الخميس 28 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
كذبة نيـسان - انتصار السـري
الساعة 13:13 (الرأي برس - أدب وثقافة)

 

لا تــكــذبــي, الـكــذب حــــرام , جــمــلاً اعـتـادت ســمــعــها , تــتـفـوه بــهـا والــدتــي , يـــزمـجــر بهـا لــســان أبـي قــائــلاً :
ــ الــكذاب يـــــدخـل الــنار .
فــي الــمـدرســة قــالــت الأســتاذة : 
ــ الــكــذب عـلامــة مــن عــلامــات الــمنــافــق , وأن الــمـنافـقـين مِـنْ ســكــنـةِ الــجــحــيم . 
فــي مــنامــاتــي كــان يـأتيني الـكــذب علــى شــكـل اخــطــبوط ألـســنته تــقــيدنــي , عــيــناه تـنبــعــث مـنها شــرارة مــن شــرارات الســعــير , فـأنــهــض مــذعــورة ... 
فــي نــهــايــة ذات شــهــر أتى صــاحـب الــمنزل يــريـد أجــرة الـمنزل من والــدي , فـقـفـزت أزف لــهُ الـخــبر , فـنــظــر إلـــيّ نــظــرةً مــتوعــدة وقـال : 
قــولــي لــه إنــي غــير مــوجــود , صــرخــت فـي وجــهـه :
ــ هــذا كــذب أتــريــدنــي أن  أكــذب ؟ ألــيس الكــذب حـرام !؟ 
طــبـطـب عــلى رأســي قــائــلاً : 
هــذه كــذبــة بــيــضــاء , لا تــضـر , ولا تـعـد كــذبـاً .. 
تـسألــتُ هــل لـلـكـذب ألــوان ؟ وهــل بـاقـي ألوانهـا تــلـج بصاحـبها فــي نـار الــســمـوم  ؟؟
فـي صـبـاح يــومٍ غــائـم ذكــرت أمــي أبــي بـــعجــزه عـن تــلــبيــه حــاجــات الـمنزل , فــنهــرها ومـنعــها مــن الــذهــاب إلــى " الــتفــرطــة" , ولــكـنها عــندمــا غــادر الـبــيت أســرعـت لـلخــروج دون عــلــمه , وحــذرتـني مــن أن أخــبره , فـقــلتُ لـها : 
ــ هـذا كـذب وأنــا لا أريـد أن أدخـــل نــار جهــنم .
تــبســمـت قــائــلة : 
ــ نـحـن فـي نــيســان , وهــذه كــذبــة نــيـسان . 
تــذكــرتُ صــديــقــتي عـندمــا قــالــت إنّ نــيســان يــأتــي مــرة كــل ســنة , وقــعــت فـي دوامــة التأوهان , انــتهــاء نـيــسان ذلــك الــعام , وتــوالى نـيــسان بــعـد نــيســان إلــى أن أتى ذات نيســان أســـود , تــوفـيت فــيه أمــي , فــغـُسـلــت , ودُثـــرت بكــفــنها , وزيـنُت بـالطــيب والــريـحــان , وزفــت مـحــمولـةً علـى الأكـــتاف إلــى قــبــرهــا , وأهــيل عـلـيها الـتـراب , وعــاد الأهــل والأصــدقــاء دونــها , ومــكــثت بجــوار قـبرهــا أنــتظــر , فــتعـجب لأمــري شــيخ مـسـجــد حــارتــنا قــائلاً  : 
ــ لــمــاذا أنــتِ هــنا لــوحــدكِ ؟ 
أجــبــتهُ مــســتنـكـرة : 
ــ لــكــني لــست وحــدي , فــأنــا أنتــظــر أمــي أن تـنفــض عــنها الــتراب , وتــخـرج مــن الــقــبر , ونــعــود مــعـاً إلـــى الــمنــزل , وتـنـــتهـــي كــــذبـــة نـــيــــســــــــــان ...... 


14/8/2011م

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص