الاربعاء 25 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
اشتهاء الخطيئة - أحمد مصلح الأسعدي
الساعة 13:14 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

كان لها اثداء مترهلة و جسد فقد كثير من جاذبيتة الطبيعية ؛ بسبب خرائط الوشم المتفرقة على جغرافيته ، الا ان المؤخرة النافرة تجعل منه مشتهى على اي حال  ، لم اخبرها بذلك ،  كان لها شعر فحمي قصير  ، ملامحها تقول انها تجاوزت الثلاثين بقليل ، اي انني اكبرها بعشرين عاما على اقل تقدير ،  كان ذلك اليوم هو عيد ميلادي الثاني والخمسين ، نحن لا نحتفل باعياد الميلاد كونها بدعة ، تربينا على ذلك ، التجهم و الصرامة هو اصل الاشياء في ادبيات العربي ،  اتذكر في عيد ميلادي الرابع والعشرين كيف قاطعني الاهل لاني اقمت حفل صغير بالمناسبة (كان خارج البيت مع اصدقاء)  وتلقيت على اثرها شتائم بالغة من احد اخوتي ، تحول ذلك اليوم الى حجيم بحجة اني امثل مستقبل مخيف للعائلة وتقاليدها ، كان ذلك عامي الاول في الغربة ، وكان منبع خوف اهلي اني سريع التأثر بهذا المجتمع الكافر الذي هربنا من حجيم الحرب اليه . كنت احتضنها عاريا على السرير عندما همست في اذنها انه عيد ميلادي ، على الفور التفتت و على وجهها علامات المفاجأة ، خرجت التهنئة من فمها دافئة وهي تمسح بيدها وجهي وتبعد خصلات الشعر الابيض المتدلية . كانت قاطبة الجبين وهي تسألني لماذا لم اخبرها بذلك ، على الاقل سوف تأتي بباقة ورد لهذة المناسبة . اخبرتها انها اجمل باقة ورد في حياتي ، فابتسمت . 
 

كنت احبها ، ليس لجسدها ، فانا في عقدي الخامس ، وانما لقابليتها للانصات ، اقرب الناس الى نفوسنا هم من يصغون لنا باهتمام ، من لا يضجرون عندما نبوح  بمخاوفنا ، افراحنا ، وخيباتنا التي نكدسها في ركن قصي من الذاكرة . 
ابتسامتها تلك كانت إشارة واضحة لاستعدادها للاستماع ، حدثتها لماذا كنت مصرا على رؤيتها اليوم ،  في الحقيقة كنت اعاني عقدة عيد الميلاد ، ولا اريد ان اكون وحيدا ، لان هذا يذكرني بفجوة هائلة التهمت طفولتي ولا تزال ، الكبت والحرمان الذي نمارسه او يمارس علينا عنوة يجعلنا كائنات مشوهة من الداخل ، اخبرتها انه بعد خمسين عاما اخيرا اكتشفت اني شجاع بما فيه الكفاية لممارسة رغباتي علانية ، ومنها الاحتفال بعيد الميلاد ، وان كان في حضرة امرأة وحيده داخل غرفة مغلقة ابوابها باحكام !  
بدأ الماضي ينداح داخلي  ، حدثتها ، عن رغبتي الشديدة  عندما كنت صغيرا بالاحتفال بعيد ميلادي ، وكيف كنت اقابل برفض صارم من العائلة ، تحول ذلك -فيما بعد-  الى رفض داخلي ايضا ، بعد تم صوغه لي دينيا ، وبهذا صرت ممزق بين قوتين عنيفتين ، ان مارست بعض الاحتفاء لارضاء رغبتي الانسانية ، اجلد ذاتي بعدها بسياط دينية وضمير مثقل بالذنوب ، اما ان اصررت على كبت ذلك الشعور الطفولي لارضاء السماء ، كنت اضمحل داخليا ويغدو ذلك التوق والتمرد الى قوة تآكل تهشمني الى الداخل . النتؤات التي تشكل طفولتنا تغدو اعاقة دائمة لا سبيل من الشفاء منها لاحقا ،  وها انا بعد الخمسين لا ازال اعاني ذات العقدة . شعرت براحة وانا انهي جملتي الاخيرة وسط اصغائها بخشوع ، ثم قدمت لها ما يشبه النصيحة : اذا كان لديك اطفال ، ما يجعلهم اناس اسوياء هو التعامل اللين ، القسوة مع الاطفال تجعلهم يميلون للعنف في المستقبل . عندما شاهدت علامات الاستغراب في وجهها من نصيحتي ، تذكرت انها لم تأت من مجتمع يعتبر الحرمان والجلافة المادة للاساسية "للرجولة " . ضممتها بقوة ، وطبعت قبلة خفيفة على شفتيها الطرية .
شعرت براحة و رغبت في تغيير الموضوع ، سألتها ، هل تعرف الى ماذا ترمز كل هذه الوشوم على جسدها ؟ فاجأبت بالنفي ؛ لان الوشوم كانت نقوش وايضا كتابات بلغات مختلفة ، وهذا ما كنت اسأل عنه بالتحديد . كان هناك وشم بالعربية اسفل ردفها الايمن  من حرفين غير متصلين ، قلت لها هل تعرف ماذا يعني هذا الوشم " ح  ب " ؟ اجابت بالنفي ، ولكنها لم تلبث ان ارجعت لي بضاعتي ، سائلة ماذا يعني ؟  قلت لها ساخرا : هذا اكبر عقده يواجهها العربي .  كانت تائهة امام اجابتي ، و لكني لم اجد رغبة في ايقاف تدفقي الذي اثاره سؤالها ، طوقتها بكلتا يدي ثم قلت : هناك بشر رفضوا انسانيتهم طمعا بان يكونوا ملائكة ، وعندما فشلوا في ذلك ، تحول الى شياطين ، مهمتها الوحيدة ارسال كل من لا يقع في دائرتهم الى الحجيم .... الجحيم الذي ينتظرهم بكل بهاء ، استطردت ،،، يمكنك اعتباره نوع من البحث العدالة الفاحشة .  
 سألتني بفزع  ، هل هذا معناه حقا ؟  شعرت بحجم الورطة ، فضحكت ، و هززت رأسي نافيا ، و انا ابحث عن مخرج ، حركت يدي بنعومة على ظهرها الناعم ، ثم قلت : هذا الوشم العربي يا عزيزتي ، يعني التأوه عند ممارسة الجنس والعربي يكره ذلك !!
صدقيني ، العربي يشتهي الجنس بشدة و يكرهه في الان ذاته  ... ان ورطته التاريخية انه يشتهي ما يعتبره خطيئة !!

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً