الخميس 28 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
اشتهاء الخطيئة - أحمد مصلح الأسعدي
الساعة 13:14 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

كان لها اثداء مترهلة و جسد فقد كثير من جاذبيتة الطبيعية ؛ بسبب خرائط الوشم المتفرقة على جغرافيته ، الا ان المؤخرة النافرة تجعل منه مشتهى على اي حال  ، لم اخبرها بذلك ،  كان لها شعر فحمي قصير  ، ملامحها تقول انها تجاوزت الثلاثين بقليل ، اي انني اكبرها بعشرين عاما على اقل تقدير ،  كان ذلك اليوم هو عيد ميلادي الثاني والخمسين ، نحن لا نحتفل باعياد الميلاد كونها بدعة ، تربينا على ذلك ، التجهم و الصرامة هو اصل الاشياء في ادبيات العربي ،  اتذكر في عيد ميلادي الرابع والعشرين كيف قاطعني الاهل لاني اقمت حفل صغير بالمناسبة (كان خارج البيت مع اصدقاء)  وتلقيت على اثرها شتائم بالغة من احد اخوتي ، تحول ذلك اليوم الى حجيم بحجة اني امثل مستقبل مخيف للعائلة وتقاليدها ، كان ذلك عامي الاول في الغربة ، وكان منبع خوف اهلي اني سريع التأثر بهذا المجتمع الكافر الذي هربنا من حجيم الحرب اليه . كنت احتضنها عاريا على السرير عندما همست في اذنها انه عيد ميلادي ، على الفور التفتت و على وجهها علامات المفاجأة ، خرجت التهنئة من فمها دافئة وهي تمسح بيدها وجهي وتبعد خصلات الشعر الابيض المتدلية . كانت قاطبة الجبين وهي تسألني لماذا لم اخبرها بذلك ، على الاقل سوف تأتي بباقة ورد لهذة المناسبة . اخبرتها انها اجمل باقة ورد في حياتي ، فابتسمت . 
 

كنت احبها ، ليس لجسدها ، فانا في عقدي الخامس ، وانما لقابليتها للانصات ، اقرب الناس الى نفوسنا هم من يصغون لنا باهتمام ، من لا يضجرون عندما نبوح  بمخاوفنا ، افراحنا ، وخيباتنا التي نكدسها في ركن قصي من الذاكرة . 
ابتسامتها تلك كانت إشارة واضحة لاستعدادها للاستماع ، حدثتها لماذا كنت مصرا على رؤيتها اليوم ،  في الحقيقة كنت اعاني عقدة عيد الميلاد ، ولا اريد ان اكون وحيدا ، لان هذا يذكرني بفجوة هائلة التهمت طفولتي ولا تزال ، الكبت والحرمان الذي نمارسه او يمارس علينا عنوة يجعلنا كائنات مشوهة من الداخل ، اخبرتها انه بعد خمسين عاما اخيرا اكتشفت اني شجاع بما فيه الكفاية لممارسة رغباتي علانية ، ومنها الاحتفال بعيد الميلاد ، وان كان في حضرة امرأة وحيده داخل غرفة مغلقة ابوابها باحكام !  
بدأ الماضي ينداح داخلي  ، حدثتها ، عن رغبتي الشديدة  عندما كنت صغيرا بالاحتفال بعيد ميلادي ، وكيف كنت اقابل برفض صارم من العائلة ، تحول ذلك -فيما بعد-  الى رفض داخلي ايضا ، بعد تم صوغه لي دينيا ، وبهذا صرت ممزق بين قوتين عنيفتين ، ان مارست بعض الاحتفاء لارضاء رغبتي الانسانية ، اجلد ذاتي بعدها بسياط دينية وضمير مثقل بالذنوب ، اما ان اصررت على كبت ذلك الشعور الطفولي لارضاء السماء ، كنت اضمحل داخليا ويغدو ذلك التوق والتمرد الى قوة تآكل تهشمني الى الداخل . النتؤات التي تشكل طفولتنا تغدو اعاقة دائمة لا سبيل من الشفاء منها لاحقا ،  وها انا بعد الخمسين لا ازال اعاني ذات العقدة . شعرت براحة وانا انهي جملتي الاخيرة وسط اصغائها بخشوع ، ثم قدمت لها ما يشبه النصيحة : اذا كان لديك اطفال ، ما يجعلهم اناس اسوياء هو التعامل اللين ، القسوة مع الاطفال تجعلهم يميلون للعنف في المستقبل . عندما شاهدت علامات الاستغراب في وجهها من نصيحتي ، تذكرت انها لم تأت من مجتمع يعتبر الحرمان والجلافة المادة للاساسية "للرجولة " . ضممتها بقوة ، وطبعت قبلة خفيفة على شفتيها الطرية .
شعرت براحة و رغبت في تغيير الموضوع ، سألتها ، هل تعرف الى ماذا ترمز كل هذه الوشوم على جسدها ؟ فاجأبت بالنفي ؛ لان الوشوم كانت نقوش وايضا كتابات بلغات مختلفة ، وهذا ما كنت اسأل عنه بالتحديد . كان هناك وشم بالعربية اسفل ردفها الايمن  من حرفين غير متصلين ، قلت لها هل تعرف ماذا يعني هذا الوشم " ح  ب " ؟ اجابت بالنفي ، ولكنها لم تلبث ان ارجعت لي بضاعتي ، سائلة ماذا يعني ؟  قلت لها ساخرا : هذا اكبر عقده يواجهها العربي .  كانت تائهة امام اجابتي ، و لكني لم اجد رغبة في ايقاف تدفقي الذي اثاره سؤالها ، طوقتها بكلتا يدي ثم قلت : هناك بشر رفضوا انسانيتهم طمعا بان يكونوا ملائكة ، وعندما فشلوا في ذلك ، تحول الى شياطين ، مهمتها الوحيدة ارسال كل من لا يقع في دائرتهم الى الحجيم .... الجحيم الذي ينتظرهم بكل بهاء ، استطردت ،،، يمكنك اعتباره نوع من البحث العدالة الفاحشة .  
 سألتني بفزع  ، هل هذا معناه حقا ؟  شعرت بحجم الورطة ، فضحكت ، و هززت رأسي نافيا ، و انا ابحث عن مخرج ، حركت يدي بنعومة على ظهرها الناعم ، ثم قلت : هذا الوشم العربي يا عزيزتي ، يعني التأوه عند ممارسة الجنس والعربي يكره ذلك !!
صدقيني ، العربي يشتهي الجنس بشدة و يكرهه في الان ذاته  ... ان ورطته التاريخية انه يشتهي ما يعتبره خطيئة !!

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص