظور تجريبي حداثي،يروم تأصيل جوانب إبداعية من الإرث التخيلي الثقافي من أركيلوجيا وإلغازية العادات و السلوكات الاجتماعية و تأرجح الأجساد –الأطراس بين اليقين و عدمه،الأجساد التي تبدو أبسط حركاتها و سكناتها كطلاسم بالغة التعقيد، بدءا من صيغة العنوان وإلى الأسلوب الذي كتبت به خطبة الكتاب إلى توظيف علبة أدوات كالسند والذيل والتكملة، والجداول السحرية، والصيغ الأسلوبية التي تمتح من نمط الكتابة الحكمية والقبسية، كل هذا ضمن إعادة قراءة للمكان / الأمكنة في الحاضرة المراكشية، قراءة «تربة الأولياء».
 

 

إن مراكش كانت وستظل كتابا مفتوحا للقراءة انطلاقا من متاهيته وإلغازيته وطابعه الأسراري، وذلك بالرغم من هذا الاستثمار الميركانتيلي الفاقع الذي يروم إيهامنا بأنها انتهت وانغلقت كمكان.
ولعل «أريج البستان» يحمل في طياته هذا الوعد الرؤوم...

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً