الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
قراءة في رواية "المسيح يصلب من جديد" لنيكوس كزانتزاكس - سيرين حسن
الساعة 13:02 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

رواية في 674 صفحة ملؤها المتعة البحتة والتشويق, يتسلسل فيها القارئ في أحداث سلسة بلا تسارع أو ثغرات زمنية, أو ملل في مجريات الرواية رغم طولها.
تمتلك هذه الرواية روعة في اللغة وترجمة (شوقي جلال) أوصلت روعة اللغة كما كتبها نيكوس وكأنك ترتشف معجم لُغوي رصين, مفرادته منتقاة بعناية لتُثبت أن الكاتب لم ينجرف مع شخصياته وأحداثها بل كان متأنياً في كل صفحة يكتبها.

 

زمن الرواية لا يتعدى العام الواحد  لكنه سرد الأحداث يوماً بيوم ليجعل القارئ يسترسل مع التحولات في الشخصيات والأحداث... في هذا العام خاضت فيها كل شخصية ما أراد لها الكاتب من أحداث ومغامرات وتجارب دون إسراف أو تقصير.
يعيد نيكوس فكرة  الصراع بين الخير والشر, وواقع الخير الذي يُداس ويموت أمام قوى الشر وهذا تمثل في شخصية مانولي(الممثل للمسيح) أمام أهل قريته الذين يقررون قتله ظلماً ولا يعتريهم أدنى إحساس بالذنب لذلك.

 

التناقضات تضيف بُعداً جمالياً للرواية, منها التناقض الواضح في شخصية القسيس (جريجورس )ممثل الرب الذي يهوى إلى قاع رغباته التي تزين له الشر في سبيل مصلحته, فيكذب ويُلصق التهم بمانولي ويطرده من الكنيسة ليُحل دمه لأهل قريته دون ذنب حقيقي... وفي المقابل يعلن جنون( ميشيل) خطيب ابنته السابق كي لا يُذهب أمواله  التي ورثها عن والده سدىً لأهل (ساركينا) الذين يموتون جوعاً مع قسيسهم (فوتيس) الذي يعتبر مجرد منافس لجريجورس (ممثل الرب)! على حب و تجمهر الناس حوله.
 

تحول شخصية الأرملة المومس إلى تقية صالحة تضحى بحياتها لإنقاذ مانولي من تهمة قتل لم يرتكبها.. 
الأغا المسلم الذي يغالط نفسه بتناول كميات هائلة من سجق الخنزير على أنها سجق جمال! و شذوذه الجنسي المعروف لكل أهل القرية المسيحيين.
كل هذه التناقضات تضفي نكهة مختلفة على الرواية و تزيد التشويق فيها.
هناك مقطع يشابه سيرة الكاتب الذاتيه في كتابه( تقرير إلى غريكو) عندما كاد يزل و يقع في الرذيلة فمنعه الرب بمرض ما, وفي هذه الرواية يُلصق الرب قناع الجذام بوجه مانولي لتتطهر روحه من دنس الخطايا وترتقي.

 

 هذا ما يدل على أن الكاتب لم يبارح فكرة التطهر من الخطايا, ولم تفارقه تلك الروح الباحثة عن الحقيقة طوال حياته, فأسقط هذه الفكرة بلا شعور منه على رواياته ومواضيعها..
معركة الخير و الشر تُظهر غلبة الشر.. تنتهي بشكل مفتوح بأن الخيّرين سيستمرون في الكفاح والقتال دائماً..

 

الزمن في الرواية:
 

أخذت الرواية الخط الزمني البسيط من الماضي إلى الحاضر مع بعض " الفلاش باك" التي قامت به بعض الشخصيات عندما اعترفت بخطاياها في الماضي وجاءت هذه الاعترافات في محلها ليقول الكاتب أن الجميع بشر خطاءون بما فيهم القسيس الذي لا يجب أن يكون منزهاً من المعاصي.. وهذا ما جعل الرواية منطقية وواقعية وهذا يُحسب للكاتب طبعاً.
أخذت العقدة بالتشكل تدريجياً من بداية الرواية حتى مجئ القسيس "فوتيس" وشعبه الجائع ليزداد تسارع عجلة الأحداث و تظهر العداوة و البغضاء والخوف من فقدان السلطة( من قَبل القسيس جريجورس) فتصل الحبكة إلى أوجها بإعلان "ميشيل" مجنوناً وهدر دم مانولي لتنتهي بقتل "مانولي" الممثل للمسيح على أيدي أهل قريته دون ذنب يذكر.

الحوارات:
 

رغم أن لغة الحوار كانت كثيرة نسبياً إلا أنها لم تاتِ إلا خادمة للنص وفي مكانها المناسب.. فكل حوار بين الشخصيات كان لسبب وهدف يصب في صُلب الفكرة التي يرمي إليها الكاتب و لتعزيز الأحداث اللاحقة..

المونولوج:
 

تركز المونولوج الداخلي للشخصيات في مناجاتها مع الرب متماشية مع السياق العام للرواية.

الوصف في الرواية:
 

استرسل الكاتب في الوصف في بدايات الفصول فيصف الأرض و الجبال و الطيور ليدخل القارئ بتؤدة وهدوء في أحداث و في فصول أخرى ينطلق مباشرة من الحدث خاصة إن كان الحدث تسارعياً وقوياً فينتقل الكاتب من فصل لآخر كانتقال الكاميرا في المشاهد السينمائية ليجعل القارئ يلهث وراءه على نفس واحد لمعرفة ما سيجري في الفصل التالي.

صوت نيكوس في الرواية:
 

برز صوت الكاتب في أكثر من موضع مثلاً في ص29 يقول: أي نشوة عامرة يستشعرها المرء حين يستيقظ باكراً ذات صباح وقد اظمر في نفسه قراراً حاسماً خطيراً.
رواية تجعلك تعيش التفاصيل وتشعر بها, تحزن مع شخصياتك وتعيش آلامها ومعاناتها, ليُصلب المسيح من جديد على أيدي أهله وسيصلب من جديد في كل زمان و مكان..

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً