الاربعاء 25 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
كذبة نيـسان - انتصار السـري
الساعة 13:13 (الرأي برس - أدب وثقافة)

 

لا تــكــذبــي, الـكــذب حــــرام , جــمــلاً اعـتـادت ســمــعــها , تــتـفـوه بــهـا والــدتــي , يـــزمـجــر بهـا لــســان أبـي قــائــلاً :
ــ الــكذاب يـــــدخـل الــنار .
فــي الــمـدرســة قــالــت الأســتاذة : 
ــ الــكــذب عـلامــة مــن عــلامــات الــمنــافــق , وأن الــمـنافـقـين مِـنْ ســكــنـةِ الــجــحــيم . 
فــي مــنامــاتــي كــان يـأتيني الـكــذب علــى شــكـل اخــطــبوط ألـســنته تــقــيدنــي , عــيــناه تـنبــعــث مـنها شــرارة مــن شــرارات الســعــير , فـأنــهــض مــذعــورة ... 
فــي نــهــايــة ذات شــهــر أتى صــاحـب الــمنزل يــريـد أجــرة الـمنزل من والــدي , فـقـفـزت أزف لــهُ الـخــبر , فـنــظــر إلـــيّ نــظــرةً مــتوعــدة وقـال : 
قــولــي لــه إنــي غــير مــوجــود , صــرخــت فـي وجــهـه :
ــ هــذا كــذب أتــريــدنــي أن  أكــذب ؟ ألــيس الكــذب حـرام !؟ 
طــبـطـب عــلى رأســي قــائــلاً : 
هــذه كــذبــة بــيــضــاء , لا تــضـر , ولا تـعـد كــذبـاً .. 
تـسألــتُ هــل لـلـكـذب ألــوان ؟ وهــل بـاقـي ألوانهـا تــلـج بصاحـبها فــي نـار الــســمـوم  ؟؟
فـي صـبـاح يــومٍ غــائـم ذكــرت أمــي أبــي بـــعجــزه عـن تــلــبيــه حــاجــات الـمنزل , فــنهــرها ومـنعــها مــن الــذهــاب إلــى " الــتفــرطــة" , ولــكـنها عــندمــا غــادر الـبــيت أســرعـت لـلخــروج دون عــلــمه , وحــذرتـني مــن أن أخــبره , فـقــلتُ لـها : 
ــ هـذا كـذب وأنــا لا أريـد أن أدخـــل نــار جهــنم .
تــبســمـت قــائــلة : 
ــ نـحـن فـي نــيســان , وهــذه كــذبــة نــيـسان . 
تــذكــرتُ صــديــقــتي عـندمــا قــالــت إنّ نــيســان يــأتــي مــرة كــل ســنة , وقــعــت فـي دوامــة التأوهان , انــتهــاء نـيــسان ذلــك الــعام , وتــوالى نـيــسان بــعـد نــيســان إلــى أن أتى ذات نيســان أســـود , تــوفـيت فــيه أمــي , فــغـُسـلــت , ودُثـــرت بكــفــنها , وزيـنُت بـالطــيب والــريـحــان , وزفــت مـحــمولـةً علـى الأكـــتاف إلــى قــبــرهــا , وأهــيل عـلـيها الـتـراب , وعــاد الأهــل والأصــدقــاء دونــها , ومــكــثت بجــوار قـبرهــا أنــتظــر , فــتعـجب لأمــري شــيخ مـسـجــد حــارتــنا قــائلاً  : 
ــ لــمــاذا أنــتِ هــنا لــوحــدكِ ؟ 
أجــبــتهُ مــســتنـكـرة : 
ــ لــكــني لــست وحــدي , فــأنــا أنتــظــر أمــي أن تـنفــض عــنها الــتراب , وتــخـرج مــن الــقــبر , ونــعــود مــعـاً إلـــى الــمنــزل , وتـنـــتهـــي كــــذبـــة نـــيــــســــــــــان ...... 


14/8/2011م

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً