الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
عبد العظيم الصلوى يستكشف اغترابه في
الساعة 21:41 (الرأي برس - أدب وثقافة)

 

 
الكاتب اليمني يرى أن السر وراء تفاوت حجم القصص ما بين القصيرة جدا والطويلة إلى حد هو هيمنة الشكل الفني في تناول الموضوع القصصي.

 
في مجموعته القصصية الأولى "أفكار معكوسة" الصادرة أخيرا عن دار أروقة يسعى القاص والباحث اليمني عبدالعظيم جازم الصلوي إلى كتابة نص قصصي مغاير واقعي أو رمزي يجمع فيه بين لغة السرد البسيطة ولغة الشعر المركبة والعميقة، ليستكشف أغوار الذات وما يعتمل فيها من رؤى تتنازعها أماكن وشخصيات وأحداث، وما جرى من أحداث أثرت على وجودها ووجوده معا، مجسدا حالة الاغتراب عن الوطن/ اليمن، وقد تراوحت القصص بين القصيرة جدا والطويلة وذلك دون أن تفقد لغتها السردية والمجازية.

 

يقول الصلوي "مرحلة ما قبل كتابة هذه المجموعة كانت خواطر وذكريات شخصية عن أحداث مررت بها تتعلق بالطفولة والمكان، وهما ظاهرتان إنسانيتان يتراءى فيهما ما هو فردي واجتماعي، وشكلت هذه الإرهاصات بداية كتابة النصوص الأولي والتي ضمتها المجموعة القصصية "أفكار معكوسة" وتضم نصوص "ن، تبعية، أفكار معكوسة، هما السبب، إدمان، غلطة، الحبيب الأسود، وطن، لن يلدغها البعوض، لعنات، قرار، سأشتري لابنتي، الصعقة الدائمة، سعادة، فوبيا، تفكير، خارطة، درس، نصح، فشل، دمع، تعبير، صديق، سلام قهري، كارتير((cartier، مجهول، إشراق، نور، حب، دفء، زواج، حلم، مكتظة، مفارقات، أيام، لقد كان بارعاً، ملك النهاية".

 

ويؤكد أن دلالة اختياره لـ "أفكار معكوسة" عنوانا للمجموعة نابع من كون "حالات التناقض التي شعرت بها وأنا أتناول الأحداث القصصية الواقعية منها والرمزية، هو ما أدي إلى اختيار هذا العنوان، لأنه يمثل السمات الفنية للمجموعة".

 

ويرى الصلوي أن السر وراء تفاوت حجم القصص ما بين القصص القصيرة جدا والقصص الطويلة إلى حد هو هيمنة الشكل الفني في تناول الموضوع القصصي وهو ما أدي إلى ظهور تنوع في النص القصصي بين القصة القصيرة جداً والقصة الطويلة.

 

وحول لغة المجاز والتكثيف تسيطر على أسلوبه وبنيته للجملة يقول "لا أتصور أن ثمة فارقا جوهريا بين البنية الشعرية والبنية القصصية وأحب أن أذكر هنا الكتاب الأول والأهم في القصة القصيرة كان بعنوان الصوت المنفرد أكونور، وينعكس في هذا العنوان في التناول النقدي سمة الغنائية وهو ما يجعل القصة والشعر يشتركان في أمور كثيرة".

 

ثمة روابط خفية أحيانا وظاهرة أحيانا أخرى بين النصوص الأمر الذي بدت معه معالجة ترتيب القصص كأنها جاءت وفق رؤية الشعر، لكن الكاتب يشير إلى "أن ترتيب النصوص خضع لأسباب شخصية مرتبطة بأحداث أو حالات مررت بها ولم يكن ذلك نتاج روية شعرية".

 

ويلفت الصلوي إلى أن حالة الإغتراب التي تتجسد في نصوص المجموعة هي حالة الوطن المكان "اليمن" الذي لعبت ظروفه السياسية والإجتماعية والإنسانية دوراً أصيلاً في هذة الحالة التي يشعر بها من يقرأ هذه المجموعة.

•    من نماذج المجموعة:

        
    
        

# قرار

عندما قررتْ الدخول إلى مقهى الإنترنت، كانت المقاعد مملوءة بالجالسين، وكل جالس يرافقه صديق؛ لم تكن تعلم أنها ستقف كثيراً تنتظر من سيخرج أولاً.

دخل جلال وزميله علي بجانبه؛ ابتعد كلٌ منهما عن الآخر، تطفل كل ٌ منهما على من يعرفه؛ خرج من الجانب الأيسر شخصٌ رمقته بعينيها جرت مسرعة إلى مكانه، تلفتت تكراراً إليه، جلست في المكان الذي كان فيه. رمت جلال بنظرات حادة، تستدير وتنظر إليه بحنية أكثر وتقول: جلال البحث بعنوان ماذا؟

وثب أمامها قائلاً: البحث أٌفلتره أنا عندي خبرة أكثر؛ كانت يدها على فارة الجهاز وضع يدهٌ فوقها وحركها؛ ألوان البشرة مختلفة، نظراتهما على وجه الشاشة تنعكس مع الخلفية الخضراء للشاشة.

علي مستغرباً: اليدان تحركان الفارة، الوجهان مقابل الشاشة، ينادي من الخلف هاي.... هاي..... هاي.....!

لفت انتباههما بعد أن تغير صوته ومل؛ نتج عن ذلك تقوس للأعين على الأرض.

يهدد: أنا خارج، العمل زاد على أوانه، الوقت متأخر، بقيت القلوب الخجلة منه في المقهى.

فقالت إحدى الفتيات: يا أٌستاذ جلال أنت وكما سمعتُ منك أنك صاحب خبرة إبحث لي عن هذا الموضوع، تجمعت خلف ظهره الفتيات؛ جهاز المراقبة في الأعلى يلتقط الصور، كان الهدف في الوسط.

زميلته تناديه: هاي.... جلال..... جلال.....

التفت إليها مبرراً: الفتاة مسكينة سأكمل لها وسأستدير، رحمتها.

ما أجمل ما رأت عيني؛ خرجت الفتاة المرحومة بعد تطاير الحشد، بقى في جهازها لا يبتعد عنه، الحديث يدور حول دوران الكرة الأرضية ـ. بحث مشترك ـ.

عاد زميلهما علي إليهما يكرر الكلمات نفسها دون تغيير، تغيرت نبرات صوته فقط.

رد المقرب: سألحق بك إذهب الكلمات. هادئة كمياه النهر.

الشاشات تتغير إلى ورود حمراء وجوهٌ تعلوها ابتسامات وردية الأكسدة والاختزال في الحديث بينهما .

تسأله : ماهو اللون المفضل عندك؟

ألوان عيونك..... جمالك... ذوقك..... صراحتك.

شكراً أنت من يعرف هذا جيداً، قلت لك منذ أشهر: أعجبت بك لمواقفك وتحدثك مع الآخرين بلباقة ....... و.......

الأجهزة تعمل، الأيدي على الفارات، الوجهان متقابلان، الشاشتان مستويتان، الورود مختلفة؛ الوقت تجاوز الساعات الأربع.

انتهى الدوام الرسمي والحديث لم ينتهِ أي قرص ٍهذا DVD؟؛ وقف أمام المحاسب يدخل يده في جيبيه ويخرجهما، وقفت هي تحرك سحَّاب حقيبتها ذهاباً وإياباً؛ كانوا يؤدون فريضة 14 فبراير.

تذكر قول أحد المسنيين القروي: "البخيل ما يعشق"، أخرج كل ما بحوزته من النقود، كانوا هم آخر من خرج من المقهى متقابلين كغيرهما من الزملاء.

أين زميلك علي؟

من المؤكد أنه عاد إلى منزلة وهو لايبالي، هذه ميزه يمتاز بها.

التقابل استمر حتى النقطة التي وقفا بها ساعتين جوار الرصيف والمركبات تمر من جانبهما منها من تقف أمامهما، ومنها من تزعجهما بأصواتها الحادة، وبعضها تهدئ السرعة. الهواتف تخرج المكالمات، والمكالمات التي لم يرد عليها تتجاوز الخمسين، الأعين تحدِّق في اتجاهات لا حصر لها.

منقول من  ميدل ايست ...

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً