الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
قراءة أولية في أفق رواية "زهرة الجردس" للروائي اليمني عماد زيد
الساعة 19:06 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة ـ رأي وفكر)


قراءة أولية في أفق رواية "زهرة الجردس" بقلم الأديب والنقد أنور داعر البخيتي

رواية "زهرة الجردس"
ثورة ثقافية على الطبقية الاجتماعية والفئوية الثورية

"زهرة الجردس "عمل روائي تعمق في البنية الاجتماعية ,وغاص في تكويناتها ,ليزعزع المتوارث السلبي في السلالة البشرية ,ويفضح الممارسة العنصرية في القوالب العصرية الحديثة, وامتداد التشوه الاجتماعي في الهرم الإنساني, وتحديات الخروج من دائرة التمايز العضوي ألسلالي المنوي إلى آفاق التمايز الفكري, والعطاءات الذهنية في العقلية الكونية.
 

وللرواية رواية في معايشة القلق والاضطراب الاجتماعي للمؤلف، كونه يعيش حدث ثورة تغيير عامة، تشهدها البلاد، باعتباره واحد من صناع هذا الحدث، ويعاني من طبقية ثورية تلتحم بشكل مباشر بالطبقية الاجتماعية, ليندلع التضاد في الخطاب والممارسة على وفق واقع يقدس الممارسة الطبقية ويكرسها في الساحات الثورية.
 

* السردية والأحداث 
ينسج الروائي المبدع عماد زيد اللحظات الروائية بمهارة فائقة ،يعمل على تكسير ضوابط وقواعد الكتابة الكلاسيكية، وينفتح على المعارف المتعددة (تاريخ_جغرافيا_فلسفة_أدب)في أفق تحقيق الصيغة الروائية، التي تلعب فيها مقصّدية المؤلف دوراً فاعلاً ،إلى جانب ذلك استعار بعض الأحاديث والنصوص القرآنية، لإلقاء الضوء، وإنتاج مواضعات،حيث نزع المؤلف هذه القوالب العقائدية من سياقها التاريخي لدعم المجال التأملي في الرواية ،وتنويع السرد، والاحتفاء باللغة والأسلوب احتفاءً خاصاً، يحيل إلى واقع روائي ذي نكهة خاصة، عبر مغامرة اللغة، والإبحار في منعرجاتها وتضاريسها ، والتوغل في أعماق الكلام المعتق، وسعة المعنى ، مع استعارة اللهجة الدارجة للخصوصية المحلية ،ونسج الإشارات التاريخية والواقعية لصياغة هوية خاصة للرواية ،تجاوزا للإشكال الغربية والتحرر من مركزيتها والتي وقعت فيها الكثير من الأعمال الروائية اليمنية والعربية ،وتأسيس أفق إبداعي جديد اقرب إلى التعبير عن خصوصية الهوية اليمنية.
 

*شخوص الرواية وتحميل الأدوار
ان الشخصيات التي تمثلت الأدوار في الرواية هي واقعية، ممتدة في العمق التاريخي للهوية اليمنية، سواء كان ذلك أسماء أشخاص؛ أو أماكن، والدلالات الرمزية لمسميات شخوص الرواية، يعكس تفاوت التسمية بحسب الفئة الاجتماعية ؛ وتراتبيتها في الهرم الاجتماعي ، وهذا ما يجسد القضية المحورية للرواية ،فالأدوار محملة على حسب التوزيع الهرمي للتمييز العنصري(سيد_شيخ /قبيلي_مزين_مهمشين)كصفات لمراتب اجتماعية، قائمة على التمييز العرقي في الوعي المجتمعي ، حسب المتوارث التاريخي السلبي ، يندرج في إطار هذا التمييز العرقي المهن الحياتية حسب التراتب ، كل له دوره ومهنته .
 

*محاكمة تاريخية للمتوارث في العقل المجتمعي 
يحاكم المؤلف المتوارث السلبي ، من خلال استدعاء الموروث التاريخي للتمييز الاجتماعي، وفضح القوالب العصرية للممارسات العنصرية ؛كامتداد ،وواقع معاش.
 

أولا: استدعاء الموروث التاريخي 
عمد المؤلف إلى استدعاء الموروث التاريخي ؛في التمييز الاجتماعي ،من خلال الإشارات إلى أسماء تاريخية ؛ وإلى وقائع تاريخية ،وتضمينها على لسان شخصيات الرواية بشكل مباشر ؛ أو غير مباشر ،وجاء ذلك متضمناً للتمييز حسب العرق ، اللون ، المهنة، الانتماء المكاني ، التمييز ألاثني ألسلالي ؛ وهو أخطرها على الإطلاق، وقد دارت أحداث الرواية على هذه الأنساق للتمييز . 
كما استدعى الخطاب الديني ،من النصوص القرآنية ، والأحاديث، والموروث الأدبي ، وأضاف إلى ذلك المحاجة العقلانية ،وفق مقتضى ما وصل إليه الإنسان ؛من فتوحات في الحياة العلمية. 

 

ثانيا:فضح القوالب العصرية للمارسات العنصرية
اسقط المؤلف ضمناً كل هذا الإرث التاريخي للتمييز العنصري على الوعي المجتمعي المعاصر ، وكشف عن النتائج الكارثية في الوعي المجتمعي العام ، واستمرارية الممارسة العنصرية ؛ بكل أنواعها في اغلب تكوينات المجتمع، وما "زهرة الجردس" إلا مثالاً حيّاً ،كشف من خلاله المؤلف فداحة الواقع ،وجرم القضية الإنسانية ،وتشوه العقل المجتمعي ؛في التعاطي مع بعضه البعض ،وفقاً للعرق ،والسلالة، والمهنة، والمكان ،وكل طرف يستبيح دم وعرض الآخر.

 

*فصول الرواية الموازية
وجهي الرواية (الغلاف)الرموز والدلالات
1_اللون الأسود هو لون الغلاف ،وهذا يعني سوداوية الواقع، ويعني أيضا تسيد القضية انتشاراً على الساحة الاجتماعية ،ويعني أيضا وقوع السواد الأعظم من الناس في قفص الاتهام ؛ لتقديسهم وتكريسهم وتبريرهم الممارسة العنصرية.

 

1_الوجه الأول للغلاف
1_1 في أقصى اليمين من أعلاه ؛مكتوب جنس العمل "رواية"،ولون الخط ابيض ؛يعكس غاية ما يقصده هذا العمل من العدل الاجتماعي، وهذا الجنس الأدبي قلة من الشباب من يكتبون به .
1_2في المتوسط إلى الأعلى عنوان الرواية"زهرة الجردس"،لون الخط هو الذهبي، والعنوان هنا يضيف إلى أنواع الزهور اسم نوع جديد هي "الجردس" ،هذا ما يتبادر إلى ذهنك أول وهلة في قراءته ؛ مراجعا ذاكرتك في أسماء وأنواع الزهور، فلا تجده ضمن القاموس الزهري لتقل في نفسك عله نوع جديد لم يكتشف بعد,وما أن تغوص في فصول الرواية حتى تعرف أن "زهرة"هي اسم بطلة الرواية ، وان "الجردس" هي مسرح أحداث الرواية ؛قرية تقع في محافظة جميلة ،من بلاد اليمن ، وإذا كان هنا الاسم "زهرة الجردس" قد ترك انطباعاً جمالياً لديك، فلم يكن ذلك منافياً لجمال الطبيعة الخلابة ؛والآسرة للمكان الذي دارت فيه أحداث الرواية،ومخالفاً لفداحة الممارسة من ساكنيها .

 

1_3 لوحة ما قبل أسفل الغلاف ،وسط اطار ترابي ،في حدود مساحة العنوان ؛ مرتبطا به كحد أعلى إلى أسفل الغلاف طولا، وهذا يوحي بالارتباط الوجودي في صيغة التكوين، والعلة الوجودية ؛فالكل من الطين ، وإشارة إلى عدالة المجيء؛ واللوحة تجسد عين ؛من داخل تجويف ؛جفنها الأسفل أصابع يد، وهي بذلك تحمل دلالات عديدة : 
منها توسيع النظرة المجتمعية لأفق الرؤية ، والأصابع هنا تعمل على شد الجفن إلى الأسفل ، لاتساع التجويف ؛وفتح العين للرؤية الكبيرة , وعدم الانغلاق , والعين هنا هي الفكر المجتمعي ؛ والأصابع هنا هو العمل الروائي ؛والفكر التغييري الذي يفتح عين المجتمع على الحقيقة الكاملة .

 

ودلالة أخرى للوحة توحي بالبطلة الغريقة الضحية، في المجتمع الطبقي ،وهي في حالة الغرق تشبثت أصابعها بجفن العين ؛من حدودها السفلى ،وهي بذلك تحاول النجاة ،بتوسيع حدود العين، والعين هنا هي: الفكر المجتمعي. ليرى المجتمع الأفق الكبير ، فتنجو بذلك ،وينجو المجتمع من الممارسات العنصرية.
 

1_4 في أسفل الغلاف من الجهة اليمنى، يقع اسم المؤلف "عماد زيد"بخط لونه ابيض ؛ يتماها مع اسم جنس العمل ؛ ومتسقا معه في اللون ،والغاية ؛وهي العدل الاجتماعي، ومتحدا مع اسم العمل ،ولوحة الغلاف ،في تواجده ضمن المربع اللوني الترابي ؛دلالة التساوي في أسباب المجيء، وطينة التكوين.
 

2_الوجه الآخر من الغلاف
2_1في يمين الغلاف من الأعلى صورة المؤلف، وهو غارق في حيرته؛ وتأمله الباطني؛ واستجماع فكري، وذلك واضح من خلال وضعية الصورة.

 

2_2يلي صورة المؤلف في الأسفل منه ،مقطع نصي يبرر حيرة وقلق المؤلف ،ويوضح سفره الوجودي ؛ وتساؤله العميق ،ويتضح ذلك جلياً من خلال (الأنا الثانية للمؤلف).
 

2_3 أمام المقطع النصي لوحة للفنان العالمي سلفادور دالي ،وتحتها عبارة "نحو ثورة ثقافية"توضح النسق الثقافي للرواية؛ ضمن الثورة الثقافية التي أعلن بيان إطلاقها في 3/3/2013بمركز الدراسات والبحوث_صنعاء.
 

2_4 في أسفل الغلاف متوسطا شعار "منتدى مجاز الأدبي" يوضح رقم الرواية ؛ضمن اصدارت المنتدى ،وهو الإصدار الثامن .


 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً